قبل الإجابة على هذا السؤال، وجب الإشارة إلى أن المهرجانات الفنية والثقافية عموما تمثل واجهة حضارية تعكس قيمة وعراقة المنطقة، فمع ظهور البشرية ظهر معها الفن كوسيلة للتعبير (رسومات على جدران الكهوف، بقايا آلات موسيقية /القيتارة عمرها أزيد من 6000 سنة) حيث كل عمل فني يشكل لبنة في جدار الحضارة وبغيابه تسود حالة من الهمجية والظلام والتوحش. ومن هذا المنطلق تكمن أهمية تنظيم المهرجانات والملتقيات الفنية والثقافية كوسيلة لإبراز الموروث الثقافي وتسويقه والمساهمة في إشعاع المنطقة وإبراز خصالها التاريخية والثقافية، وتنمية الذوق الفني المواطنين وحسهم الجمالي. وأمام ضعف النمو الاقتصادي لمدينة القصر الكبير باعتبارها مدينة غير صناعية ولا تجارية ولا حتى فلاحية، يبقى أمامها فقط استغلال ثقلها التاريخي وبُعدها الثقافي للمساهمة في إنعاش اقتصادها أولا ورد الاعتبار لها كقطب ثقافي رائد في المغرب، ولهذا فمدينة القصر الكبير ليست محتاجة فقط مهرجان من وزن مهرجان عبد السلام عامر بل تحتاج كذلك لكرنفال قوي، لمهرجان الحياة للطقطوقة الجبلية، لأخر يهتم بموسيقى جهجوكة، القصر الكبير محتاجة لمهرجان وادي المخازن ليكون قاطرة للعلاقة مع الضفة المتوسطية، تحتاج المدينة لمهرجان الشعر، نحتاج إحياء السمر الرمضاني، وكذلك مهرجان المسرح الدولي نحتاج إحياء حوزة الكتابة، نحتاج أن يكون للمدينة زخم ثقافي وتظاهرات ليست موسمية وإنما ذات امتداد وأثر وتكامل للمساهمة جميعا لرد ولو قليلا من الاعتبار لمدينة كالعنقاء بين المدن تنتفض بين الفينة والأخرى من رمادها. مهرجان عبد السلام عامر بوزن المشاركين فيه هو أكبر من قاعة العروض بالبلدية وأكبر من قاعة دار الثقافة (لتجنب المشاكل التنظيمية)، فلقد امتاز منذ بدايته بحضور مئات من المواطنين الذي يحجون إليه وينتظرونه بكل حب وشغف، مكانه الوحيد يجب أن يكون قرب قوس المحلة ليكون خلفية ورمزا دالا على عراقة المدينة وأصالتها، ويبقى نجاحه بقيمة المشاركين فيه، بقيمة حضوره، بجنود خفائه في انتظار الدورة الرابعة أكثر تنظيما أكثر نجاحا.