تعيش مجموع هيئات المحامين في دوائر محاكم الاستئناف بالمغرب هذه الأيام على وقع الانتخابات المهنية التي ستفرز مؤسسة النقيب ومؤسسة مجلس الهيئة في كل دائرة، وتتشكل هيئة المحامين، من المحامين المسجلين في الجدول، ومن المحامين المتمرنين مدة التمرين ثلاث سنوات وتتمتع كل هيئة بالشخصية المدنية والاستقلال المالي، وتتحد كلها في جمعية هيئات المحامين بالمغرب التي تنتخب هي الأخرى مؤسستي النقيب والمجلس لتسيير شؤونها. ودون الرجوع لتاريخ المهنة ورجالاتها منذ القدم أنظر كتاب الله قصة موسى عندما يطلب من الله أن يشد أزره بأخيه لمواجهة فرعون أكتفي بالإشارة إلى علاقتي بالمحاماة التي أحببتها منذ الصغر، إذ كنت أصاحب المرحوم الحاج علي توكلنا السوسي الذي كان محلفاً يحضر جلسات الجنايات بسطات التي كانت تعقد في دورات تفصل بينها ثلاثة أو أربعة أشهر، وازداد إعجابي عندما تابعت محاكمات أبطال ثورة مولاي بوعزة، إذ مازالت مرافعات بعض المحامين عالقة بذهني حتى اليوم، ما جعلني أفكر في أن أصبح محامياً، وقد شجعني على ذلك أساتذتي المغاربة والأجانب، لكوني كنت دائماً أدافع عن زملائي التلاميذ ما استطعت. لكن مع مرور الزمن ودراسة العلوم السياسية، فضلت أن أتواصل مع أكبر عدد ممكن من المواطنين وإيصال صوت الدفاع عن الحقوق والحريات إليهم، فاخترت الصحافة وعدت للمحاكم والمحامين بعد دراسة الصحافة بمدرستين مختلفتين: الأولى تعتبر أن الصحافي في خدمة الحزب قبل كل شيء (رومانيا 1983/80 في عهد نيكولاي تشاوسيسكو) والثانية التي تحمل الصحافي مهمة الإخبار وكشف وتعرية السلبيات لأولي الأمر محلياً ووطنياً. (فرنسا 1987/83 في عهد فرانسوا ميتران). اخترت إذن، أن أبقى لصيقاً بالمحاماة وأعمل على تعميم المعرفة وبث الوعي القانوني لدى المواطنين دعماً لنضالات كل من يريد بناء مجتمع تسود ه العدالة والسلم وتصون فيه الدولة الحقوق والحريات، لذلك تواجدت بمختلف المحاكم، منذ مارس 1987 حتى اليوم، وتعرفت على نساء ورجال البذلة السوداء الذين رفعوا ليس فقط شأن المهنة، ولكن كذلك مكانة الوطن بتحملهم مسؤوليات مهنية جسيمة خارج الحدود وضمن منظمات جهوية، قارية وعالمية، وحضرت العديد من المؤتمرات التي كانت تعتبر بحق لحظات تاريخية في مسيرة النضال من أجل ما وصلنا إليه اليوم من حذف لمحكمة العدل الخاصة، وتعديل لقانون الاجراءات الانتقالية، وإلغاء لظهير كل ما من شأنه... اليوم، أقولها بكل صراحة، لقد تغيرت تصرفات بعض »المحامين« ليس فقط تجاه بعض زملائهم، ولكن كذلك تجاه قانون المهنة وما يفرضه: فحتى الأمس القريب، كان المحامي بالجلسة يساعد زميله في مرافعته ورده على تعقيب ممثل النيابة العامة، إما عن طريق الهمس بما يجب الرد به أو بكتابته في ورقة ووضعها أمامه حتى يستعملها، زيادة عن النيابة عنه في إطار الزمالة، لكن اليوم، ومع كامل الأسف، فإننا أصبحنا نسجل افتقاد المساعدة داخل الجلسات مع بعض الاستثناءات (ذة جميعة حداد وذ. مصطفى دجيخي وذ. عبد الإله العيار...) بل إن بعض »المحامين« بدل مساندة زميلهم بتوجيهه الى ما قد يكون سهواً، يسخرون منه، بل ويجعلونه محط استهزاء داخل القاعة وخارجها أمام العموم. والأخطر أن بعض »المحامين« أصبحت النميمة وواختلاق الأخبار الزائفة والطعن في بعض المحامين الشرفاء هي مهنتهم، وخاصة عند اقتراب موعد الانتخابات المهنية، كما هو الحال هذه الأيام، وهذه الأجواء هي ما جعل بعض المحامين النزهاء، أمثال الأستاذ حسن مرشان الذي غادر المهنة ليلتحق بالسلطةالقضائية، حيث هو اليوم مستشار بالمجلس الأعلى الى جانب قضاة من طينته والأستاذ عبد الرحيم عميمي الذي غادرها حتى لا يتوسخ. إني أتساءل معكم اليوم، كم من محام يحترم قسم المهنة المنصوص عليه في المادة 12 من قانون مهنة المحاماة، والذي ندرجه للتذكير به لعل الذكرى تنفع المومنين: »»أقسم بالله العظيم أن أمارس مهام الدفاع والاستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة واستقلال وإنسانية. وأن لا أحيد عن الاحترام الواجب للمؤسسات القضائية وقواعد المهنة التي أنتمي إليها. وأن أحافظ على السر المهني، وأن لا أبوح أو أنشر ما يخالف القوانين والأنظمة و الأخلاق العامة، وأمن الدولة والسلم العمومي«.» بالله عليكم كم من محام يخرق يومياً وباستمرار هذا القسم، وخاصة ما يتعلق منه بالشرف والكرامة والضمير والنزاهة والاستقلال والإنسانية؟ كم من محام توجد شكاية ضده لدى مؤسسة النقيب ولدى الوكيل العام للملك؟ كم من محام اتخذت ضده قرارات تأديبية من طرف مؤسسة النقيب أو صدرت في حقه أحكام لمخالفته لقانون المهنة وللقانون ؟ كم من محام نال العضوية في هذا المجلس أو ذاك ولم يقم بواجبه تجاه زملائه أولا وأسرة القضاء ثانياً وزبنائه ثالثاً؟ كم من محام لا يسلم بعض زملائه وزميلاته من لسانه، وخاصة خلال فترة الانتخابات؟ إن فترة الانتخابات المهنية بدل أن تكون مناسبة للتقييم الفعلي لعمل مؤسستي النقيب والمجلس بشكل موضوعي، وتبيان ما تحقق وما لم يتحقق للمقارنة والصراع الذي يحفظ الكرامة للزميل/ الخصم، تحولت الى مناسبة لتصفية الحسابات بطرق أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها لا تمت للشرف بصلة، وليس فيها مقدار حبة خرذل من الأخلاق والاحترام، بل إن البعض يستغل هذه الفرصة/ المناسبة لرد كل الخير وكل المساعدة وكل الفضائل والنعم التي مَنّ بها غيره عليه ممن سبقوه للمهنة، فيكون لسانهم لدى زملائه ويدافع عن ترشيحهم لمؤسسة النقيب أو لمؤسسة مجلس الهيئة، فيما البعض الآخر يتنكر لكل ذلك، ويسلط لسانه ويستغل بعض الأسرار الشخصية ضد سيده ظاناً منه أن «»لكتاف تكادو««. لكن هيهات أن تتساوى ملأى السنابل والفارغات رؤوسهن! إن ما يجب فتح النقاش حوله ليس فقط خلال الحملة الانتخابية، بل وأن يستمر حاضراً في كل اجتماع لمؤسسات: النقيب، مجلس الهيئة، والجمعية العمومية هو واقع المهنةوآفاقها. والتفكير في عدد المحامين الذين لا دخل لهم، وفي المحامين الذين يموتون فقرا، وفي المحامين الذين تتشرد أسرهم، وفي المحامين الذين يعانون من أمراض مزمنة، ولم يزرهم أحد، وأذكر منهم الأستاذ خليل مبارك الذي مازالت مرافعاته في الشكل وفي الموضوع ترن في أذني. إن مهنة المحاماة أعطت رجالا ونساء صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من مازال ينتظر وما بدلوا تبديلا، وعلى رأسهم الأستاذ محمد الصبري الذي يحترمه الجميع: محامون، قضاة وكتاب الضبط والأعوان ومن يتعامل معه من الموكلين. إن المحاماة كانت دائماً في طليعة المدافعين عن الحق وتبيانه، فهل مع ما وصلت إليه اليوم سيكون لها نفس الموقف الشجاع غداً؟ إن العديد من مرتدي البذلة السوداء أصبحوا لا يتقدمون بالدفوعات الشكلية مع معرفتهم بوجودها ،وهذه بداية العد العكسي، فهل ستستيقظون، خاصة وأن العديد من المحامين الجدد لا هم لهم من هموم سابقيهم الذين يرجع لهم الفضل في جعل المحاماة ترتقي بين المهن المدافعة عن سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. المزارع القريبة من المدار الحضري للرشيدية،( قرى أولاد الحاج، تاركة، أزمور، وتيمز وغين...)، هي الأكثر تضررا من عصابات السطو على المزارع، لقربها من المدينة ومن منازل اللصوص الذين يسهل عليهم نقلها وبيعها دون كثير من المعاناة، ومما يزيد من سهولة السطو على المزارع وجنيها دون حياء أو استحياء، هو انتشار أصحاب «الحسنات» ممن يدعون أنهم يشترون الزيتون ، ولو أنهم يعرفون أن غالبية البائعين هم لصوص، لا يملكون ولو شبرا واحدا من المزارع. يحدث هذا أمام الجهات المراقبة للأنفاس، من مقدمين و شيوخ الذين يخبرون السلطات، لكن من دون أن تتحرك، ليبقى صاحب المزرعة بين سندان اللصوص الذين لا يشفقون على من يتدخل لثنيهم عن السرقة، ومطرقة الحاجة والفاقة التي ُينتظر موسم الزيتون للتغلب عليها ببيع قسط من المردود السنوي. لقد كان موسم الزيتون محطة متميزة في حياة الناس، القائمة على الأمل والانتظار.الزيتون والزيت ألفاظ «مقدسة»، كانت قديما، ترادف عند الآباء والأولياء حلول الخلاص من الاستدانة التي يعيشون عليها بين موسم زيتون وآخر.محصول الزيتون يمكن الأب المغلوب من محو الدين القديم، وحفظ الكرامة وماء الوجه، وفتح صفحة جديدة مع الدائن في انتظار موسم لاحق. الزيتون عند الأمهات والأطفال فرصة للحصول على «مصروف الجيب».دخل متواضع يكسب بطرق»مشروعة» في عرف القصر والدوار، يصرفه الصغار في اقتناء «شهيوات الفقراء»آنذاك، مثل علب السردين المصبر،وقنينات المونادا» .أما الأمهات فيجتهدن في شراء بعض الحلي الرخيصة نسبيا لتحسين المظهر ، أو لتجهيز البنات عرائس المستقبل ، مثل الأقراط والخواتم والأساور من العيار «الخفيف» . موسم الزيتون هو أيضا فرصة سنوية لتحسين الدخل بالنسبة لأصحاب المعاصر، ولصناع «قطع الغيار» المطلوبة في تشغيلها ،وللبقالة وتجار الزيت بمختلف مستوياتهم. موسم الزيتون أخيرا،كان محكا لاشتغال وفعالية آليات الحياة الجماعية القائمة على التنظيم والتعاون والتكافل والتضامن.كانت الجماعة تقرر وتعلن الانطلاقة الرسمية للموسم وحتى وقت نهايته.كانت الجماعة تعين الحراس «شيوخ الغابة» وتضمن أجورهم.كانت الجماعة تتعامل بالحزم المطلوب مع المتهورين المرتكبين للمخالفات ، علما بأن حالة التلبس بسرقة الزيتون كانت تمثل «عارا» لا يتمنى أحد أن يلحق به.