نحتاج في حياتنا العامة الى رجال ونساء يسهرون على تطبيبنا ومعالجتنا في أحوال المرض، يفحصوننا ويكشفون عن نوع الاصابة وصولا الى وصف أدوية مناسبة تساعدنا في الامتثال للشفاء . نسمع كثيرا عن أطباء وقعوا في أخطاء طبية كان ضحيته ذاك الشخص الذي وضع ثقته في الحكماء وهو يسلمهم نفسه بغية التداوي، كما أنه يحدث كثيرا أن تتم عملية تشخيص المرض بطرق غير سليمة تخلص في نهايتها الى القول بعدم مصداقية الطبيب المعالج، أو عدم كفاءته في المجال الذي يشتغل فيه . من وجهة أخرى، نجد فئة عريضة من الأطباء رجالا ونساء يعانون من وضعية اجتماعية ومهنية لاتساعدهم على أداء واجبهم كما ينبغي، وهناك حالات عدة تشكو من مشكل التعيين الذي يقاس بمئات الكيلومترات، فيبعد الطبيب الأب عن أسرته ويحرمه من الجو الأسري الذي يتطلب حضوره باعتباره الراعي الرئيسي لشؤون بيته، ويبعد الطبيبة الأم عن زوجها وأطفالها بعد مسار دراسي طويل دام لأزيد من 13 سنة وأحيانا بسنوات أكثر بقليل، مما يؤزم العلاقة الزوجية بين أطرافها الممتهنة للطب، ويؤثر سلبا على حاضر ومستقبل أسرة بحالها يكون الأطفال أول من يدفع ثمن غياب آبائهم عنهم بسبب بعد المسافة للالتحاق بالعمل . قد يبلغ الآباء الممتهنون للطب والبعيدون عن الاقامة مع أطفالهم بنبأ مرض أحد الأبناء، فينشغل بالهم ويحتارون في ايجاد وسيلة تمكنهم من الحضور بأسرع وقت الى بيتهم ليطمئنوا على فلذات أكبادهم، غير أن مثل هؤلاء الوالدين يكونون مجبرين على البقاء بمقر عملهم، والاكتفاء بالاتصال الهاتفي ومن ثم متابعة التطورات الصحية لأبنائهم عن بعد، وهنا يطرح السؤال: كيف للطبيب في هذه الحالة أن يهتم بصحة المريض الذي بين يديه وفكره وكيانه كله مسافر الى بيته ؟ كيف للطبيب أن يحب مهنته ويستحضر حس المسؤولية بها ومهنته هاته سبب تعاسته ومركز معاناته؟ واقع مر يحتاج لوقفة وتدخل من الجهات المسؤولة، حماية لأطفال ممتهني الطب من الضياع، ومساعدة لهم على توفير جو أكثر ملاءمة لأداء الواجب المهني الذي يستدعي تحقيق مجموعة من الدعائم أولها الاستقرار النفسي والأسري . فهل ستفكر الجهات المعنية في حل جاد لرفع الضرر عن نساء ورجال الطب في مغربنا ؟