«محمد» محامي في ريعان الشباب. ارتدى البذلة السوداء منذ سنوات قليلة، لكنه عازم على منافسة قيدومي المهنة والترشح للعضوية في مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء. لا يبارح محمد مكتبه بوسط الدارالبيضاء طيلة الأيام الأخيرة، يتجول في كل محاكم الميتروبول الإقتصادي يتواصل مع زملائه. تجربته السابقة كرئيس لجمعية المحامين الشباب سهلت له مأموريته، ولذلك هو واثق من الفوز بالعضوية في مجلس الهيئة رغم المنافسة الشرسة مع كثير من أقطاب المهنة. اجتماع هنا ولقاء هناك، جعل أجندة المحامي «محمد» اليومية مليئة بالمواعيد. زملاء آخرون هم بمثابة أصدقاء له يقومون بدورهم بذات المهمة يعبدون له الطريق ليضمن تصويت زملاء له خاصة الشباب منهم الذين يشكلون أغلبية المنسبين لهيئة تعد الأكبر بالمملكة. لا تفصل هيئة الدارالبيضاء عن موعد انتخابات المجلس والنقيب الجديد سوى أسابيع قليلة، لذلك بدأت حملة خفية سابقة لأوانها، كما تؤكد مصادر من الهيئة، بين العديد من الأسماء التي ستترشح لمنصب النقيب وكذا عضوية المجلس. كل منهم يسعى لاستمالة زملائه لضمان أكبر عدد ممكن من الأصوات. تلك حملة سابقة لأوانها دخلها عدد من الأعضاء في الهيئة ممن يرون في أنفسهم الأهلية لخوض غمار الإنتخابات التي تكون عادة مناسبة لتتويج المسار المهني للمقيدين في جدولها. النقيب عبد اللطيف بوعشرين، حسب مصدر من الهيئة، من المستبعد جدا أن يعيد تقديم ترشيحه نظرا لوضعه الصحي وتواجده خارج التراب الوطني في رحلة علاج، لذلك يتم تداول الكثير من الأسماء التي ستقدم ترشيحها لتعويض النقيب الحالي، ومنهم عمر ودرا وجلال الطاهر وموفق الطاهر وهمالي عبد الله والنقيب السابق محمد الشهبي وآخرون. عدد من المحامين يتوقعون أن يعود عبد الله درميش النقيب السابق لموقعه وإن كان آخرون يفضلون صعود نقيب جديد له قدرات مهنية عالية وتجربة متميزة وذا شخصية قوية وله قدرة تفاوضية كبيرة وكذا رصيد مهني. مع انطلاق الحملة التي يقودها من يرون في أنفسهم الأهلية لعضوية المجلس، طفت على السطح خلافات عميقة، فالهيئة التي تتميز بغياب الإنسجام بين الفصائل والتيارات المتواجدة بها، فالدارالبيضاء تضم كتلة غير متجانسة من المحامين، والمرجعيات التي يغترف منها الكثيرون متباينة فهناك اسلاميي العدل والإحسان والإصلاح والتوحيد وقلة من المنتمين لجماعات أخرى وهناك شتى تلاويين اليسار والأمازيغين، وفئات أخرى يمكن تسميتها بالبدون الذين لا يساندون أي تيار عقدي أو سياسي، لكن المهنة تخترقها تناقضات بين منتمين للعائلات المقربة من دوائر القرار السياسي والإقتصادي المسيطرة على عينة ذات مردوية من القضايا وبين الغالبية المنحدرة من عائلات شعبية من القرى والأحياء الشعبية والتي لا نصيب لها سوى ملفات القضايا العادية. لكل ذلك حسب ذات المصدر، فإنه من الصعب التوافق على اسم معين للترشيح لمهام النقيب خاصة في السنوات الأخيرة، ويتم عادة اللجوء لتوافقات، وقد لا يتم الحسم فيها سوى من طرف صناديق الإقتراع، فالمترشح لرئاسة النقابة من المفروض أن تتوفر فيه عدد من الخصال والمزايا أهمها الأقدمية والتجربة وكذا النزاهة المهنية، ولافتقاد تلك الخصال لدى الكثيرين فإن مشاكل جانبية عادة ما يتم إثارتها للتغطية على الإشكال الحقيقي. المؤكد أن قطاع المحامين يشكو من عدة انزلاقات، فالمهنة المعروفة بكونها مهنة تقاليد وأعراف أصبحت مهددة أكثر من ذي قبل، فارتداء البذلة السوداء يفرض الإلتزام بعدد من الضوابط، لكن الأمور سارت في السنوات الأخيرة في منحى معاكس واختيار نقيب المهنة من تمظهرات أزمة القطاع ليس إلا، لكن الأهم أن الهيئة تنتظر مجلسا ونقيبا قادرين على إعادة الإعتبار لمهنة المحاماة. أوسي موح لحسن