راجت مؤخرا بعض الأخبار والتكهنات حول احتمال ترشح السيد نزار بركة الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للانتخابات البرلمانية الجزئية بعد قرار المحكمة الدستورية القاضي بإلغاء انتخاب السيد محمد السيمو عضوا بمجلس النواب على إثر الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016 بالدائرة الانتخابية المحلية "العرائش"، وأمرها بإجراء انتخابات جزئية بالدائرة المذكورة عملا بمقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب. ودون الخوض في السياق الذي رافق انتخاب السيد نزار بركة – حفيد علال الفاسي مؤسس حزب الاستقلال-، على رأس أقدم الهيئات السياسية في المشهد الحزبي بالمغرب، سنكتفي بالتطرق في هذه الورقة للموانع القانونية التي تحول دون خوض رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي غمار هذه الانتخابات الجزئية و هي على مرمى حجر من الآن. بداية لابد من القول أن الجمع بين المسؤولية السياسية على رأس هيئة حزبية ورئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لا يوجد ما يمنع ذلك قانونا، فالقانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية لم يشر مطلقا إلى عدم جواز الجمع بين عضوية أو رئاسة حزب سياسي وعضوية أو رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أما من ناحية الممارسة الديمقراطية، وضمانا لحسن سير المؤسسات الدستورية، وصيانة للاختيار الديمقراطي، وحتى تكون جميع الأحزاب السياسية على صعيد واحد اتجاه باقي المؤسسات الدستورية والتي من بينها المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي، فإن صلاحية التدخل في هذا الشأن يبقى من اختصاص جلالة الملك تأسيسا على التأويل السليم للفصل 42 من الدستور، وليس هناك ما يمنع أي حزب سياسي من أن يرفع ملتمسا أو مطلبا بذلك لجلالة الملك، أو أن يطلب السيد نزار بركةإعفاءه، وذلك جريا على التقليد المعمول به في التعامل مع المؤسسة الملكية. أما بالنسبة لحالة الجمع بين عضوية أو رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وعضوية مجلس النواب (موضوع ورقتتا هاته)، فالمشرع تحدث في المادة 13 من القانون التنظيمي رقم 128.12المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن حالة التنافي بين عضوية هذا المجلس وعضوية هيئات أخرى منها الحكومة والبرلمان والمحكمة الدستورية ورئاسة الجهة، والانتماء للسلك الديبلوماسي و لسلك القضاء. وهنا أذكر أن المشرع في معرض الحديث عن حالات التنافي في القانون التنظيمي سالف الذكر، تحدث عن عضوية المجلس دون ذكر عبارة "علاوة على رئاسة المجلس"، مما قد يفهم منه أن رئيس المجس غير معني بمقتضيات هذه المادة، فرئيس المجلس هو عضو من أعضاء المجلس وتسري عليه نفس الأحكام بالنسبة لحالة التنافي الواردة في المادة 13. إلا أن ما قد يبدو تمييزا مرده إلى أن رئاسة المجلس لها وضع اعتباري خاص، إذ أن رئيس المجلس يعين بظهير من قبل جلالة الملك، وتتحكم في اختيار الشخصية التي تتبوأ هذا المنصب اعتبارات تأتي في مقدمتها الخبرة والكفاءة والقرب من المحيط الملكي الذي يقترح على جلالة الملك تسمية هذه الشخصية أو تلك. أما بالنسبة لباقي أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي فيراعى في اختيار أعضائه 5 فئات:(المادة 11) أ- فئة الخبراء ب- فئة ممثلي النقابات الأكثر تمثيلا للأجراء في القطاعين العام ًالخاص ج- فئة الهيئات والجمعيات المهنية د- فئة الهيئات والجمعيات النشيطة في مجالات الاقتصاد الاجتماعي والعمل الجمعوي ه- فئة الشخصيات التي تمثل مؤسسات عمومية ومؤسسات للحكامة، وهم 17 عضو يعينون بالصفة. ولا ينبغي أن يفهم من هذا التمييز أن أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، خاصة الفئات (ب- ج- د)، هم أقل خبرة وكفاءة من رئيس المجلس، إنما المقصود هو أن المشرع راعى في اختيار 105 عضوا -علاوة على الرئيس- تمثيل الحساسيات السياسية والاقصاصية الاجتماعية، الفاعلة والمؤثرة في الحياة العامة، مع مراعاة تمثيلية المغاربة المقيمين بالخارج، وتحقيق مبدأ المناصفة. ونشير إلى أن القانون التنظيمي في (لمادة 12) عهد للحكومة بواسطة مرسوم تحديد كيفية توزيع عدد الأعضاء داخل كل فئة من الفئات (ب- ج- د)، ومسطرة اقتراح هؤلاء الأعضاء على رئيس الحكومة ورئاسة مجلسي النواب والمستشارين، ولائحة النقابات الأكثر تمثيلا وكذا الهيئات والجمعيات المهنية والجمعيات النشيطة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والعمل الجمعوي. من هنا أقول وحسب فهمي المتواضع، وقرائتي للنص القانون الذي بين يدي في مجمله (القانون التنظيمي رقم 128.12المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي)، أن المادة 13 تتحدث عن حالة التنافي لأعضاء المجلس من الفئات (أ-ب-د-ج)، علاوة على رئيس المجلس، وهم يعتبرون مستقيلين من المجلس حال انتخابهم كأعضاء في البرلمان أو تعيينهم في الحكومة أو في المحكمة الدستورية أو في السلك الدبلوماسي أو القضاء، وذلك انسجاما مع منطوق المادة 13″يعتبر مستقيلا من عضوية المجلس العضو الذي أصبح في حالة التنافي". لكن مع التذكير أن رئيس المجلس المعين من قبل جلالة الملك بظهير تبقى صلاحية إعفاءه من اختصاصات جلالة الملك، ورهينة بصدور ظهير ملكي يعفيه من مهامه وفقا لقاعدة توازي الشكليات. وفي حال رغب السيد نزار بركة خوض الانتخابات الجزئية التي ستجرى بالدائرة المحلية للعرائش، لابد له أن يطلب الإذن بالإعفاء من منصبه كرئيس للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من قبل السلطات العليا في الدولة، وفقا للقواعد المرعية في هذا الشأن. وبالرغم أن حق الترشح لانتخابات برلمانية يعد حقا مكفولا بموجب الدستور، إلا أن رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ليس لديه حرية الاختيار ما بين رئاسة المجلس والترشح للانتخابات البرلمانية الجزئية المقبلة، اللهم إلا إذا تلقى الضوء الأخضر من جهات ما في الدولة لخوض غمار نزال انتخابي غير محسوب العواقب مما قد يشكل له نكسة حقيقية إذا ما فشل في الظفر بالمقعد النيابي وهو في بداية مشروعه لترميم البيت الداخلي لحزب علال الفاسي. أما بالنسبة للفئة (ه) ولو أنهم خاضعون لأحكام هذا القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فهم يخصعون لقوانين تنظيمة تتعلق بكل هيئة أو مؤسسة من المؤسسات التي يمثلونها والتي تتطرق كل على حدة لمقتضيات خاصة لحالات التنافي.