هوية بريس- متابعة قال محمد زويتن، الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن فاتح ماي لهذه السنة، يأتي في سياق اجتماعي متأزم تعيشه البلاد، في ظل ارتفاع موجة غلاء الأسعار وتمددها، بشكل غير مسبوق، سواء في أسعار المحروقات أو في جل المنتجات والخدمات الأساسية المرتبطة بالمعيش اليومي للمغاربة. وأكد زويتن في كلمة له خلال احتفالية فاتح ماي بالدار البيضاء، أن هذه الوضعية أثرت بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين، وخلقت موجات متصاعدة من الغضب الشعبي، في ظل عجز ومبررات حكومية غير مقنعة، خاصة مع غياب أي إجراءات حمائية للسوق الوطني. وأردف، "خصوصا في ظل عدم الشروع في تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول شبهات استيراد وتصدير النفط الروسي، وعدم اكتراثها لتوصيات مجلس المنافسة بخصوص شركات المحروقات، أو من خلال عدم اتخاذها لبرامج استعجالية لمواكبة ودعم الفئات الاجتماعية المتضررة والهشة، مما أحدث شعورا لدى الوعي العام الجماعي بعجز الحكومة وتخليها عن مسؤولياتها الاجتماعية". وشدد زويتن على وعي نقابته بحجم الصعوبات والتحديات والإكراهات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تداعيات ومخلفات الأزمات الدولية، في مقابل استهجانها لموقف الحكومة السلبي، فالظرفية كانت تقتضي مبدئيا مقاربة تشاركية للانخراط الجماعي في معالجة آثارها الاجتماعية والاقتصادية. لكن، يستدرك المتحدث ذاته، لامسنا ضعف مقاربة الحكومة الحالية للمسألة الاجتماعية، والتي قد تزيدها تعقيدا في ظل الصعوبات والإكراهات البنيوية الموروثة في النسيج الاقتصاد الوطني، إضافة إلى انعدام الكفاءة الحكومية في التعامل مع ظرفية اقتصادية ومالية دولية، سمتها الكلفة المتزايدة للمواد النفطية والسلع الأساسية المستوردة، مما يزيد العبء على الميزانية العامة. وأضاف، في مقابل تردد هذه الحكومة، وبروز غياب رؤية لديها في التعاطي مع موجة غلاء الأسعار بالجرأة والاستباقية اللازمة لحماية السوق الوطنية، والقدرة الشرائية للمغاربة التي انهارت بشكل مريع، ناهيك عن اعتماد هذه الحكومة لمقاربة انتقائية في تنزيل ورش منظومة الحماية الاجتماعية ومحدودية مخرجات جولات الحوار الاجتماعي والقطاعي، الشيء الذي قد يؤثر على تصحيح الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة ولعموم المغاربة. واسترسل، لعل أرقام ومؤشرات الكثير من المؤسسات الوطنية والدولية، تعكس مدى صعوبة الوضع الاجتماعي الذي تعيشه بلادنا حاليا، حيث أشارت إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط في ذروة جائحة "كورونا"، إلى تضاعف معدل الفقر 7 مرات على الصعيد الوطني، في سياق الأزمة الصحية، كما تفاقمت مستويات التضخم بشكل غير مسبوق، لتتعدى حاجز 20% بالنسبة للمواد الغذائية. وأضاف زويتن، في مقابل انعدام أي مقاربة حقيقية للحفاظ على التوازن والسلم الاجتماعي، في سياق تداعيات الجفاف واستمرار مخلفات جائحة كورونا، وما أحدثته الحرب الروسية على أوكرانيا من انعكاسات خطيرة على الأمن والاقتصاد العالمي، وهو الوضع الذي فشلت الحكومة في التعامل معه والارتقاء إلى معالجة التحديات والإشكالات التي أفرزها هذا الواقع، ورغم ما تروجه الحكومة من مخرجات للحوار الاجتماعي وإجراءات اجتماعية لا تغير من حدة الأزمة الاجتماعية الموسومة بارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية. وقال زويتن، إن المعطيات تؤكد أيضا بروز المؤشرات المتضمنة في البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، الذي صدر عن نفس المؤسسة (المندوبية السامية للتخطيط) في أكتوبر 2022، أن ثقة الأسر تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ 2008، وأن قدرتها على الادخار سجلت مؤشرا سلبيا يتجاوز 37,7 نقطة، وأن مؤشر البطالة استقر في مستوى سلبي بلغ ناقص 81,1 نقطة، بالإضافة إلى تدهور الوضع المالي للأسر، حيث إن 52% من مداخيلها بالكاد تغطي مصاريفها، أي انتفاء أي ادخار للمستقبل. في المقابل، يضيف زويتن، فإن 45,4% من الأسر استنزفت مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض وإثقال كاهلها بالديون، وبالكاد استطاعت 2,6% من الأسر ادخار جزء من مداخيلها، مما يعني فقدان مرتكزات العيش الكريم والحياة الكريمة، ولعل مؤشر قدرة الأسر على اقتناء سلع مستديمة، وتصريح 99,2% منهم بارتفاع الأسعار، خير دليل على وضع اجتماعي يزداد تعقيدا. ودعا الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على لسان أمينه العام، الحكومة إلى ضرورة إرساء معالم رهان الدولة الاجتماعية كما وعدت بذلك انتخابيا وفي تصريحها الحكومي، قصد تحقيق تنمية مندمجة ومنصفة وقادرة على الصمود، لضمان الكرامة للأجير ولعموم المواطنين، وتوفير الدخل المحترم وفرص الشغل الكافية خاصة للنساء والشباب والمساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية ومن التفاوتات المجالية، في أفق تحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي. (حزب العدالة والتنمية)