ان ممارسة الحياة السياسة في اية دولة تحترم مبادئ حقوق الانسان وتكريس دولة الحق والقانون لا يمكن لأي حال من الاحوال ان يعتمد سياسيوها على التجريح فيما بينهم من خلال السب والقذف بغية تحقيق مصلحة خاصة في ذلك. ستشهد دائرة العرائش انتخابات جزئية نتيجة لإلغاء المقعد البرلماني للسيد الحاج محمد السيمو من طرف المحكمة الدستورية والاقرار بإجراء انتخابات جزئية يوم 25يناير 2018 والتي ستعرف تنافس كل من حزب العدالة والتنمية في شخص السيد احمد الخاطب وحزب الحركة الشعبية في شخص الحاج محمد السيمو على اساس ان تنطلق الحملة الدعائية يوم 12 يناير 2018 على ان تنتهي يوم 24 يناير 2018 . وبسبب الصراع على المقعد الشاغر في البرلمان فإننا صرنا نصادف يوميا على المواقع الإلكترونية بوسائل التواصل الاجتماعي منشورات و تعليقات تتضمن عبارات السب والتشهير مما يحيلنا على وجود حملة انتخابية مضادة وانها بدأت منذ مدة لا يستهان بها حيث يقوم مؤيدي حزب العدالة و التنمية بالتجريح ، فلا تخلوا كتاباتهم من كلام نابي دون احترام للقارئ وبالتالي تحويل حلبة الخصومات الشخصية من المباشر الى مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي وهذا ما لا يقبله المنطق . فاذا كان المشرع المغربي حدد فترة الحملة الانتخابية من اجل التعريف ببرنامج الحزب من خلال مرشح الحزب فانه قد اغفل الفترة التي تسبق ذلك وما يقوم به مؤيدوا الاحزاب المنافسة من تجريح للاحزاب الاخرى وهذا ما يحدث بدائرة العرائش هذه الايام من خلال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة غير لائقة سياسيا وذلك بنعت مرشح حزب الحركة الشعبية بصفات لا اخلاقية والغريب في الامر ان ذلك يصدر من اناس مستواهم من التكوين الاكاديمي يتميز بين المستوى لا بأس به الى المستوى الجيد مما يسهل امكانية تأثيرهم المباشر بتعليقاتهم ومنشوراتهم على ارادة الناخبين في التصويت خاصة الشباب الغير المؤطر حزبيا هذا من جهة . اما من جهة ثانية فان الدول المتقدمة تعتمد في حملاتها الانتخابية للأحزاب على البرامج الانتخابية لا على الاشخاص وبذلك وجب عدم الربط بين الترشح لشغل المقعد الشاغر بمجلس النواب والمستوى التعليمي للمرشح فاصحاب القرارات العليا للحزب هم الادرى بذلك بل انتظار الحملة الانتخابية ومناقشة البرامج الحزبية بالاقليم لكل حزب . بهذه القراءة البسيطة نتساءل متى سنرتقي كأفراد الى تخليق الحياة السياسية؟ متى سنتمكن من تجاوز سلبيات الماضي والتركيز على متطلبات المستقبل؟ لماذا يحاول مؤيدي الحزب المنافس على المقعد البرلماني الوصول الى عقول الناخبين عن طريق ابراز عيوب الطرف المنافس له عوض التركيز عن البرنامج الانتخابي اثناء الحملة الانتخابية؟ والسؤال الاخير والاهم هو لو كان الطرف الملغى مقعده بمجلس النواب هو حزب العدالة والتنمية هل كان سيتخذ حزب الحركة الشعبية نفس الطريقة في التواصل مع السكان خارج فترة الحملة الانتخابية والاعتماد على السب والقذف والتجريح واستغلال فصل الشتاء وكلنا نعلم مستوى بنياتنا التحية في جل مناطق المغرب وما يطرا عليها في هذا الفصل من بروز الحفر والانزلاقات للتربة الى غيرذلك بهدف التاثير على الناخبين؟ . لم يكن الهدف وراء هذه القراءة البسيطة تفضيل لحزب سياسي على حزب سياسي اخر او التقليل من كفاءة مرشح عن الاخر بل الهدف منها هو تخليق حياتنا السياسية. فالسياسية هي فن العيش مع الاخر وان يعمل الحزب الفائز فيما بعد الانتخابات على خدمة مصلحة المواطن و على خدمة الوطن بإعطاء وجه مشرف له امام الديموقراطيات الغربية ، ويتم ذلك من خلال احترام الاحزاب لبعضها البعض واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي في الرقي والنقاش الجاد البعيد عن السب والتجريح . ويبقى مقياس نجاح السياسي ليس بمستواه التعليمي، ولكن بمدى تواصله وقربه وتفاعله وإنصاته للمواطن، وكدى في مدى تواجده الدائم بالمجال الجغرافي الذي هو يمثله وينوب فيه عن المواطنين في مؤسسات الدولة.