تعرف واحات تودغى، الواقعة على طول الواد القادم من مضايق تودغى العالمية بتنغير والتي تمثل إرثا تاريخيا وإيكولوجيا مهما، حالة من التدهور، بسبب غياب الرقابة البيئية وتزايد عدد الأفراد الذين يستعملون مياه الواد في غسل الملابس والأغطية والسيارات؛ وهو ما تسبب في تقلص ثروة النخيل والأشجار والنباتات في هذه المنطقة ذات المقومات السياحية الكبيرة. تشكل هذه المنطقة، التي يلقبونها بالجوهرة السياحية الطبيعية المكونة من أشجار النخيل ومياه صافية تجري على طول أيام السنة بواد تودغى، إحدى أجمل اللوحات البيئية بإقليم تنغير؛ فهي تتوفر على المياه والتربة الخصبة والمناظر الخلابة التي تصنعها بناءات القصبات التي تعود إلى عقود من الزمن، ما يجعل السياح الأجانب يجدون فيها ضالتهم بسبب الأجواء المنعشة داخلها والتي تعد متنفسا للزائرين، لا سيما في فصل الصيف. وخلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها جريدة هسبريس الإلكترونية إلى المنطقة، أكد عدد من أبناء المنطقة خصوصا أولئك الذين يتوفرون على منازل الضيافة السياحية والمقاهي والفنادق بالقرب من الواد المذكور، أنهم يواجهون كارثة بيئية خطيرة، تتعلق بمياه الصرف الصحي الذي "يصب" في الواد، وتزايد عدد النسوة اللواتي يستعملن مياه الواد لغسل الملابس والأغطية؛ وهو ما يضع صحة المواطنين والأشجار والحيوانات في خطر محدق إذا لم تتدخل السلطات الأمنية والسلطات الإقليمية والجهات المكلفة بحماية البيئة من أجل وقف هذه الأفعال والتصرفات غير القانونية، وفق تعبيرهم. ودق العديد من أرباب المقاهي ودور الضيافة السياحة الموجودة على طول الواد المذكور ناقوس الخطر إزاء التلوث الكبير الذي لحق مياه الواد، خصوصا بعد تسرب المياه العادمة في بعض الأماكن، وكميات كبيرة من المساحيق الخاصة بالتصبين، حيث يتحول الواد يوميا إلى شبه بركة من المياه الملوثة ذات الألوان المختلفة؛ وهو ما يهدد الإنسان والشجر والحيوانات والطيور بالانقراض، في حالة عدم تدخل المصالح المختصة لمنع استعمال مياه الواد في الغسيل. كما أكد العديد من السكان القاطنين بالدواوير التي يخترقها واد مضايق تودغى، في حديثهم مع هسبريس، رفضهم للتلوث الحاصل على مستوى هذا الواد، جراء تسرب كميات كبيرة من المياه الملوثة بداخله، مشددين على أنه بات يؤرقهم خصوصا أنه بات يهدد الثروة الحيوانية والأشجار وبعض أصناف النباتات التي توجد على ضفاف الواد بالمنطقة. وطالب هؤلاء المتضررون الجهات الوصية بوقف الاعتداء الصارخ ضد المحيط البيئي بالمنطقة، مذكرين أن الأمر بات يهدد المنطقة بكارثة إيكولوجية جد خطيرة، نظرا إلى غياب الجهات المسؤولة عن البيئة للقيام بدورها وحث الساكنة على عدم استعمال مياه الواد في غسل الأغطية والملابس بالمساحيق "الكيماوية". كما نبه المتضررون إلى ضرورة التعامل مع هذا المشكل البيئي بالجدية المطلوبةمن قبل السلطات الإقليمية والسلطات الأمنية وتحرير محاضر رسمية في حق كل من سولت له نفسه أن يلوث مياه الواد المذكور. وأوضح المتحدثون أن بوادر التلوث بدأت من خلال تلوث بعض البرك المائية الراكدة بجنب الواد، مبرزين أنهم اخطروا الجهات المسؤولة محليا وإقليميا أكثر من مرة دون اتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية المعمول بها، لحماية المحيط البيئي من كارثة بيئية خطيرة غير محسوبة العواقب. وأضاف المتحدثون أن مياه الواد لم تعد صالحة للاستعمال، وأصبحت تسبب في بعض الأمراض الخطيرة للأشجار والنباتات. من جهتها، وجهت حبيبة عزى، من ساكنة تزكي، في حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أصابع الاتهام إلى الجماعة المحلية لتودغى العليا والسلطة الإقليمية والسلطات الأمنية المكلفة بالبيئة، في ما قالت عنه "إن المنطقة تعيش كارثة بيئية إيكولوجية خطيرة وأمام أنظار المسؤولين الذين عينهم الملك"، مؤكدة أن "واحة النخيل بدأت في العد العكسي للزوال، بسبب بعض الأمراض التي تسببها المياه الملوثة بكميات مهمة من مساحيق التصبين". وتساءلت السيدة ذاتها البالغة من العمر 52 سنة: "كيف للمخزن أن يصمت أمام كارثة بيئية محتملة من شأنها أن تزعزع الاستقرار البيئي بالمنطقة"، و"لماذا التزمت الجماعة الترابية لتودغى العليا والسلطات الوصية الصمت أمام هذا الوضع المقلق"، "هل هو اعتراف بفشلهم في تدبير الأمور المسندة إليهم أم قلة الاهتمام بحياة المواطنين"، هي أسئلة قالت عنها المتحدثة إنها أسئلة ينطق بها لسان حال جميع السكان خصوصا السياح المتوافدين على المنطقة، مسترسلة أن هؤلاء الآخرين يتحسرون كلما عاينوا هذه المشاكل التي تضر بالبيئة، مختتمة قولها بتوجيه نصيحة إلى الجهات الإدارية والمنتخبة المسؤولة: "قوموا بواجبكم واحموا البيئة أو اتركوا استقالاتكم ليلا وغادروا قبل طلوع الشمس". ما قالته السيدة أكده أحد أرباب المقاهي الموجودة بالقرب من مضايق تودغى، حيث فضّل الحديث دون الكشف عن هويته، خوفا من الأذى الذي سيلحقه من قبل بعض الجهات التي قال إنها تتربص دائما بكل من يقول الحقيقة ضدها، مشيرا إلى أن المنطقة لم تعد قادرة على تحمل الكم الهائل من المساحيق التي تستعمل في غسل الأغطية والملابس وسط مياه الواد التي تعد مصدر الثروة المائية الجوفية للمنطقة ونواحيها، مضيفا أن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تحدث إلا في منطقة مسؤوليها يتواطأ مع الجهات التي تحاول تخريب الواحة وقتلها، من أجل الاستيلاء والترامي عليها من أجل الاستغناء والاسترزاق. ودعا المتحدث الجمعيات الوطنية والمحلية المهتمة بالبيئة والمنظمات الدولية إلى زيارة المنطقة للوقوف على معاناة الساكنة مع هذه المشاكل، والضغط على الجهات المسؤولة لتبني مقاربة أمنية صارمة لردع هؤلاء الذين يستعملون مياه الواد في غسل الملابس والأغطية، وحثهم على الحفاظ على الثروة المائية التي يحتاج إليها البشر والشجر والحيوان في الوقت الراهن، وفق تعبيره، مؤكدا أن "الحل الوحيد الذي وضعته الساكنة من أجل الضغط على الجهات المسؤولة لحماية البيئة الخروج إلى الشارع وتنظيم اعتصامات طويلة الأمد"، مضيفا "إنه وبدون هذه الخطوة لا يمكن أن يتغير شيء لأن المسؤولين لم يعودوا يهتمون بشكايات المواطنين". وبعد أن تعذر علينا التواصل مع المكلفين بقطاع البيئة، ورئيس المجلس الجماعي لتودغى العليا، نظرا لغياب مصلحة تابعة للوزارة الوصية بإقليم تنغير، ربطنا الاتصال بمسؤول إقليمي، غير راغب في الكشف عن هويته، اعترف بأن المنطقة المذكورة مهددة بكارثة بيئية إيكولوجية خطيرة ستكون لها انعكاسات سلبية، موضحا أن عمالة تنغير ليس بيدها الحل لإنقاذ المنطقة من شبح الكارثة البيئية. وذكر المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، أن المسؤولية يجب إلقاؤها على السلطات الأمنية المكلفة بالبيئة والوزارة الوصية التي أهملت الإقليم ولم تكلف نفسها لتعيين مسؤولين رسميين بتنغير لمواكبة المشاكل والإكراهات البيئية التي تظهر بين الفنية والأخرى. وشدد المسؤول الإقليمي، غير الراغب في الكشف عن هويته، أن إقليم تنغير يعيش ركودا في جميع المجالات، وبدون زيارة ملكية لن يتغير الوضع وستبقى الساكنة تعاني عقودا أخرى من الزمن، حسب تعبيره. ولم يخف المتحدث خوفه من تدهور الوضع البيئي بمنطقة مضايق تودغى ونواحيها، مؤكدا أن ذلك سيكون سببا في نفور السياح وإفلاس القطاع التي يعدّ من بين القطاعات المعتمد عليها بإقليم تنغير للرفع من الاقتصاد وإنعاش الشغل.