لم تتعد عقارب الساعة الثامنة والنصف من صباح الخميس المنصرم، وبين الفينة والأخرى تمر سيارة من أمام كورنيش عين الذئاب قادمة من اتجاه سيدي عبد الرحمان نحو منطقة المعاريف أو صوب وسط المدينة، اختيار مرده في الغالب الأعم، الرغبة في الانفلات من ضغط حركة السير والجولان لكونها خفيفة في المنطقة المذكورة، أو طلبا لاستنشاق هواء البحر الصباحي. الساعة المبكرة لم تمنع من تواجد عدد من العمال والأعوان التابعين لمجلس المدينة رفقة شاحنات وآليات خرجت في مهمة محددة تتجسد في طمر الحفر التي برزت على سطح الإسفلت، و«ترقاع» الشارع ببعض «الزفت» لمواراة عيوبه التي تحبل بها كل شوارع العاصمة الإقتصادية التي يصيبها داء «البثور» منذ سنوات ومع ذلك لم يجد له المسؤولون من «دواء»! خطوة من ضمن خطوات لاتُتبع ولايتم القيام بها إلا غداة كل زيارة ملكية للمدينة، حيث يتم تجنيد الأعوان والعمال ويحضر الزفت والصباغة والجير، ويتجند الجميع للقيام ب «رتوشات» في محاولة لإصلاح وإضافة مسحة جمالية إلى كل ما هو متسخ وفاسد، مخافة غضبة ملكية قد تطيح برؤوس غير قادرة على مغادرة الأريكة الوثيرة والسهر على القيام بواجبها تجاه الوطن والمواطنين! هي وصية/نصيحة يطبقا المسؤولون المتعاقبون على كراسي المسؤولية بحذافيرها، بعدما تلقوها من سابقيهم منذ القدم، أن لاحركة ولاعمل إلا في حالة الاستثناء، آنذاك يُحارَب الباعة الجائلون، وتُصلح علامات التشوير وتُرسم ممرات الراجلين، وتدهن الواجهات، وتثمر الأشجار وتُغرس الأزهار، ويعتقل المجرمون ويطارد المتسولون، و«يُشحن» المتشردون، وتصبح المدينة تُغري بالتجول في شوارعها والاستمتاع ب «مناظرها» قبل أن تعود إليها حالة «الحصار»!