بعدما أنهك غلاء أسعار المواد الغذائية، من فواكه وخضروات وأسماك وغيرها جيوب المواطنين البسطاء، في شهر رمضان الكريم، بدأت العديد من الأسر شراء ملابس العيد لأطفالها الصغار، استعدادا لإستقبال عيد الفطر المبارك، الذي لا تفصلنا عنه سوى 15 يوما، غير أن اللافت في هذه الأيام، أن أثمنة ملابس الأطفال قفزت لتصل مستويات قياسية، وتهدد بذلك القدرة الشرائية للمواطنين التي أصبحت في مهب الريح. بجولة صغيرة في إحدى "القيساريات" بمدينة الدارالبيضاء، تترآى لك مشاهد الإزدحام أمام المحلات التجارية التي تغري المواطنين، بألوان وأشكال الثياب المتراصة بعناية فائقة، لكن لهيب الغلاء لا يفارقها. فأسعار ملابس الصغار التي كانت تتراوح ما بين 150 درهم و200 درهم في هذه المحلات، قفزت إلى 350 و500 درهم وهو ما أثار الصدمة في نفوس عدد من المواطنين، الذين تلمس في نظراتهم الحسرة والألم، وعدم قدرتهم على كسر فرحة أبنائهم بقدوم العيد. فالعائلات تدخل هذه الأيام في رحلة البحث عن "كسوة" العيد ، تنتقل من محل لآخر، لعلها تجد أثمان ملابس تناسب قدرتها الشرائية ، لكنها اصطدمت بلهيب الأسعار حارق حتى بالأسواق والمحلات التي تتواجد بالأحياء الشعبية. وفي الوقت الذي تجد فيه مجموعة من المواطنين يفضلون شراء ثياب الأطفال من الأسواق الشعبية، ولسان حالهم يقول " ما بيد حيلة " . تجد فئة أخرى اختارت الصبر مع الصمت حتى تجد ما يناسبها في آواخر الشهر الفضيل، ويحدوها الأمل في انطفاء هذا اللهيب الحارق للأسعار. الغلاء "الفاحش" في ظل هذا الغلاء "الفاحش" الذي يكتوي به المواطن هذه الأيام سواء تعلق الأمر بأسعار المواد الغذائية أو غلاء أسعار ملابس الأطفال، تحركت هيئات المجتمع المدني ، لتحذير الحكومة من الوضع الذي لا يحتمل الصمت. الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أعربت عن قلقها حول الزيادات المضطردة والمتتالية في الأسعار التي تعلق على "شماعة" المحروقات مشيرة إلى أن هذه الزيادات أصبحت شبه أسبوعية دون مراعاة لتداعياتها الاجتماعية. بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أوضح في تصريح لموقع "الدار"، أنهم يحملون ما يقع حاليا من فوضى في مجال الأسعار، للحكومة الحالية، التي أساءت حسب تعبيره إدارة الأزمة. وأشار أن أهم عناصر إدارة الأزمة هو التواصل مع المواطنين، والبحث عن حلول بديلة، مشيرا أنهم كمجتمع مدني قدموا مقترحات في بداية الأزمة وبالضبط في شهر يناير الماضي، وأوضحوا أن الحل هو تخفيض الضرائب على المحروقات، للحد من آثار ارتفاع أسعار هذه المواد على المستهلكين. ولكن للأسف يضيف الخراطي لم يتم التعامل بإيجابية مع تلك المقترحات وهو ما سيؤدي إلى إنهاك جيوب المواطنين خلال هذه الأيام والأيام المقبلة، وقد يؤدي الأمر حسب المتحدث إلى ركود اقتصادي، لعدم مقدرة غالبية الأسر على مواكبة الزيادات المتتالية في أسعار جميع المواد الإستهلاكية. ودعا رئيس الجامعة الحكومة إلى إيجاد حلول مستعجلة تروم الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين و تحقيق السلم الاجتماعي، إلى جانب مراجعة الدعم المباشر لأرباب ومهنيي النقل وتوجيهه بما يخدم بشكل مباشر صون القدرة الشرائية للمستهلك، مؤكدة على ضرورة مراجعة قانون المالية فيما يخص تخفيض نسبة الضريبة التي لها علاقة بالزيادة في المحروقات والمواد الأساسية محلات تركية تنافس بقوة بسبب موجة الغلاء ، يبحث عدد المواطنين عن محلات تبيع ملابس الأطفال بأثمنة مناسبة، بمحل يطل على شارع من شوارع الدارالبيضاء الكبرى ، فتح أبوابه مند قرابة السنتين في وجه المواطنين، وهو واحد من سلسلة محلات تحمل نفس التسمية، في عدد من المدن المغربية ، يعرض ملابس للأطفال، إناث وذكور و بأسعار مناسبة . المحل وبحسب ما عاين موقع "الدار" يلقى إقبالا في عز الأزمة، وذلك بسبب سلسلة التخفيضات في الملابس والأحذية، عدد كبير من المواطنين اختاروا وناسقوا الألوان لإدخال البهجة في قلوب أطفالهم إلى درجة نفاد بعض المنتجات. المحل وبحسب من تحدثنا معهم يعرض منتوجات جيدة بأثمنة معقولة، تتراوح بين 99 درهم و180 درهم من سراويل وتنورات وفساتين وأحذية… أحد الباعة أكد أن السلع من نوعية جيدة، ومستوردة من تركيا، وأنهم خلال هذه الفترة يعرفون اقبالا كبيرا على ملابس الكبار والصغار، موضحا أن انتشار هذه المحلات سيعزز التنافسية وسيفتح المجال أمام المواطنين لإختيار ما يتلاءم مع ظروفهم المادية. الأسر المغربية بين مطرقة الشراء وسندان الغلاء أمام لهيب الأسعار وجشع عدد من تجار المحلات، تبقى الأسر المغربية بين مطرقة الشراء وسندان الغلاء، فبعض التجار بحسب ما تم التصريح به يستغلون هذه المناسبات، لزيادة أرباحهم على حساب جيوب العائلات المتوسطة الدخل، التي أرهقها خلال هذا الشهر ، غلاء الخضر و الأسماك والفواكه، والزيت …. مجموعة من الأمهات تذمرن من موجة الغلاء ، ومن الوضع الذي آلت إليه الأسعار واشتكين من صعوبة تلبية طلبات الأطفال الصغار، الذين ينبهرون بالألوان والأشكال ويصعب إقناعهم بالغلاء الحاصل لظروف اقتصادية وطنية وعالمية . وأكدت الأمهات أنه كلما زاد عمر الطفل زاد سعر البذلة ، دون الحديث عن جودة أو رداءة ما سيتم اقتناءه مستعينات بالمثل المغربي " زيد الماء زيد الدقيق". من جهته أوضح عبد الكريم الشافعي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بأكادير الكبير، أن موجة الغلاء هي عامة ولا تقتصر على مدينة بعينها، موضحا في تصريح لموقع "الدار" أنهم في الجمعية يقومون بحملات في جميع المدن وجميع الأسواق، للتحسيس والتوعية، موضحا أن أسباب الغلاء "الفاحش" راجعة إلى الوسطاء أو السماسرة الذي يغتنون على حساب الإضرار بالمستهلكين. وطالب المتحدث الحكومة بالإنصات لهموم الشعب، وتحقيق المواطنة والتجاوب مع مطالب الجمعيات بدل سياسة الصمت الحالية. هذا الواقع الذي تعيشه الأسر المغربية اليوم، أكدته، نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط، التي كشفت أن مستوى ثقة الأسر، عرف خلال الفصل الأول من السنة الجارية تدهورا حادا، حيث سجل رصيد هذا المؤشر أدنى مستوى له منذ انطلاق البحث سنة 2008. وانتقل مؤشر ثقة الأسر، حسب البحث، إلى 53,7 نقطة، عوض 61,2نقطة المسجلة خلال الفصل السابق، و68,3 نقطة المسجلة خلال الفصل الأول من السنة الماضية. ويرجع تدهور مؤشر ثقة الأسر خلال هذا الفصل إلى تراجع جميع المؤشرات المكونة له، سواء مقارنة مع الفصل السابق أو مع نفس الفصل من السنة الماضية. و بلغ معدل الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة 75,6%، فيما اعتبرت 15,7% منها استقراره و8,7% تحسنه، ليستقر رصيد هذا المؤشر في مستوى سلبي بلغ ناقص 66,9 نقطة، مسجلا بذلك تدهورا كبيرا. وتتوقع 39,1 % من الأسر المغربية استمرار تدهور الوضع المعيشي، و43,3 % تتوقع استقراره، في حين لا تتجاوز نسبة الأسر التي ترجح تحسن الوضع 17,6 % وأشارت مندوبية التخطيط إلى أن 56,9% من الأسر المغربية صرحت بتدهور وضعيتها المالية، وحوالي النصف، صرحت أن مداخيلها تغطي مصاريفها فيما استنزفت نصف مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض، ولا يتجاوز معدل الأسر التي تمكنت من ادخار جزء من مداخيلها 4,1 %. أما بخصوص تصور الأسر لتطور وضعيتها المالية خلال 12 شهرا المقبلة، فتتوقع 24,9% منها تحسنها مقابل 16,6% التي تنتظر تدهورها، و 58,5% التي تتوقع استقرارها. ورصد البحث توقعات أكثر تشاؤما بخصوص قدرة الأسر على الادخار، حيث صرحت 86,1% من الأسر بعدم قدرتها على ذلك. الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، سبق وأوضح بأن الأسعار سترتفع وفق الأحداث الدولية. وأوضح بايتاس، في ندوة صحافية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، أن "الحكومة تمتلك تصورا لحل مشكل الأسعار لكن على مستوى التطبيق سيتطلب بعض الوقت"، مضيفا أن ذلك يتطلب إعداد سياسات عمومية وتمويلات جديدة لمواجهة الغلاء بالموازاة مع تنفيذ البرنامج الحكومي من إصلاحات للقطاعات الاجتماعية.