عرّفت منظمة الصحّة العالمية كوفيد19 بكونه مرض معدي سببه فيروس كورونا المكتشف مؤخراً بمدينة يوهان الصينية شهر دجنبر 2019، ومن أعراضه الأكثر شيوعا (الحمى- الإرهاق – السعال الجاف – الأوجاع – إحتقان الأنف – ألم الحلق – الإسهال) والتي تبدأ عادة خفيفة وتأخد في التدرج نحو الأسوء. ومن خصائص هذا المرض أنّه ينتقل بالعدوى من الشخص المريض لأي شخص آخر، إمّا عن الرذاذ الذي يتناثر من الأنف أو الفم، وكذلك عند الملامسة المباشرة بين الأشخاص أو الأشياء أو الأسطح وهو ما جعل الخبراء الطبيين يعتبرون بأنّه بالأهمية بمكان، الإبتعاد الإجتماعي عن الشخص المريض بمسافة لا تقل عن متر واحد. وإذا كانت العقوبة الحبسية كجزاء ونتيجة للأحكام التي تصدر تطبيقا للقانون الجنائي ضد الأشخاص المرتكبين للجرائم، ومن جهة قضائية مختصة تهدف إلى حرمان المحكوم عليهم من الحرية لفترة محدّدة تختلف من الجنحة إلى الجنائية، وذلك بغاية تحقيق الرّدع المجتمعي وإصلاح سلوك المحكوم عليهم وتوفير لهم فرص مناسبة لإعادة التربية والإدماج. وإنطلاقاً من واقع السجون المغربية التي تعرف الإكتضاض وما يصاحبه من أعباء مالية وبشرية ولوجيستيكية، تفرض على الإدارة توفيرها تماشياً مع الإتفاقيات الدولية والوطنية الموقعة، وإنخراطها في مجال أنسنة حقوق السجين و الذي عرف تقدما واقعيا ملحوظا و مشهود به وطنيا و دوليا. وخوفاً على السجناء وذويهم والأطر الإدارية بكافة المؤسسات السجنية من تفشي عدوى وباء كورونا لأيّ سبب أو طارئ حتى و إن كان بسبب إدخال المؤونة، وهو ما قد يجعل بؤرة الإنتشار غير محصورة جغرافيا، ويصعب تحديدها إنطلاقاً من العدد الهائل للنزلاء وعلاقاتهم الأسرية والعائلية المضمونة لهم قانونا و واقعيا في إطار الحق في الزيارة، وهو ما يجعل ناقوس الخطر واجب الإعلان عنه والبحث عن بدائل معقولة و موضوعية و إجرائية كفيلة للحد من هذه الخطورة الصحية العمومية الممكن تحققها. وإعتباراً من كون القانون الجنائي المغربي بشقيه الإجرائي والموضوعي به حلول ومخارج مهمّة قد تساعد المؤسّسات السجنية للتعامل مع العقوبة الحبسية في إطار وظيفتها القضائية والقانونية والأهداف المتواخاة منها، وكذا الوصول مع السجناء إلى مرحلة الردع والتهذيب والإصلاح المساعد على الإندماج التدريجي دون الإخلال بالثوابت المؤسسة للعقاب المخصص حماية للمجتمع. ومن هذا المنطلق نهيب بالسجناء ودفاعهم ودويهم التقدّم بطلبات الإفراج المقيّد بشروط المنصوص عليه بالفصول 59 و 622 و663 من قانون المسطرة الجنائية والمرسوم التطبيقي رقم 23.98 والفصل 64 من القانون الجنائي وهو ما سيدفع المؤسسات السجنية لإعداد تقاريرها حسب الطلب وحالة كل سجين للبحث فيما إذا توفرت فيه الشروط الأولية لقبوله ومنها: * حسن السيرة والسلوك داخل السجن. * إلتزام السجين بالإستقامة في المستقبل. * أن تكون عقوبة السجين الحبسية نهائية. * أن تكون العقوبة لا تتجاوز مدّة خمس سنوات. * أخد بعين الاعتبار الوضعية الإجتماعية والمهنية للسجين. * أن يكون السجين قد قضى أكثر من ثلثي مدّة العقوبة. وبما أنّ القانون خوّل للمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج إتخاد قرار تمتيع السجين من هذا الإفراج المقيّد بشروط تلقائيا، أو بناء على مقترح من السيّد قاضي تطبيق العقوبة، وهو ما يجعل هذا الإفراج مشروطاً وجوباً بتطبيق التدابير الإحترازية الصحية وضرورة الإلتزام بالحجر الصحي المنزلي بالإضافة إلى الشروط الممكن فرضها حسب حالة كل سجين ووضعيته الإجتماعية، و الذي من شأنه أن يخفف على المؤسّسات السجنية ما يعادل ربع أو ثلث السجناء المحكوم عليها بأحكام نهائية و الذين قضوا أزيد من ثلثي مدة العقوبة الحبسية. لا شك بأنّ هذا الإجراء الإستثنائي في تنفيذ العقوبة عن طريق الإفراج المقيد إذا ما تم تطبيقه على السجناء المحققة فيهم الشروط الموضوعية والقانونية والشخصية للإستفادة منه، فسيخلق أملاً لهم في المستقبل وسيحفزهم على الإصلاح بعد السجن، وسيزرع ثقة جديدة في المجتمع والآليات القانونية و مفهوم التضامن، وسيكون عبرة ونموذجاً لباقي السجناء الحالمين في عدم قضاء مدّة العقوبة السجنية كاملة. محامي بهيئة اكادير