الناس ديال البلديات والجماعات المحلية كانوا ناعسين هادي خمس سنين ، أي منذ الانتخابات الجماعية لسنة 2003 ، وعندما بدأت أنوفهم الجشعة تتشمم رائحة الانتخابات القادمة في الطريق ، والتي ستجرى في شهر يونيو من السنة القادمة ، أخرجوا التراكسات وآلات الحفر من مرائبها ، وشرعوا في حفر الأزقة والشوارع ، وتبليط الأرصفة ، كي يوهمونا بأنهم يشتغلون ، والحال أنهم لا يفعلون شيئا آخر غير النوم . هؤلاء الذين وصلوا إلى مناصبهم على ظهورنا ، والذين من المفروض فيهم أن يسهروا على الشؤون العامة للأمة ، يتركون شؤوننا جانبا ، ويهتمون في المقابل بشؤونهم الخاصة . هادي هي الوصولية والانتهازية في أقصى تجلياتها ! "" ما حدث مؤخرا ، عندما هطلت أمطار الرحمة من السماء ، وتحولت في كثير من المدن والقرى المغربية إلى كوارث قاتلة ، بسبب ضعف البنية التحتية التي يلتهم المسؤولون الميزانيات المخصصة لها ، يكفي أن يسقط رؤوسا كثيرة ، لكن شيئا من ذلك مع الأسف لم يحدث ، لأننا بكل بساطة نعيش في بلد آخر شيء يمكن أن يطبق فيه هو القانون ! المؤسف في الأمر ، هو أن هذه الرؤوس التي كانت سببا مباشرا في إرسال عدد من المواطنين العزل إلى دار البقاء ، وشردت مئات العائلات بعد أن تهدمت منازلها وتحولت إلى خراب ، لم تسقط كما كنا نتمنى ، بل تستعد لقضاء سنوات أخرى في مناصبها ، والطريق طبعا سيكون أمامها سالكا ومعبدا ، وسيتحقق مرادها في الانتخابات القادمة ، شئنا أم أبينا ! فحتى عندما يقرر المواطن الذهاب إلى التصويت ، يجد أن لا فرق بين مرشح وآخر ، لأن الأحزاب المغربية لا ترشح منتخبيها بمعيار الكفاءة ، بل ترشح من تعتقد أنهم يضمنون الفوز ، ولو كانوا من عتاة المفسدين ، المهم هو عدد المقاعد وكفى الله المؤمنين شر البحث عن الرجال الحقيقيين الذين تسري في دمائهم عروق حب الوطن . ولعل كل من يتابع "عمل" هؤلاء المسؤولين عن الشأن المحلي ، سيكتشف أنهم يمارسون "عملهم" بالمقلوب . عوض أن يقوموا مثلا بحفر قنوات المياه أولا ، يبلطون الأرصفة ويزفتون الشوارع ، ومع اقتراب الانتخابات يقومون بحفر نفس الشوارع كي يوزعوا قنوات المياه أو الواد الحار ، وهكذا مع قرب كل انتخابات يقومون بنفس الشيء ، يحفرون الشوارع والأزقة ، ويعيدون بعد ذلك تبليطها وتزفيتها ، كي يدوروا في حلقة مفرغة ، ليعتقد الناس بأنهم يعملون ، وكل ما يفعلونه في واقع الأمر هو أنهم يلتهمون ميزانية تلو أخرى تحت مبررات واهية ! إنهم مسؤولون بدون مسؤولية. وإذا كانت الأحزاب السياسية المغربية تستعد منذ الآن للانتخابات القادمة ، وتعقد تحالفات المصالح فيما بينها داخل الصالونات المغلقة ، دون أن يكلف زعماؤها عناء التقرب من المواطنين ، كي يعرفوا الأسباب الحقيقية التي تجعل نسبة التصويت تتهاوى من اقتراع لآخر ، حتى أنها انهارت من 34 في المائة حسب الإحصائيات الرسمية في الانتخابات التشريعية للسنة الماضية ، حتى وصلت إلى 20 في المائة خلال الانتخابات الجزئية التي ذاق فيها عالي الهمة الذي يريد أن يبني مشروعه السياسي على أساس علاقة الصداقة التي تربطه بالملك مرارة الهزيمة ، فسنأخذ المبادرة دون إذن من أحد ، كي نتحدث عن رؤيتنا إلى الانتخابات ، وإلى الأحزاب السياسية المريضة التي يتربع على كراسي أمانتها العامة "زعماء" يتبجحون بأن المغرب بلد ديمقراطي ، ومع ذلك لا يخجلون حتى من خرق "قواعد الديمقراطية" داخل أحزابهم ، مثلما فعل عباس الفاسي ، الذي يريد تغيير القانون الأساسي لحزب الاستقلال ، كي يظل على رأسه لولاية ثالثة ، رغم أنف الجميع . إيوا كولو باز . من حقنا إذن ، كمواطنين خائفين على وطنهم ، أن نفتح نقاشات بلا حدود فيما بيننا ، دون أن ننتظر تأطيرا من أي حزب ، ما دامت أحزابنا قد فقدت مصداقيتها في عيون المغاربة . من حقنا أن نعبر عن آرائنا حول الوضع السياسي العام في البلاد ، وعن نظرتنا إلى الأحزاب ، ولماذا تتضاءل نسبة عدد الناخبين الذين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع بهذا الشكل المخيف ... الكلمة لكم أيها القراء ... [email protected]