أعلن وزير الداخلية شكيب بنموسى، أمس الأربعاء، أن الفيضانات التي شهدتها بعض المناطق أسفرت، إلى جانب خسائر مادية جسيمة، عن وفاة 28 شخصا خلال الأسبوع الماضي، مؤكدا أن التعبئة الشاملة والإستباقية مكنتنا من تقليص عدد وحجم الخسائر البشرية والمادية. "" وأوضح بنموسى، لدى جوابه عن سؤال محوري بمجلس النواب حول موضوع "الاضطرابات الجوية الإستثنائية التي عرفتها بلادنا خلال الأسبوع المنصرم"، أنه تم تسجيل 11 حالة وفاة بإقليم الناضور جرفتهم مياه واد كرت، الذي بلغ صبيبه 2400 متر مكعب في الثانية، و6 وفيات بتازة من نفس العائلة إثر انهيار سقف مسكنهم، و6 وفيات بالجهة الشرقية جرفتهم المياه، و5 وفيات بولاية طنجة. وأضاف الوزير أن الحصيلة المؤقتة للخسائر المادية المسجلة في الأيام الأخيرة تمثلت في انهيار ما يناهز 200 منزل عتيق أو مبني بالتراب، وانهيار قنطرتين بإقليم الناضور وقنطرتين بالحسيمة، كما غمرت المياه عددا من المساكن والمرافق العمومية والتجارية، وكذلك المنطقتين الصناعيتين بطنجة، وانقطاع مؤقت لحركة السير في بعض الطرق الوطنية، فضلا عن انقطاع بعض الطرق الجهوية والمسالك المؤدية لبعض المناطق القروية، وانقطاع مؤقت لتزود بعض المناطق بالماء الشروب والتيار الكهربائي. وأبرز أن المجهودات مازالت متواصلة لفتح الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة ما بين الحسيمة والناظور. وأضاف أنه تم منذ إصدار أول نشرة إنذارية من طرف المصالح الوطنية للأرصاد الجوية تشكيل لجنة مركزية لليقظة والتنسيق بمقر وزارة الداخلية، وذلك بتعاون مع مختلف القطاعات المعنية أنيطت بها مهام الربط والتنسيق مع اللجان الإقليمية والمحلية المكلفة بتفعيل مخططات التدخل الإستعجالي. ولمواجهة مخلفات هذه الوضعية الخاصة، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية لدعم المجهودات التي تقوم بها السلطات المحلية، سجل وزير الداخلية أنه تم تسخير الإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة لدى الوزارة والوزارات المعنية الأخرى والقوات المسلحة الملكية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن. وبعدما ذكر بأن عمليات توزيع المساعدات "تمر في ظروف جيدة بفضل تضافر جهود السلطات المحلية والمنتخبين وفعاليات المجتمع المدني"، أكد بنموسى أن تدخلات مختلف الفرق ركزت على إنقاذ وإغاثة المنكوبين وتوفير الإيواء والمواد الغذائية والأدوية والأفرشة، إذ فاق عدد الأغطية الموزعة إلى غاية الآن 10 آلاف وحدة، وعدد الحصص الغذائية 7000 حصة، فضلا عن إيواء ألف عائلة. وأشار بنموسى إلى أن وزارة الداخلية رصدت غلافا ماليا استعجاليا لتلبية الحاجيات الملحة للساكنة، خصوصا تقديم دعم لفائدة العائلات التي فقدت مساكنها وتغطية تكاليف أشغال الصيانة والتنظيف بمختلف التجمعات السكنية المتضررة. وأضاف أن مجهودات مختلف فرق التدخل ركزت على فك العزلة عن المناطق المتضررة وذلك بفتح المسالك وإصلاح الأضرار التي لحقت بمختلف الطرق، مثمنا في هذا السياق، مجهودات مختلف وحدات القوات المسلحة الملكية التي دعمت ماديا ولوجستيا وتقنيا تدخلات اللجان المحلية. وفي ما يتعلق بساكنة العالم القروي المتضررة من جراء هذه الفيضانات، قال الوزير إن الحكومة قررت الرفع من اعتمادات صندوق التنمية القروية بغية إعادة تشكيل القطيع وإصلاح شبكات الري القروي ودعم الأنشطة الفلاحية وإعادة صيانة كل المسالك المؤدية للقرى، مضيفا أن وزارة الفلاحة والصيد البحري وضعت كذلك آليات لدعم الفلاحين المتضررين. وفي إطار برنامج استباقي، سجل بنموسى أنه تم الشروع منذ السنة الماضية في ترحيل الأسر القاطنة في مجاري وبجانب الأودية بشراكة مع وزارة الإسكان والتهيئة المجالية وبلدية وجدة حيث تم ترحيل 120 أسرة، الشيء الذي ساهم في تقليص عدد ضحايا الفيضانات الأخيرة. وذكر بأن مدينة طنجة عرفت تسجيل تساقطات فاقت 196 ملمتر يوم 23 أكتوبر الجاري، الشيء الذي جعل البنيات التحتية لتصريف المياه في بعض الأحياء عاجزة عن استيعاب هذه الحمولة المهمة من المياه التي غمرت مجموعة من البنايات وأثرت سلبا على النشاط الصناعي بالمدينة، مشير إلى أن السلطات الولائية سارعت بتفعيل المخطط الإستعجالي لدعم ومساعدة المواطنين وتسريع إعادة النشاط اليومي للمدينة إلى حالته الطبيعية. وبخصوص العمل الحكومي في تدبير الفيضانات، أوضح أنه يرتكز على أربعة محاور تتمثل في تقليص حجم الخسائر بفضل تبني سياسة بناء السدود، بالإضافة إلى العمليات الإستباقية سواء من حيث تحسيس السكان عقب صدور النشرات الجوية الإنذارية وترحيل الساكنة المهددة والتكفل بها كلما دعت الضرورة إلى ذلك، والتدخل الفوري لإنقاذ وإغاثة المتضررين وتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدات، وكذا تعبئة إمكانيات كافة القطاعات الحكومية من أجل ترميم وإصلاح مخلفات الفيضانات. وذكر بنموسى بأنه أكد خلال التواصل مع المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني وكذلك مع السكان المتضررين، عزم الحكومة الراسخ على تفعيل مخطط عمل شمولي ينبني على ثلاثة مرتكزات، تشمل التدخل بسرعة لإرجاع الحياة اليومية للسكان إلى وضعها الطبيعي وذلك عن طريق تنظيف الأحياء التي غمرتها المياه، حيث تمت تعبئة موارد بشرية وإمكانيات مادية هامة بالإضافة إلى أكثر من 80 آلية وجرافة، ومباشرة بعض عمليات التنظيف، حيث سيتم ترميم وإصلاح كافة التجهيزات المتضررة من هذه الفيضانات من طرف القطاعات المعنية، والقيام بالدراسات التقنية من أجل تجهيز المنطقة بالمنشآت الكفيلة بحمايتها من مخاطر الفيضانات.