بسم الله الرحمن الرحيم 21/09/2011 : وجدة في كلمة تأبينية بمناسبة ذكرى وفاة المرحوم سي احمد عباسي. ألقيت يوم الأربعاء 21 شتنبر 2011 برحاب دار السبتي بوجدة حرسها الله. الإخوة في الكتابة الإقليمية, الإخوة في جريدة الاتحاد الاشتراكي, الإخوة في الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة, الأخوات والإخوة أصدقاء ورفاق المرحوم في التنظيمات السياسة والنقابية والمهنية, حضرات السيدات والسادة الأفاضل, الضيوف الأعزاء, نحييكم بتحية الإسلام , تحية من عند الله مباركة طيبة ; السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. قال تعالى (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)صدق الله العظيم. بمناسبة إحياء ذكرى وفاة الفقيدة ,المرحوم سي احمد عباسي, يشرفني باسم العائلة , وباسم أصدقائه , وإخوانه في الأجهزة الحزبية بإقليم فجيج , أن أتقدم بخالص الشكر وعميق الامتنان , إلى الحضور الكريم , على تفضلكم ومشاركتكم في إحياء هذه الذكرى. وعرفانا بالجميل , أتوجه بتحية خاصة , إلى كل الأخوات والإخوة القائمين بهذه المبادرة الحميدة. والى كل الذين واسوا عائلة الفقيد في المصاب الجلل الذي حل بها, وشاركوها أحزانها , جزاكم الله جميعا خير الجزاء , وخلد في الصالحات أعمالكم , وحفظكم من كل سوء ومكروه. حضرات السادة الأفاضل , إن التكريم الذي تقيمونه اليوم, هو سلوك إنساني, وظاهرة أخلاقية, تدل على الوعي الجماعي وتعبر عن روح الوفاء والإخلاص الذي يجمع بين أفراد المجتمع. انه إقرار, واعتراف للمحتفى به لما قدمه من خدمات, وتضحيات في سبيل المجتمع والوطن. لكن , ألا ترون بان التكريم والاحتفاء يجب أن نقيمه لرجالاتنا, ورموزنا وهم أحياء يرزقون ! ألا ترون بأنه يجب إعادة النظر في هذه السنة, وهذا التقليد المحمود ! فبدلا من التأبين يجب أن نتحول إلى التكريم. حضرات السادة , إنها لحظات مؤثرة , هاته التي نجتمع فيها اليوم, لنؤبن الفقيد الراحل سي احمد عباسي, ونذكر بالمناسبة ببعض مناقبه وخصاله وأعماله ومبادئه. فمن هو سي احمد عباسي ? ينتمي الفقيد من حيث النسب إلى أسرة أل إبراهيم, إحدى العائلات الفجيجية الكبيرة.أسرة ذات حسب ونسب ومكارم أخلاق. أسرة تشبعت بالقيم الإسلامية والروحية النبيلة والقيم الوطنية. هذه الصفات, وهذه الخصال نهل منها سي احمد, وصقلت شخصيته. ولد المرحوم بواحة فجيج بتاريخ 30 يونيو 1945 . بها تربى وترعرع حيث قضى بها طفولته, ودراسته الابتدائية. ثم انتقل إلى البيضاء, وانخرط في صفوف الحركة الطلابية وأدت به الظروف أن يكون من بين الطلائع الأولى من الشباب الفجيجي الذي بدا حياة الهجرة من المغرب إلى الجزائر في الستينيات , فاستقر بمدينة وهران , واشتغل في سلك التدريس, فكان نموذجا للمعلم والمربي المثابر الخلص في عمله , والوفي لمبادئه. أخلاقه عالية, حسن المعاشرة, تشهد بذلك أثاره وما خلفه من انطباعات لدى أقرانه ومحبيه. وللرفع من مستواه التعليمي والثقافي, قرر الهجرة إلى المشرق العربي, وسافر إلى العراق في بداية السبعينيات, واستقر ببغداد يتابع دراسته, ونظرا لبعض الظروف, رحل إلى سوريا, وتابع دراسته بكلية الآداب في جامعة دمشق. وحصل على شهادة الإجازة في علم الاجتماع. ومع بداية الثمانينات, عاد إلى ارض الوطن, للبحث عن العمل والاستقرار. فانخرط من جديد في العمل الطلابي في صفوف الاتحاد الاشتراكي حيث كانت له قناعات اتحادية عميقة. وتزامنت عودته مع الأزمة التي كانت تعاني منها البلاد, والتي كانت تلقي بظلالها على مختلف القطاعات. مما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية للجماهير الشعبية , وتفشي البطالة والفساد , وتفاحش الفوارق الطبقية , زادتها الاختيارات اللاشعبية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حدة وتعقيدا... ونتيجة لهذا الوضع الذي اتسم باليأس, ونفيا للحق في الشغل, أصيب الفقيد بنوع من الإحباط والتشاؤم, وعاش ظروفا نفسية ومادية صعبة. لكنه لم يستسلم , فراح يطرق الأبواب بحثا عن العمل , فاشتغل في التعليم الحر في إطار عقدة مع بعض المؤسسات الخاصة , تارة كأستاذ وأخرى كمسؤول إداري. وبعد سنوات التحق بجريدة الاتحاد الاشتراكي , واشتغل بقسم التصحيح , ثم التوثيق. إلى أن تم تعيينه كمسؤول جهوي على جريدة الاتحاد بمدينة وجدة , ولما حصل على التقاعد , بقي ملازما لمقر الجريدة , يساعد ويوجه ويحاور, وهكذا كان دأبه إلى أن التحق بالرفيق الأعلى. حضرات السيدات والسادة , رحل سي احمد عباسي فجأة , من دون موعد ولا استئذان , اجل, رحل ولم يترك لنا ونحن الأهل والأصدقاء فرصة الوداع الأخير, كان المرحوم ودودا , لطيفا , قنوعا , يمقت الانتهازية والتملق , كان وفيا لمبادئ الفضيلة , يحب الناس حبا بريئا . اجتماعي الطبع, يسعى لفعل الخير, قليل المزاح وقليل الكلام في المجالس, لكنه يحسن الإصغاء والفهم. وسيلته الأساسية في مواجهة الحياة , العيش على الأمل والإخلاص في أداء الواجب , والتواضع الجم. رغم إمكانياته المتواضعة, كان كبير القلب, كريما, سخيا, كثير الترحيب والتقدير والتوديع على السواء. مما يخلف لدى جليسه ومحاوره انطباعا حسنا وصورة طيبة عن معاملته وتقديره الكبير والإنساني... كان من أمنياته الكبيرة , و أماله العريضة – رحمه الله – أن يرى المناضلين في حزبه ونقابته , صفا واحدا , وقوة متماسكة , كان يؤمن بالاختلاف والحوار واحترام الأخر. وكم كان يؤسفه , وكم كان يؤلمه التصدع والصراعات والمواجهات التي كانت تقع في صفوف الأجهزة الحزبية والنقابية. وكان يحاول و يسعى جاهدا وباستمرار القيام بمحاولات لجمع الشمل وتقريب وجهات نظر المناضلين والفرقاء... أخي عباسي , رحلت إلى دار البقاء , اجل, رحلت ولم تكن قد قلت كل شيء في قضايا ومواضيع شتى... وعلى الرغم من كونك من المناضلين المخلصين لمبادئهم , فقد كنت دائما بعيدا عن الأضواء , بعيدا عن الكاميرا. بعيدا عن Façade في الوقت الذي يتم فيه الازدحام والتهافت على الصفوف الأمامية, والكراسي, حيث تتنوع الأضواء !... رحلت والتحقت بشبان شبيبتنا الاتحادية الأربع , شهداء الواجب , والذين افتقدناهم منذ مدة. تركتم بين أيدينا عدة أسئلة : سؤال تنزيل الدستور الجديد , الذي شاركت في نقاشاته وحواراته والدعوة إلى التصويت عليه. سؤال الجهوية الموسعة , سؤال الديمقراطية المحلية, سؤال حركة 20 فبراير,سؤال الشباب وحركة 20 فبراير, سؤال الربيع العربي وانعكاساته على الوطن العربي , سؤال الوحدة الترابية وبناء المغرب العربي , سؤال المستقبل الواعد... اخي عباسي , إذا كنت اليوم قد وافاك الأجل المحتوم باكرا , ودون المشاركة في جني ثمار المجهودات التي بذلتها إلى جانب إخوانك المناضلين في مختلف الواجهات, فننا نعاهدك ونعاهد الله على أننا سنواصل العمل في بناء المشروع الاتحادي , مشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي. وسنبقى أوفياء للعهد وللمبادئ والقيم التي ضحى من اجلها شرفاء هذا الوطن, والحرص على خدمة الصالح العام. حضرات السيدات والسادة , إن إحياء هذه الذكرى , لنعتبرها التفاتة كريمة , نقدرها عاليا. لأنها وقفة إجلال وتقدير للفقيد, وفي نفس الوقت نعتبرها لحظة لكل الوطنيين المخلصين الذين ضحوا بكل غال ونفيس من اجل وطنهم. وهذا الشعور وهذا الإحساس نستلهمه من هذا اللقاء المبارك , وهذه الوجوه الطيبة , وهذا الحضور الكريم الذي أبى إلا أن يلبي الدعوة , ويشارك في إحياء هذه الليلة الروحانية والتي زادتها تألقا وبهاء وخشوعا تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم والامداح النبوية وشهادات المشاركين. وختاما, نتضرع إلى الله تبارك وتعالى بصادق الدعاء, والجزاء الأوفى, إلى كل الذين ساهموا من قريب أو من بعيد في إحياء هذه الذكرى. رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جنانه. ورحم الله أموات المسلمين, ووفقنا جميعا لما فيه الخير وخدمة الصالح العام. قال تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. إمضاء : مصطفى لالي