بقلم : لحسن أمقران أقدمت رفقة مجموعة من إخواني الفاعلين الجمعويين بتنجداد الكبرى على الاحتجاج في "البهرجان" الخطابي الذي نظمته ما يسمى "شبيبة العدالة والتنمية" بتنجداد، هذه البهرجة التي قيل إنها تضامن مع ساكنة غزة والقضية الفلسطينية، تعمد مهندسوها استفزازنا عبر إشراك شخصين معروفة مواقفهما العدائية تجاه الأمازيغية منذ زمن غير يسير وفي مناسبات عدة. كيف لا وقد سبق لأحدهم أن نكّت على "عرق معين" في إشارة إلى الأمازيغ متهما إياهم بالبخل ليضحك أولي نعمته هناك؟؟ وذاك الذي لا يفوت فرصة للهجوم على الأمازيغ واتهامهم بالطائفية والفتنة والسعي إلى تشتيت وحدة الوطن؟؟؟. تناقشنا – عبر أحد الأصدقاء - مع بعض من المنظمين وشرحنا لهم الموقف قبل المهزلة وسجلنا تحفظنا، وأن قضية فلسطين قضية إنسانية محل إجماع أممي، لا تحتمل المزايدات السياسية ويجب التعامل معها خارج الخندقة العرقية والعقدية، على من يناصر غزة أن يتضامن مع غير غزة إن كان الدافع عقديا بالفعل، فقد شاهدنا ما حل بالمسلمين في إفريقيا الوسطى وقبلها في بورما، ثم في أزواد ووادي ميزاب بالجزائر والعراق وسوريا، فما ردكم ؟؟ نحن مستعدون للتضامن مع فلسطين خارج كل توظيف انتهازي، تضامن قوي ضد الغطرسة العدوانية و إرهاب الجماعات التي تتاجر بها وفق قانون التوازنات الدولية داخليا وخارجيا. نحن مع فلسطين، ونحن قبل ذلك مع وطننا المغرب، يتعين عليكم أن تدركوا أن لوطننا أيضا عليكم حقوقا كثيرة، فمؤشرات التنمية ببلادنا كارثية، والتقارير الدولية تدق ناقوس الخطر فيما يخص القطاعات الاجتماعية والتوقعات الاقتصادية لا تبشر بالخير، تذكروا جيدا أن ثغورا وجزرا مغربية محتلة تنتظر منا تحريرها، وهناك وحدة ترابية تهددها أزلام القومية البائدة، ماذا فعلتم لأجلها؟؟؟ بعد رفعنا لشعارات التنديد كما نبهنا وأشعرنا، تناول أحدهم مسألة التطبيع، وادعى أنه عندما سمعنا التطبيع بدأنا بالصفير، بالله عليك ألا تستحيي من نفسك؟؟ اقطع التهمة بالدليل عوض التجييش والتهييج، هل سبق وزرنا إسرائيل؟؟ هل زارنا إسرائيليون هنا؟؟ هل تلقينا منهم دعما؟؟ هل دعمناهم في شيء؟؟ لسنا نقول هذا لإرضائك أنت ومن معك، إنها اختيارات وقناعات شخصية، ولن نقبل بتوجيه بوصلة مواقفنا ومبادئنا خدمة لأجندات وضيعة، تأكدوا أن عصر الوصاية باسم المقدس المشترك قد ولّى، فخصومنا في الأرض ولا خصم لنا في السماء، اسأل نفسك متى ارتفع حجم المبادلات مع اسرائيل ليفوق 53 مليون دولار خلال سنة 2013 ؟؟ أليس بعد تولي حزبكم شؤون المغاربة؟؟ نوّرنا أيها المتضامن مع غزة الأبية، أين وصلتم بمشروع قانون تجريم التطبيع وماذا فعلتم به؟؟ اسأل نفسك من استقبل "عوفير برانشتاين" الإسرائيلي مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "إسحاق رابين" في إحدى مؤتمراته، أليس ذات الحزب؟؟ في معرض حديث من تحدث بعدك عن المطبعين الحقيقيين، أتحدى المرصد النكرة الذي تصفقون لأهله للغاية المعلومة أن يكشف عن أسماء 1900 مغربي زاروا إسرائيل من يناير إلى أكتوبر 2013، لقد كان على المرصد ألا يخوض في أمور يعرف ذووه أنها تتجاوزهم، وهذه دعوة أخرى بنكهة التحدي إليهم عبركم لفضح المستور وتنوير الشعب المغربي. من جهة أخرى، لقد كان حريا بمن يسير تنجداد ويمثلها بين نواب الأمة - والذي قدم مكرا بصفته البرلمانية دون الإشارة إلى كونه رئيس بلدية تنجداد - ومن معه أن يفتح عينيه ولو لمرة ليرى ما تعيشه مدينة تنجداد من مشاكل، فلا بنية تحتية ولا خدمات اجتماعية ولا أمل يلوح في الأفق، كان على من انتخبهم الناس بالأمس واستأمنوهم على شؤون بلدتهم أن يلوموا أنفسهم على حصيلتهم ويعيدوا ترتيب أوراقهم بدل توزيع الاتهامات الباطلة والمجانية بالتطبيع والتصهين، وكان عليه ومن معه أن يتذمروا من العدد الضئيل للحاضرين الذين تشكلت أغلبيتهم من أقرباء اللجنة المنظمة. كان عليكم أن تلتزموا – كما كتب أحد المتدخلين على موقع اجتماعي- بما جعلناهم خليفتنا فيه، و هي المطالبة بتنزيل تنمية حقيقية لتنجداد بقصورها و شوارعها، بدل أن تستروا عورة فشلكم بأشلاء الأبرياء. نتمنى أن تكون لديكم الشجاعة نفسها وأن تنظموا مهرجانا خطابيا حقيقيا في المكان عينه بالشخوص أنفسهم لتقدموا حصيلة ولايتكم وإذاك سنقر بمصداقية "خطابكم" وسنعرف من سيُطالَب بالرحيل. أحد منشطي البهرجة يريدنا أن نخرج من تنجداد... وآخر ادعى أنه تم طرد "المشوشين"... وثالث اختلطت عليه فلسطين بأراضي الجموع... وآخر يتحدى الأمازيغ... على من تضحكون يا سادة، نحن انسحبنا بعد أن أوصلنا الرسالة إليكم والى ضيفيكم، بعد أن وضحنا للحضور موقفنا وفضحنا ما يحاك ضدهم في حملات سابقة للأوان، حضور لم نركب عربة للمناداة عليه على طول افركلة، ولا دققنا أبواب بيوتهم ل"تحزارهم" ودعوتهم الى "المظاهرة" كما فعلتم. العدد القليل من الجمهور الذي حضر لم يحضر عشقا لكم، بل استغللتم فرصة مهرجان تنجداد حيث اعتاد الجمهور أن يحضر أمسياته الفنية التي تنظم في ذلك الوقت لكي يرفّه عن نفسه، وقد راهنتم على هذا المعطى ولكنكم فشلتم لأنه ما إن أدرك الحيلة حتى بدأ ينسحب فردا تلو الآخر، أما الأغلبية الكبرى فقد جلبها صفيرنا ثم ما لبثت أن التفت حولنا دون سابق إنذار ولا جولان في الشارع ولا أبواق مولين لكم الظهر. وقد قوبلت تدخلاتنا بالتصفيق الحار دون أن نطلب منهم ذلك عكسكم الذين طلبتم م الجمهور أن يزغرد لكلامكم وكاننا في عرس وليس في مهرجان تضامني على حد تعبيركم. أما من بقي معكم فقد كانت جموع أسركم ومريديكم وأبناؤكم. وبعد إيصال الرسالة واضحة غير ملتبسة، انسحبنا من المكان لكي تدركوا حجمكم الحقيقي فقد غادر عدد كبير من الجمهور الملتف حولنا المكان بعيد انسحابنا، أما كلامكم عنا فقد ذهب جفاء. السؤال الذي يحق للمواطن التنجدادي طرحه في شقين هو: من الذي اكترى المنصة، هل أنتم، شبيبة العدالة والتنمية؟ أم شبكة الجمعيات المنظمة لمهرجان تنجداد والذي بدت فيه يد العدالة والتنمية بادية للعيان؟ لماذا نظم المهرجان الخطابي مباشرة بعد انقضاء مهرجان تنجداد؟ أما بخصوص عبارة "المهرجان الخطابي التضامني كان ناجحا بكل المقاييس" فقد كنا متيقنين تمام التيقن أنها مصاغة حتى قبل التفكير في تنظيمه حتى وإن كان الفشل عنوانه العريض كما هي نسب نجاح العديد من رؤساء العديد من الدول المشرقية . تأكدوا أن عددا من الفعاليات المجتمعية راقتهم الخطوة التي قمنا بنا وإن لم يتجرؤوا عليكم لفعلها، وشدوا على أيدينا بحرارة، وأن الأمر لا يعدو ان يتعلق بالحركة الأمازيغية بل بشريحة هامة من المواطنين المغلوبين على أمرهم، وقد عبرنا عما يختلج في مراجل صدورهم. لقد كنا على قلتنا صرخة ارتدت لها طبلات آذانكم الصماء، كنا قلة لكننا بلبلنا بهرجانكم البروباكندي، كنا قلة لكننا أثرنا الأتربة من تحت أرجلك، كنا قلة لكننا كشفنا واكتشفنا أقنعة العديد منكم، كنا قلة لكن الغلبة كانت لنا والنجاح كان حليفنا، ولو كنا ندرك أنكم ستصرحون بما قلتم لأبقينا على الشكل النضالي كما كان هو مرسوم وسترون أفواجا عديدة آتية من كل الربوع لتسمعكم صرخة الحق، ولكنكم عبر رسائلكم الخاصة رجوتم منا ألا ننغص عليكم "مهزلتكم" بعد ما وصلتكم رسالتنا، وأن تحجّج ضيفيكما بالمرض والالتزام ما هو إلا ذريعة، وأن غايتنا تحققت فقد عرفوا أنه غير مرحب بهما على أرض تنجداد، والتحدي قائم في حال تكرار استدعائهما. السؤال الأكثر إلحاحا هو لماذا لم تنسقوا مع باقي أطياف المجتمع التنجدادي لتنظيم شكل تضامني مع أهل غزة؟ أم أنكم تريدون السبق والريادة والاستفراد؟ هل الأحزاب الأخرى كافرة ومطبعة مع الكيان الإسرائيلي أم أن الأحزاب والجمعيات المدنية سيعمل كل منها على حدة على تنظيم وقفات ومهرجانات تضامنية "تأسيا بكم حتى لا تنعت بالكافرة أو المتخاذلة أو المطبّعة؟ أليس في الأمر مزايدة سياسية؟ أليس هذا استغلالا حربائيا وتوظيفا سياسويا ضيقا لمسألة إنسانية؟ أم سنستمر في ترديد أن حزب العدالة والتنمية هو الحزب الإسلامي الوحيد بالمغرب، فما هي هوية الأحزاب الأخرى؟؟ كنت أتمنى من السلطات أن تمنع هذا النشاط لأنها مدركة جيدا لمآربكم لكنها توجست من أن توصف أيضا بالمطبّعة ذلك أن هذه التهمة جاهزة لديكم توزعونها ذات اليمين وذات الشمال. ادعيتم أننا لا نمثل الأمازيغية، وأننا نزايد بها عليكم، وأننا شر خلف لخير سلف من الأمازيغ السابقين الذين تستشهدون بهم لأنهم تنكروا لهويتهم وخدموا أجندات أسيادكم المشارقة، ادعيتم أنكم لستم ضد الأمازيغية، لكننا نقول لكم بالله عليكم ماذا قدمتم لها؟ ماذا أبدعتم بها؟ ماذا تعرفون عن قواعدها وخصوصياتها اللغوية؟ ماذا درستم حولها من علوم؟ ماذا نظمتم بخصوصها من محاضرات وندوات؟ ألم يكن البهرجان الخطابي بأكمله باللغة العربية الفصحى؟ ألم يتم استهلاله بأغنية "الصوت والدم العربيين"؟ ألم تلق مداخلاتكم بالعربية مع أنكم تعلمون تمام العلم أن الأغلبية الساحقة من التنجداديين لا يتقنون سوى اللغة الأمازيغية، السبب واضح وهو أنكم لا تريدون أن يفهم الناس ما تقولونه لأنه سيستشف ما تنفثونه من سموم القومية العربية التي لهج بها لسان رئيس البلدية الذي كرر عبارة "الأمة العربية" وكلمات من هذا القبيل مرات ومرات دون أن يخجل من إيديولوجيته المقيتة. حتى في الوقت الذي فكرتم فيه في سحب البساط من تحت أقدامنا وادعاء دفاعكم عن الأمازيغية، استدعيتم "شاعرا" قدمتموه على أساس أنه شاعر أمازيغي قح أبيّ قضى مسيرته الشعرية في الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكن بدل أن يسمعنا غيضا من شعره "الأمازيغي" استنجد بشعر شاعر أمازيغي كبير - رحمة الله عليه - تفتخر به المنطقة وهو من خيرة شعراء فركلة حتى ينطبق عليه الوصف الذي قدمه به المقدم، وما أن انتهى من تلك الأبيات التي حفظها حتى ألقى قصيدتين باللغة العربية الفصحى ليؤكد للجمهور بما لا يدع مجالا للشك أنه شاعر أمازيغي بحق، "والفاهم افهم". تأسفت كثيرا وسعدت أكثر لأن أمورا كثيرة توضحت، وأختم برسالة أخيرة إلى كل مهندسي ومريدي البهرجان الاستفزازي، تأكدوا أني لن أرد عليكم بالسب والشتم والكلام الساقط كما تفعلون، لن أوظف اسما مستعارا ولست في حاجة الى فعل ذلك، ليس احتراما لكم أو مهابة أحد منكم ولكن احتراما لمبادئي التي تمنعني من ارتكاب مثل هذه الحماقات والتصرفات المشينة. انتهى الكلام.