هوية بريس – الأحد 25 أكتوبر 2015 استطاع اليهود السيطرة على الغرب من خلال السيطرة على وسائل الإعلام، الشيء الذي مَكَّنهم من (الاستيلاء) على العقل الغربي، فأضحى الجميع يحرص على محاباة اليهود والتودد إليهم والركوع تحت أعتابهم، إلى حد جعل دعم (دولة "إسرائيل") أحد أبرز وأهم معالم البرنامج الانتخابي لرئيس أمريكا ليضمن النجاح والظفر بكرسي الرئاسة والدخول إلى البيت الأبيض. لكن، هل استطاع اليهود صهينة العقل العربي كما استطاعوا تهويد وصهينة العقل الغربي..؟! وهل استطاع اليهود اختراق عقول بعض مثقفي ومفكري العرب كما فعلوا مع الغرب..؟! نعم! طفق بعض (المثقفين) و(المفكرين) و(الإعلاميين) العرب يلوذون بالدعوة إلى التطبيع، وذلك من اجل البروز تحت الأضواء، فصار هؤلاء (التقدميون) يتحدثون بالنيابة عن اليهود والدفاع عن حقوقهم، ونصبوا أنفسهم حراسا عن الحق اليهودي المزعوم وحماة (لدولة "إسرائيل"). ولا نجازف بالقول إذا قلنا: إن البعض منهم قد تصهين ربما أكثر من بعض الصهاينة! فقد رأينا كيف أن بعض الإعلاميين العرب بأصواتهم النشاز باركوا عمليات الاستيطان على الراضي الفلسطينية المغتصبة وبحثوا عن مسوغات لجرائم الصهاينة ضد الفلسطينيين. ومن هؤلاء الذين صُنِّفوا في قائمة "كتاب الصهيونية في العالم العربي"، نجد الكاتب الكويتي عبد الله الهدلق الذي يدافع بشراسة عن حق إسرائيل في فلسطين مستشهدا لذلك بالآية 21 من سورة المائدة. ففي عام 2006 كتب مقالة معنونة ب"يا ليتني كنت جنديا إسرائيليا" ونُشرت مقتبسة في موقع التواصل التابع لوزارة الخارجية "الإسرائيلية"، وفي خضم الاجتياح الصهيوني لغزة كتب مقالا قاسيا جدا في ألفاظه، سماه "جزاء قيادات الغدر والخيانة" ونُشِر أيضا مقتبسا من جريدة الوطن الكويتية في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية. وصرح هذا الرجل أنه (مستعد لأن يكتب أقسى من ذلك المقال إذا سمحت الظروف). الهدلق قلب المعايير في مقالاته فقد جعل من الجلاد ضحية والضحية جلادا، وهاجم الشعب الفلسطيني الذي سُرقت أرضه وذبحت ذريته وانتهك عرضه، متهما إياه بالإرهاب والإجرام. فبعد الهَبَّة الشعبية الأخيرة وطعن الإسرائيليين بالسكاكين، أطل علينا (الكاتب) بهَدْلقة من هَدْلَقاته عبر جريدة الوطن الكويتية، بتاريخ 18اكتوبر2015، معلنا حبه وانتصاره لإسرائيل. ولكي لا نزايد على (الرجل) يستحسن أن نورد المقال كما نُشِر لتبيان الحقد الدفين في قلب هذا النكرة وتحريضه على قتل الفلسطينيين والانتقام منهم مهما كانت أعمارهم أطفالا أو شبابا أو إناثا. عنوان المقال: "إرهابُ السكاكينِ وحقُ إسرائيلَ المشروعُ في الدِّفاعِ عن النَّفسِ" (صحيفة الوطن). (يجب على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التحريض على الكراهية كما أنه يجب عليه إدانة الهجمات التي تستهدف إسرائيليين وذلك بعد تفاقم حالات الطعن ضد إسرائيليين في القدس وغيرها من المدن الإسرائيلية وكما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن "إرهاب السكاكين الفلسطيني لن يهزم إسرائيل… أنه من حق إسرائيل "الدفاع عن النفس وقتل الإرهابيين الفلسطينيين مهما كانت أعمارهم، أطفالًا وشبابًا ذكورًا وإناثًا.. إن مما يحير العقول أن يصمت المجتمع الدولي صمت الأموات عن جرائم الفلسطينيين وإرهاب سكاكينهم ضد الجنود الإسرائيليين ومحاولات الاستيلاء على أسلحتهم. إن مما يحير العقول صمت المجتمع الدولي عن جرائم الفلسطينيين ضد الإسرائيليين واستمرار مسلسل طعن الإسرائيليين وتنامي إرهاب السكاكين الفلسطيني، وينكر ذلك المجتمع الدولي حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها وعن شعبها ومواطنيها. دولة إسرائيل ستبقى قائمة لا يُرهبها إرهاب السكاكين الفلسطيني، بينما شتات مخيمات اللاجئين الفلسطيني زائل لا محالة لأنه باطل فلسطيني أمام حقّ إسرائيلي واضح وجلي، على الرغم من تخاذل المجتمع الدولي عن مناصرة إسرائيل في دفاعها عن نفسها وعن شعبها وجنودها… "هكذا ينتصر الحق الإسرائيلي على الرغم من قلَّةِ مُناصريه ويُهزمُ الباطلُ (الفلسطيني!) على الرغم من كثرة المصفقين له) انتهى. فهذا نموذج من النماذج التي تبحث عن دور زاهر في الخريطة السياسية، إذ لا يجد طريقا أسهل ولا أسرع ولا أكثر نجومية وإثارة من التطبيع..!! هذا الخطاب الذي تجاوز أعتاب القسوة والوحشية، قد اتسم بعدد من السمات الرئيسية أهمها: اعتبار ما تقوم به "إسرائيل" هو دفاع مشروع. التقليل من شأن المقاومة وعدم التركيز على انجازاتها. تبخيس عمل المقاومة وتثمين عمل الصهاينة. تشويه صور قادة المقاومة وذلك بنشر الإشاعات عنهم ومحاولة إلصاق تهم العمالة والخيانة والشيطنة. تحميل الضحية (الشعب الفلسطيني)مسؤولية العدوان الصهيوني. فالحق يقال: إن بعض كتَّاب اليهود -الذين لا ينتمون إلى الصهيونية- كانوا أكثر موضوعية في أبحاثهم من هؤلاء المتصهينة (من بني جلدتنا). يشير الكاتب اليهودي "نورمان فنكلشتاين" في كتابه "أبعد حدود الوقاحة" إلى كذبة "أرض الميعاد" التي وعد الله بها إبراهيم واليهود بوصفها أرض إسرائيل، فيراها من صنع الحركة الصهيونية لتبرير الاستيلاء على ارض فلسطين، مدللا على ذلك بأن الحركة الصهيونية في بداية تكوينها كانت تبحث عن أرض لإقامة دولة اليهود في إفريقيا أو في أمكنة أخرى من العالم. أتت الصهيونية فركبت تاريخا جديدا لليهود زَوَّرت فيه الوقائع الدينية والسياسية بهدف تبرير اغتصاب فلسطين وإقامة دولة لليهود فيها.