أصدرت الجماعة الحضرية للقصرالكبير توضيحا للرأي العام حول موضوع المساحات الخضراء، اعتبر فيه أن المجلس الجماعي يمتلك رؤية واضحة لمعالجة الخصاص الخطير الذي تعاني منه المدينة على مستوى المساحات الخضراء. إن هذا التوضيح الذي نشره المجلس عبر صفحته الفايسبوكية مليء بعدة مغالطات سنقف عليها في هذا المقال، فمسألة المساحات الخضراء على مستوى مدينة القصرالكبير تطرح العديد من الاستفسارات عن كيفية تدبير مجال التعمير بصفة عامة من قبل الوكالة الحضرية للإقليم العرائش والمجالس المتعاقبة على تسيير هذا القطاع بالمدينة، فبغياب وثيقة تنظيمية المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية SDAU، تصميم التهيئة مصادق عليه PA منذ سنوات خلت، فيتضح أن هناك خروقات بيئية جمة عانت منها المدينة لعقود طويلة، تتمثل في غياب التشجير في العديد من الشوارع وداخل التجزئات، رغم حتمية إحداث الأشجار على طول الشوارع، والتي تفرضها المقتضيات القانونية المشكلة لتصاميم التهيئة العمرانية. فساكنة مدينة القصرالكبير تعاني الأمرين نقص في المساحات الخضراء والحدائق التي يقتصر تواجدها على وسط المدينة، وتحولها إلى ساحات ممتدة مهيأة بالإسمنت، وتقلص عدد الأشجار بها والأمثلة في هذا الباب عديدة، هذا بالإضافة إلى مظاهر التلوث التي تعرفها المدينة والتي توجب العناية أكثر بالمساحات الخضراء، وذلك بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من معمل الشمندر السكري، ونفس الوضع لمعمل الأحدية ومعمل الحليب اللذان يصبان نفايتهما السائلة في واد اللوكوس دون أدنى معالجة، ويزيد غياب محطة لمعالجة المياه العادمة السائلة تأزما بيئيا. فهذا الوضع البيئي الكارثي بمدينة القصرالكبير هو نتاج إخفاق منظومة تدبير جماعي على مر السنوات، واليوم يمكن القول أمام تواضع المستوى التخطيطي للمجلس الجماعي الحالي، وارتباط الاختيارات بالحفاظ على التوازنات السياسية داخل المجلس، فالحديث عن وجود رؤية واضحة لمواجهة هذه الاختلالات البيئية ضمن المشاريع المبرمجة في “برنامج العمل الجماعيPAC 2017-2022″، وبالنظر لما تتطلب من أرصدة مهمة للعقارات وميزانية الغرس والصيانة باستمرار تصطدم المشاريع الخضراء بالإلغاء أو انطلاق الأشغال دون استكمالها فالميزانيات المرصودة للمساحات الخضراء جد متواضعة لا تتعدى بضع ملايين من الدرهم، وبالتالي الحديث عن رؤية بيئية استراتيجية للمجلس في ظل هذا الوضع يصبح الأمر كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحينا. إن انتماء المدينة لوحدة طبيعية بيولوجية متنوعة جعلها تستفيد من مجال طبيعي هام يحيط بها من كل الجوانب، يوفر هذا الموقع ظروف ملائمة لخلق بيئة حضرية تتسم بانتشار المساحات الخضراء داخل المجال الحضري بكيفية متكافئة ما بين أحياء مدينة القصرالكبير. إلا أن هذه التخبطات وإعادة إنتاج نفس أخطاء المجالس السابقة في التعامل مع البيئة تزيد من تأزيم الحالة البيئية للمدينة، إن هذا الوضع يستدعي توفر إرادة حقيقية لدى صانع القرار الترابي والمجتمع المدني ومختلف الفاعلين في استدراك ومواجهة ركام المشاكل والقضايا المطروحة تبقى ذات طابع استعجالي دون مزايدات سياسية. * طالب باحث في الهندسة الترابية و السياسة المجالية.