لا أعرف كيف تفتق ذهننا على فكرة جهنمية جمعتنا نحن الأربعة، حيث سهرنا على تطبيقها بكل احترافية دون ترك أي أثر، لم أعد اتذكر من بادر بالمقترح لكنه لاق استحسان الجميع. كان ربيع الموسم الدراسي لسنة 2000 حيث كنا في السنة الثانية ثانوي بمؤسسة المحمدية، وكان جل طاولات المدرسة لا تتوفر على ألواح للجلوس، وأغلبهم بدون مسامير، مما جعل التلاميذ في كل حصة يتهافتون على من يصل أولا للألواح الخشبية ومن يتأخر ما عليه إلا الجلوس على الحديدة الباردة. كنا في كل فترة استراحة نتسلل إلى قسم ما، نجمع الالواح في زاوية الحائط ثم نتبول عليهم ونفر هاربين، اثير لغط كبير واحتج التلاميذ ورفض بعضهم الجلوس على آثار البول، فوصلت النازلة إلى إدارة المدرسة. ظن الجميع أن العملية لن تتكرر، لكن كنا نغير عليهم بين الفينة والأخرى وكنا نستهدف أقسام التي لا ندرس فيها حتى لا نثير الشبهات حولنا، كان المعيد والحارس العام والمدير شخصيا يتوعد أنه في حالة إلقاء القبض على الفاعلين سيلقى حسابا عسيرا، وبالفعل تم توقيف عشرة تلاميذ عن الدراسة لمدة خمسة عشر يوما لاشتباه فيهم فقط حيث اتهمهم أستاذ الإسبانية بأنهم هم الفاعلون. ما إن تنفست الادارة أنفاسها وقالت انتهينا من هذه المشكلة اسرعنا في تنفيذ هجوم آخر اثبت لهم ان توقيف اولائك التلاميذ كان ظلما وتسرعا، ومن أجل التصدي لهجوماتنا المتكررة أمر الحارس العام بضرورة إغلاق كل الاجنحة في وجه التلاميذ أثناء فترة الاستراحة ولن تفتح الباب الا بعد ضرب الجرس، لكن عبقريتنا كان تفوق تخطيط الإدراة فقد قررنا شرب كميات كبيرة من الماء ثم التسلل إلى داخل القسم وعدم الخروج منه أثناء فترة الاستراحة ثم ننفذ فعلتنا ومباشرة بعد فتح الباب يكون الجميع في حالة صدمة واستياء. ذات يوم وأثناء تغيب أحدنا قررنا نحن الثلاثة تنفيذ المهمة شربنا الكثير من الماء ساعة قبل جرس الاستراحة ومباشرة بعد خروج التلاميذ واقفال بوابة الجناح دخلتُ انا أولا إلى القسم الذي كان في الطابق الأول فيما (007ع) تكلف بعملية المراقبة قرب باب القسم، اما (006ب) فقد تكلف بمراقبة الدرج المؤدي إلى الطابق الأرضي، فجأة ظهرت المعيدة (*) ليفر (006ب) من أمامها دون إعطاء إشارة الخطر، فصعدت المعيدة مسرعة إلى الطابق الأول مما أثار الفزع لصديقي (007ع) وفر راكضا بدوره مما أثار شكوكها وتوجهت مباشرة الى القسم الذي كان يحرسه، ولتجدني أغلق سحابة سروالي. بالرغم من قصر قامتها إلا أنها انقضت علي من عنقي كما ينقض النمر على فريسته ثم بدأت بالصراخ وهي تسحبني إلى مكتبها القابع في الطابق الأرضي، ومباشرة بعد أن لمحنا باب الجناح المغلق قام صديقي (007ع) بمحاولة دفع الباب ذهابا وإيابا والمعيدة تصرخ وتقول شدوه شدوه. امسك الحارس العام بصديقي الأخر (006ب) لكنها قالت – لا شدو الآخر. عندما تم القبض عليه وتمكن صديقنا (006ب) من النجاة بنفسه تم إدخالنا إلى غرفة ضيقة شبه مهجورة توجد بها بعض المتلاشيات وتم اقفال الباب علينا بالمفتاح واطفاء الانارة مما جعلنا في ظلام دامس زهاء ربع ساعة. كان صديقي يرتعد ويقول: – مشينا فيها عيطردونا وعانكل قتلة من الدار قلت له: – شوف خاليني أنا لي نهضر نتا غير بقا ساكت. دخل علينا المعيد وهو متهكم الوجه قاطبا حاجبيه وقال: – شهاد شي لي كتديرو؟ اجبته: – شهاد شي لي كاديرو نتوما احتجزتونا فظلام، انا راه عاندي فوبيا ديال الاماكن المغلقة والمظلمة واش باغين تقتلونا. -اذا كانت عندك فوبيا ماتبولش فالقسم. – الا يا استاذ هذاك ماشي بول هذاك غير ماء مرشوش زيدون انا غير دخلت للقسم والمعيدة دخلت موريا مافهمت والو. صعدنا الى الطابق الأول ثم ولجنا إلى القسم كان كله مبتل كوني شربت كمية كبيرة من الماء، كما انني قمت برشه في أماكن متفرقة فقلت للمعيد. هو القسم كله فازگ اأستاذ خصك سيتيرنا ديال البول، هذا غير ما مهرق. مررت اصبعي على الطاولة ثم شممت يدي واردفت قائلا: – حتى الريحة مافيهش، الاكيد شي واحد دخل شي قرعة دالماء وتهرقت ليه هنا. أحسست أن المعيد قد اقتنع بكلامي وحيث كانت تجمعني به علاقة طيبة لم يكن يظن أنني قد أقدم على فعل شنيع كهذا. – المهم اذا بغيتو نسمح ليكم خصكم تسيقو القسم. تظاهرت أنني وافقت على مضض فقال: -يالاه تبعوني نعطيكم السطل والجفاف قال لي صديقي: – انا مانرضاش نهز الجفاف والسطل قدام التلاميذ نتا سير جيبهم وانا عنجفف. قلت له – هانيا كانت الدراسة شبه متوقفة، تجمهر التلاميذ في الساحة، فذهبت مع المعيد إلى الإدارة ومنحني سطلا وجفافا والقليل من الصابون وفور خروجي الى الساحة وانا حامل لعدة التنظيف اطلقت صديقتي (ن) صرخة قوية: – والبواااال ليرددها باقي التلاميذ وهم ضاحكين. اشرت إليهم بيدي