قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رأيه الخاص المعنون " بتسريع الانتقال الطاقي من أجل وضع المغرب على مسار النمو الأخضر". وقال أحمد رضا الشامي رئيس المجلس، في الندوة الرقمية التي نظمها المجلس لتقديم هذا الرأي، اليوم الخميس، إن إعداد هذا العمل تطلب الاستماع إلى أزيد من 63 خبيرا ومسؤولا في قطاع الطاقة.
وأبرز أن معالجة هذا الموضوع استدعى مجهودات مكثفة من شهر يناير الماضي، إلى يونيو المنصرم وأشار المجلس في رأيه أن المغرب ضاعف استهلاكه للطاقة ما بين 1996 و2016 بفعل التأثير المزدوج لنمو الساكنة واستهلاكه من الطاقة لكل شخص. وأوضح أن هذا الوضع يكرس التبعية الطاقية للمغرب للخارج، حيث تساهم الفاتورة الطاقية بشكل ملحوظ في العجز التجاري للمغرب وتمارس ضغطا قويا على ميزانية الدولة (أو ميزانية الأسر والمقاولات) بشكل خارجي ويصعب استشرافها. ولفت المجلس إلى أن قطاع الطاقة بالمغرب يهمين عليه "الديزل" الموجه إلى النقل والفحم الموجه لإنتاج الكهرباء، علما أنه يتوفر على موارد استثنائية في مجال الطاقة الخضراء على الصعيد الكمي والكيفي، تساوي 5 مرات إجمالي طلبه الطاقي الحالي. وأكد أنه يمكن استغلال هذا المخزون في وضع المغرب بمصاف البلدان الرائدة في مجال الانتقال الطاقي، حيث سيساهم في تخفيض نسبة التبعية الطاقية والتبعية للمنتجات البترولية إلى 17 في المائة بحلول 2050، خاصة إذا تم استغلال حصة الطاقة المتجددة إلى 96 في المائة من القدرة المركبة للمزيج الطاقي، وهو ما سيمكن من تخفيف ميزان الأداءات ب 74 مليار درهم بحلول 2050. وشدد المجلس على أن استغلال هذا المخزون من الطاقة الخضراء يمكن أن يخفض متوسط كلفة الإنتاج للكيلوواط من الكهرباء بمعدل 39 في المائة، وأن يخلق 300 ألف منصب شغل دائم. واعتبر المجلس أن إدماج الطاقات المتجددة سيقلص انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 30 في المائة، وانبعاثات الجزيئات بمعدل 50 في المائة وتحسين صحة الساكنة مع تعزيز التخفيف من التغيرات المناخية. ودعا المجلس إلى إعادة تشكيل السياسات العمومية التي تتعلق بالطاقة، من أجل تأمين الانتقال الطاقي المتسارع الذي من شأنه أن يخلق العديد من المزايا بالنسبة للمواطنين والمقاولات والمالية العمومية. ووقف المجلس على عدة اختلالات في الاستراتيجية الطاقية التي تم إطلاقها بالمغرب سنة 2009، ومنها الاختيارات التكنولوجية الباهضة وضعف نسبة الاندماج الصناعي المحلي، ذلك أن سعر تكلفة إنتاج "الكيلوواط ساعة" تعادل 1.62 درهم بالنسبة "لنور 1" و 1.38 درهم "لنور 2″، و1.42 درهم "لنور 3 "، في حين يعاد بيع الكيلوواط ساعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بسعر 0.85 درهم. وأشار أن سوق الهيدروكربونات يعاني العديد من الاختلالات منها أن تحرير القطاع لم يتم إعداده بشكل جيد. وسجل المجلس الفوائدة المحدودة للمواطنين من الاستراتيجية، ذلك أن أسعار الكهرباء لم تشهد أي انخفاض، وأدى رفع الدعم سنة 2014 إلى ارتفاع هيكلي للأسعار. وأكد المجلس عدم فعالية الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء؛ خاصة فيما يتعلق بعدم شرح التعريفات وطرق الولوج إلى الشبكة ؛ وتعطيل القانون 13.09 منذ عشرات السنين. وسجل المجلس أيضا أن مجال أنشطة بعض الهيئات يظل مبهما ومنها حالة الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية وشركة الاستثمارات الطاقية. وتطرق المجلس في رأيه أيضا لمشكل النقل، موضحا أنه يشكل عبئا ثقيلا على فاتورة الطاقة في بلادنا، ويواجه العديد من الصعوبات، كما يؤدي إلى تلوث كبير بالمدن. ودعا المجلس إلى تكييف شبكات نقل وتوزيع الكهرباء لتعزيز تدفق المعلومات بين الموردين والمستهلكين، وتعديل تدفقات الكهرباء في الوقت الحقيقي، وتوسيع نطاق اختصاصات الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء لتشمل قطاع الطاقة بجميع مكوناتها، وتطوير الشبكات الذكية التي من شأنها التحكم في الطلب، وتكييف الاستهلاك مع القدرات الفورية للإنتاج، وضمان أنظمة مثلى مسماة أنظمة إلغاء الاستهلاك الكهربائي.