هوية بريس – الثلاثاء 04 نونبر 2014 عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم الحرام، وهو يوم عظيم من أيام الله نجى فيه الله عزوجل سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل من فرعون وجنوده، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (سورة الشعراء:63-68). فصام موسى عليه السلام هذا اليوم شكرا لله وصامه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ووصى أمته بصيامه، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرَّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم. فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه". كما ارتبط هذا اليوم عند المسلمين بذكرى أليمة قتل فيها سيد شباب الجنة، سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في واقعة الطف سنة 61ه، حيث غدر به شيعة الكوفة بعدما كاتبوه على أن يأتيهم فيبايعونه وينصرونه، فلما جاءهم خذلوه وسلموا رسوله مسلم بن عقيل لخليفة يزيد بن معاوية على الكوفة والبصرة عبيد الله بن زياد فقتله. وفي ظل خذلان شيعة الكوفة ونقضهم للعهد الذي قطعوه على أنفسهم أن يكون أنصارا للحسين ويحمونه أمر المخذول بن زياد جيشه وعلى رأسهم شمر بن ذي الجوشن عليه من الله ما يستحق أن يمنع الحسين رضي الله عنه من أن يأخذ البيعة لنفسه ولو بالقوة، فقام هذا الملعون بقتل سيدنا الحسين رضي الله عنه وجز رأسه، وقيل أن سنان النخعي المخذول هو من جز رأسه الشريف وبعث به إلى عبيد الله بن زياد عليه من الله ما يستحق. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: "فلا ريب أن قتل الحسين من أعظم الذنوب، وأن فاعل ذلك والراضي به والمعين عليه مستحق لعقاب الله الذي يستحقه أمثاله". وللمسلم مع هذا اليوم وهذه الأحداث وقفات أهمها: الوقفة الأولى: عاشوراء رمز للنصر والتمكين من سنن الله عز وجل الكونية وجود صراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين أولياء الله وأولياء الشيطان، وبين الإيمان والكفر إلى قيام الساعة، وما انتصار موسى عليه السلام إلا تحقيق لإحدى هذه السنن والتي تمثلت في نصرة المؤمنين المستضعفين من بني إسرائيل الذين ظلموا واستعبدوا وقتلت دراريهم واستحيت نسائهم، فصبروا واحتسبوا وأيقنوا بنصر الله المنجز وعده لامحال، وأنه حق على الله نصر عباده المؤمنين والتمكين لهم في الأرض وأن يريهم في الطغاة والمستكبرين ما تقر به أعينهم وتثلج به صدورهم مصداقا لقوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الروم:47)، وقوله جل جلاله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} (سورة النور:55). كما أن هذه دعوة لأهل الباطل والزيغ والاستكبار في كل مكان وزمان إلى الاتعاظ والرجوع للحق وأن الله عز وجل يمهل ولا يهمل، وإن أمهلهم حينا من الزمان فإن عقابه مصيبهم لا محال وأن بروجهم وحصونهم التي شيدوها لتحميهم ستنهار بهم لتكون قبورا لهم في جهنم وبئس المصير. يقول الله تعالى: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (سورة العنكبوت:40). الوقفة الثانية: عاشوراء إحياء للسنن ومخالفة لأهل الشرك والابتداع روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "صيام عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله". وصوم عاشوراء كان في الجاهلية ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وجد اليهود يصومونه، ولما سأل عن السبب قيل له: أنه يوم أنجى فيه الله موسى عليه السلام من فرعون وجنوده فصامه موسى شكرا لله، فأمر عليه الصلاة والسلام بإحياء هذه السنة فصامه وأمر بصيامه كما في حديث البخاري ومسلم أنفا. وقد كان صيام يوم عاشوراء واجبًا قبل أن يفرض صيام رمضان، فلما فرض صيام رمضان أصبح صيام عاشوراء سنة مؤكدة. ويستحب صيام يوم قبله أو بعده تأكيدا لمبدأ المخالفة لليهود والنصارى فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: "حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى؟ فقال: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع. فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم". وفي صحيح مسلم أيضًا: "خالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده". إذن فالصيام هو السنة والشعيرة الوحيدة المختصة بهذا اليوم المبارك، أما ما يفعله الشيعة الروافض من البكاء والنياحة والتطبير (ضرب الجسد بالسلاسل والسكاكين وإراقة الدماء)، وإقامة مآتم ومجالس للعزاء بسبب مقتل الحسين رضي الله عنه ماهي إلا بدع وكبائر ومحدثات منكرة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال: "ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية". الوقفة الثالثة: عاشوراء رمز للوحدة الإسلامية أجمعت الأمة على فضل هذا اليوم وعظم قدره، إلا الشيعة الروافض الذين جعلوا من قضية استشهاد الحسين رضي الله عنه ذريعة لتفرقة الأمة ونفث سموم معتقدهم الفاسد، فاتهموا أهل السنة والجماعة بقتله (أهل السنة براء من هذه الفرية ومجمعون على لعن من قتله وأعان ورضي بقتله، ويسترجعون الله في هذا المصاب الجلل)، فيرفعون -أي الشيعة- في هذا اليوم من كل سنة رايات سوداء وشعارات تدعوا للثأر والانتقام (هيهات منا الذلة) (يا لثارت الحسين) وغيرها، وتجلى هذا الحقد على أرض الواقع بعد تواطؤ ابن العلقمي1 والطوسي2 مع هولاكو التتري وتسليمه بغداد عاصمة الخلافة العباسية على أنقاض مئات الآلاف من جثث أهل السنة، وكذلك الحال أيام الغزو الصفوي والفاطمي لبلاد المسلمين وعثوهم فيها فسادا وتقتيلا لأهل السنة بدعوى انتقامهم من النواصب3 (تطلق عند الشيعة على أهل السنة زورا وبهتانا)، وما وقع بالمخيمات الفلسطينية بلبنان عنا ببعيد فما مجزرة صبرا وشتيلا وغيرها إلا ثمرة تعاون صهيو-شيعي ذهب ضحيته أهلنا بالمخيمات الفلسطينية. وردا على من يكذب التاريخ والتواطؤ الشيعي وخيانته للأمة أرادت مشيئة الله عز وجل أن ترينا في عصرنا الحديث بعضا من ذلك فبعد سقوط العراق بيد الأمريكان وغل الشيعة في دماء أهل السنة وارتكبوا جرائم لا تعد ولا تحصى ولا تقل بشاعة عن جرائم الإبادة الجماعية، وكذا الحال كان في لبنان واليمن وسورية وغيرها، فكلما قوية شوكة الرافض في بلد سني إلا وارتكبوا أبشع من ذلك اعتقادا منهم أنها قربة إلى الله ولا ضير أن نذكر بعض المرويات الموجودة في كتب القوم التي تدعوا إلى الانتقام وقتل أهل السنة: ففي أكبر مصنف حديثي معتمد عند الشيعة لعلامتهم المجلسي يروي بسنده عن أئمتهم: "ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح" ("بحار الأنوار"، 25/349). وهذا نعمة الله الجزائري يقول: (النواصب "أهل السنة" إنهم كفار أنجاس بإجماع علماء الشيعة الإمامية، وإنهم شر من اليهود والنصارى، وإن من علامات الناصبي تقديم غير علي عليه في الإمامة) (الأنوار النعمانية ص:206،207). رغم هذا التاريخ الأسود للرافضة والخنجر المغروس في خاصرة الأمة الإسلامية يبقى يوم عاشوراء رمزا لوحدة الأمة رغم كل الشوائب والخرافات والأكاذيب، مادام هناك إيمان بأن التمكين لهذه الأمة لا محال، وأن الله ناصر عباده الصالحين وأن الباطل وأهله إلى زوال. يقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} (النور:55). 1- مؤيد الدين ابن العلقمي: وزير الخليفة العباسي المستعصم، رتب مع هولاكو بمعاونة نصير الدين الطوسي قتل الخليفة واحتلال بغداد، على أمل أن يسلمه هولاكو إمارة المدينة، إلا أن هولاكو قام بقتله بعد تدمير بغداد 2- نصير الدين الطوسي: عالم وبيولوجي وكيميائي ورياضياتي وفيلسوف وطبيب وفيزيائي وفلكي. ومتكلّم ومرجع شيعي فارسي. 3- النواصب: هي فرقة ظهرت على نقيض الروافض الغلاة في أهل البيت، تطعن هذه الفرقة الضالة في أهل البيت وتقع فيهم. وأهل السنة براء من الفرقتين وعقيدتها في أهل البيت وسط لا تغلوا فيهم غلوا الروافض ولا تنقص منهم كما يفعل النواصب بل تحبهم وتحفظ لهم مكانتهم.