فجرت رئاسة النيابة العامة قضية تلاعبات كبرى في ملفات ومحاضر واستغلال جنسي لمتقاضين، انتهت فصولها الأولى بإيداع نائب لوكيل الملك بالمحكمة الزجرية عين السبع بالبيضاء، وخمسة رجال أمن، ومتهمين آخرين، من بينهم رجال أعمال، سجن عكاشة، أول أمس (الخميس)، بعد أن توبعوا بتهم تكوين عصابة إجرامية والارتشاء وجلب أشخاص للبغاء. وينتظر أن يطيح الملف، الذي كانت شجاعة محمد النباوي، رئيس النيابة العامة، حاسمة فيه بعد أن أعطيت تعليمات إلى الوكيل العام للملك بالبيضاء بكشف الحقيقة كاملة مهما كانت مؤلمة لجهاز يرأسه، (يطيح) بمسؤولين آخرين، خاصة أن أسماء بعضهم ذكرت في الملف، سواء من قبل سماسرة المحاكم أو بعض المتهمين الذين استمعت إليهم عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، إذ اعتبرت مصادر "الصباح" أن رئاسة النيابة العامة عازمة على محاسبة كل المسؤولين المتورطين في الملف، مهما كانت درجاتهم، في إطار عملية "الأيادي النظيفة"، التي تسعى من ورائها إلى تحقيق العدالة وخدمة المواطن وحماية حقوقه ومصالحه. وكشفت مصادر مطلعة ليومية "الصباح" أن التحقيقات، التي أشرف عليها نجيم بنسامي، الوكيل العام للملك بالبيضاء، والتي دامت ستة أشهر، كشفت تلاعبا في أحد الملفات، حينما كان المسؤول القضائي المعتقل نائبا لوكيل الملك بالمحمدية، إذ أن عناصر الدرك الملكي صاحبة الاختصاص، انتقلت إلى مكان الحادث لتحرير محضر مرتبط بنزاع بين امرأة تقيم في الخارج ومجموعة أشخاص، غير أن نائب وكيل الملك المعتقل أمر أفراد الشرطة القضائية، الذين اعتادوا التلاعب معه في الملفات، بتسلم القضية، حتى يتسنى تحرير متابعات وفق أوامره لكي تصب في صالح الجهة التي سلمت له رشاوي. وأحيل الملف نفسه على المحكمة الابتدائية بالمحمدية التي قررت إدانة المتهمين بستة أشهر، قبل أن يتبين، خلال الاستئناف، أن هناك تلاعبا في محاضر الشرطة، فبدأ بحث النيابة العامة التي اشتبهت في تورط رجال الأمن، وتواصلت الأبحاث من أجل تفكيك خيوط الشبكة والوصول إلى عناصر العصابة الإجرامية. وزادت شكاية أحد المتقاضين، الذي اتهم من خلالها نائب وكيل الملك بتسلم رشوة مقابل إطلاق سراح قريبه المعتقل، في تسليط الضوء على مصدر التلاعبات، إذ خضع هاتف المسؤول القضائي ورجال الأمن للتنصت. وكشفت المكالمات الهاتفية التي كان يجريها المسؤول القضائي مع رجال الأمن أو بعض سماسرة المحاكم، عن معطيات خطيرة، إذ ورد في إحداها أن متقاضية طلبت تدخله لإطلاق سراح قريبها، فتم الاتفاق مع الوسيط على مبلغ مالي محدد، غير أن المرأة لم توفر سوى جزء منه، لتتلقى اتصالا بضرورة اللقاء مع المسؤول القضائي الذي مارس عليها الجنس. وقالت المصادر ذاتها إن عمليات التنصت رصدت مكالمات لنائب وكيل الملك مع الشرطيين المتورطين، تتحدث عن تغيير حقائق وأقوال في بعض الملفات، التي كان السماسرة يتوسطون فيها لدى المسؤول القضائي، مقابل مبالغ مالية، وكذا مكالمات أخرى تضمنت مفاوضات مع سماسرة محاكم حول المبالغ المالية الواجب توفيرها للحصول على السراح أو عدم المتابعة. ومن المنتظر أن يتم التدقيق في مجموعة من المحاضر والملفات التي كانت موضوع سمسرة، حتى يتسنى تحقيق العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، كما ينتظر أن تطول المتابعات مسؤولين إذا تبت تلاعبهم بملفات. ووفق اليومية ذاتها فقد دخلت بعض الجمعيات الحقوقية على الخط، إذ دافعت عن نائب وكيل الملك المعتقل، واعتبرت أن الأمر يرتبط ب "تصفية حسابات"، وهي أقوال ستثبت التحقيقات مدى صحتها، خاصة أن الملف معزز بعشرات الأقراص التي تتضمن تسجيلات لمكالمات هاتفية.