أرجأت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمراكش، أول أمس الخميس، النظر في قضية نائب عمدة مراكش، البرلماني الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، ورئيس بلدية جليز المنارة سابقا، و7 مستشارين جماعيين، ضمنهم نائبين حاليين لعمدة مراكش، وكاتب المجلس الجماعي، وثلاث مقاولين، إلى يوم الخميس المقبل، لإحضار المقاول عبد الغني المتسلي الذي غاب عن الجلسة رغم توصله بالاستدعاء عن طريق القوة العمومية. وتزامنت المحاكمة مع وقفة احتجاجية، نظمتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أمام محكمة الاستئناف، أشاد من خلالها محمد طارق السباعي رئيس الهيئة، الذي كان مرفقا بأعضاء المكتب الإداري، بالقضاء الواقف والجالس بمدينة مراكش، لكونه استطاع ان يواصل مساءلته لناهبي المال العام والمتهمين بتبديره ، معبرا عن تفاؤله بان تتخذ العدالة مجراها.
والتمس ممثل النيابة العامة خلال مرافعته، باعتقال أبدوح ومن معه، ومنعه من مغادرة التراب الوطني، ومصادرة ممتلكاتهم، وتجريدهم من مجموعة من الحقوق كالترشيح للانتخابات.
وتصدت النيابة العامة لادعاءات عبد اللطيف أبدوح من كون تفويت كازينو السعدي جاء باقتراح من محمد حصاد وزير الداخلية الذي كان حينها واليا على مراكش، إذ أكد أن الميثاق الجماعي لا يلزم المجلس بالتقيد بما يرد عليه من سلطة الوصاية، وحتى إن رغبت الأخيرة في تفويت هذا العقار، فإن المجلس بإمكانه الرفض، كما بإمكانه التفويت بملغ مالي معقول، بدل 600 درهم للمتر المربع، علما أن تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية كشفت أن قيمة المتر المربع بالمنطقة السياحية التي يوجد بها كازينو السعدي تتجاوز 20 ألف درهم للمتر المربع، يقول ممثل النيابة العامة، مضيفا أن المبلغ الإجمالي لتفويت الكازينو أقل بكثير من الرسوم السنوية التي يدفع الكازينو للمجلس البلدي.
واستغرب ممثل النيابة العامة كيف تم التفريط في عقارات الجماعة، وتفويتها بأثمنة هزيلة، معتبرا أن هناك دوافع أخرى وراء مثل هذه التفويتات التي فوتت على المدينة عدة مليارات. وأوضح ممثل النيابة العامة أن موقف الرئيس السابق يحسب له، لأننا أمام مؤسستين، مؤسسة السلطة ومؤسسة المجلس الجماعي، ولكي نصل إلى المقارنة تساءل ممثل النيابة العامة، عن اية السلطتين أقوى، هل سلطة الوالي او العامل المستمدة من التعيين، أم سلطة الجماعة المستمدة قوتها من الشعب.
من جهته حاول الدفاع أن يعطي للمحاكمة صبغة سياسية، وتساءل لماذا تم اتهام عبد اللطيف أبدوح وبعض من المستشارين، ولم يتم إحضار جميع المستشارين.
واعتبر محامو ابدوح أن الأخير كان له الفضل في تحقيق مجموعة من المشاريع لمدينة مراكش، وكانت بداية لانتعاشة حقيقية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ستحضى في ما بعد إلى جانب مدينة فاس بالتنويه الملكي.
وأضافوا أن المعني بالاعتقال هم الوزراء الذين أشروا على بيع الكازينو، داعين هيئة المحكمة إلى عدم الأخذ بالشريط الذي يتضمن تسجيلات لأعضاء يتداولون فيه مع أبدوح حول نصيبهم من غنيمة فندق السعدي ، مؤكدين ان الشريط مفبرك ولا أساس له من الصحة، وصور خلسة ولا يجب الأخذ به امتثالا لقوله تعالى: " ولا تجسسوا، ولا يغتب بعضكم بعضا ".
ويتابع الرئيس السابق لبلدية جيليز المنارة، طبقا لفصول المتابعة والدعوى العمومية، رفقة سبعة مستشارين جماعيين وثلاث مقاولين، بتهم "الرشوة، استغلال النفوذ، تبديد أموال عامة، التزوير في وثائق ومحررات رسمية واستعمالها والمشاركة في كل ذلك".
وكان يوسف الزيتوني قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بمراكش، أحال قضية كازينو السعدي، على الوكيل العام للملك بذات المحكمة، بعد نهاية التحقيقات التفصيلية التي باشرها مع الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح الرئيس السابق لبلدية المنارة جليز، و12 شخصا، ضمنهم زوجته التي حصلت في ظروف غامضة على بقعة أرضية، شيدت فوقها حماما وشقتين، بحي المسيرة، وثلاث مقاولين، و7 مستشارين جماعيين. واستمع القاضي يوسف الزيتوني، إلى عدد من المستشارين الجماعيين الحاليين والسابقين، من ضمنهم نواب فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش، مسجلة أصواتهم في شريط صوتي، يتداولون مع عبد اللطيف أبدوح رئيس بلدية المنارة السابق، طريقة توزيع الأموال قبل التصويت على قرار تفويت كازينو السعدي، قبل أن يقرر إغلاق الحدود في وجههم مع سحب جواز سفرهم ووضعهم تحت المراقبة القضائية.
وسبق للهيئة الوطنية لحماية المال العام فرع مراكش، أن تقدمت بشكاية إلى الوكيل العام للملك، بخصوص ماوصفته الشكاية باختلاس وتبديد أموال عمومية والارتشاء والاغتناء على حساب المال العام، تتهم من خلالها الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح، بتلقي رشوة بقيمة ثلاثة ملايير سنتيم، بهدف تفويت كازينو السعدي إلى إحدى الشركات السياحية. وتعود تفاصيل القضية، إلى الفترة التي كان يرأس فيها الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح المكتب المسير لبلدية المنارة-جليز (1997-2003)، إذ جرى تفويت الكازينو المذكور، بمبلغ لا يتعدى 600 درهم للمتر المربع دون احتساب البنايات والتجهيزات في منطقة يتجاوز فيها ثمن المتر المربع الواحد 20 ألف درهم في أرض عارية.