توفي صباح اليوم الأحد 16 أكتوبر بمدينة القصر الكبير المجاهد الكبير العقيد الهاشمي الطود . بوابة القصر الكبير تتقدم بخالص التعازي لأسرة الفقيد ، سائلين المولى عز و جل أن يرزقهم الصبر و السلوان و أن يتغمد الراحل برحمته و يسكنه جناة الخلد مع الشهداء و الصديقين . نبذة عن حياة الفقيد ولد الهاشمي الطود سنة 1930 بمدينة القصر الكبير، وبها تابع دراسته الابتدائية بالمدرسة القرأنية تحت إشراف الأستاذ الغالي الطود، بعد ذلك انتقل إلى تطوان حيث تابع المرحلة الثانوية المتوسطة بمعهد مولاي المهدي تحت إدارة الشيخ المكي الناصري، ثم أتم السنة الأولى من قسم المعلمين بالمدرسة البولتقنية بتطوان. في مرحلة الدراسة الثانوية انتقل الهاشمي الطود إلى مصر حيث تحصل سنة 1947 على شهادة الثانوية العامة من ثانوية الحلمية بالقاهرة، ثم تخرج سنة 1951 من الكلية العسكرية الملكية ببغداد برتبة ملازم ثاني متخصص في سلاح المدرعات. سنة 1945 هاجر إلى المشرق العربي مشيا على الأقدام، وعند وصوله مدينة باتنةبالجزائر انضم إليه الشهيد محمد إبراهيم القاضي وتابع الرحلة معه إلى القاهرة التي وصلاها بعد ما يقرب من أربعة أشهر، ورفقة رفيقه إبراهيم القاضي تطوع للقتال في فلسطين على الجبهة المصرية ضمن وحدات المتطوعين العرب بقيادة الشهيد أحمد عبد العزيز، وذلك استجابة لنداء الأمير عبد الكريم الخطابي رحمه الله، الذي دعا فيه العرب والمسلمين للجهاد بعد صدور قرار تقسيم فلسطين من مجلس الأمن،قاتل أولا في موقع البريج جنوبي غزة في مواجهة عصابات الهاغاناه وارغون تسفاي لومي، ثم تقدمت وحدات المتطوعين داخل التراب الفلسطيني، واستقرت وحدته في منطقة بربرة قبالة مستعمرة نتساريم على مسافة 36 كلم من تل أبيب. في ماي 1948 سيتم إعلان قيام دولة إسرائيل و دخول الجيوش العربية إلى فلسطين، إذاك طالبه الأمير عبد الكريم الخطابي بالعودة من الجبهة إلى القاهرة رفقة إبراهيم القاضي لينضما معا للبعثة العسكرية المغاربية الأولى إلى بغداد، وفي 17 أكتوبر من نفس السنة وصل الهاشمي الطود إلى بغداد والتحق بالكلية العسكرية الملكية ضمن بعثة تضم من بين أعضائها المغاربة : حمادي العزيز، والشهيد حدو أقشيش الشهير بأحمد عبد السلام الريفي، وعبد الحميد الوجدي. تخرج الهاشمي الطود برتبة ملازم ثاني تخصص مدرعات في يونيو 1951، وعاد بعد ذلك إلى القاهرة مع أعضاء البعثة العسكرية المغاربية، ليضع نفسه تحت تصرف الأمير الخطابي رئيس لجنة تحرير "المغرب العربي"، في خدمة مشروع ثورة التحرير المغاربية. في 15 يونيو 1951 نقل الهاشمي الطود أول مهمة تنظيمية وعسكرية في تونس، صحبة الشهيد محمد إبراهيم القاضي، هدفها ربط الاتصال مع المتطوعين التونسيين العائدين من فلسطين، والذين سبق لهم أن التزموا أمام الأمير الخطابي بمشروع الثورة المغاربية، ومع غيرهم من العناصر الوطنية المقتنعة بالمشروع لإنشاء جبهة تونس والشروع في تنظيم سلسلة تنظيمية محكمة تمتد من القاهرة حتى المغرب مرورا بليبيا وبقية الأقطار المغاربية ودراسة الميدان وخطوط المواصلات والإمداد، وطرق تأمين السلاح والعتاد وتخزينه وتوزيعه وغير ذلك من المهام التي رسمها الأمير عبد الكريم الخطابي. بعد مهمة تونس كلف من طرف الأمير الخطابي مع حمادي العزيز وعبد الحميد الوجدي في 20 شتنبر 1951 بالاتصال بممثلي الأحزاب السياسية المغاربية الموجودين بأنفسهم أو عن طريق ممثليهم في القاهرة لاستطلاع رأيهم في مشروع ثورة التحرير المغاربية المسلحة، وكان من بين من تم الاتصال بهم لهذا الغرض علال الفاسي وعبد المجيد بن جلون واحمد بلمليح وإبراهيم الوزاني من المغرب، والمنجي سليم والطيب سليم ورشيد إدريس من تونس، والشاذلي المكي ومحمد خيضر والحسين أيت احمد من الجزائر وقد أكد هؤلاء جميعا استعداد أحزابهم لخوض المعركة حتى النهاية. في دجنبر 1951 تسرب الهاشمي الطود إلى ليبيا مع حمادي العزيز وعبد الحميد الوجدي في مهمة هدفها دراسة الميدان ومتابعة إحكام حلقات السلسلة التنظيمية وتأسيس قواعد على امتداد التراب الليبي، وتقوية التنظيم على الحدود الشرقية والغربية لليبيا.نفدت هذه المهمة بتنسيق بين الأمير الخطابي وإدريس السنوسي –ملك ليبيا بعد استقلالها-، وبدعم من الهيئات الوطنية الليبية كجمعية عمر المختار وحزب المؤتمر الوطني بزعامة الدكتور السعدي واستغرقت المهمة ثلاثة أشهر. انطلقت مهمة إنشاء جبهتي الجزائر والمغرب بتسرب الهاشمي الطود وحمادي العزيز إلى تونس في فاتح مارس وذلك للوقوف على عمل السلسلة التنظيمية التي سبق إنشاؤها في هذا البلد، وللاتصال عبر المجاهد الطاهر قيقة بعبد الحميد مهري في الجزائر,ثم التسرب الى الجزائر عن طريق تبسة بمساعدة المناضل احمد قاسمي رئيس جمعية الشبان المسلمين بتبسة. وقد أسفرت هذه المهمة عن استبعاد القيادات التقليدية لحزب انتصار الحريات الديمقراطية وحزب البيان من المشروع بسبب موقفهما العدائي تجاهه، وعن التزام الدكتور الأمين الدباغين بصفته الشخصية ومحمد الطيب بوضياف، كممثل عن المنظمة السرية داخل حزب انتصار الحريات الديمقراطية بمشروع الثورة، والتزام الجبهة الجزائرية بالمشروع في تنفيذ 66 عملية عسكرية تم إعدادها مسبقا بدقة.وقد اشترطت جبهة الجزائر لبدء الثورة انطلاق العمليات في الجزائر والمغرب في وقت واحد والاحتفاظ بمنطقة شمال المغرب الواقعة آنذاك تحت الحماية الاسبانية كقاعدة خلفية للثورة. انتقل الهاشمي الطود وحمادي العزيز بعد ذلك إلى المغرب للاتصال بقيادات الأحزاب التي أعرب ممثلوها في القاهرة عن وضعها رهن إشارة مشروع الثورة فكانت النتيجة مخيبة للآمال، فاكتفيا بالاعتماد على مناضلين مغاربة بصفتهم الشخصية الحزبية. بعد فشله في مهمته بالمغرب عاد في 16 أكتوبر 1952 مع حمادي العزيز وقدم تقريرا مريرا عن مهمتهما حيث قرر الأمير عبد الكريم الخطابي تقديم هذا التقرير إلى مجموع أعضاء لجنة تحرير "المغرب العربي". بمناسبة عيد العرش في المغرب وفي اجتماع شامل للجنة تحرير "المغرب العربي" بالقاهرة بتاريخ 28 نوفمبر 1952 تلا الهاشمي الطود التقرير عن المهمة السابقة فثارت ثائرة علال الفاسي وغادر الاجتماع هائجا ومشككا في صدقية المهمة والتقرير معا، وبذلك تكرست القطيعة بين الأحزاب السياسية المغاربية عموما وبين مشروع الثورة المغاربية المسلحة كما كان يراه الأمير محمد عبد الكريم الخطابي والضباط العاملون معه. في 21 دجنبر 1952 تم تأسيس جيش تحرير "المغرب العربي" وانعقد مؤتمر الضباط المغاربيين بالقاهرة بمشاركة نخبة مختارة محدودة العدد لضمان السرية تضم من تونس عزالدين عزوز، ومن الجزائر الشهيد محمد إبراهيم القاضي ومن المغرب الشهيد حدو أقشيش وحمادي العزيز وعبد الحميد الوجدي والهاشمي الطود، واحتفظ للجزائر بمقعد إضافي ليحتله فيما بعد احمد بن بلة – بعد وصوله إلى القاهرة كما أوصت بذلك جبهة التحرير- وقد تقرر في هذا المؤتمر: تشكيل هيئة مؤسسة لجيش تحرير "المغرب العربي" تولى فيها الهاشمي الطود مهمة ضابط الاتصال والعلاقات الخارجية تنظيم هيئة للمقاومة المسلحة المدنية في بلدان "المغرب العربي" باسم جامعة تحرير "المغرب العربي". إرساء الهيكل التنظيمي لجيش تحرير "المغرب العربي"، ووضع نظامه الداخلي. وضع الخطة العامة لجيش تحرير "المغرب العربي". و نظرا للأهمية التي أصبحت تكتسيها مسألة تكوين الأطر اللازمة لتنفيذ مقررات المؤتمر أسس جيش تحرير "المغرب العربي" في بداية 1953 بمساعدة النظام الجديد في مصر معسكرين اثنين للتدريب تحت مسؤولية الهاشمي الطود: – معسكر كوبري القبة لتدريب المقاتلين – ومعسكر الكتيبة 12 لتدريب الأطر القيادية. في 15 يونيو 1953 وصل احمد بن بلة إلى القاهرة ممثلا لجبهة الجزائر وانظم إلى جيش التحرير "المغرب العربي"، كما تأسس مكتب عسكري لجيش التحرير مستقل عن مكتب تحرير "المغرب العربي" وبعيد عن المناوشات السياسية القائمة فيه، وانظم صالح بن يوسف واحمد بدرة إلى العمل، وفي أواخر 1953 تم تأسيس ثلاثة معسكرات جديدة للتدريب تحت مسؤولية الهاشمي الطود: معسكران اثنان احدهما في منشية البكري والأخر في الهرم لتدريب المقاتلين، ومعسكر واحد في أنشاط لتكوين الأطر العليا. وقد نتج عن هذا التوسع في مهام الجيش تكليف الهاشمي الطود بمهام التدريب والاتصال وجوازات سفر المتطوعين القادمين من بلدان "المغرب العربي"، وفي شتنبر1953 اشرف الهاشمي على تنفيذ أول عمليتين لشراء الأسلحة الأولى بتمويل من ممثلي الجزائر في لجنة تحرير "المغرب العربي" محمد خيضر والحسين أيت احمد بعيد انضمامهما لجيش تحرير "المغرب العربي" والثانية بتمويل ن القيادة المصرية انطلقت إثرها العمليات العسكرية في تونس بمهاجمة معتقل أرمادا حيث كان يحتجز الحبيب بورقيبة. وبعد انطلاق الثورة المسلحة بالجزائر في فاتح نونبر 1954 تم تكليف الهاشمي الطود بمهمتي التدريب والتزويد بالسلاح بمساعدة من بنبلة، وتكليف حمادي العزيز بمهمة مستشار عسكري في منطقة القبائل حيث وقع فيما بعد في اسر الجيش الفرنسي. في أواخر 1954 وبأمر من عبد الكريم الخطابي وبتدخل منه سيتم إدماج الهاشمي الطود في الجيش المصري كمسؤول عن التدريب ولتحقيق استقلالية اكبر لمعسكرات التدريب. في سنة 1956 سيتم إبرام اتفاقية اكس ليبان وسينسحب المغرب من الثورة التحريرية مقابل حصوله على الاستقلال، غير ان استمرار أعضاء جيش تحرير "المغرب العربي" في مقاومة يائسة أحبطها تحالف اكس ليبان بعمليات مضادة أهمها : – تسريب معلومات إلى السلطات الفرنسية عن وصول الباخرة اتوس المحملة بالسلاح إلى ميناء بورسعيد بمحاذاة الشواطئ المغربية الجزائرية واستيلاء هذه السلطات عليها. – اضطهاد المناضلين بالاختطاف والتصفية ومن بين الضحايا الدين سقطوا في هذه الحملة: محمد ابراهيم القاضي وشباطة تركي سعيد والنقيب بربر من الجزائر ومن المغرب حدو اقشيش وعباس المساعدي وعبد السلام الخمار وعبد السلام احمد الطود خال الهاشمي الطود وعبد السلام الهاشمي الطود والد الهاشمي الطود وغيرهم من الشهداء الأبرار. في شتنبر 1960 دخل الهاشمي الطود نهائيا الى المغرب ليستقر به، والتحق فيما بعد بصفوف القوات المسلحة الملكية برتبة نقيب وهي رتبة اقل من رتبة رائد التي كان يحملها آنذاك، وفي نهاية 1961 عين قاضيا للتحقيق بالمحكمة العسكرية. سيواجه الهاشمي الطود متاعب كثيرة في مهمته داخل صفوف الجيش المغربي حيث اعتقل في 29 أكتوبر 1965 من قبل السلطات العسكرية بتهم واهية وملفقة من قبيل المشاركة في حرب فلسطين ومقابلة الزعماء العرب المشاركين في مؤتمر الدارالبيضاء سنة 1965 والتعاون مع عناصر مناهضة لنظام الحماية في المغرب، والحصول على الجنسية الاسبانية، وتوزيع منشورات للضباط الشباب لإفساد عقولهم….. انتهت هذه المهزلة بعد معاناة طويلة بالحكم ببراءته. في دجنبر 1965 التحق بالفوج 17 بقصبة تادلة، ومن 1967 إلى 1969 قاد إحدى السرايا المكلفة بحماية سد بين الويدان ضمن الفوج 17. في 16 يوليوز 1971 بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة بالصخيرات وبينما الهاشمي الطود طريح الفراش في الثكنة العسكرية التي يعمل بها صدر أمر باعتقاله بتهمة مغادرة موقعه أثناء المحاولة الانقلابية فحاصرته الشرطة في بيته طالبة منه الاستسلام فرفض إلى أن تدخل قائد الموقع آنذاك الرائد احمد الحلو بشجاعة نادرة ففك الحصار عنه وشرح الموقف للقيادة التي ألغت قرار الاعتقال. في شتنبر 1974 التحق الهاشمي الطود بالكلية العسكرية بمكناس مدرسا لمادتي التاريخ والتكوين المعنوي واستمر بها إلى أن تقاعد برتبة عقيد سنة 1995.