ليست هذه هي المرة الأولى التي ترتفع فيها الأصوات من عمق واحات تنغير بالمغرب الشرقي، محذرة من خطر وقوع كارثة بيئية وشيكة، بسبب المياه العادمة التي تحولت إلى مجاري سامة تهدد الزرع والضرع والإنسان. وفي هذا السياق تأتي صرخة ساكنة قبيلة أيت أمحمد، تودغى السفلى، بإقليم تنغير، التي تعاني من تبعات تصريف المياه العادمة الآتية من مركز مدينة تنغير، حيت تقطع مسارا طويلا نحو السد التلي للقبيلة قبل أن تتسرب في عمق أراضي الواحة التي تعتبر قبيلة أيت أمحمد جزءا منها وهو ما يرفع من أعداد المتضررين منها. وتخلف مياه الصرف الصحي آثارا جانبية على الساكنة، بالإضافة إلى أضرارها البيئة على الوسط الطبيعي للواحة، الذي يعاني من الهشاشة أصلا بفعل توالي سنوات الجفاف. وبالإضافة إلى الاكراهات المناخية التي تعاني منها المنطقة، يعتبر مشكل مياه الصرف الصحي التي يتم تفريغها في المنطقة أحد أكبر المشاكل الآنية التي تشكو منها ساكنة المنطقة، بسبب الثلوث البيئي الذي تتسبب فيه، والروائح الكريهة المنبعثة منها، والباعوض والحشرات المضرة التي تؤثر على سلامة بيئة الواحة وساكنتها. وفي السنوات الأخيرة انتشرت عدة أمراض جلدية، نتيجة لهذا التلوث البيئي الخطير، مثل مرض "اللشمانيا" الذي يصيب الأطفال ويترك في أجسادهم دماميل لا ينمحي آثارها حتى بعد الشفاء منه. وقد بدأ سكان المنطقة يدقون ناقوس الخطر، خاصة بعد أن صدت أمامهم جميع الأبواب لمعالجة هذا المشكل، من وقوع كارثة بيئية خطيرة لن تؤثر على ما تبقى من طبيعة وإنما ستطاول نتائجها الكارثية من بقى من سكان القرية صامدا. ويناشد سكان المنطقة، خاصة ساكنة "ايت امحمد" وتدغى السفلى كافة الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل، لإيجاد حل جذري لهذه المشكلة، قبل وقوع الكارثة. يذكر أن مدينة تنغير ونواحيها، باتت تشكل في السنوات الأخيرة، بؤرة لتلوث بيئي يهدد ساكنة المدينة ونواحيها بأخطار منزمنة، فيؤظل غياب إرادة سياسية حقيقية لتنقية المنطقة من هذه المشاكل التي تتخبط فيها وتهدد الحياة الطبيعية فيها وسلامة واستقرار ساكنتها. فالمدينة ونواحيها يحاصرها التلوث من كل الجهات حاملا معه أمراضا مزمنة وخبيثة للسكان، خاصة الأطفال الصغار الذين حرموا من حقهم في بيئية سليمة غير ملوثة، تقيهم الأمراض المزمنة التي تصيبهم.