مراقبة السلوك والأخلاق مهمة الداعية قبل أن تكون مهمة المدعو.. إذا أردت أن تعلم قيمة ما تتشدق به على المنابر أو مع من ولاك الله رعايتهم، أو مع من حولك ممن تصادفهم في دروب الحياة، وأن تتأكد من أنك فعلا نتاج لتربية سليمة، ولمنهج قويم، وبأنك نعم المطبق لما تنظِّر له، فاختبر نفسك: عند تطاول الناس عليك عند تسلط ظالم عليك حينما يعدك أحدهم ويخلف حينما يقابَل إحسانك بالإساءة حينما يجافيك أقرب الناس حينما يخذلك من لم تتوقع خذلانه لك حينما تخطئ في حق أحد بقصد أو من غير قصد عندما تتكالب عليك المدلهمات فإن أنت صفحت أو رددت من غير تعد ولم تقابل ظلما بظلم وأحسنت الظن بأخيك الذي أخلف وعده، وتبينت منه قبل أن تتهمه وتخرجه من زمرة الصالحين واستشعرت أن إحسانك كان لله وبأن الإساءة امتحان وسرحت سراحا جميلا من جافاك دون إيذاء ولم تقابل الخذلان بالخذلان، فهجرت الهجر الجميل واعتذرت بالشكل الذي يطيب خاطر من أخطأت في حقه، وأعدت له اعتباره أمام الملأ كما قدحت فيه أمامهم واعترفت، من غير لف ولا دوران بخطئك في حقه. وسارعت إلى إعادة ترتيب أوراقك أمام ما ترميه الحياة في دروبك، دون أن تمس بالحقوق أو ينعكس ذلك على من حولك فتهضمهم حقوقهم. حينها وحينها فقط، تحدث عن الأخلاق.. وأما دون ذلك، فما أنت يا مسكين إلا كعجل بني إسرائيل، ريح قد عوت في جسم صمد فحسبه الناس خوارا..