سكري الحمل هو واحد من أمراض السكري المتعددة وهو يُعرف من ارتفاع نسبة السكر في الدم، لكنه لا يصيب سوى المرأة الحامل، التي لم تكن مصابة بالسكري قبل الحمل. فهل تعرفين شيئاً عن هذا المرض الذي يمكن أن يهدد صحتك وصحة جنينك؟ يؤثِّر سكري الحمل في الطريقة التي يستعمل بها جسمك سكر الغلوكوز، فهذا السكر يُعتبر المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان الارتفاع في مستوى السكر في الدم أثناء الحمل، يمكن أن يسبب مشاكل لك ولجنينك، ليس فقط خلال أشهر الحمل، بل حتى بعد الولادة. مع ذلك، فهناك معلومة تدعو إلى التفاؤل، وهي أنه يمكنك وأنت حامل أن تتحكمي في مستوى السكر في دمك، عن طريق تناول أغذية صحية وممارسة الرياضة بانتظام، وإذا اقتضى الأمر تناول الأدوية المناسبة. هذا إضافة إلى أن هذا المرض هو مرض وقتي، ينتهي مع انتهاء فترة الحمل، ولا يدوم معك طوال حياتك. ولكن ما هو بالضبط سكري الحمل؟ - أعراض محتشمة: يقول الدكتور نبيل أبوطرطور، استشاري طب النساء والولادة، أخصائي المناظير في أحد المراكز الطبية المتخصصة في أبوظبي: "سكري الحمل هو عبارة عن زيادة في معدل السكر في دم المرأة الحامل، يحدث عادة بعد عشرين أسبوعاً من بداية الحمل". يضيف مسترسلاً حول أعراض هذا المرض: من أعراض سكري الحمل الشعور بالعطش، وكثرة التبول، وبعض الأمور البسيطة التي تبدو للمرأة طبيعية، فلا تشك في أي شيء غير طبيعي. لهذا، على المرأة الحامل إن لاحظت مثل هذه الأعراض أثناء حملها أن تسارع إلى زيارة الطبيب. - الإشراف الطبي: استشارة الطبيب في وقت مبكر جدّاً، قد تبدأ منذ اللحظة التي تتخذ فيها المرأة القرار أنها تريد أن تصبح حاملاً. وهذا أمر حيوي جدّاً، لأنّ الطبيب يمكنه أن يقدر مسبقاً مدى قابلية إصابة المرأة بهذا المرض. وإذا كان طلب الاستشارة الطبية قبل الحمل ليس متاحاً لكل السيدات، ما يجعل البعض منهنّ يستغنين عنها، فإنّ الإستشارة الطبية أثناء الحمل تبقى ضرورية جدّاً. ذلك أن تشخيص الطبيب إصابة الحامل بسكري الحمل يجعله قادراً على التدخل، واتخاذ الخطوات اللازمة لمراقبة هذا المرض، والسيطرة عليه، كجانب من متابعة الطبيب الروتينية لمسار حمل المرأة ككل، منذ أوّل زيارة له حتى يوم الولادة. - تحليل: لكن، كيف يتم الكشف عن وجود سكري الحمل طبياً؟ يقول الدكتور نبيل أبوطرطور: "يتم أخذ عينة دم من المريضة بين الأسبوع 20 والأسبوع 24 من الحمل. وإذا اتضح من خلال تحليل هذه العينة في المختبر، أن نسبة السكر في الدم أكثر من 7 فاصلة 6 ملليغرامات، في هذه الحالة يكون من الضروري إجراء تحليل آخر يسمى التحليل الرباعي، ويكون هو الحاسم والأساسي في تشخيص سكر الحمل". عادة، تحدث الإصابة بسكري الحمل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل. وعند اكتشاف المرض قد ينصح طبيب أمراض النساء والولادة مريضته بأن تتابع علاجها بشأن سكري الحمل مع طبيب آخر متخصص في السكري، حتى تستفيد أكثر، بشأن الطريقة التي عليها اتّباعها للإبقاء على مستويات السكر في الدم مستقرة. - مضاعفات: وشأنه شأن أي مرض، فإن سكري الحمل يمكن أن يتحول إلى مرض خطير إذا تم إهماله. يقول استشاري طب النساء والولادة والمناظير: "يمكن أن نقسم خطورة هذا المرض إلى قسمين، الخطورة على الجنين والخطورة على الأُم. في ما يتعلق بخطورته على الجنين، فإن كون الأُم مصابة بسكري الحمل يزيد إلى حد ما من إمكانية الإجهاض، كما أن زيادة وزن الجنين الناتجة عن سكري الحمل، تؤدي إلى صعوبة في الولادة، وتجعل احتمال اللجوء إلى الولادة القيصرية، أي أنّ الولادة بشق البطن وارد بشكل أكبر. هذا إضافة إلى أن زيادة السائل الأمنيوسي الموجود حول الجنين قد يؤدي إلى ولادته قبل أوانه. من جهة أخرى، يمكن أن يؤدي سكري الحمل إلى وفاة الجنين في بطن الأُم بسبب التذبذبات والتقلبات المفاجئة والمتكررة في مستوى سكر الدم في جسم الأُم. كما يمكن أن يؤدي سكري الحمل إلى زيادة نسبة الصفار عند الجنين بعد الولادة وإصابته بمرض اليرقان، أو إلى حدوث هبوط مفاجئ لديه بعد الولادة، ما قد يؤدي إلى مضاعفات، أو صعوبة في التنفس لدى المولود. ذلك أنه إذا ولد الصغير قبل الأوان فإنه قد يجد صعوبة في التنفس بشكل عادي، ويحتاج إلى مساعدة أجهزة للتنفس إلى أن تتقوى رئتاه ويتنفس بشكل طبيعي". وتشير بعض الدراسات الطبية التي نُشرت مؤخراً إلى أن احتمال الإصابة بمرض السكري، لاحقاً في حياته، لدى المولود لأُم مصابة بمرض سكري الحمل يرتفع إذا لم تتم السيطرة على سكري الحمل لدى أُمّه، حيث يكون الأطفال المولودون من أمٍّ مصابة بسكري الحمل أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري المعروف من غيرهم، كما يرتفع لديهم احتمال الإصابة بالسمنة. وثبت أيضاً، أنّ الأطفال الذين ولدوا من أم مصابة بسكري الحمل، ولم تتلق الرعاية الطبية المناسبة خلال حملها، قد تظهر لديهم اضطرابات في النمو، مثل التخلف على مستوى تعلُّم الحركة والمشي والقفز، وأنشطة أخرى تتطلب التوازن والتنسيق بين مجموعة من الأعضاء. وعن النوع الثاني من المضاعفات يقول الدكتور نبيل: "وبالنسبة إلى خطورة سكري الحمل على الأُم، فإنّها تكمن في أنّ الحامل التي سبق أن أصيبت بسكري الحمل تصبح معرضة أكثر للإصابة به في حملها المقبل، كما أنها تكون معرضة أكثر مع تقدمها في العمر، إلى احتمال تحوُّل سكري الحمل لديها إلى سكري دائم. إضافة إلى هذا وذاك، يزيد لديها احتمال الولادة بالعملية القيصرية، أو إمكانية حدوث نزيف ما بعد الولادة واحتمال الولادة قبل الأوان". - تغذية ورياضة: وما هي إذن العلاجات المتوافرة لهذا المرض الذي قد يصيب الحوامل؟ جواباً عن هذا السؤال يقول الدكتور نبيل أبوطرطور: "هناك علاجان لا ثالث لهما، إما التغذية السليمة المدروسة، أو اللجوء إلى الأنسولين. وإذا تحدثنا عن التغذية، فإنّ الطبيب يصف للمريضة حمية غذائية مناسبة لحالتها تساعدها على ضبط مستوى السكر، في دمها أربع مرات في اليوم، مرة وهي صائمة ومرة بعد الفطور ومرة بعد الغداء بساعة ومرة بعد العشاء، وهذا بسيط تقوم به المرأة بواسطة آلة صغيرة لقياس مستوى السكر في الدم تباع في الصيدليات. وفي حال فشلت الحمية الغذائية في ضبط مستوى السكر في الدم لدى المريضة الحامل وهي صائمة، في 90 ملليغراماً وبعد الوجبة في 120 ملليغراماً، فإنّه قد يتم اللجوء إلى استخدام الأنسولين للسيطرة على الوضع، وذلك تحت إشراف طبيب متخصص في السكري. في هذه الحالة، تُعطى المريضة الأنسولين مرتين في اليوم، بينما يتم قياس سكر الدم لديها أربع مرات في اليوم، كما يجب أن يشرف طبيب متخصص في السكري على تغيير جرعة الأنسولين لدى المريضة الحامل باستمرار، إلى جانب الطبيب المتخصص في النساء والتوليد المشرف على سير الحمل بشكل عام". وبالنسبة إلى الدكتور نبيل أبوطرطور، فإن أهم نصيحة يمكن أن يقدمها كطبيب لأي مريضة مصابة بسكري الحمل هي: "أوّلاً، ضرورة التحكم في الوزن، لأنّ السمنة أحد أسباب سكري الحمل. ثانياً، ممارسة الرياضة قبل وأثناء الحمل، على أن تكون رياضة خفيفة، مثل المشي ساعة في اليوم أو السباحة. ثالثاً، أن تراقب الحامل تغذيتها، وأن تتبع نظاماً غذائياً وأطعمة تحتوي على بروتين أكثر ودهون أقل، وأن تبتعد تماماً عن السكريات. رابعاً، عدم الاستهتار بنصائح الطبيب، لأنّ الإهمال وعدم الالتزام بتعليمات الطبيب قد يؤديان إلى فقدان الجنين". ولحسن الحظ، فإن علاج مرض سكري الحمل متوافر، ويتكون من عناصر تتنوع بين التغذية السليمة والرياضة، والمراقبة الطبية لمستوى السكر في الدم، أما الأدوية والأنسولين فتبقى الخيار الأخير للعلاج.