كنت أتصفح هذا الموقع يوم أمس ، حتى تفاجأت بخبر وفاة المناضل القصري الأستاذ توفيق الهراسي، و بهذه المناسبة أتقدم بتعازي الحارة لعائلته المكلومة و أدعو الله العلي القدير أن يلهمهم الصبر على مصابهم الجلل. غير أن ما زاد من حزني و غمي هو عدم إشارة أي موقع محلي -على حد علمي- لخبر وفاة قصري اخر و هو المرحوم ذ. مصطفى مومن الذي وافته المنية قبل أسابيع . و في حقيقة الأمر قد أصابي إحباط شديد لمدينة تلفظ أحيانا أبنائها البررة بقصد أو بدون ، في زمن نحن في أمس الحاجة إلى الحفاظ على ذاكرتنا الجماعية ، و هو ما يطرح تساؤلات عديدة تتعلق بكيفية تكريم أناس قدموا الكثير لمدينتهم و تبوؤا مراكز اجتماعية في زمن معين ، و تم طي صفحتهم ونسيانهم بدون اكتراث. لقد شهدت فترة بداية الستينيات من القرن الماضي توجه شباب قصري طموح نحو المشرق طلبا للعلم و المعرفة، في كل من القاهرة، بغداد و دمشق، أذكر من بينهم المحامون :المرحوم ذ. نور الدين إبن الفقيه ، والمرحوم ذ. مصطفى مومن، ذ. عبد السلام الشرادي، ، ذ. أحمد التكموتي، ذ. إدريس الضحاك، و د. محمد علي الطود، واللائحة طويلة على الحصر. أذكر ذلك في وقت كان أغلب شباب عصرهم يقتصر على نيل شهادة الابتدائية أو شهادة البروفي كأقصى ما يحلمون به. لقد كان هذا الشباب بحق نموذجا للطالب المتميز ، فمنهم من حصل على شهادة الإجازة في الحقوق و الآداب بل و حتى الدكتوراه، و تبوؤا مناصب مهمة ، فتخرج منهم الاستاذ في التعليم الثانوي ، و المحامي و القاضي ، و الاستاذ الجامعي، و كانوا يشكلون نخبة فريدة حالمة حاملة لأفكار حداثية من مثلث القاهرة ، دمشق، بغداد. يحزنني كثيرا أن لا أقرأ مقالا واحدا ينعي وفاة ذ. مصطفى مومن الذي يعتبر هو مجموعته من أوائل المحامين بمدينة القصر الكبير، إذ تمرن على يديه العديد من محامي المدينة و هو أيضا المستشار الجماعي السابق سنة 1983 ، في وقت نقرأ أخبارا أخرى أو نشاهد حوارات أقل أهمية من هذا المصاب العظيم ،مع احترامي الشديد للقائمين على ذلك. يؤلمني كثيرا أن لا نسلط الضوء على شخص آخر بدأ مزاولة مهنة المحاماة منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي، و يعيش حاليا ظروفا اجتماعية سيئة، و أقصد هنا العزيز ذ. عبدالسلام الشرادي، الذي يعتبر بحق مرجعا قانونيا كبيرا قل نظيره، وهو الذي تحمل بإخلاص كبير مسئولية المستشار الجماعي للمدينة للولايتين متواليتين في 1977 و 1983، و يشهد له القاصي و الداني بالأمانة و الاخلاص، سواء في مهنته أو في المسؤوليات التي تقلدها. ألا يستحق هؤلاء الرجال تكريما يليق بهم....؟ من أضاع ماضيه تاه......