تعد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، القلب النابض لمبدأ التعاون وخدمة الإنسان في المملكة المغربية، ولا أدل على ذلك كلمة الأوقاف المتضمنة فيها، والتي هي من معهود المغاربة: قديما وحديثا، في باب الصدقات: والتي تجاوزت العطاء النقدي: إلى توقيف الأراضي والدور، والحدائق والبساتين، لصالح الفقراء والمحتاجين وخدمة مصالح المسلمين، وقد كان هذا العمل مؤسسا على شريعة رب العالمين، الواردة عن النبي الأمين: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: «إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها» قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول" [ صحيح البخاري]. فإذا كان هذا جزء من إنشاء الأوقاف إبتداء فلا غروا أن تجدها في الميدان في كل وقت وحين، وخاصة في زمن الكوارث والجائحات، والتي منها جائحة كورونا، هذا الداء الذي حل بالناس وأفزع الصغير والكبير، وأظهر المعادن والأتراب، وكشف عن الجواهر البشرية النفيسة، والخبائث منها والخسيسة. وقد كان من العاملين في الميدان: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقد اتخذ عملها عدة أشكال في زمن كورونا: ويمكن الإشارة إلى بعض منه: التوجيه والإرشاد للمواطنيين: وهذا العمل بدأ مباشرة مع بداية ظهور هذا الداء العالم، فقد تكلم الخطباء والوعاظ في المساجد عن توجيهات الإسلام في مواجهة الأمراض المعدية، وخاصة تذكير الناس بقانون الحجر الصحي الإسلامي: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه» [صحيح البخاري ومسلم] إغلاق المساجد: وكان هذا العمل استباقا للحد من مخالطة الناس: وتفشي الانتشار بناء على قاعدة سد الذرائغ. إغلاق مدارس التعليم العتيق: مع العمل على إستمرارية الدراسة عن بعد كما هو الشأن بالنسبة للمدارس العمومية، مع حرص الوزارة الوصية على مجانية الدخول إلى مواقها التعلمية. المساهمة المادية: وأذكر هنا مساهمة رؤساء المجالس العلمية، والمندوبون، بل حتى المرشدون والمرشدات، ففي العديد من المدن والإقاليم: ساهم كل المرشدين مع رؤساء المجلس العلمية براتب شهر على الأقل ، وهو عمل يعبر عن روح التضامن ونكران الذات لدى أولئك الخيرة من حفظة القرآن. الاستمرار في الوعظ وتوجيه الناس: وهذا المسلك كان له طريقين، طريق جماعي: تمثل في تقديم دروس عبر منصات تابعة للمجالس العليمية، وفي عمل فردي عبر مواقع التواصل الاجتماعي: يقوم بها الخطباء والوعاظ في علاقاتهم مع رواد المساجد: وخاصة حلقات تحفظ القرآن والتي أصبحت تسير عن بعد. فتاوى المجلس العلمي الأعلى: فالمجلس العلمي الأعلى لم يغب أبداء عن الواقع وذلك من خلال الإجابة على الفتاوى الموجهة إليه من قبل وزارة الصحة فيما يتعلق بالتعامل مع الوفايات، وفي صيام المرضى، والأصحاء في زمن الوباء. هذا جزء من العمل يدركه كل من يشاهد حركة الوزارة عن بعد، وهنا يدرك الإنسان: أن الدين هو الموجه لمنظومتنا الثقافية، وأعمالنا وأفعالنا، وأخلاقنا، ولولا ما غرس في نفوس المغاربة من قيم التدين والأخلاق الفاضلة النابعة من دين الإسلام لما شاهدت هذا التضامن المنقطع النظير، ولك أن تنظر إلى دول لا تدين بالإسلام كيف ترفض أن تعالج الإنسان الذي ليس من مواطنيها، بل وكيف تهمل الكبار السن وتعرض حياتهم للخطر لتعلم يقينا قول ربنا جل وعلا: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء:9] فمزيدا أحبابي الكرام من الالتزام بالحجر الصحي حتى نتجاوز هذه المحنة بإذن الله تعالى.