تقاطعت فرق المعارضة بمجلس النواب خلال جلسة عمومية خصصت للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة، اليوم الاثنين، في رفض "احتساب المغاربة ضمن أعداد السياح الوافدين إلى المملكة، لكونه يطرح مشكلا متعلقا بمصداقية البيانات ومدى نجاعة استقطاب السائح الأجنبي"، وشددت في المقابل على أن "المنجز في السياحة متواضع، وحتى ما تحقق ليس فعلا حكوميا". "مكون أساسي" النائب حميد الدراق، عن الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، توقف عند الأرقام التي تقدمها الحكومة كمؤشر على الزيادة في عدد السياح الوافدين على بلادنا، مشيرا إلى أن استقبال المغرب 17,4 مليون سائح سنة 2024 "يستوجب بعض التفصيل"، قائلا إن "الحكومة في تحليلها لهذا المنجز تقفز على مكون أساسي يتعلق بحضور مغاربة العالم سواء في الشق المرتبط بعدد الوافدين أو في عائدات السياحة". وذكر الدراق في تعقيبه أن "مغاربة العالم يمثلون أكثر من 47 في المائة من عدد السياح الوافدين، كما فاقت تحويلاتهم المالية عتبة 110 مليارات درهم طوال السنوات الثلاث الأخيرة، فيما تمثل عمليات صرفهم للعملة الصعبة ركيزة أساسية في مداخيل السياحة التي تعلنون عنها دوريا"، مضيفا أن "هذه الأرقام تظل دون مستوى تطلعات المنافسة الإقليمية والدولية، ودون رقم 140 مليار درهم الواردة في استراتيجية رؤية 2024". وسجل المتحدث أن "العدد الصافي للسياح الوافدين على المغرب دون احتساب المغاربة، يبقى دون الطموح الذي حددته الاستراتيجيات المختلفة للسياحة"، مشددا على "ضرورة اعتماد الحكومة سياسات عادلة ومنصفة لمغاربة العالم، نظرا لمساهمتهم الكبيرة في المجهود التنموي للمغرب"، مبرزا أن "الوضعية الحقيقية للسياحة المغربية عرفت تراجعا في التصنيفات العالمية، وهو ما يهدد مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة على مستوى إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط". وتابع بأن المخاوف تزداد في ظل التراجع الأخير للمغرب في تصنيف "مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024′′، إذ احتل المرتبة 82 من بين 119 دولة، مسجلا انخفاضا بواقع 12 مركزا مقارنة بعام 2019، وهو ما يبرز أن شعار الانضمام إلى كوكبة الوجهات السياحية ال15 الأكثر جاذبية عالميا "ما زال بعيد المنال"، كما أشار إلى أن "بلادنا إذا تسعى إلى استقطاب 26 مليون سائح موازاة مع إعداد 150 ألف سرير لتعزيز الطاقة السياحية الإيوائية في أفق 2030، فعلينا ألا ننسى أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية السالفة لم تحقق أهدافها سواء تعلق الأمر بمضاعفة حجم القطاع السياحي من خلال توفير 200 ألف سرير فندقي جديد، أو ما تعلق بمضاعفة حصة المغرب من الأسواق الأوروبية التقليدية، أو جذب مليون سائح من الأسواق الناشئة، أو رفع عدد الأسفار الداخلية إلى ثلاثة أضعاف"، وتساءل: "كيف سنحقق هذه الأرقام الحالمة والحكومة لم تعمم البنيات التحتية الكبرى على كل مناطق المغرب مثل الطرق السيارة والقطارات؟". توزيع ترابي رشيد طيبي علوي، عن الفريق الحركي، قال إن "السياسة السياحية لا يمكن عزلها عن واقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية"، مسجلا أن "التاريخ العريق والموقع الجغرافي الاستراتيجي لبلادنا ونعمة الأمن والاستقرار، تعتبر كلها عملة استثنائية وخاصية تميز بلادنا إقليميا وجهويا ودوليا"، وزاد: "يشكل الإيواء السياحي ووكالات الأسفار والمرشد السياحي وأرباب النقل السياحي وأصحاب المطاعم والفاعلون في المجالات ذات الصلة الحلقة الأساسية في منظومة السياحة". وأورد طيبي في مداخلته أن "واقع القطاع السياحي عكس ما تصوره الأرقام الرسمية لوزارة السياحة، بل تترجمه وضعية عشرات المركبات والفنادق السياحية التي أغلقت أبوابها وأعلنت إفلاسها"، مشيرا إلى أن "رقم 17 مليون سائح خلال سنه 2024 رقم مهم وسيكون أهم لو كان هؤلاء من السياح الدوليين، فنسبة مهمة تقدر ب49 في المائة من هذا العدد هم مغاربة العالم الذين نفتخر بهم". وقال: "من الأمور التي تستقطب، القرب من الأسواق المصدرة للسياح، فضلا عن العامل المناخي المستقر طيلة السنة، وهي مقومات تتطلب سياسة عمومية ما فوق قطاعية وإصلاحا جوهريا يعزز حكامة المؤسسات ويرسخ التفاعل والتعاون بين القطاعين العام والخاص في المجال السياحي، ويخفف الضغط الجبائي وتعدد الضرائب المفروضة على المنشآت السياحية". وأفاد النائب عينه بأن "وزارة السياحة لا تنتبه لأهمية السياحة الداخلية إلا في فترة الأزمات التي قد يمر بها هذا القطاع نتيجة لظروف معينة، وهو ما يعبر عن قصور في الرؤية لسياسة سياحية مطبوعة بتداعيات الغلاء في مختلف المجالات"، وتساءل: "أين "شيك العطلة"؟ وما هو موقع سياحة الواحات والجبال والسياحة الثقافية في استراتيجية الحكومة؟ وأية حلول للتسويق لجهات من قبيل درعة-تافيلالت؟ وما هو نصيب هذه الجهة من فرص التنمية؟". "الرضى المفرط" أحمد العبادي، نائب عن حزب التقدم والاشتراكية، قال إن "القطاع السياحي يرتبط بأوضاع اجتماعية واقتصادية وحقوقية، بعيدا عن أي مقاربة قطاعية ضيقة تسقط بها الحكومة في منطق الرضى المفرط عن الذات"، معتبرا أن هذا المنطق متناقض مع واقع المواطنات والمواطنين الذين يئنون تحت وطأة الغلاء والبطالة، ومتناف مع واقع المقاولات المغربية، خاصة منها الصغرى والمتوسطة، التي تعاني وتفلس بالآلاف". وسجل العبادي في مداخلته "الانتعاش الملحوظ لمؤشرات أداء سياحتنا، بعد جائحة كوفيد-19′′، مستدركا بالقول: "لكن، فباستثناء 2 مليار درهم التي تم رصدها لهذا القطاع لتجاوز تداعيات الجائحة، فالمنجز في السياحة لا يعود إلى مجهود خارق للحكومة، لا سيما من حيث استثمار المؤهلات الهائلة لبلادنا، طبيعيا وثقافيا وحضاريا وتراثيا وفنيا"، وزاد: "بالأحرى، المنجز هو نتيجة طبيعية للمجهود الذاتي للفاعلين في مجال السياحة، ولسياقات موضوعية لا علاقة لهذه الحكومة بمعظمها". وبالنسبة للمتحدث، فقد "كان من الممكن تحقيق نتائج أفضل بكثير لو كنا بالفعل أمام حكومة ذات كفاءة سياسيا أو ناجعة تدبيريا"، مشيرا إلى "عامل الإسهام الترويجي، الهائل، للإنجاز الرياضي الذي بصم عليه منتخبنا الوطني في مونديال 2022′′، بالإضافة إلى "عامل انتعاش السفر والتنقل ما بعد كورونا، وخاصة لمغاربة العالم، الذين نتساءل عن أي منطق غريب تستعمله هذه الحكومة لاحتسابهم ضمن أرقام السياح، لا سيما عندما يزورون وطنهم الأم ويقيمون لدى أسرهم". وشدد النائب عن حزب "الكتاب" على أن "الصناعة السياحية ميدان عرضاني له علاقة بمناصب الشغل، ولكن نسبة بطالة الشباب في عهد حكومتكم تقترب من 40 في المائة؛ وله علاقة بالمقاولة، وقد أفلست في ثلاث سنوات حوالي 40 ألف مقاولة؛ وله علاقة بالاستثمار الذي يعاني من مظاهر الريع والاقتصاد غير المهيكل، ومن تضارب المصالح، حيث تراجعت جل مؤشرات مناخ الأعمال، بشهادة مؤسسات وطنية رسمية". أرقام وتدقيق هند الرطال بناني، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، قللت بدورها من قيمة المعطيات المتعلقة بعدد الوافدين خلال سنة 2024 بحكم أن "مغاربة العالم هم أكبر الوافدين على المملكة"، معتبرة أن "الرقم الذي تتشدق به الحكومة نصفه من مغاربة العالم"، وزادت: "يأتون في إطار تمغربيت واستفادوا من عملية مرحبا تحت إشراف الملك محمد السادس". بناني أشارت في تعقيبها إلى "السياحة الثقافة"، و"السياحة الداخلية التي تعد خارج اهتمامات الحكومة بسبب الغلاء وسوء الخدمات، الأمر الذي جعل المغاربة يفضلون الذهاب للخارج لقضاء عطلهم"، مشيرة إلى أن إنفاقهم انتقل من 1000 مليار سنتيم إلى 2500 مليار سنتيم سنة 2024، وزادت: "لذا، وقبل الحديث عن السياحة، يجب عقد الهيئة العليا للسياحة التي لم تعقد ولو لمرة واحدة خلال هذه الولاية الحكومية".