في طريقي إلى العمل أو إلى قضاء مأرب من المأرب أصادف أشخاصا غير عاديين مختلفين عن باقي الناس على وجوههم آثار جروح غائرة تعكس تصرفاتهم وسلوكاتهم الرعناء ، فلا شك أنهم اشتبكوا مع خصومهم لأسباب قد تكون تافهة فأشهروا السلاح الأبيض وتبادلوا الضرب والجرح الذي يفضي إلى الموت أو إلى إحداث عاهات مستديمة ، نظراتهم أيضا زائغة وشاردة تدل على اضطراب حالتهم وذهاب عقولهم وضعف إرادتهم ، مما ينذر بتشردهم وضياع مستقبلهم ، وهذا تحصيل حاصل لما يتناولونه من مواد مخدرة كالحشيش ، والقرقوبي ، والسليسيون ، والكوكايين ، والهروين ،وغيرها من المواد التي تعرف رواجا كبيرا وإقبالا متزايدا من طرف المراهقين والشباب بمن فيهم المتمدرسين ، الأمر الذي يستدعي التدخل العاجل لكافة الأطراف المكونة للمجتمع من أسرة ، مدرسة ، إعلام ...الخ لإنقاذ أبنائنا من الخطر الذي يتهددهم ماديا وصحيا ، فمن أجل الحصول على المخدر قد يسلكون طرقا غير مشروعة كاعتراض سبل المارة وتهديدهم بالسلاح الأبيض لنهب ما في حوزتهم من مال أو ساعات يدوية أو هواتف محمولة أو حلي ومجوهرات ، وقد يقتلون الأبرياء بغير حق فكم من مدمن قتل أباه أو أمه أو أخته من أجل جرعة مخدر وانتهى به المطاف في السجن مدى الحياة أو انتهى به الأمر إلى الحمق والجنون ناهيك عن الأمراض التي قد تصيبه كضعف القلب ، وتشمع الكبد ،والتهاب المعدة ،والسرطان ،وخاصة سرطان اللثة ، ونظرا لهذه النتائج الخطيرة التي تنجم عن تعاطي الإنسان للمخدرات فقد أصبح تدخل الأطراف السالفة الذكر ملحا وضروريا فعلى الآباء أن يؤدوا واجبهم تجاه أبنائهم على الوجه الأمثل من رعاية وتفقد لأحوالهم ، ومن مراقبة لتحصيلهم الدراسي ، ولأصدقائهم الذين يعاشرونهم ، ولمصروف جيوبهم ، ولا وقات فراغهم ، فأي إغفال لهذا الدور وأي تهاون في أداء هذا الواجب قد يعرض الأبناء للخطر ، وعلى المربين والمدرسين أيضا أن ينصتوا لهموم ولانتظارات التلاميذ بإنشاء مراكز الاستماع داخل المؤسسة التعليمية ، مع ضرورة تزويدها بالإحصائيين النفسانيين والاجتماعيين ، والاقتراب من عالم التلاميذ لمساعدتهم على حل مشاكلهم التي تؤرقهم وتحول دون استيعابهم لدروسهم وتحصيلها بالشكل المطلوب ، كما أن إعداد الأنشطة الموازية من رحلات ومسرح ومباريات رياضية ومسابقات ثقافية تحبب المدرسة إلى نفوسهم فيقبلون على التعلم بحماس وبهمة وبنشاط . المجتمع المدني والإعلام معنيان أيضا بتوعية الشباب وتحسيسهم بخطورة الإدمان وذلك بالإكثار من إعداد مشاريع وبرامج لفائدتهم من أجل تحصين مستقبلهم وإنقاذهم من الخطر المحدق بهم .