عبد الجبار السحيمي مات قرير العين واعبد الجبار(آه)...هل تسمعني؟ كلمات عبد الجبار بقيت، ومن رحيقها تتنفس الكلمات التي كتبتها يوم 24 أبريل 2012 عندما غادرنا من غير وداع صاحب "الممكن من المستحيل". فاضت الأشجان، قلت يفتح الله بهذه المقالة وكانت البداية، مات قرير العين"، التي لم تنشر، لأن الناشر[1 ] كان حزينا مثلي على فقدان مديره التاريخي ولم تكن عنده حاجة إلى حزن أمثالي قرر أن ينشرها بأقل مجهود، معناه احتفظ بها (أو قضى بها حاجات أخرى لا أعرفها) . وأنا احتفظت ب24 أبريل أيضا،أؤرخ بها لحياة ثقافية خرجت من )السبات الشتوي (الإسبات( الثقافي (1976-1986)، عنوانها التحدي، أريدها نوتة موسيقية ضد هدير الزمن داخل نفسي. ناشر ينتمي إلى عشيرة الإبداع، قبل أن يصبح من عباد الله الناشرين، يتفهم أن الكتابة معاناة تتنفس منشورة، هل يشعر بهذا كل الناشرين، وعندما كان عبد الجبار حيا يرزق كنت أناديه لأشكو له عندما أتألم من مثل ذلك. واعبد الجبار(آه) هل تسمعني؟ ثم كان ما كان، دفعت المقالة إلى جريدة جهوية، قبلت أن تنشرها ، تنفست اذن، كتبت مقالة ثانية وبدأت أرسل إلى كل العناوين "النووية" و"القابلة للاشتعال"[2 ]، الآن فهمت الدرس جيدا: من يعشق امرأة لها عنوان واحد مثل من يعشق امرأة ليس لها عنوان يغرق...يغرق، واخترعت حكاية الإسبات الثقافيhibernation التي قررت أن أخرج منها مثل الفتية أصحاب الرقيم الذين خرجوا أيام الملك دقيانوس...وأصبحت في ظرف سنة واحدة من الكتاب المنشورين (وقد كدت قبل أموت اختناقا وغرقا) و ذلك ببركة بعض الأولياء الناشرين[ 3]، لنبدأ الحكاية من الآخر: حكايات (النسوية، ثقافة المؤسسة، الجهوية،صاحبة الجلالة تخاطبكم[4]...) و سورا ومتونا مقدسة (أهل الكهف، التطهير وسورة الفتح... إذا جاء نصر الله) وبعض الأذكار والأدعية في حضرة (الأسياد الناشرون)...أحكيها وأنا أتألم... وادقيانوس(آه)...هل تسمعني؟ 1- شمعة لاهبة عبد الجبار السحيمي تحترق الشمعة، حادثة استثنائية أن يقع حريق بسبب شمعة، كأن تسقط الشمعة فوق حصير، وأن تصل ألسنة اللهيب إلى أبعد مسافة ممكنة، أو أن ...تحترق أنت نفسك كفراشة مسكونة بجنية تأمرها بسادية متطرفة: احترقي... احترقي... نحن الآن نقترب من " شمعة أولاد سحيم"، لوحة تقرأها قبل أن تشرع القرية أبوابها أمامك، حروف تلخص كلمة السر الآتية: "أنا احترق فأنا أحيا، وأنت تحترق فأنا موجود." أنا ذرة رماد صنعتها حالة الاقتراب من عبد الجبار، وكل مرة أجمع رمادي لأصنع به جمرة جديدة ستتحول من جديد إلى رماد بارد. 2- مات قرير العين أسلم روحه ...مات قرير العين...أتخيل نظرات عبد الجبار تطل علي، وأنا أرتب كلماتي ... نظرات غائرة تحتج: تتحدث عني ؟ سجل ما قلت وما فعلت بدقة...سجل ما لم أقله أيضا، حتى لا يقع أي التباس... أرجوك، ("أرجوك" كما أتذكر، كانت من الكلمات القليلة التي يكررها)، سجل كل الأفعال التي قمت بها، وأفعال "بعد الوفاة" سجلها أيضا للتأكيد بأنني لم أقم بها قطعا. عبد الجبار والفعل / بعد الوفاة (POSTHUME) إضافة بلا معنى. الفعل هو ما يجب أن نضيفه ولا يمكن أن يكون من حيث المبدأ (الذي هو بداية التفكير) شيئا مضافا إلى شيء آخر، أما إذا أضفناه بعد الحياة، فهذا شيء لا يمكن من حيث المعنى (الذي هو بداية الكلام). حشو اذن. أتعبني عبد الجبار بهذه المحاجات التي لا تنتهي، ولأنها كذلك فهي تتحدى... ماذا ؟...النهاية. وعبد الجبار السحيمي واحد من هذه الكائنات الوجودية، التي لا تحب الحشو ولا تحب التكرار. وأكبر معنى تتشبث به هو المقاومة من أجل الاستمرار ... حتى النهاية. 3- كلماته تقاوم الضجيج لقد قدمت لكم في بضع كلمات مجادلة متخيلة، فكرة عن أشياء وجودية، لا تنتهي ... تتحدى النهاية. نفهم إذن لماذا كان الرجل قليل الكلام، قليل الكتابة، لأنه كان يختار كلماته بدقة ويقول كلمة أو بضع كلمات و يترك الآخرين يتدافعون ضوضاء وثرثرة. الثرثرة ضجيجا يبقى وكلمات تموت في لحظتها. أما كلمات عبد الجبار فهي تبقى، لأنها نوتة موسيقية ضد الضجيج. 4- استراحة المقاتل: منطق الحياة ومنطق الحرب يختلفان: حد الحياة هو الموت وحد الحرب هو الانتصار أو الهزيمة. للحياة منطق والحرب أيضا لها منطقها. الكائن الحي لا يفعل موته ثم إن الموت حالة غير منطقية. صحيح أن المنهزم الذي خرج من الحرب يعامل كأسير حرب. صفته العسكرية تبقى ولكن المنتصر بعد الحرب يُفْرَضُ عليه أن يتعامل مع من كان يحمل نية قتله على أنه غير مسؤول عن أفعاله العسكرية. عبد الجبار استراح من أعباء الحياة التي كان ينوء بها ولكنه مقاتل لم يستسلم. 5- عبد الجبار: واحد من هؤلاء "وعندما ننصت إلى أصواتهم فرحين أو متألمين نحس إننا نصغي لما هو ذاتي عندنا... إنهم يساعدوننا على اكتشاف أنسيتنا وحساسيتهم ورأياهم للطبيعة وللحياة متآخية مع نظرتنا، لقد حققوا بقدراتهم جزءا من المثال الذي نريده للإنسان" (علال الفاسي) هذه العبارة المنقوشة اخترتها لتكون خاتمة الوداع وقبل أن أستسلم إلى... لحظة خشوع (تجمع كل المعارف) و بكاء (خاصة بالأقربين [ 5]) هوامش 1 جريدة العلم أصبح لها مدير جديد يفهم كثيرا في الحزن الانتقائي ولا يعجبه إلا حديث اليوم (يومه) 2 الصحافة الالكترونية والصحافة الورقية. صاحبة الجلالة تخاطبكم.(هسبريس،مجلة اتحاد كتاب الانترنيت ،ازيلال 24،ملفات تادلة، خريبكة اون لاين... 3 (ملفات تادلة) هي الناشر الأول فلها مني كل الامتنان والاعتراف الجميل 4 (ملفات تادلة) لها مني كل الامتنان والاعتراف الجميل 5 باعتباري من عائلته الصغيرة أيضا. عبدالقادر الهلالي بني ملال في 24-04-2012