(إهداء خاص إلى السيد المستشار خالد المودن pjd الذي ادعى في وقت سابق أن الحزب الاشتراكي الموحد غائب عن مواكبة الشأن المحلي بمدينة القصر الكبير ****** يتساءل المواطنون عن طبيعة المشروع المرتقب إنجازه في المجال العمومي لساحة سيدي بوحمد بمدينة القصرالكبير في ظل غياب التشوير أو أي علامة تتعلق بالمشروع في تعارض تام مع المقتضيات القانونية المتعلقة بهذا الشأن. ويكتسي المجال العمومي منذ نهاية السبعينات أهمية بالغة في التخطيط الحضري على الصعيد العالمي، نظرا لأبعاده الاجتماعية والثقافية والتقنية، باعتباره مجالا يضم أنشطة السكان. وتعد ساحة سيدي بوحمد من بين هذه المجالات العمومية التي تشكل مكانا للجمهور وتمثل بالإضافة إلى كونها فضاء عام يشجع العلاقات بين الناس ويعززها، مجالا للتعبير المواطن وحتى السياسي من خلال احتضانها لاحتجاجات حركة 20 فبراير بالمدينة وبعض الأنشطة الثقافية والترفيهية. فالمجلس الجماعي قبل أن يقرر تنفيذ مشاريع في هذا المجال كان من المفروض الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المستعملين لهذا المجال، وأن يهتم كذلك بممارستهم وتصوراتهم وتفاعلاتهم داخل هذا المجال العمومي. فتهيئة المجال العمومي تقتضي فهمه كوحدة مجالية، مع استحضار الفضاء بجميع أبعاده فالمدن للناس وهو مفهوم الذي يتبناه ويروج له المهندس المعماري الدانماركي جان غيهل، حيث تتمحور المدينة عموما حول المجالات العمومية، وهذه الأماكن رغم اختلافها تعبير عن المدينة وعن المجال الحضري، وبالتالي فإن المجال العمومي ليست له خصوصية تقنية ليتم الشروع تحت جنح الظلام في إنجاز هذا المشروع المجهول الآفاق، فساحة سيدي بوحمد وغيرها من المجالات تتعدى المجال التقني إلى أبعاد أخرى اجتماعية ومجالية. فالأشغال القائمة تتم دون أن يسمح بها القانون أو السلطة، اعتبارا لأنه لا وجود لأي تشوير أو تعريف بالأشغال في مخالفة واضحة للمادة 54.1 من قانون التعمير الذي ينص على إلزام أي مشروع مراد إنجازه بوضع سياج يحيط بالورش، ولوحة عند مدخله تبين رقم الرخصة وكذا تاريخ تسليمها وعدد الطوابق والمساحة المغطاة وإسم صاحب المشروع والمهندس المكلف بتتبع الأشغال. هذا في الوقت الذي تعاني منه المدينة وباعتراف من المجلس الجماعي من خصاص خطير في المساحات الخضراء والمجالات العمومية، وبدل استدراك أخطاء المجلس السابق الذي حول حديقة سيدي بوحمد وحديقة السلام إلى ساحة ممتدة بالإسمنت ومخصصة للجلوس بمقاعد إسمنتية، وتقليص عدد الأشجار بها كما هو الحال في ساحة سيدي بوحمد إلى نخلة واحدة وهو تصرف منافي للأهداف الوطنية على المستوى البيئي. وإذا كان الحديث على أن الساحة ستشهد إنشاء أكشاك تجارية ومراحيض عمومية، وهي تعتبر جزءا من سياسة تنظيم المجال العمومي فذلك من المفروض أن يكون بتشاور بين المجلس الجماعي والجمعيات المختصة في المجال، وفي حالة ساحة سيد بوحمد فإن الأكشاك بالقرب من معلم تاريخي “ضريح سيدي بوحمد” يجب أن يتم إنشاؤها بعد الحصول على تأشيرة المصالح المعنية وذلك نظرا لما قد يحدث عن هذا الأمر من تشويه للمنظر العام كما حدث مع البناء الذي يتوسط الساحة، ولا سيما ونحن نستشرف آفاق المدار السياحي للمدينة القديمة بالقصرالكبير، وإذا كانت الأكشاك في سياق المدارات السياحية تتمثل وظيفتها في إيجاد أماكن للمحلات التجارية، فإن مركز المدينة يتوفر على محلات تجارية بشكل كاف في نواة المدينة القديمة ومحاورها الرئيسية. انسجاما مع هذه المعطيات وفي الوقت الذي ننتظر من المجلس الجماعي تنزيل وعوده فيما يتعلق بتطوير المجالات العمومية والأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي وتلبية احتياجات الساكنة المحلية والتغلب على مشكل الازدحام وسط المدينة، وجعل المدينة التي تتواجد بها كل الإمكانات الطبيعية والمناخية فضاء بيئيا بامتياز، يستمر في نهج هذا النوع من التدبير والتهيئة التي تنتابها التخبطات والارتجالية والعشوائية والتي تشكل العائق الأساسي فيما يتعلق بتطوير وتعزيز المجالات العمومية والمساحات الخضراء، وكذا فيما يتصل بتطوير المدار السياحي للمدينة القديمة داخل المجالات العمومية بشكل يسمح للزوار من اكتشاف الثروات التي تزخر بها مدينتنا وتاريخها العريق.