تناقلت العدد من وسائل الإعلام الوطنية و الدولية خبر تقديم الإدارة الأمريكية لمقترح تكليف المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، و هو ما أثار حفيظة المغرب و أصدقائه على هذا المقترح الذي كانت ستكون له عواقب وخيمة على سيادة المغرب ، و كذا استقرار المنطقة برمتها، غير أن الموقف الصارم الذي اتخذه بلدنا مع العديد من الحكماء و العقلاء أفضى في نهاية المطاف إلى إجهاض أحلام مناوئيه. و إذا كان هذا الموضوع قد أثار سجالات عميقة داخل المغرب بين المحللين السياسيين، الأكاديميين، و الفاعلين الجمعويين ، أجمعت كلها على رفض هذا المشروع جملة و تفصيلا ، و اعتباره خطا أحمر ، قد يكون بداية لخبطة أوراق قضيتنا الوطنية الأولى ، فقد برزت إلى السطح أصوات أخرى تنوعت بين التعاطف مع أولائك الانفصاليين أو الشماتة و التشفي من هذا الوضع الذي كنا لا نحسد عليه . لقد قرأت في هذا المنبر القصري حول مقالا موضوع أزمة المينورسو و الكرامة، حيث وجه فيه كاتبه نقدا شديدا لأكثر من طرف بأسلوب تهكمي اتهامي، و في غياب واضح لأي تحليل يأخذ بعين الاعتبار البعد الجيوستراتيجي لهذه الأزمة ، ويشرح لنا أيضا من خلال مقاله خباياها و تداعياتها على المستوين الوطني و الدولي. بل اكتفى الكاتب تركيز سهام هذا النقد إلى الجميع ابتدءا بالمخزن ، كراكيزه من حكومة ، نقابات ، أحزاب سياسية ، الشعب الطيب؟؟ الدبلوماسية المغربية.. الرئيس الفرنسي و عشيقته؟؟ ما داخل الرئيس الفرنسي و عشيقته في الموضوع ؟ و أمريكا.. كما افترض عن إمكانية أن تكون هذه الضجة مجرد طبخة أمريكية-مغربية ..أي يعقل هذا أيها السادة؟؟ قبل التطرق لموضوع الكرامة، أفضل أن أسئل الكاتب - الذي أكن له الاحترام الشديد- عن سبب تحامله على الكل، و عزل نفسه في زاوية ضيقة، مما يفقده الكثير من المصداقية؟ فأخاله حسب تحليله لهذه الأزمة السياسية أنه العارف بخبايا و بواطن الأمور ، أما الباقي من المغاربة -حسب رأيه- ففي أغلبيتهم إما أناس "طيبون بسطاء"، أو أراجوزات بشيبها و شبابها و بكل أطيافها السياسية، يمينية ، يسارية أم إسلامية، إما لا يعرفون السياسة، أو أنهم متملقون يهرولون وراء مصالح شخصية ليس إلا..ألا يعتبر هذا أيضا اتهاما جزافا وحجرا تعسفيا على السواد الأعظم من المغاربة الذين اختاروا نهجا غير الذي اختاره الكاتب؟ أما فيما يتعلق بموضوع الكرامة فلا أحد يختلف في أنها من ضرورة بمكان، فلا حياة بدون كرامة. لكن الدفاع عنها ينبغي أن يكون من خلال آليات قانونية واضحة تأخذ بعين الاعتبار تطور المشهد الحقوقي في المغرب الذي عرف تقدما مشهودا له داخليا و خارجيا. أعتقد أن مقاربة هذا الموضوع تحتاج إلى أن تطبخ على نار هادئة بأسلوب علمي بحث، بعيدا عن الانفعالات أو الولاءات الضيقة ، كما أن مصلحة الوطن تبقى فوق كل اعتبار، علما أنني لم و لن أشك في وطنية صاحب المقال . و المزايدات السياسية قد تقبل إذا حصرت داخل ملعبها، أما التشفي أو الإستقواء بالآخر كما فعل أحد السياسيين المغاربة ذات مرة بالذهاب إلى البرلمان الأوربي و حزبه الغير المرخص له لا يمثل أكثر من أصابع اليد يجعلنا مثار سخرية الآخر، أكثر من ذلك يجعلنا عرضة للمساومات الرخيصة بين دول لا تهمها سوى تفكيك كياننا الذي ضحى في سبيله أجدادنا بدمائهم الزكية. فالوطن إذن أولا و أخيرا... تحية جد أخوية..