المساء تحطمت في ميناء طنجة إحدى أكبر عمليات تهريب الكوكايين على المستوى العالمي، وأكبر كمية في تاريخ تهريب هذا المخدر داخل المغرب، عندما تم ضبط، صباح أمس،
أزيد من 15 كيلوغراما من الكوكايين على متن سيارة عادية في ملكية فرنسي وزوجته السنغالية. وتم ضبط شحنة الكوكايين خلال تفتيش روتيني خضعت له السيارة في ميناء طنجة المتوسط، بعدما كانت متوجهة نحو فرنسا وعلى متنها مواطن فرنسي من أصل إسباني (54 سنة) وزوجته (36 سنة)، وابنهما وعمره 10 سنوات. وتم ضبط الشحنة داخل العجلة الاحتياطية للسيارة، وهي معدة على شكل صفائح، وكل صفيحة بها قرابة كيلوغرام من المخدر. ووفق المعلومات الأولية التي استقتها مصالح الأمن، فإن المخدرات تم شحنها من غينيا الاستوائية، وأن السيارة عبرت عددا من بلدان غرب إفريقيا قبل أن تدخل الحدود الجنوبية المغربية انطلاقا من موريتانيا. وإلى حدود زوال أمس، فإن المعلومات المتوفرة كانت تقول بإمكانية وجود كميات أخرى من المخدر في أماكن أخرى من السيارة، خصوصا وأن عملية البحث كشفت في البداية عن كمية متواضعة من الكوكايين، ومع تواصل البحث تم الكشف عن 9 كيلوغرامات، قبل أن تصل الكمية إلى 15 كيلوغراما، واستمر بعدها البحث عن كميات إضافية من المحتمل أن تكون مخبأة في أماكن أخرى من سيارة الفرنسي وزوجته. وقدرت مصالح أمنية القيمة الأولية للبضاعة المحجوزة بأزيد من مليار ونصف المليار سنتيم. غير أن هذا المبلغ يمكن أن يتضاعف عدة مرات، في حال ما إذا كانت الكوكايين «صافية» وغير مخلوطة بمواد إضافية، حيث عادة ما يرتفع سعرها إلى أزيد من خمس مرات إذا كانت «مادة خام». ويتراوح سعر الغرام الواحد من الكوكايين في الأسواق الأوربية والمغربية ما بين 800 و1000 درهم في الحالات العادية، ويرتفع سعره بشكل كبير في حالة قلة العرض وارتفاع الطلب. وفي الوقت الذي قالت مصادر أمنية ل«المساء» إن ضبط المخدرات تم خلال تفتيش روتيني، فإن مصادر أخرى لم تستبعد أن تكون هذه السيارة خضعت لإجراءات تفتيش خاصة، على اعتبار أن ركابها دخلوا المغرب برا من موريتانيا، وهي حالة نادرة في السفر برا بين إفريقيا وأوربا، على اعتبار أن كل السيارات القادمة من موريتانيا أو منطقة جنوب الصحراء تخضع لمراقبة خاصة بالنظر للشبهات التي تحيط بالمنطقة، على اعتبارها القلعة الجديدة لتجارة الكوكايين على المستوى العالمي. كما أن هذه السيارة دخلت المغرب قبل بضعة أيام فقط، وتوجهت مباشرة نحو أقصى الجنوب، ثم عبرت الحدود نحو موريتانيا واختفى أثرها، ثم عادت من نفس الطريق، وهو ما يشير إلى احتمال كونها جاءت في مهمة محددة. وحسب مصادر أمنية فإن صاحب السيارة تعمد التوجه في الصباح الباكر من أمس الجمعة نحو ميناء طنجة المتوسط، في محاولة منه للمرور عبر الإجراءات الأمنية والجمركية من دون مشاكل. ولم تستبعد هذه المصادر أن يكون الفرنسي يعمل لحساب شبكة كبرى لتهريب الكوكايين تنشط بين محاور أمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا وأوروبا، مرورا من المغرب. وتشير التقارير الأمنية، بما في ذلك تقارير الأممالمتحدة والمرصد الدولي لتجارة المخدرات، إلى تحول منطقة غرب الصحراء الكبرى إلى قلعة حقيقية لكارتيل أمريكا الجنوبية لتهريب المخدرات، حيث عادة ما يتم تخزين مئات الأطنان من الكوكايين في مخازن ببلدان غرب إفريقيا، قبل أن يبدأ شحنها على مراحل نحو الشمال، حيث عادة ما تعبر موريتانيا صعودا نحو موانئ البحر الأبيض المتوسط. وكانت تقارير أمنية مغربية حذرت، في وقت سابق، من تحول تلك المنطقة إلى قلعة دولية لتهريب المخدرات، في ظل تزايد الحديث عن ارتباطات للبوليساريو بشبكات لتهريب الكوكايين والأسلحة. كما تعرف المنطقة نشاطا متزايدا للتنظيم المسمى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، والذي سبق أن تبنى عمليات اختطاف كثيرة لرعايا أجانب، بالإضافة إلى أصابع الاتهام التي توجه له حول تعاونه أو إشرافه على عمليات تهريب المخدرات الصلبة القادمة من بلدان أمريكا اللاتينية، بتعاون مباشر مع أطراف نافذة داخل البوليساريو.