«الزفت يتكلم في الدارالبيضاء!». إذا أصخنا السمع قليلا إلى شوارع العاصمة الاقتصادية، فسنجدها تشتكي أمرها إلى الله، بعدما أثخنها المطر بالخنادق التي بإمكان كل واحد منها ابتلاع قطيع فيلة؛ وإذا واصلنا الاستماع، فإننا سوف نكتشف أن العجلات والنوابض تستعد لتأسيس «جماعة ضغط» من أجل حمل مدبري الشأن العام على التحرك قبل فوات الأوان، وإلا ستنقرض الشوارع من المدينة وتحل محلها المستنقعات التي يمكن للضفادع وأسراب البط أن تشد إليها الرحال من كل صوب وحدب! لقد أثبت هطول المطر أن وراء «الأكمة» يختبئ المفسدون، وأن أموال «الزفت» كانت، منذ صفقة 2001، تتوفر على جناحين. كما أكد أن مسيري الدارالبيضاء لا يعرفون مدينتهم، أو أنهم يلبسون الأقنعة حتى لا يروا فظاعة ما اقترفت أياديهم، أو أنهم يتنقلون إلى أماكن عملهم- إن كانوا يعملون- بواسطة الطائرات أو اليخوت.. فلا يكاد أي شارع يستثنى من الخراب. ولا حياة لمن تنادي، بل حتى ترقيع الحفر ب«الزفت البارد» تم التغاضي عنه، وفضل المسؤولون صرف العقل وغض البصر ، ربما حتى لا تتهمهم الداخلية بالقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها!، وربما لأنهم ينتظرون الإعلان الرسمي عن انطلاق الحملة لتتحرك الشاحنات والتراكسات وتصبح الشوارع ألمع من حذاء سيدة مدعوة إلى حفل راقص! وقبل هذا وذاك، لا بد أن نتساءل: أين هم المنتخبون الذين منحهم المواطنون حق تمثيلهم؟ أين هم المهندسون الذين صرفت عليهم الدولة من أموال دافعي الضرائب؟ أين هم هؤلاء الذين يزبدون ويرعدون كلما اتهموا بالتواطؤ والصمت؟ أين هو الوالي ممثل أعلى سلطة في البلاد؟ البيضاويون يقولون «اللهم إن هذا لمنكر»، والمنكر مازال يتكاثر في الشوارع وينتشر في الأزقة!