الإثنين 27 أكتوبر 2014 كثيرة هي التقارير التي تؤكد انتشار الدين الإسلامي في القارة العجوز انتشار النار بالهشيم، وكثيرة هي الإحصائيات التي تشير إلى زيادة عدد المعتنقين للإسلام في ربوع أوروبا في السنوات الأخيرة -وخاصة من الجنسيات الغربية- ليصبح الإسلام الدين الثاني هناك بعد الديانة النصرانية، باعتراف مراكز البحوث الغربية. وبغض النظر عن وجود بعض المبالغات في هذه التقارير والإحصائيات عن حجم الإسلام خارج أرضه، وعن حجم الزيادة المطردة لأعداد المسلمين في أوروبا، لدق ناقوس الخطر والتحذير من الدين الوافد لا أكثر، فإن مما لا شك فيه أن الإسلام يخترق القلوب والعقول في القارة العجوز، ويبشر بفتح ناعم جديد في دول ما زالت تناصب هذا الدين الحنيف العداء منذ قرون من الزمان. لقد أحدثت موجات النزوح الجماعية للمسلمين إلى أوروبا والتوطن فيها، والتكاثر الكبير الذي تتميز به الجاليات الإسلامية هناك، تغيرا ديمغرافيا واضحا وبالغ التأثير في القارة العجوز، وهو ما دفع مراكز الأبحاث إلى تقديم قراءات استشرافية لمستقبل القارة الأوربية، كان آخرها تقرير مدوٍ يجزم بالأرقام والوثائق أن القارة العجوز ستكون قبل منتصف القرن ذات أغلبية إسلامية… وهو منشور على اليوتيوب بعنوان أوربا قارة إسلامية. ومع عدم وجود جهة رسمية تبنت نشر هذا الفيديو، إلا أنه فيما يبدو قد أعد باحتراف عال وأرقام مدروسة، وإن لم تخل هذه الأرقام من المبالغة، لتحذير الجهات الرسمية الغربية -التي يغلب على معظمها التوجه اليميني المتطرف المجاهر بعدائه للإسلام- من الخطر القادم. وعلى الرغم من محاولة الغرب اليوم تشويه صورة الدين الجديد الذي يكتسح قارتهم، من خلال تضخيم أعداد المهاجرين من مسلميها للجهاد في كل من سورية وغيرها، إلا أن الحقيقة والواقع تؤكد أن هؤلاء لا تزيد نسبتهم عن 5% من الحضور الإسلامي في أوربا. إن الحقيقة التي يأبى الغرب أن يعترف بها إلى الآن، هي أن الإسلام استطاع أن ينمو ويزدهر في ديارهم وبشكل سريع، وأن هناك تحولات ديمغرافية قادمة مع المهاجرين الذين استقروا في أوربا وأصبحوا جزءاً من حياتها ومستقبلها وواقعها، قد لا تكتفي بإمكانية تساوي المسلمين مع النصارى، بل ربما تفوقهم عددا في مستقبل العقود القادمة. نعم…لقد انتشر الإسلام في أوروبا بشكل كبير على يد أناس عرفوا الإسلام حقا، قولا وعملا وسلوكا ومعاملة، فقدموا صورة الإسلام الصحيح الذي امتن الله تعالى به على البشرية، والذي لا يمكن لإنسان عاقل ذو فطرة سوية إلا أن يتقبله ويعتنقه، فدخل الناس في أوروبا في دين الله أفواجا. إلا أنه مع ذلك لا ينبغي أن ننكر أن هناك بعض المسلمين الذين يعيشون في القارة العجوز، قد نشروا صورة سيئة عن هذا الدين الحنيف، وذلك من خلال سلوكهم وتصرفاتهم غير الملتزمة بنهج الإسلام الصحيح، قولا وعملا وسلوكا ومعاملة. إن الخلاصة التي يمكن الوصول إليها من هذا التقرير هي: أن الإسلام لا يشهد أي نوع من الأفول الذي يتمناه أعداؤه وخصومه، بل هو في منعطف انطلاق جديد خصوصا في القارة الأوربية، كما أنه وبكل تأكيد مؤهل للاستمرار في التأثير والحضور العالمي لقرنين تاليين على الأقل. هذا مع ندرة وقلة سفراء الإسلام الذين يقتدون بالصحابي الجليل مصعب بن عمير في الدعوة إلى الله في البلدان الجديدة، فكيف لو كان جميع المسلمين في القارة الأوربية سفراء حقيقيين لهذا الدين؟!