لم تغب عن ذاكرتنا القصرية المرهقة و المثخنة بالجراحات و الألام ،ذاك العرس الشاذ الذي إنتشر خبره كالنار في الهشيم و خلق صورة مشوهة عند كل من يريد أن يتعرف على مدينة يشهد تاريخها المنسي على عفتها و طهارتها، و منذ انفجار القضية حاول بعض الغيورين على المدينة أن يردوا لها اعتبارها و يمحوا تلك الصورة القبيحة التي قدمت بها لمحركات البحث على الانترنيت، لكن للاسف خانتهم الوسائل أو لنقل لم يفهموا عمق و جوهر الأزمة . قبل أن نفكر في رد الاعتبار لمدينتنا لابدا أن نتساءل لماذا يقوم بعض ممن ينتمي للمدينة بتشويه صورة القصر الكبير؟؟؟ و ما هي الدوافع الحقيقية لإنحدار الأخلاقي و السلوكي و الذي يدل على أزمة عميقة في انتماءنا ؟؟، من المؤكد أن هذه التساؤلات نابعة بالأساس من مشاهدات يومية و سلوكات تقع أمامنا جميعا ، تحدث في النفس الصدمة ، و نخلص إلى أن الإنسان القصري يعاني بدرجة أولى من أزمة إنتماء. فمن البديهي القول أن كل الأزمات و المشاكل التي تتخبط فيها المدينة منبعها بالأساس المواطن القصري ، و هنا لا أفرق بين القصري ذو الجدود و الجذور و غيره ممن إختار المدينة موطنا ثاني بعض موطنه الأصلي ، لأنني أعتبر أن المدينة ملكا لساكنها مهما كانت قبيلته و أصوله، المهم أن يكون قصريا و يعتز بإنتماءه للمدينة ، و يعرف أن أي سلوك يصدر عنه سيتعدى إلى أبعد من الحدود الذي يتصورها ، فإن كان سلوكا جيدا فأكيد أن النفع سيعود عليه و على مدينته و إن كان العكس فسيظل أثره ينعكس على المدينة ككل و مستقبلها. أزمة الأنتماء أزمة عامة تعانيها الدول العربية قاطبة دون استثناء ، و تتمظهر في العديد من السلوكات و المظاهر ، كالهجرة و تقليد الغرب في اللباس و غيره لدرجة التملص من الأنتماء العربي ...و أكيد أن عوامل عديدة تتظافر لتكريسها في واقعنا كالسياسات الرسمية الفاشلة و الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المتخلفة ووسائل الإعلام...لكن مع وجود إرادات تغيرية ترغب في رد الاعتبار لمسألة الانتماء و الهوية نتطلع إلى الأفضل، و مدينة القصر الكبير تملك من ذاك المخزون الشبابي المتدفق ما يجعلنا نأمل في رد الاعتبار للمدينة و وضعها في مكانها المناسب. ما نحتاجه اليوم و بشكل مستعجل هو توعية المواطن بحقوقه و ما يمثله داخل النسيج المجتمعي للمدينة ، و ما دوره داخل ذاك النسيج ، أن نزرع عنده الأحساس بالمسؤولية اتجاه المكان الذي يعيش فيه ...