ينظم هذه الأيام مهرجان البيئة بالدارالبيضاء من طرف جمعية ملتقى المواطنة والأوراش، وهي مبادرة تدخل ضمن مبادرات تقوم بها جمعيات أخرى لتحسيس السكان بأهمية البيئة وأهمية الحفاظ عليها.. لكن يبدو أن مسألة التحسيس، يجب أن توجه اليوم الى المسؤولين عن شؤون المدينة الذين غاصوا في الإسمنت وتركوا كل ما هو أخضر للمبادرات الشخصية للسكان والجمعيات. فبدعوى توسيع الشوارع وإصلاح المناطق، وفي ظرف أقل من ثلاثة أشهر، تم «إعدام» أكثر من 1000 شجرة منها 600 شجرة ونخلة بمنطقة عين الذئاب وحدها، وتوزعت العشرات الاخرى المبتورة على جل مناطق العاصمة الاقتصادية وتم صرف الملايير على الزفت كي تبلط الاحياء وجنبات المنازل والعمارات، ومعظم الأشجار المقتلعة تجهل وجهتها أو ماذا فعل بها من اقتلعوها. إجرائيا وقبل اقتلاع أية شجرة أو نخلة، تشكل لجنة من ممثلي الجهات المختصة، لتدوين تاريخ اقتلاعها وتحديد وجهتها، لكن في الدارالبيضاء تنوب «الطراكس» عن هذه اللجنة ولا أحد يعلم الى أن تؤخذ الاشجار باستثناء نخلتين علم لدى الشارع البيضاوي أنهما استقرتا بفضاء إحدى المقاهي التي يعد صاحبها من المقربين من المسؤولين. مصدر من المدينة مطلع بأمور الأغراس، صرح لنا بأن ثمن نخلة طولها خمسة أمتار يصل الى مليوني سنتيم وشجرة قديمة يصل ثمنها الى مليون سنتيم، وينخفض هذا الثمن حسب نوع الشجرة وتاريخها. الأشجار المقتلعة بالدارالبيضاء، كلها تعود الى عهد الحماية، أي أن تاريخها يفوق أربعين سنة وبالتالي فإن أثمنتها مرتفعة وأغلبها من النوع الجيد. مصدر من مجلس مدينة الدارالبيضاء صرح لنا من جهته بأن عملية التشجير والبستنة في الأحياء لا يجب أن تتم إلا بعد دراسة علمية كما هو الشأن بالدول الأوربية، أما نحن فنقوم بالتشجير بطريقة عشوائية. وإذا ما قمت بزيارة يضيف هذا المصدر الى الاحياء الفقيرة ستجد ان الشجر الذي يوضع فيها لا يتعدى ثمنه 30 درهما، وهو من النوع الغابوي الذي يستعمل في البوادي لتحويط حظائر الأغنام أو الأبقار. أكثر من هذا فإن التشجير ووضع الأغراس لا يتم التفكير فيه إلا عند الزيارات الرسمية أو عند اقتراب موعد الاستحقاقات. أما على مستوى الحدائق، فتعد الدارالبيضاء من أفقر المدن المغربية في هذا الباب، رغم أن هناك قسما مكلفا بهذا الامر تتقاضى أطره أجورا عالية من أجل وضع خطة للدار البيضاء في مجال جغرافيا الحدائق منذ ست سنوات، ينتظر منه سواء المسؤولون او الشارع البيضاوي وضع دراسة لإقامة حدائق موحدة في كل مقاطعات المدينة، وكشف الخصاص في هذا المجال، لكن هذا المشروع مازاال طي المجهول، ليكتفي مجلس المدينة طيلة ولايته السابقة بإعادة هيكلة «حديقة مردوخ» وحدها، ملتجئا الى سياسة «الزفت» في باقي الاحياء. ويذكر أن إحدى الشركات كانت قد أقامت حديقة نموذجية بشارع عبد القادر الصحراوي بمواصفات عالمية ووفرت لهذه الحديقة كل ما تستلزمه، ولما قدمتها لمسؤولي الدارالبيضاء كهدية بشرط أن يهتم المجلس الجماعي بصيانتها وحراستها، رفض المسؤولون حتى لا تغار باقي الحدائق!