وزارة العدل والحريات المعني الأول بإصلاح أوضاع السجون والسجناء وجعلها في قلب القضايا الكبرى التي يتناولها الحوار الوطني لإصلاح العدالة ... تلك كانت أهم الخلاصات التي وقف عندها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو يشخص الاختلالات التشريعية المصاحبة لإشكالية الاعتقال ببلادنا ..ويرى المجلس أن بناء السجون أو الزيادة في طاقتها الاستيعابية لا يمكن أن يكون حلا مناسبا لإصلاح وضعية السجناء ، بل يحتاج الأمر إلى إصلاح منظومة السياسة الجنائية وكل التدابير المواكبة لها ، إذ أن من أبرز الإشكاليات التي تعاني منها المؤسسات السجنية هي ظاهرة الاكتظاظ التي تشكل أساسا للعديد من الانتهاكات الخطيرة التي تطال مجال الخدمات من صحة ونظافة وتغذية وأمن ..وتوقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان عند الاختلالات ذات الصلة بتطبيق قانون المسطرة الجنائية، ومنها محدودية وعدم فعالية الدور المنوط بقاضي تنفيذ العقوبات ، وصعوبة حصول المكرهين على شهادة تثبت عوزهم والتي تعفيهم من تنفيذ مدة الإكراه البدني. وسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عدم تطبيق بعض المقتضيات القانونية أو سوء تدبيرها وتنفيذها في غياب رقابة حقيقية، ومتابعة فعالة من طرف أجهزة الرقابة القضائية التابعة لوزارة العدل والحريات، والرقابة الإدارية المتمثلة في اللجان الإقليمية مما يؤدي إلى المساس بحقوق السجناء والسجينات بمختلف فئاتهم. واستعرض المجلس في هذا الصدد مجموعة من الملاحظات، منها الاستعمال المفرط للاعتقال الاحتياطي مما يساهم في الاكتظاظ ، والبطء في إصدار الأحكام مما يعد مساسا بضمانات المحاكمة العادلة ، ناهيك عن عدم تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالإفراج المقيد بشروط مع صعوبة تحديد الجهة المسؤولة عن تنفيذ هذه المقتضيات ، فضلا عن عدم الاستجابة لمعظم الطلبات المقدمة بها الخصوص ، وعدم تفعيل مسطرة الصلح المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والتي تهم الجرائم المعاقب عليها بسنتين وأقل أو بغرامة لا تتجاوز في حدها الأقصى 5000 درهم ، حيث يوجد 14522 سجينا محكوما بسنة فأقل ومنهم 9228 محكوما بستة أشهر فأقل إلى حدود 30 ابريل 2012 .. المجلس الوطني لحقوق الإنسان سجل كذلك عدم إعمال آليات الرقابة القضائية على المؤسسات السجنية من طرف رئيس الغرفة الجنحية، أو من ينوب عنه مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل وذلك للتحقق من حالة المتهمين الموجودين في حالة اعتقال احتياطي ومبررات اعتقالهم مع إمكانية توجيه توصيات بهذا الخصوص لقاضي التحقيق.. ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في ختام توصياته المرفوعة إلى وزارة العدل والحريات، إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي بحكم أن آلاف المعتقلين الاحتياطيين يتم الإفراج عنهم سنويا إما بإصدار أحكام بالبراءة أو بعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ أو بقرار عدم المتابعة ..وإعمال مسطرة الصلح كما هي معمول بها في قانون المسطرة الجنائية، والحد من الحكم بالعقوبات القصيرة واستبدالها بالموقوف أو الغرامة في انتظار سن عقوبات بديلة وفعالة ..كما أكد المجلس على تسريع البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين سواء أمام قضاة التحقيق أو قضاة الحكم بكل درجاته ..مع تفعيل الآليات القانونية التي تمكن من الإفراج المقيد بشروط أو العفو للمعتقلين المتميزين بحسن السلوك، أو الذين قضوا ثلثي العقوبة والبالغ عددهم 17939 سنة 2011 أو الأشخاص المسنين أو المحكومين بأقل من ستة أشهر أو الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة ..