أ إحداث لجنة الأممية الاشتراكية من أجل مجتمع عالمي مستدام? 1 تشكلت لجنة الأممية الاشتراكية من أجل مجتمع عالمي مستدام طبقا للقرارات التي اتخذها مجلس الأممية الاشتراكية بمناسبة اجتماعاته في سنتياغو بالشيلي ( 6/7 نونبر 2006) وجنيف ( 29/ 30 يونيو 2007)? وخلال هذه الاجتماعات، أكد المجلس على أنه خلال العقود الأخيرة، ضاعفت التحولات المهمة في العالم من فرص تقدم قضية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن بالمقابل، لم تتحقق التعديلات على مستوى هندسة المؤسسات الشاملة الضرورية لتجاوز النزاعات وتصحيح الانقسامات والفوارق الإجتماعية. في نفس الوقت، وبينما اشتدت حدة النزاعات وظهرت تهديدات جديدة للأمن، ينقص العالم وجود مؤسسات متعددة الأطراف من أجل التحكم الفعال في ارتفاع حرارة الأرض والتغير المناخي? وأحدث المجلس لجنة من أجل مجتمع عالمي مستدام من أجل إعداد تصور اشتراكي ديمقراطي مشترك، والتفكير في التحديات البيئية والسياسية والاجتماعية الجديدة التي يواجهها عالم اليوم? ويندرج عمل اللجنة في سياق التقاليد الطويلة لمجهودات الأممية الاشتراكية من أجل إنعاش وضمان المساواة والفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة? وقناعة الأممية الاشتراكية بتداخل العالم وبالإنسانية المشتركة وبتواجدها في جميع القارات، تجعل منها أرضية سياسية فريدة وفاعلا شاملا قادر على تصور وإنجاز استراتيجية عالمية من أجل السلم والحماية الشاملة? وتركز عمل اللجنة على ثلاث أولويات: تقييم تهديدات الارتفاع الشامل للحرارة والتغير المناخي وإعداد سياسات طاقية شاملة جديدة وأساسية من أجل الجواب على هذا التهديد? تصور إمكانيات تقويم الاختلالات الاجتماعية والفوارق الاقتصادية من خلال أشكال جديدة للحكامة? اقتراح تحسينات في الحكامة الشاملة كأساس لبناء مجتمع عالمي شامل? 2- تشكلت اللجنة من أعضاء من مختلف مناطق العالم يتمتعون بتجارب واسعة في مجال الخدمات العمومية، وكان رئيسا هذه اللجنة هما السيد ريكاردو لاغوس، رئيس جمهورية الشيلي السابق (2000/2006) والمبعوث الخاص للأمين العام الأممي المكلف بالتغيير المناخي، والسيد غوران بيرسون رئيس الوزراء السابق في السويد (1996/2006) المشهود له بنشاطه السياسي وكفاءته في مجال السياسة المناخية، وضمت اللجنة كلا من: هيلاري بين، كاتبة الدولة المكلفة بالبيئة، والتغذية والشؤون القروية (المملكة المتحدة) إيليو دي روبو، رئيس الحزب الاشتراكي البلجيكي وزير دولة وعمدة مدينة مونس (بلجيكا)، محمد اليازغي وزير دولة، وزير سابق لإعداد التراب والتعمير والماء والبيئة (المغرب)، سيغمار غابرييل، وزير فيدرالي مكلف بالبيئة والمحافظة على الطبيعة والأمن النووي (ألمانيا)، أليكسندر كوازنييفسكي رئيس سابق لجمهورية بولونيا (1995/2005)، سيرغي ميرونوف رئيس سابق لمجلس فيدرالية روسيا، رئيس حزب روسيا العادلة، كريستينا ناربونا، وزيرة سابقة للبيئة في اسبانيا (2004/2008)، بياتريس باريديس، رئيسة الحزب الثوري المؤسساتي (المكسيك)، أناند شارما، وزير دولة سابق في الشؤون الخارجية في الهند (2006/2009)، مارينا سيلفا، سناتورة، وزيرة سابقة للبيئة في الحكومة الفيدرالية البرازيلية (2003/2008)، مارتين طوريخوس، رئس سابق لجمهورية باناما (2004/2009)، زعيم الحزب الثوري الديمقراطي، ونكوسازانا دلاميني زوما وزير خارجية سابق (1999/2009) وزير الداخلية الحالي في جمهورية جنوب إفريقيا? 3 وخلال اجتماعه بجنيف أيام 29 و 30 يونيو 2007، وفي أفق تشكيل هذه اللجنة، أكد مجلس الأممية الاشتراكية أن هناك عدداً متزايداً من القضايا الدولية لم يعد ممكناً حلها على المستوى الوطني لاسيما قضية ارتفاع حرارة الأرض و التغير المناخي، وركز على كون هذا يشكل »أكبر تحدي في وقتنا الراهن، وأن مجال الخطر لم يعد شيئا يهم المستقبل، بل نحن فيه من الآن« وخلال اجتماعها الأول بلندن يوم 19 نونبر 2007 في ضيافة رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون زعيم حزب العمال البريطاني، أعلنت اللجنة أن »الأرض تستدعي انتباه جميع سكان العالم، وقد حان الوقت لاتخاذ مبادرات حاسمة تشكل الفارق، فارتفاع حرارة النظام المناخي أصبح واقعا لا يناقش، والانعكاس الكبير للنشاط الإنساني على تدهور حالة الغلاف الأرضي أمر لا يمكن إنكاره« وأكدت اللجنة أن التحكم في التغير المناخي »أولوية قصوى نواجهها جميعا« ومنذ ذلك الحين، تزايد الإلحاح بضرورة إيجاد حل مع تزايد التقارير والدراسات المعدة من طرف العلماء البارزين والاختصاصيين في المناخ عبر العالم، تؤكد كلها أن الانعكاسات السلبية لارتفاع الحرارة والتغير المناخي تتدخل بشكل أسرع وبانعكاس أكبر مما كان يعتقد في البداية? وليس هناك أدنى شك بأنه يجب تقليص انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري جذريا إذا أردنا تفادي أن يؤدي التغير المناخي الحالي إلى اختلال مناخي مدمر للتوازن الدقيق الذي يجعل الحياة البشرية ممكنة فوق هذا الكوكب? وهناك أولوية أخرى لا تقل أهمية وتتمثل في تصور وانجاز برنامج شامل يهدف إلى اتخاذ إجراءات التأقلم الضرورية مع التأثيرات القائمة للتغيير المناخي، لاسيما بالنسبة للشعوب الأكثر فقرا والأكثر هشاشة في هذا العالم? هذه الأخيرة تعاني مند الآن أكثر من غيرها مما يمكن وصفه بالظلم المناخي، والتغييرات المتسارعة للتنوع البيئي للأرض، بما فيها الظواهر المناخية المتطرفة أكثر فأكثر، مثل الجفاف والتصحر وتزايد مستويات البحر، على الرغم من أن مسؤولية هذه الشعوب في ذلك اقل من غيرها? 4 - إن ضرورة الرد على تحدي التغير المناخي أصبحت أكثر إلحاحا بسبب التحول المالي الشامل الذي تحول بسرعة إلى أزمة اقتصادية واجتماعية عالمية بحجم لم يشهده العالم منذ الأزمة الكبرى? هذه الازمة كانت لها انعكاسات مباشرة وخطيرة على الحياة اليومية للأشخاص في مختلف بقاع العالم، وهنا أيضا مست أكثر الأطراف ضعفا والأكثر هشاشة من ساكنة العالم? على المدى القريب، وبالنظر إلى الضغوط الممارسة من اجل تلطيف السياسات المتعلقة بالتغير المناخي ومن اجل التراجع عن التزامات متخذة، أدى التباطؤ الاقتصادي الشامل إلى جعل القرارات السياسية الواجب اتخاذها أكثر صعوبة?على الرغم من أن هذه القرارات السياسية ضرورية إذا ما أرادت البشرية فعلا مواجهة تهديد التغير المناخي? إنها وصفة الكارثة! والأدهى من ذلك فإن هذه المقاربة تتجاهل كون الأزمة الاقتصادية الحالية تشكل فرصة كبيرة للبشرية من اجل رسم الطريق الواضح نحو التطور الايكولوجي المستدام الذي يهدف ليس فقط لتقليص الغازات المسببة للاحتباس الحراري والاحتماء من انعكاسات التغير المناخي ، ولكن أيضا إلى وضع عولمة أكثر عدلا وإنصافا تكون فيها الأسواق في خدمة الناس وليس العكس? وبشكل مشجع، هناك توجه جديد نحو سياسات طاقية أكثر نظافة وأكثر احتراما للبيئة من جانب الاتحاد الأوربي ومن جانب الصين في الآونة الأخيرة وبشكل ايجابي جدا من جانب الولاياتالمتحدة? لكن الأمر لا يتعلق هنا سوى بالخطوات الأولى على الطريق الذي يجب أن يؤدي بتنسيق شامل إلى التجميع الفعلي للأهداف الأساسية للحماية البيئية واستئناف النمو الاقتصادي العالمي? وإنجاز هذه المهام الصعبة يتطلب، ليس فقط، عزما سياسيا حقيقيا بل أيضا، استعادة ثقة الشعوب في الحكامة على المستويات المحلية والوطنية والدولية? إن تصور استراتيجيات من أجل حماية شاملة وخلق الآليات الحكومية المؤسساتية لتنفيذها، لا يمكن أن يتم بدون التزام مشترك من طرفنا جميعا كمواطنين حقيقيين في هذا العالم? وإحياء روح مسؤولية الأشخاص في مختلف بقاع العالم يتطلب عناية متزايدة بالشباب والتربية والوعي الجماعي، لأن هذا هو مفتاح تغيير طرق تفكير وعيش الشعوب ،لأن التطور المستدام والمتضامن للكون، يتطلب في نهاية المطاف كذلك »فكرا مستداما« وفي خضم صراع العائلات من اجل العيش في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، فانه يتعين الاعتراف وتشجيع دور النساء في مختلف المستويات وفي كل الميادين، لأنهن يساهمن في المجهودات من أجل التأقلم مع التغيرات المناخية بحس فطري لحماية الجماعة والبيئة? وهذا المكسب لا يمكن قياسه على أي مقياس علمي? ولكنه ضروري إذا ما أرادت البشرية ضمان مستقبل سلمي، عادل وأكيد? ب - تقليص انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري: وضع معايير لتقليص انبعاث الكاربون حسب الدول? 5 - يتعين إعادة تحديد و توسيع تصنيفات الدول الأعضاء في مؤتمر الأممالمتحدة حول التغير المناخي (ccnucc )- الملحق 1 وغير الملحق 1 -ولكن السؤال المطروح لبلوغ ذلك، يبقى هو معرفة ماذا كان ضروريا أم لا إحراز تقدم حول القضايا الأساسية? فالمجموعتان الكبيرتان اللتين لهما حق التصويت، ظهر أنها كيانات ثقيلة وغير فعالة، وغالبا ما تفشل في الأخذ بعين الاعتبار مختلف حاجيات وقدرات الدول الأعضاء? وهذا الأمر صحيح بشكل خاص بين الدول المصنفة في فئة « غير الملحق 1» بالنظر إلى أن دولا كبرى مثل الصين، جنوب إفريقيا والبرازيل، لها أوجه مختلفة عن الدول الأصغر، سواء من حيث مستوى الانبعاثات أو فيما يتعلق بقدرتها على التخفيض- ونفس الأمر ينطبق علي الدول المصنفة في الملحق1? ومن أجل تجاوز هذه الصعوبات، تعهد مخطط عمل بالي، بمبدأ »المسؤوليات المشتركة لكن المختلفة« لفائدة الدول النامية وخلص إلى أن »عمليات التقليص الملائمة على المستوى الوطني لفائدة الدول النامية، في سياق تنمية مستدامة، مدعومة وممكنة بفضل التكنولوجيا والتمويل وتعزيز القدرات، بشكل يمكن تحديده وقياسه والتأكد منه« وفي هذا الصدد فإن الأممية الاشتراكية ساندت مخطط عمل بالي، وأعلنت في مؤتمر الأممية الاشتراكية المنعقد في أثينا في يوليوز 2008 أن :»التعهدات الفردية للأمم يجب أن ترتكز على مستويات الانبعاثات الماضية، الراهنة والمستقبلية، والقدرة الاقتصادية للبلد على تقليصها وفقا لمبدأ المسؤوليات المشتركة والمختلفة أيضا، ووفقا لقدرة كل بلد، فالدول الغنية التي لها أكبر مستوى من الانبعاثات يجب أن تقلص انبعاث أولا وأكثر من الدول الأخرى» وأكدت الأممية الاشتراكية أيضا خلال هذا المؤتمر أن: »التضامن الإيجابي بين العالم المتقدم والعالم النامي يجب أن يتضمن دعما تقنيا واقتصاديا لفائدة الدول الأقل قدرة على تقليص انبعاثاتها من الغاز، وعلى التأقلم مع انعكاسات التغير المناخي«. لكن ذلك ظل العقبة الأساسية في المفاوضات الحالية لمؤتمر الأممالمتحدة حول التغير المناخي في كوبنهاغن (ccnucc )، وظلت خطوط الانقسام، بين الدول المصنعة والدول النامية قائمة حول القضايا الحساسة التي يجب حلها من أجل التوصل إلى اتفاق في كوبنهاغن? وبالتالي، يبدو إلى جانب الحاجة إلى ضرورة إعادة تحديد الفئات، يتعين أولا تحقيق اختراقات كبرى حول القضايا الأساسية من خلال وعي جماعي عالمي أكبر وريادة حقيقية من جانب الدول الأكثر انبعاثا للغازات سواء من بين الدول المصنعة أو من بين الدول النامية? 6- طيلة الجزء الأكبر من عهد الحضارة البشرية، كانت كمية ثاني أكسيد الكاربون، الغاز الأكثر مشاركة في الاحتباس الحراري، في الغلاف الجوي، تساوي تقريبا 275 جزء في المليون? وفي نهاية سنوات 1950، كانت هذه الكمية تساوي حوالي 315 جزء في المليون وفي سنة 2008 بلغت هذه النسبة 385 جزء في المليون، وتزايدت بأكثر من 2 جزء في المليون سنويا? وهذا أدى إلى ارتفاع عام للحرارة بحوالي 0,75 درجة مائوية أكثر من مستويات ما قبل العصر الصناعي ، وارتفاع إضافي بحوالي 0,6 درجة مائوية يعتبر حتميا بسب ثاني أكسيد الكاربون المنبعث من قبل? وعموما يعتبر ارتفاع الحرارة بحوالي2درجة مائوية أعلى من المستوى ما قبل الصناعي، كأقصى مستوى يمكن للمجتمع البشري تحمله? وقبل بضع سنوات? كنا نعتقد أنه بإمكاننا منع ارتفاع الحرارة فوق 2 درجات مائوية، وأن المخاطر الكبرى للتغير المناخي يمكن تقليصها بشكل ملموس? إذا ما استقرت مستويات الكربون في الغلاف الجوي ما بين 450 جزء في المليون و550 جزء في المليون? واليوم تؤكد الدراسات العلمية الرصينة أن كوكب الأرض يتفاعل بسرعة أكثر من المتوقع مع الارتفاعات الضئيلة نسبيا للحرارة العامة المسجلة، وأنه إذا أرادت البشرية تفادي تغير مناخي غير متحكم فيه والحفاظ على إمكانية العيش بالنسبة للإنسان فوق الأرض، يجب أن تخفض فعلا مستويات الكربون عن المستوى الحالي (385 جزء في المليون)، إلى مستوى أدنى من 350 جزء في المليون، إذا لم يكن أدنى من ذلك، ومعنى هذا أنه في مؤتمر كوبنهاغن يتعين على الأمم البحث عن سبل تقليص الانبعاثات بشكل ملموس أكثر مما كان مطروحا أصلا للنقاش في مؤتمر بالي? 7- في مؤتمر أثينا (يوليوز 2008) ، وافقت الأممية الاشتراكية على هدف2 درجة مائوية كحجر الزاوية بالنسبة لأي اتفاق شامل، يتعين بلوغه في مؤتمر كوبنهاغن 2009 وذلك خلال 10 إلى 15 سنة المقبلة، ويتعين حصول تحولات تدريجية للانبعاثات الشاملة المسببة للاحتباس الحراري بالتطابق مع هدف 2 درجة حرارية? ولبلوغ هذا الهدف، اقترحت مجموعة الخبراء الحكوميين حول المناخ (GIEC) أن تقلص الدول المصنعة في أفق 2020 انبعاثاتها بنسبة 25-45 في المائة تحت مستويات 1990? إلا أن النسب التي تناقش حاليا غير كافية تماما بالمقارنة مع مقترحات مجموعة الخبراء الحكوميين حول المناخ? وهذا يبقى نقطة أساسية في الخلاف بين الدول المصنعة والدول النامية? وتضغط العديد من الدول النامية من أجل أن تلتزم الدول الصناعية بتقليص انبعاثاتها بأكثر من 40 في المائة، وهو السقف الأعلى لمجموعة الخبراء الحكوميين حول المناخ، بينما الدول الأكثر فقرا ودول الجزر الصغيرة تدفع حتى 45 في المائة? في نفس الوقت مازالت دراسات جديدة ُتجرى تقول بأن التخفيض بنسب تتراوح ما بين 25-40 في المائة لن يكون كافيا لبلوغ هدف خفض الحرارة ب 2 درجة مئوية، وهكذا مثلا أثار تقرير للمعهد الوطني للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكي (NOAA ) في أبريل أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري واصلت تزايدها في عام 2008 بالرغم من التراجع الاقتصادي الشامل، وفي أبريل كذلك خلص تقرير لمعهد بوتسدام في ألمانيا حول البحث عن تأثير المناخ أن »أقل من ربع احتياطي المحروقات الأحفورية يمكن حرقه، وانبعاث غازاته ما بين اليوم و2050، إذا كان ضروريا وقف الارتفاع الشامل للحرارة بدرجتين« ومفاوضات مؤتمر الأممالمتحدة حول المناخ (ccnucc) التي جرت منذ مؤتمر بالي حققت تقدما ضئيلا حول هذه المسألة الأساسية، ومازالت شكوك جدية قائمة حول إمكانية بلوغ هدف 2 درجة مئوية، بالنظر إلى تزايد انبعاثات الكربون والإكراهات السياسية? والإصرار الكلي لبلوغ هدف 2 درجة مائوية يجب أن تبقى الهدف الأساسي ويجب استمرار الجهود فيما يتعلق بالحد من الخسائر والتأقلم? 8- إن تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مسؤولية مشتركة، وفي نفس الوقت يجب أن ترتكز التزامات كل بلد على حدة من أجل تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، على المستويات الماضية، الحاضرة والمستقبلية للانبعاثات، وعلى القدرة الاقتصادية للبلد لتقليصها طبقا لمبدأ »المسؤوليات المشتركة والمختلفة« كما حدده بروتوكول كيوطو. ومن خلال بروتوكول كيوطو تعهدت الدول المصنعة بتقليص انبعاثاتها إلى مستوى أدنى من الكميات التي كانت تصدرها سنة 1990، ولو أن قاعدة 1990 لم تكن لها علاقة بعلم المناخ? إضافة إلى أن الطريقة الأساسية المستعملة من طرف الدول المصنعة لبلوغ أهداف التقليص - مبادلة قروض الكربون في أسواق الكربون العالمية - لم تؤد حتى اليوم إلى أي تخفيض مهم للانبعاثات? وفي نفس الوقت، وبينما حاولت الدول المصنعة، بقليل من النجاح تقليص الانبعاثات كما نص عليها بروتوكول كيوطو، زادت الدول النامية من مستويات انبعاثاتها? ومع اقتراب مؤتمر كوبنهاغن كان واضحا أنه يتعين على الدول الغنية المصنعة أن تتفق حول أهداف جديدة ومهمة لتقليص الانبعاثات، حيث يتعين على الدول النامية كذلك، وبالأخص الصين والهند أن تلتزم بخفض انبعاثاتها، ولو أن الأهداف أقل من الناحية الرقمية? وتبقى المبادرات الأخيرة للصين ودول نامية أخرى وكذلك التوجه السياسي الجديد للولايات المتحدة في مجال التغير المناخي، والرغبات الواضحة لهاتين الدولتين، (الأكثر إنتاجا للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم) لمناقشة إمكانيات سبيل مشترك نحو تقليص الانبعاثات، كلها مؤشرات ايجابية? 9- وسيكون التوزيع العادل بين جميع أمم العالم للأهداف في مجال تقليص الانبعاثات، السؤال الحاسم الذي يتعين الجواب عليه من أجل التوصل إلى اتفاق حول المعاهدة الجديدة المتعلقة بالتغيير المناخي? وسيكون وضع نظام يرتكز على الانبعاثات حسب الفرد ، بأهداف وطنية ترتكز على عدد السكان المسماة (contraction et convergence)التي ابتكرها معهد (Global Common Institute )? وهناك بديل آخر أكثر طموحا ويرتكز على صيغة »حقوق الاحتباس الحراري / التنمية« ( Greenehouse Development Rights) التي أعدها معهد البيئة في ستوكهولم ومعهد EcoEquity الذي يوسع أجندة التغير المناخي بدمج الاعتراف بالحق في التنمية بالنسبة للدول الفقيرة في العالم سواء في دول الجنوب أو في دول الشمال? ويتعين تحديد الالتزامات الوطنية في مجال المناخ وفقا »لحد أدنى في التنمية« ترتكز على مستويات الفقر والفوارق في الدخل داخل الدول وحسب كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تنتجها الدول? وكيفما كانت الطريقة المعتمدة، يبدو واضحا أن التفاوض حول التفاصيل والاتفاق حول وسائل العمل سيكون امتحانا صعبا، وأنه يتعين على المجتمع الدولي أن يحسن استعمال الوقت المتبقي من أجل حل هذه القضية الأساسية? ج- تقليص اللجوء الى الطاقة المنتجة للغاز المسبب للاحتباس الحراري? 10- والرهان يتمثل أيضا في وضع سياسة طاقية عالمية مشتركة تأخذ في الاعتبار المستويات المختلفة للتنمية الاقتصادية على المستوى الوطني? ويتعين بدل كل الجهود الممكنة من أجل تشجيع اللجوء إلى طاقات نظيفة، متجددة وأكثر فعالية، كبدائل للتبعية الحالية للطاقات الأحفورية، المدمرة ليس فقط للبيئة، ولكنها كذلك سبب أول للتوترات الجيوسياسية وللنزاعات? ويعتبر وضع سعر مناسب لانبعاثات الكربون وضمان تأديته ، أمرا أساسيا ، لتشجيع الانتقال من طاقة تحتوي على نسب عالية من الكربون إلى طاقة لا تحتوي على نسب عالية من الكربون ، مع ضمان أمن الموارد الطاقية البديلة الضرورية للتنمية الاقتصادية المستدامة? إن أسواق تداول الكربون توفر بعض المزايا لكنها لم تؤد بعد إلى تخفيضات مهمة في الانبعاثات، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، ومن الواضح أن الأسواق وحدها، كما هو الشأن بالنسبة للاقتصاد في مجمله، غير كافية ولن تقدم المساعدات المالية والموارد الضرورية لانجاز الوصفة الضرورية لتقليص مهم للانبعاثات والتأقلم مع الظروف المناخية المتغيرة والأمن الطاقي والتنمية الاقتصادية العادلة والبيئية? وهناك آليات أخرى للتحكم في الانبعاثات على المستوى العالمي يمكن وضعها ويتعين أخذها في الاعتبار، بما فيها فرض ضريبة أو رسم على انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري على المستوى الوطني والدولي، غير أنه يجب تصور ضرائب الكربون بحذر من أجل تفادي الهفوات وبالأخص منع الشركات التي تنتج أو تستعمل المحروقات الأحفورية من تحويل زيادة تكاليفها نحو الفئات السكانية الأكثر فقرا? 11- سوق الكربون مستعمل في أوربا ، وأصبح جزءا من التشريع المقترح حاليا من طرف الديمقراطيين في الولاياتالمتحدة? غير أن عدة قضايا أثيرت بخصوص فعاليته، ليس فقط كآلية وطنية وإقليمية، ولكن بالأساس بخصوص تدبيره العام، لاسيما فيما يتعلق بالخفض الفوري للانبعاثاث في العالم? مبدئيا، رسم الكربون المفروض على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المبني على الكمية المنبعثة، يشجع مصدري الانبعاثات على تقليص انبعاثاتهم، ويشجع المقاولين على خلق بدائل? وفي مرحلة أولى، سيمس رسم الكربون المنتجين، ولكن بما أن زيادة كلفة الكربون تنعكس على الاقتصادات، فإن هذه السياسة يجب أن تشجع التكنولوجيات ذات الحمولة الضعيفة من الكربون والاستعمال الفعال للطاقات في كل المستويات? وأحد أهداف رسوم الكربون هو إمكانية توقع أسعار الطاقة وأن تكون حافزا فعالا لدفع الأسواق إلى إنتاج تكنولوجيا طاقية نظيفة? ويمكن أن تنفذ بشكل أسرع من أنظمة البورصة المعقدة، وهي شفافة ومفهومة وبالتالي من شأنها أن تكسب دعم الجمهور، وتنفيذها لا يترك هامشا كبيرا للمناورة والاستغلال من طرف المصالح الخاصة، ورسم الكربون يتعامل مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في جميع القطاعات وليس فقط في الصناعة والكهرباء كما هو الحال بالنسبة لبعض أنظمة البورصة، وعائدات رسوم الكربون يمكن إعادة توزيعها على الجمهور عبر أرباح أو رسوم تصاعدية? بمعنى أن الأموال المحصلة من أسواق الكربون يمكن استعمالها بشكل أفضل لتقليص رسوم تراجعية وحماية البيوت الفقيرة ومساعدة العائلات على استعمال أقل للطاقة ، وسيكون للدول أكثر من سبب لتعزيز مثل هذه الرسوم وهكذا ستكون المطابقة مشكلا تنظيميا أقل خطورة من رخصة الكربون المعقدة و غير الثابتة أو أنظمة التعويض? أيضا تم الدفع بتبرير أن رسم الكربون المطبق بشكل شامل يمكن أن يمنح آمالا أفضل من أجل تقليص الانقسام الحالي بين الدول الصناعية والدول النامية? والفكرة هي محاولة تحديد سعر موحد للكربون، في كل مكان وبطريقة مباشرة ما أمكن? ويمكن تصحيح الرسم سنويا من طرف هيئة دولية شبيه في بنيتها وأهدافها بالمحكمة الدولية للمناخ والبيئة المثارة في هذا التقرير? وطبقا لمبدأ المسؤوليات المشتركة والمختلفة في نفس الوقت? والدول النامية التي ستختار الرسم يمكن أن تحصل على نسبة من عائدات رسم الكربون في الدول الغنية من أجل المساعدة على تمويل نقل التكنولوجيا وحماية الغابات والتأقلم مع التغييرات المناخية الحاصلة? وهكذا، ومن اجل تشجيع الدول النامية الصغيرة على الانخراط، يمكن السماح لها بالمشاركة في مرحلة أولى على أساس رسم اقل أو في حدوده الدنيا? وبخصوص التنفيذ الفعال، يمكن لرسم الكربون أن يشتغل بشكل أفضل إذا ما طبق على النقط الأساسية التي تعرف كثافة في تدفق الكربون? مثلا، محطات تكرير البترول، وخطوط الغاز، المفاحم، محطات الغاز الطبيعي المسال،مصانع الصلب والحديد، صناعة الالمنيوم، والصناعات الكيماوية? ورسم الكربون الموحد حول الغازات المسببة للاحتباس الحراري، المطبق على عدد محدود نسبيا من المواقع الكبرى سيسمح بمراقبة أفضل ويمكن مراجعته خلال التقييم السنوي للسياسات الاقتصادية والجبائية التي يطبقها صندوق النقد الدولي? وأخيرا، ولان رسم الكربون هو النظام الأكثر شفافية من الناحية النظرية، والأكثر عدالة، يمكن أن يستجيب أحسن لمقاربة شاملة للتغيير المناخي المرتكز على الوعي الجماعي الدولي والتضامن التي بدونها لا يمكن بلوغ هدف الحماية? ولا يهم كيف يتم تجميع الأرقام? 12 - ويتعين أيضا الأخذ بعين الاعتبار المقاربات القطاعية التي تطبق معايير مماثلة لمراقبة الانبعاثات في الصناعات التي تتوفر على المعايير إنتاج مماثلة مثلا، الطيران، الصلب والملاحة? ومخطط عمل بالي يحيل على »مقاربات قطاعية تعاونية وعمليات قطاعية خاصة« كعنصر مهم في نظام التقليص من الغازات المسببة للاحتباس الحراري لما بعد 2012. لكن قضية المقاربة القطاعية تبقى معقدة وثبت بالدليل أنها تخلف انقسامات? وبدل التعامل مع مجموع الاقتصاديات وجميع أنواع الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنظام موحد،فإن المقاربة القطاعية تقتضي خلق حملة من الاتفاقيات الدولية للتعامل المختلف مع مختلف القطاعات ومختلف أنواع الغازات? والاتفاقيات قطاع / مستوى سترتكز على معايير موحدة شاملة بالنسبة لقطاعات محددة أو أصناف من مصادر الغازات المسببة للاحتباس الحراري? وستكون الدول النامية معنية ويمكن أن تستفيد من بعض الإجراءات التحفيزية لمساعدتها على تحقيقها، وبالتالي يمكن فرض قيود تجارية من اجل فرض احترام الاتفاقيات في قطاعات التجارة الحساسة? ويعتقد البعض أن العنصر الايجابي الأول للمقاربة القطاعية هو أنها ستتعاطى مع مسألة »هروب الكربون« عندما يتحول النشاط الاقتصادي في الصناعات المستهلكة الكبرى للطاقة على المستوى العالمي، مثل الألمنيوم آو الاسمنت آو الصلب، من منطقة بمستويات كربون إلى مناطق أخرى ليس بها مستوى كربون? وستستفيد البيئة، من كون الصناعات ستكون مدعوة للتحرك وفق نفس المعايير في كل العالم? من جانب آخر سيكون تدبير المقاربة القطاعية، حسب البعض اقل فعالية وأكثر تعقيدا من الناحية الاقتصادية من المقاربة الاقتصادية الواسعة? إضافة إلى أن الكثير من الدول النامية تتخوف من أن تفرض عليها المقاربة القطاعية أهداف تخفيض في الانبعاثات دون ضمانات واضحة للمساعدة المالية أو نقل التكنوولجيا? وهناك أيضا مسألة معرفة كيف يمكن التنسيق بين جملة من الاتفاقيات القطاعية المتفرقة وقياسها من أجل التأكد من أن المستويات الضرورية لتخفيض الانبعاث من أجل بلوغ هدف خفض الحرارة ب 2 درجات مئوية? ويمكن إدماج بعض عناصر المقاربة القطاعية في اتفاق عام حول المناخ بشكل فعال، ولكن بالنظر إلى التعقيدات المرتبطة به وآثار التقاطب الذي لوحظت حتى الآن، يجب أن ينظر لكل ذلك كمسألة ثانوية بالمقارنة مع المهمة الأساسية المتمثلة في التركيز على مجالات الاتفاق وربط الجسور الضرورية لبلوغ اتفاق شامل وكامل في كوبنهاغن يرتكز على التزامات واسعة ومتقاسمة? 13- في نفس الوقت يجب اتخاذ إجراءات تحفيزية لجعل إنتاج طاقات متجددة ذات حمولة كاربونية ضعيفة، أكثر جاذبية وفي هذا الصدد فان دور السياسيين والحكومات والقطاع العمومي حيوي جدا? فالأسواق مكون ديناميكي للاقتصاد العالمي لكن الأزمة المالية الشاملة أكدت أنه يمكن تضخيم الأسواق وتكون مضرة إذا لم يتم تنظيمها بشكل ملائم? وهكذا فإن تحدي التغير المناخي يؤكد بوضوح الحاجة إلى توازن جديد بين الحكومات والأسواق والمجتمع? فالطاقة الشمسية والريحية والقوة الجيوحرارية من بين موارد الطاقة المتجددة الواعدة? واستغلال القوة الهائلة للشمس من خلال الألواح الشمسية وتكنولوجيات أخرى تشكل مصدر طاقة نظيفة أكيدة وبدون حدود? ورفع الاستثمار العمومي في هذا المجال باتخاذ إجراءات تحفيزية لاستعمالها وتطورها في القطاع الخاص يمكن أن يرفع بشكل مهم من النسبة المئوية التي تجنيها البشرية حاليا من الطاقة الشمسية والتي تبقى ضعيفة? والطاقة الريحية تشكل كذلك مصدر طاقة نظيفة ومتجددة لا تستغل بالشكل المطلوب? وأوربا في منتصف الطريق في هذا المجال لاسيما عبر استغلال الرياح في عرض البحر، وتتجه لإنتاج ربع كهربائّها من خلال مولدات هوائية في عرض البحر خلال أقل من عقد? والسياسات العمومية التي تشجع في مثل هذه الحالة، استعمال الطاقة الريحية ومشاركة شركات القطاع الخاص في إنتاجها تساهم في رسم الطريق الواجب إتباعه بالنسبة لمناطق أخرى من العالم في جهودها من أجل الاستفادة من الطاقة الريحية? وتشكل الطاقة الجيوحرارية كذلك مجالا واعدا للاستغلال، بالنظر إلى الاكتشافات الأخيرة لاحتياطات طاقة حرارة القشرة الأرضية الهائلة، و مازال استغلال الطاقة الجيوحرارية عمليا بشكل ضعيف في العالم. لكن الاحتياطات الجديدة المكتشفة تشكل إمكانية هائلة إذا ما تم تطبيق السياسات والإجراءات التحفيزية الملائمة? ويشكل إحداث الوكالة الدولية للطاقات المتجددة بمشاركة أولية لأزيد من 100 دولة تطورا إيجابيا. ويتمثل دور الوكالة في مساعدة الدول النامية والدول المتقدمة على التحول إلى اقتصاديات طاقات متجددة بفضل الدعم المالي والتكنولوجي? 14- وفي سياق المشاكل المناخية، تجدد الاهتمام بالطاقة النووية لأنها مصدر طاقة ذات حمولة كربونية ضعيفة حسب الوكالة الدولية للطاقة النووية، فان الطاقة النووية توفر حاليا %14 من مجموع احتياطي الكهرباء? إلا أن قلقا كبيرا مازال قائما بخصوص القوة النووية لاسيما فيما يتعلق بالمشاكل المتعلقة بالسلامة وإمكانيات تخزين النفايات والإشكاليات المحتملة للسلامة والمخاطر البيئية إذا كان ضروريا زيادة قطاعات القوة النووية بسرعة ارتفاع تكاليف رؤوس الأموال التي تتزايد لاسيما خلال الأزمة الاقتصادية الشاملة الجارية حاليا والتي تفوق عموما تكلفة الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية، وفي بعض الدول تتطلب التعقيدات في إنتاج المكونات الأساسية، بناء محطات وآجال البناء الطويلة واستعمال الماء بمستويات كبيرة في الوقت الذي نعيش نقصا في المياه بسبب الارتفاع الشامل للحرارة هذه الانشغالات هي أساس التبرير الذي يفيد بأنه يتعين على العالم أن يركز بشكل خاص حاليا ومستقبلا على نشر التكنولوجيات الشمسية والريحية والجيوحرارية على نطاق واسع? والتركيز أيضا على ضرورة إنجاز أعلى مستويات الفعالية الطاقية? وفي نفس الوقت تدفع الظروف في بعض الدول إلى اللجوء للطاقة النووية أكثر فأكثر ، على الأقل حاليا? في هذه الدول يمكن للاستعمال الدائم وبعض توسعات القوة النووية يمكن أن يكون لها معنى? لكن فقط على المدى القصير والمتوسط وبشرط إعطاء أهمية أكبر للسلامة والانعكاسات البيئية? والسير بشكل متواز مع جهود تشجيع استعمال، وتوسيع الطاقات المتجددة كمصادر أساسية للطاقة في عالم مستدام وبانبعاثات ضعيفة للكربون? 15- و لا يجب النظر للأزمة المالية والاقتصادية العالمية كعائق بل كفرصة لوضع أسس اقتصاد شامل ومستدام، غير مضر بالبيئة وأكثر عدلا، وتشجيع تحول الاقتصاديات ذات الحمولة العالية من الكربون إلى مجتمعات ذات حمولة كربونية ضعيفة? وقد حان الوقت الآن لإعادة بناء النظام المالي الشامل بهدف دعم تطور بيئي متين ومستدام وفتح الطريق أمام مستقبل نمو بيئي? وقلب الارتفاع الشامل للحرارة والحد من التغير المناخي إذا ما تم تمويله بشكل صحيح ومدعوم، يمكن أن يصبح محركا فعالا للنمو وتقليص الفقر? وبينما تحاول الحكومات إنعاش الاقتصاديات الوطنية، عليها أن تضع في الاعتبار تنفيذ سياسات تركز على استثمارات وإعادة توجيه الأسواق نحو نمو أكثر استدامة، وتشجيع المنافسة الخاصة من اجل خلق صناعة نظيفة? والإمكانيات الاقتصادية للتكنولوجيات الايكولوجية هائلة جدا، والشراكات بين القطاعات العمومية والخاصة حيوية بالنسبة لنماذج جديدة من النمو الايكولوجي? وقد ثبت أن صناعة الطاقات المتجددة، بما فيها برامج خلق وإرساء التحولات التكنولوجية الضرورية تخلق مناصب الشغل على المدى البعيد، بينما مجموعات من الحوافز التي تقتصر فقط على وضع أموال إضافية في جيوب الناس، كلها وسائل لا تشكل حلا على المدى القصير، ويمكن أن تشجع الاستهلاك غير المستدام المضر بالبيئة د قلب انقراض الغابات عن طريق الحماية وإعادة تشجير الغابات 16- كانت مشكلة انقراض الغابات مقصية من بروتوكول كيوطو? رغم أن صحة الأراضي الغابوية، خاصة الغابات الاستوائية، مسألة حيوية بسبب الدور المهم للغابات في القضاء على الغازات التي تساهم في ارتفاع درجة الحرارة، وحماية الغابات وإعادة إنباتها يجب أن تدمج في أي نظام حول التغير المناخي ينتظر إقراره في كوبنهاغن? فالغابات هي رئة الكوكب، تشتغل كفخ كبير للكربون لأنها تمتص الانبعاثات التي ترسلها البشرية في الغلاف الجوي، وتساعد أيضا في تلطيف هواء الأرض، وتنتج أغلب الأمطار في العالم، إنها مصدر هائل للتنوع البيولوجي? وضياع الغابات يعني خسارة المعركة ضد التغير المناخي? والمستوى الحالي لانقراض الغابات قياسي وانعكاساته كبيرة? في بداية 2009، كان مصدر ما بين 20 و25 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، هو قطع الأشجار وحرائق الغابات الاستوائية? وأخطر مصدر لانقراض الغابات يتم أولا في الدول النامية التي تصارع من أجل إيجاد توازن بين الضرورات الاقتصادية والحاجة إلى حماية الغابات? وبخصوص قضية معرفة ما إذا كانت آبار الكربون التي تمثلها الغابات يمكن أن تستعمل للجواب على تعهدات تقليص الغازات المسببة للاحتباس الحراري، يتوجب الأخذ في الاعتبار عددا من الأسئلة الإشكالية : أولا، هناك ضعف في القياسات الدقيقة لمعرفة كمية الكربون الذي تختزنه الأشجار، وكذا الصعوبات للتحقق من انخفاض الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي توفرها حماية الغابات? هذه الانشغالات سبق أن أثارها صندوق الشراكة من أجل تقليص انبعاثات الكربون الغابوي التي تناقش في مسلسل مؤتمر كوبنهاغن حول التغير المناخي? ثانيا، هناك قضية الإنصاف، لأنه بما أن الدول مختلفة في الحجم والأراضي الغابوية، ستستفيد بعض الدول أكثر من أخرى بالحصول على قرض لحماية آبار الكربون التي تمثلها الغابات? وتتمثل طريقة اتخاذ مبادرة أكثر إنصافا في خلق آلية حسب المناطق? وهكذا مثلا تحصل كل دول منطقة معينة أو قارة التي تساهم في مجهود المحافظة على الغابة، تحصل على نوع من القرض المشترك ولو أن الدول الكبرى ستكون قادرة على حماية أكبر المساحات من الغابة? ثالثا، ربما الأهم، هناك القلق المتزايد بأن التغير المناخي بدأ في إتلاف قدرات الغابات على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون بشكل ملموس ولاحظت دراسة متعددة الأطراف صدرت حديثا، أشرفت عليها جامعة ليدز (بريطانيا) أنه خلال فترات الجفاف الحاد في الأمازون سنة 2005، تضاعفت نسبة موت الأشجار وخلال فترة من الزمن تحولت الغابة الاستوائية إلى منتج للغاز المسبب للاحتباس الحراري? وبمناسبة نشر الدراسة في مارس 2009? أعلن الباحثون أن هذا النوع من الجفاف المفاجئ والحاد سيتواصل بالتأكيد بشكل متزايد في عالم ترتفع حرارته بشكل شامل? وجاء تحذير آخر في أبريل 2009 في دراسة أخرى أشرف عليها الاتحاد الدولي لمنظمات البحث في الغابات (?ينا)? وأعلن العلماء الذين قادوا هذه الدراسة بأنه بسبب الآثار الجارية لارتفاع الحرارة، أصبحت الغابات مهددة بالانتقال من آبار للكربون إلى مصادر للكربون? وهذا يطرح مشكل ما إذا كان أي نظام لقروض الكربون مهما كانت طبيعته، سيعطي حماية كافية للغابات ويتدخل في الوقت المناسب للحفاظ على قدرة غابات العالم على التصرف كآبار للكربون? 18 إن الضرورة القصوى لإدماج الجهود من أجل التعامل مع التغير المناخي ومن أجل القضاء على الفقر، واضحة وخاصة تجاه مسألة انقراض الغابات، بعض الدول النامية أعدت أهدافا طموحة للحفاظ على أراضيها الغابوية ووضعت برامج واعدة? لكن الضغوط المتزايدة للتنمية، ونقص الموارد المالية، والبحث المحموم عن أراضي جديدة من طرف السكان القرويين والحضريين المهمشين تزيد من صعوبة تنفيذ وتقوية برامج الحماية? وقد اتفق مؤتمر بالي للأمم المتحدة حول التغير المناخي على أن المبادرة المعروفة ب »تقليص الانبعاثات التي يسببها تدهور الغابات في الدول النامية« (REDD) يجب إدماجها في متابعة بروتوكول كيوطو، وطرحت أيضا مقترحات أخرى من مناطق مختلفة في هذا الصدد? وهناك أيضا اتفاق عام في اجتماعات الأممالمتحدة منذ بالي، على أنه يتعين تعويض الدول من أجل تقليص أو وقف انقراض الغابات ومن أجل زيادة غطاءها الغابوي? لكن المفاوضات حول وسائل منح الموارد لفائدة مثل هذه الجهود تبقى صعبة? ومبادرة »تقليص الانبعاثات التي يسببها تدهور الغابات في الدول النامية« (REDD) تقترح من بين اقتراحات عديدة أن تتم إضافة مخزون الكربون في غابات العالم إلى أسواق الكربون المنظمة عموما والتي يمكن أن تقدم تحفيزات مالية، وهو مسلسل معقد وصعب? ويتعين إجراء أبحاث أخرى لتحديد ما إذا كان الاعتراف للشعوب الأصلية، التي تعيش في ومن الغابات وتحميها، بحقوقها على هذه الأراضي، لن يكلف أقل ولن يكون فعالا من أجل الحفاظ على الغابات? 19 - يتعين على دول الشمال ودول الجنوب أن تعبر عن الإرادة السياسية والاتفاق المتبادل من أجل تصور نظام شامل وإجراءات تحفيزية يجعل الغابات مهمة أكثر من الناحية المالية بالنسبة للحكومات والمجموعات والأفراد، إذا ظلت وواقفة بدل قطع أشجارها? وتعزيز التنظيم الوطني والدولي من أجل قلب اتجاه تدمير الغابات يجب أن يرتبط بحوافز مالية تجعل المحافظة على الغابات ممكنة اقتصاديا على المستوى الوطني والمحلي? أما التكاليف، بما فيها الإنجازات التكنولوجية ستكون مرتفعة، تراوح العشرة مليار دولار? ولكن بالنظر إلى الرهان وكون الغابات تمنح الفرصة الكبرى الوحيدة لتقليص انبعاثاث الكربون بالمقارنة مع كلفتها وانعكاسها الآني ، فإن الالتزام يمكن ويجب أن يتم في مؤتمر كوبنهاغن? ه- نقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات تبعا لشرط الموائمة 20- إن نقل التكنولوجيا وتعزيز قدرات البلدان النامية يشكلان عناصر حاسمة لتقليص الهوة التكنولوجية بين الشمال والجنوب، وأيضا لتقديم جواب شمولي فعال لحاجيات الموائمة مع التغيرات المناخية وتحقيق تنمية مستدامة. ففي السنوات الأخيرة، سجل تطور هائل وسريع، في مجالات التنمية التكنولوجيا البيئية، وشكلت عوامل إيجابية واضحة. لكن ذلك لا يلغي الحاجة الماسة إلى تكنولوجيات جديدة أكثر دقة وفعالية تسمح بتحقيق تنمية ملموسة في البلدان النامية. مثلما يجب على هذه الدول، بالموازاة مع ذلك، تقييم إمكانياتها بسرعة بما يتجاوب وشرط الموائمة وحسن تدبير التكنولوجيات ذات الفعالية البيئية المتينة. 21- إن استغلال ما يهبه العلم من إمكانيات تكنولوجية، والعمل على تحويل التكنولوجيات البيئية من أجل مناخ سليم، هو مجال واسع ومعقد، يستوجب أخد وسائل تقنية جديدة بعين الاعتبار، من أجل إنتاج الطاقة انطلاقا من مصادر متجددة، بما فيها الطاقة الشمسية والرياح والحرارية، من أجل إنتاج طاقة متصالحة مع البيئة وتقوي إدماج الساكنة في مبدأ التعايش مع التقلبات والتحولات الواضحة في المناخ. إن مواجهة الصدمات المرتبطة بالمناخ، مثل الجفاف أو الفيضانات، يختلف من بلد إلى آخر، بل وحتى بين جهات البلد الواحد. ولعل أهم الأمور الملحة اليوم، هي أولا تقييم حاجيات كل بلد على حدة في العالم النامي، بما يسمح بتحديد أولوياتها التكنولوجية الخاصة في ما يرتبط بالموائمة. وفي باب الموائمة هذا، لابد من ابتكار الوسائل الفعالة لتعزيز مشاركة الساكنة، ليس فقط لإقناعها بأهمية تلك المشاركة بل حملها على المساهمة في ابتكار أنجع الوسائل المحلية للمحافظة على البيئة، من خلال تحقيق التنمية التي تساعد على محاربة الفقر ? مثلما أن دعم هذه الجهود يقتضي إنشاء مؤسسة دولية، يتحدد دورها في المساعدة على تحقيق التراكم وتوزيع ونقل التكنولوجيات الإيكولوجية، بما يسمح بتعزيز باقي المؤسسات الشاملة وباقي الوكالات العاملة ضمن نظام الأممالمتحدة. إن استثمارا كبيرا، سواء في القطاع العام أو الخاص، في مجال ابتكار التكنولوجيات أصبح ملحا. إن العالم اليوم في حاجة، أكثر من ذي قبل، إلى الإعتماد على أبحاث علمية ذات فعالية وأن يستفيد من برامج أبحاث تحقق تنمية متقدمة. بل إن تعاونا دوليا أكبر وأعمق في ما يرتبط بأنماط الإنتاج، أمر ملح أيضا، لتعزيز الفعالية الطاقية. 22- وفي ما يرتبط بالتقاط وتخزين الكربون، فإن أسئلة عديدة تظل عالقة في ما يرتبط بمجالات الأمن والاستمرارية، وكذا حول ضرورة إدراجها ضمن منظومة الأنظمة الدولية الحادة من انتشار الكربون في الجو: أولا، إن الفحم الحجري وباقي وحدات إنتاج الكهرباء التي تتوفر على أنظمة التقاط وتخزين الكربون جد مكلفة. مثلما أن بناء وحدات إنتاج مماثلة جد مكلف في حد ذاته. ثانيا، هناك سؤال التوقيت .فبناء المحطات التي تتوفر على أنظمة التقاط وتخزين الكربون قليلة في العالم ? وبالنظر إلى التخفيضات التي يتعين القيام بها حاليا فإن بناء وحدات تتوفر على أنظمة التقاط وتخزين الكربون ، وبتكاليف باهظة لتمكينها من المساهمة بشكل ملموس في الحد من انبعاثاث الكربون في الجو أصبح ملحا واستعجاليا. ثالثا، هناك قضية المراقبة والشفافية . فإدراك وفهم مسألة المراقبة والتحقق من التخزين تحت الأرض للغازات المسببة للاحتباس الحراري لا تزال جد محدودة، والحال أن التقاط وتخزين الكربون يتطلب ضبطا واضحا وتقارير دقيقة حول الغازات المسببة للاحتباس الحراري داخل الدول وعالميا. رابعا، هناك قلق بيئي وأمني ، بسبب استمرار تسرب الغازات المسببة للاحتباس الحراري والنشاط الزلزالي، بما في ذلك حماية الأنظمة الإيكولوجية، ومنابع المياه الصالحة للشرب، والفرشاة المائية، وكل المصادر الطبيعية المساعدة في حماية الصحة العمومية كلها قضايا تتطلب معالجة شمولية وسريعة . وعموما، تمثل أنظمة التقاط وتخزين الكربون، إمكانية مهمة على المدى البعيد للمساهمة في مواجهة انبعاثاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. والأبحاث المرتبطة بهذا المجال يجب أن تتواصل على أمل تقديم الجواب على التحديات المذكورة أعلاه ، لاسيما في البلدان التي سجل فيها تقدم واضح في مجال التقاط وتخزين الكربون. إلا أن الآجال طويلة، وبالنظر لاسعجالية تخفيض مهم وسريع للإنبعاثات ، فإن التركيز يجب أن يتم أولا وبأقصى ما يمكن من الوسائل ، على الفعالية الطاقية ومصادر الطاقات المتجددة ، مع التخلي التدريجي قدر الإمكان عن وحدات الإنتاج العاملة بالفحم الحجري، تبعا لظروف كل بلد. و- رؤوس الأموال الضرورية لنقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات. 23- إذا أردنا الوصول إلى اتفاقية ملائمة في كوبنهاغن ، يتوجب على دول الشمال أن تبدل مجهودا واضحا تجاه دول الجنوب، من خلال تقديم المساعدة التكنولوجية والمالية الضرورية لتحقيق الموائمة. إن رؤوس الأموال المقدمة مهمة، لكنها تبقى دون المستوى المطلوب أمام حجم الإستثمارات الشاملة والتدفقات المالية للإقتصاد العالمي . ومن المهم تقديم الموارد المالية لنقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات سواء تجاه مبدأ المسؤولية الجماعية الدولية والمتنوعة وقدرات كل طرف، أو إزاء تعزيز الثقة بين الدول المتقدمة والدول النامية ، والتي تعتبر أمرا حيويا حاسما لتحقيق التضامن بين الشمال والجنوب. 24- إن البلدان النامية في حاجة ماسة إلى النقل المكثف للتكنولوجيا والمساعدة التقنية وتعزيز قدراتها، من أجل اكتساب أنجع السبل لاستعمال التكنولوجيات الجديدة? وهذا أمر يخص إفريقيا أكثر من غيرها، لأنها الأكثر عرضة لعواقب التغير المناخي ? إلا إن البلدان المتقدمة، ومن خلال أسواق الكربون وآلية التنمية النظيفة (MDP) ، وهي مبادرة انطلقت في إطار متابعة بروتوكول كيوطو ، لم تقدم لدول الجنوب، سوى القليل من الأموال في ما يرتبط بدعم الإنتاج غير المعتمد على الكربون ? مثلما أن ارتفاع حجم الموارد المطلوبة للموافقة على المشروع في الدول النامية، قلص من الفعالية الإجمالية لكلفة البرنامج? وفي نفس الوقت يبدو أن دورها الإيجابي في دعم نقل التكنولوجيا كان دون المستوى ? إن الأثر الحقيقي لآلية التنمية النظيفة على الاحتباس الحراري، ليس مؤكدا تماما? لأنه، لا سبيل للبرهنة بدقة بأن تخفيضات الانبعاثات ما كانت لتتم لولا تنفيذ برامج آلية التنمية النظيفة ? ويجري اليوم مسلسل تقييم في الأممالمتحدة ، لكنه لم يقدم بعد التوضيحات اللازمة، ولا تأكيد الحاجة الدائمة للشفافية المطلوبة، وتفادي المخالفة ، وإيجاد الوسائل الناجعة لقياس درجة تراجع الانحباس الحراري ، مما يضاعف من التحديات التي تواجه مشروع »آلية التنمية النظيفة« إن تلك الآلية، بصفتها أداة لمشروع السوق ، هدفها ربط الإستثمارات الأجنبية بمشاريع تنموية نظيفة في العالم النامي مقابل قروض كاربون، استعملت لتحديد سعر خاص بالإنبعاثات? إلا أن السعر يختلف حسب اتجاهات السوق المتقلبة في بعض الأحيان حتى خلال الانكماش الإقتصادي العالمي الراهن? بل إن بعض الدول المنخرطة في تنفيذ مشاريع آلية التنمية النظيفة، يلجأون إلى عقود حماية من أجل تدبير الخسائر عندما تكون سوق الكاربون متدنية? وهذا يجعل المسلسل كله غير شفاف، ويزيد من شبح التخوف من أن تتحول »آلية التنمية النظيفة« المرتبطة بعقود حمائية تنهار بسرعة مثل أي سندات رهون ، أو بنيات قروض مشبوهة ? إن »آلية التنمية النظيفة«، وبشكل عام أسواق بورصة الكاربون ، يجب اعتبارها مؤقتة أو انتقالية، ولا بد من ابتكار بدائل أخرى أكثر قوة وإجرائية من أجل الوصول إلى الأهداف المهمة المتمثلة في تحديد سعر الإنبعاثات بشكل فعال وتوفير الدعم المالي الكافي لتحقيق نقل التكنولوجيا اللازمة ? 25- إن استحداث صندوق الموائمة، الذي اقترحه برتوكول كيوطو، لتمويل إجراءات ملائمة للعالم النامي، قد تمت المصادقة عليه في ملتقى بوزنان، في دجنبر 2008? وإذا كان واضحا أن عشرات ملايير الدولارات ضرورية، فإن المؤونة المالية الأولية من 60 دولارا إلى 80 مليون دولار بدت غير كافية، تماما مثلما هو الحال بالنسبة لقيمة الموارد الحالية، المتمثلة في استخلاص 2 بالمائة عن مشاريع »آلية التنمية النظيفة« ولذلك لابد من اعتبار خيارات جديدة للدعم، وضمنها إلغاء الديون على البلدان الأكثر فقرا، والولوج اللامحدود إلى السوق الدولية بالنسبة لهذه الدول، مما يقلص من التفاوتات بين الأمم? وكذا تحويل الديون الخارجية للدول الفقيرة، أو جزء منها، إلى مشاريع صناديق تمول بواسطتها برامج اقتصادية تنموية ترتكز على حماية البيئة ، والتأقلم مع التغير المناخي ? وإذا كانت بعض أنواع الرسوم على الكربون مقبولة على المستوى الدولي كجزء من الجهود المبذولة من أجل تقليص انبعاثاث الكربون من خلال رفع أسعار الكربون ، فإن جزء من المداخل يمكن أن يفيد في استحداث صندوق دولي لنقل التكنولوجيا البيئية وتعزيز القدرات وفي برامج بديلة للطاقة النظيفة وفي التخزين والحماية? مثلما أن من الإمكانيات المطروحة ، وضع برنامج تحصل بموجبه شركات التنقيب عن البترول أو الغاز أو الفحم الحجري على رخص شراء تكون محددة ومتوافقة مع الشروط التي يحددها علم والمناخ? وهنا أيضا، بإمكاننا توجيه تلك المداخل نحو الصندوق الدولي المكلف بتوزيع الدعم المالي بشكل أكثر شفافية ومسؤولية وإنصافا، والذي يسمح بإدماج الجماعات المتضررة أكثر من غيرها من عمليات الحفر والمناجم? ز- من يقوم بالقياس؟ الآليات والمساطر المرتبطة بالملائمة. 26- بسبب صعوبات التوصل إلى تفاهم حول اتفاق عام جديد بشأن الارتفاع الشامل للحرارة والتغير المناخي، فإنه لم يتم التطرق كثيرا لقضايا الملائمة والدعم. ومع ذلك، فمن البديهي أن الملائمة القوية والناجعة، ونظام للمراقبة، ضروريان لضمان التطبيق الفعال لكل اتفاق. 27- يؤكد مخطط عمل بالي الحاجة إلى سن التزامات تتخذها الدول في إطار اتفاق جديد حول التغير المناخي ، وخاصة فيما يخص خفض الإنبعاثات، لتصبح هذه الأخيرة قابلة للقياس والتجسيد على شكل رسومات بيانية. إن الرهان المطروح يتمثل في إيجاد وسيلة لبلوغ هذا الهدف، وسيلة بمقدورها منح الثقة للدول فيما يخص التطبيق الفعلي للالتزامات. لقد تضمن بروتوكول كيوطو أهدافا ذات صبغة قانونية إلزامية ، مثلما أنشأ «لجنة للملائمة» تيسر وتشجع وتدعم الملائمة. وتشتمل هذه اللجنة على فرع للتسهيل وآخر للتدعيم، فرعان يضم كل واحد منهما عشرة أعضاء بغية ضمان تمثيلية المنظومة الشاملة للأمم . ورغم هذا، فالغرامات المترتبة عن غياب الملائمة مع البروتوكول منخفضة، لذا، ومع موعد قمة كوبنهاغن، فإن تدعيم الإجراءات التحفيزية، في إطار اتفاق مستقبلي، يبقى مهمة أساسية. 28- وهناك إجراء، في إطار أي اتفاق، لا يخلو من إيجابية للمساعدة على الملائمة، يتجسد في إقرار آلية تتمتع بالمصداقية، إجراء، من قبيل اعتماد قاعدة بيانات أو سجل، يسمح لمختلف الدول بتبادل المعطيات وقياس مجهودات كل واحدة منها للوفاء بالتزاماتها، ومن ثمة توطيد الثقة في الوقت الذي يمضي فيه هذا التطبيق قدما. وسيتطلب هذا وسائل قياس مضبوطة تمكن من قياس الإنجازات الفعلية على أرض الواقع، ومن تدوينها ومراقبة صحتها، وسائل ستستعمل قصد قياس مجهودات التخفيف التي تبذلها مجمل الدول من جهة، وقياس مدى احترام الدول المتقدمة لالتزاماتها بمساعدة الدول النامية في مجال التخفيف والملائمة من جهة ثانية. وهكذا، تصبح المسؤولية المشتركة مسألة محورية، وستحصى المعطيات حول الانبعاثات ، عبر العالم، عن طريق وسائل ضامنة للشفافية وتتضمن عمليات مراقبة ينجزها خبراء دوليون مستقلون. 29- لقد قُدمت اقتراحات من طرف مجلس الأمن، تُقِر بالتهديد الذي يمثله التغير المناخي على السلم والأمن العالميين، وهي اقتراحات تهدف إلى اعتماد قرار ذي صبغة إلزامية هدفه ضمان احترام الدول لالتزاماتها المتعلقة بتخفيض الإنبعاثات، مع فرض عقوبات على الدول التي تخل بالتزاماتها. لكن من شأن مثل هذه المقاربة أن تؤدي إلى انقسامات بين الأمم، بل إن اعتمادها مستحيل بدون إصلاح جذري لمجلس الأمن ودمقرطته. وبالمقابل، فما يبدو أكثر إثارة للتفاؤل هو بذل مجهود إضافي من اجل تدعيم الحركة الشاملة الساعية إلى اعتماد مقاربة متدرجة قصد جعل الإرتفاع الشامل للحرارة والتغير المناخي يتقلصان على أنقاض ارتفاع وتيرتهما الحالية (عن طريق مساهمة السياسيين والفاعلين في حقل المجتمع المدني، والرعاية العمومية والتربية المدنية)، ومن أجل تدعيم حملة عالمية قوية، غايتها جعل الحكومات تتحرك في الاتجاه الصحيح. 30- ويتمثل ضعف بروتوكول كيوطو أساسا في نقص التدعيم وعدم نجاعة الآليات. لقد أقر بروتوكول كيوطو نظاما لمراقبة نسبة الكربون، نظام تديره الأممالمتحدة، ويمكن وفق مقتضياته، أن تتعرض الدول غير الملتزمة بشروط الملائمة، للرفع من حصة تخفيضها و/أو الإقصاء من بورصة الكربون. لكن التهديد بمثل هذه الغرامات ليس له أي تأثير مهم على الدول التي تفتقد للرغبة في تخفيض انبعاثاتها جوهريا. إن المفاوضات الجارية في إطار مؤتمر كوبنهاغن للأمم المتحدة حول التغير المناخي (CCNUCC) لم تتطرق إطلاقا للتدعيم. ومن المؤكد أنه من الواجب أن يؤكد اتفاق كوبنهاغن المرتقب على ميكانيزمات ناجعة هدفها تدعيم الملائمة. لقد تمت إثارة بعض الأفكار على هامش مسلسل مؤتمر كوبنهاغن للأمم المتحدة حول التغير المناخي (CCNUCC) ، وتتعلق إحداها بالتزام كل دولة على حدة بتمويل هيئة مركزية ، من قبيل وكالة دولية مثلا، وهي هيئة ستدبر هذه الرساميل الاحتياطية في انتظار الملائمة. ولن تعاد هذه الرساميل إلى الدول التي لا تتوفر فيها الملائمة، بل ستوزع على الدول التي تحقق فيها هذا الشرط. ويمكن تحديد قيمة تمويل كل دولة بالنظر إلى منتوجها الداخلي الخام أو عدد سكانها، أو حسب معيار يأخذ بعين الاعتبار المعطيين معا. إمكانية ثانية، قد تكون خلق نظام دعم شبيه بالنظام الذي نص عليه بروتوكول مونريال من أجل تقليص الأوزون المدمر (الهيدروكلوروفليوروكاربور HCFC)? وتكون الملائمة مع بروتوكول مونريال مدعمة بحدود على السوق? ومع ذلك، فإن النجاح النسبي لبروتوكول مونريال قد جاء نتيجة اتفاق أساسي حول خطورة (الهيدرو كلوروفليوروكاربور) على طبقة الأوزون وحول ضرورة معالجة هذه المسألة? مثل هذا الاتفاق الأساسي والحاسم ينبغي التوصل إليه في إطار مفاوضات مؤتمر كوبنهاغن للأمم المتحدة حول التغير المناخي (CCNUCC)، وإلا فلن يكون هناك اتفاق لدعم الملائمة? الإمكانية الثالثة تتمثل في إنشاء نوع من سلطة الدعم الشامل? يكون بإمكانها إصدار أحكام حول عدم الملائمة وتوجيه غرامات عدم الملائمة? ويجب أن يكون دور مفاوضات مؤتمر كوبنهاغن للأمم المتحدة حول التغير المناخي ) CCNUCC ( هو تسهيل المفاوضات? أما البديل فهو محكمة دولية مشابهة لمحكمة العدل الدولية تعمل كسلطة عليا في مجال الملائمة ، وذلك استباقاً لاتفاق كوبنهاغن? ويمكن أن يشرف عليها مجموعة من القضاة والخبراء في مجال التغير المناخي والشخصيات الدولية المشهود بكفاءتها، ويمكن لهذه المحكمة أن تضم هيئة علمية لدعم مسلسل البحث والتقصي ? ويمكن أن يكون لهذه المحكمة أيضا قوانين تسمو على القوانين الدولية المتعلقة بالبيئة، ولكن مهمتها الأساسية هي ضمان ملائمة أي اتفاق حول تقليص انبعاث الغازات المسببة للإحتباس الحراري ? ويمكن أن تكون لهذه المحكمة سلطة إصدار الغرامات على الدول أو الشركات? إلا أن تأثيرها الأهم سيكون هو عرض وتحديد الدول أو الشركات التي لا تحترم الملائمة أمام الرأي العام? وهنا يظهر الدور المهم والمكمل الذي قد تلعبه منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية على الصعيدين الوطني والدولي للتذكير بأهمية واستعجاليه القضايا المناخية ، ومن أجل التركيز على الإستقلالية الشاملة وحاجة الجميع للمساهمة بشكل تشاركي في الحفاظ على إمكانية الحياة فوق هذا الكوكب ح- التربية وسبل الوصول إلى الأشخاص على الأصعدة المحلية والوطنية والدولية: 31 إن إقرار برنامج عالمي فعال لقلب اتجاه الارتفاع الشامل للحرارة والرد على التغير المناخي، لا يمكنه أن ينجح إلا بالانخراط الكامل لمجموع مواطني العالم والوعي بانتمائنا لهذا العالم وبتغيير سلوكياتنا الاستهلاكية? وهذا يتطلب بذل جهود عامة و خاصة على جميع المستويات لكي يكتسب السكان المعارف الضرورية للمساهمة في هذه الجهود? وينبغي أن يكون لديهم الحافز لكي يقودوا الأعمال التي تحرك الدينامية السياسية في الاتجاه الصحيح، محليا ووطنيا ودولياً? وهذا يتطلب إعداد برامج مساعدة إعلامية في مختلف وسائل الإعلام المتوفرة في كل بلد ومنطقة وعبر الانترنيت وإعداد وتوزيع الدراسات البيئية الملائمة للمناهج الدراسية بدءاً من سن مبكر ، وتصور برامج مستدامة محلياً وإبرازها وتقاسمها على الصعيد العالمي? ومن هنا، فإن كل مساعدة عامة ينبغي أن تضمن بأن الساكنة تفهم أسباب الارتفاع الشامل للحرارة والتغير المناخي والعلاقة القائمة حاليا بينهما? وهكذا، فإن موجة البرد التي ضربت أوربا في يناير 2009 دفعت بعض الأشخاص إلى التساؤل حول مشكل ارتفاع الحرارة، في حين أنه كان من السهل أن نوضح بأن موجة البرد لسنة 2009 لا تمثل سوى تغيرا بسيطا من اتجاه طويل المدى يمتد على عدة عقود من الارتفاع الشامل للحرارة? 32 من المهم جداً أن تتلقى النساء، خاصة في العالم النامي، التربية والتكوين والفرص الضرورية للاندماج التام في الجهود على جميع الأصعدة وفي كل الميادين السياسية، المدنية، الاقتصادية والاجتماعية لأن هناك اتجاها لتهميشهن في القرارات المرتبطة بالسياسة المناخية? فالنساء وأطفالهن الذين يعانون من التغير المناخي مثلما يعانون من الفوارق والنزاعات ? هم الأكثر ميلا إلى تقليص استهلاك الطاقة? وحينما تتاح لهم الفرصة، يساهمون بشكل أكثر فعالية في جهود حماية البيئة? كما أن الشباب ينبغي أن يحظوا باهتمام أكبر، خاصة بتحفيزهم عن طريق التعليم والصحة، لأن الجيل الجديد هو الذي بإمكانه إعطاء الدفع والطاقة الضروريين لمعركة حماية الأرض? فشبابنا هم من سيرث مهمة مواصلة المعركة ليس فقط للحفاظ على الكوكب، بل أيضاً من أجل تقليص الفقر وضمان نمو اقتصادي وحياة كريمة? ط - إصلاح الحكامة الشاملة وهيكلة المؤسسات الدولية: 33- لم تعد الحكامة الشاملة مفهوماً فقط، ولكن ضرورة مستعجلة? فالسياسات ينبغي أن تكون شاملة لضمان السلم والأمن والاستقرار، من أجل حماية البيئة وخلق التنمية والإنسجام الإجتماعي، ولضمان إقتصادات متينة قادرة على مقاومة ضغوط المضاربة وخلق المساواة والفرص للجميع? وليس هناك دليل أكبر لتأكيد هذا الوضع من الارتفاع الشامل للحرارة والتغيرات المناخية? فالطبيعة ( بدون حدود) والتحديات الشاملة لعالم اليوم تتطلب ردوداً مشتركة? إن المؤسسات العالمية باعتبارها جزءاً من النظام متعدد الأطراف، عليها،أكثر من أي وقت مضى، أن تمتلك القدرة والمرونة والسلطة الضرورية للاستجابة لانتظارات ومتطلبات المواطنين المتزايدة? واللجنة تتفهم بأن العديد من السياسات الضرورية والمبادرات الجديدة لن تكون سهلة التطبيق، وأن هناك عوائق سياسية كبرى ينبغي تجاوزها? ولكن ليس هناك من طريق آخر، فأي تأجيل جديد قد يكون كارثياً? 34 من الحيوي بالنسبة للمؤسسات الدولية، وهي الهياكل الضرورية للوصول إلى اتفاقات شاملة من أجل مجتمع عالمي مستدام، أن تزيد من مشروعيتها وتقوية الثقة فيها، بأن تصبح أكثر تمثيلية وأكثر شفافية ومسؤولية? إن إصلاح الأممالمتحدة مسألة مركزية من أجل تحقيق حكامة شاملة أكثر عدلاً وفعالية? كما أن على الدول الأعضاء في الأممالمتحدة أن تضاعف من جهودها من أجل إعادة الحيوية وإعادة تشكيل هذه الهيأة الضرورية، المستندة إلى تفاعلات وعلاقات ديمقراطية أوسع بين الأمم وإلى أجوبة متعددة للرد على التحديات التي يواجهها العالم اليوم? ومن الأساسي القيام بإصلاح الأممالمتحدة بتوسيع مجلس الأمن? فالعالم قد تغير بشكل واضح منذ منتصف القرن الماضي? وعلى مجلس الأمن أن يعكس واقع عالم اليوم باحتضانه للأصوات المهمة والرائدة في أوربا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية? و باهتمام خاص بالارتفاع الشامل للحرارة وتغير المناخ، فإن البرنامج البيئي للأمم المتحدة يجب أن يتحول إلى وكالة أممية ذات سلطة مستقلة، منظمة بيئية للأمم المتحدة بتناسق مع أهمية الأسئلة المطروحة اليوم على جدول الأعمال الدولي? 35 إن إصلاح الأممالمتحدة ينبغي أن يهدف أيضاً إلى تناغم وتلاقي أكبر للسياسيين لضمان أن تصبح السياسات البيئية، الاقتصادية والتشغيلية والمالية والاجتماعية للمؤسسة مندمجة بشكل فعال في مقاربة مشتركة للتنمية المستدامة? إن دمقرطة الأممالمتحدة ينبغي أن تسير بشكل متوازٍ مع دمقرطة مؤسسات دولية أخرى، وبتعاون وتنسيق أكبر بين الوكالات والبرامج لضمان التطبيق الجيد للأهداف الدولية المشتركة المتفق عليها? فصندوق النقد الدولي والبنك العالمي على وجه الخصوص بحاجة إلى تمثيلية أوسع للاقتصادات الصاعدة? كما هما بحاجة إلى علاقة أكثر مساواة وأكثر عدلا مع الأمم النامية? وتطبيق مثل هذه الإصلاحات مسلسل صعب من التنازلات والتسويات? ولكنه السبيل الوحيد الممكن من أجل إحراز التقدم? إذا أردنا الرد بفعالية على التحديات التي يطرحها عالم متداخل كليا، وللمحافظة على كوكبنا يتعين إعادة هيكلة كيانات شاملة وتعزيزها وتمويلها على أساس تضحيات مشتركة وكرم جماعي? ي- تصور مجتمع عالمي مستدام طويل الأمد 36 لقد قدمت الأممية الاشتراكية رؤيتها لبناء مجتمع منتج لكميات قليلة من الكربون وليس فقط لاقتصاد قليل الإنتاج للكربون? لأن التحديات التي تواجهها الإنسانية ليست فقط اقتصادية أو متعلقة بمعادلات علمية أو قرارات تقنقراطية ? إن التحدي يتمثل في إعادة هيكلة وتجديد المجتمعات كجزء من عقد جديد (نيوديل) مع الطبيعة، لا يمكن تطبيقه دون المشاركة والمساهمة الطوعيتين لشعوب العالم أجمع، شمالا وجنوبا، نساء وشباباً، رجال أعمال وعمال? وسيظل هذا التحدي، بغض النظر عن أي اتفاق يتم التوصل إليه في كوبنهاغن هو الذي سترد عليه الإنسانية نفسها بأن تجيب على سؤال كيف ستعيش في المستقبل في علاقة مع الأرض وما إذا كانت الأرض مضيافة أم لا؟? أشغال واجتماعات اللجنة 1- لقد تابعت اللجنة عن قرب الجهود الكبيرة المبذولة من طرف الأممالمتحدة من أجل ضمان متابعة مقررات بروتوكول كيوطو ، وفي نفس الوقت تجميع مختلف المقترحات ووجهات النظر ، من مختلف مناطق العالم ، حول أفضل طريقة لتنفيذ المهام المطروحة حاليا ? الاجتماع الأول للجنة الذي احتضنته لندن في نونبر 2007 ، في ضيافة غوردون براون ، زعيم حزب العمال البريطاني ، انعقد قبيل مؤتمر الأممالمتحدة حول التغيرات المناخية في بالي ( دجنبر 2007 )، والتي اعتمدت خلالها أزيد من 180 دولة خارطة طريق مخطط عمل بالي من أجل تطبيق نظام جديد حول التغيرات المناخية خلال سنتين ? ومع التأكيد بأن الأمر يتعلق ب (أكبر تحدي في عصرنا ) اعتمدت اللجنة في لندن ، بلاغا شدد على الأولويات والعمل الذي يجب الاضطلاع به ، وكذا حول الأجندة المناخية استعدادا لمؤتمر بالي ، الذي يستوجب إطلاق مسلسل يقود إلى اتفاق ، يكلل بالنجاح ، حول سلسلة جديدة من الالتزامات الدولية لما بعد 2012 ? وانطلاقا من حقيقة أن ارتفاع حرارة نظام المناخ في العالم كان حقيقة علمية لا جدال فيها ، تم التأكيد على أنه لا يمكن لأي دولة التعامل مع هذه القضية بصفة فردية ، وأن الكرة الأرضية لم تعد تسمح لأي دولة بالتخلف عن هذا الركب ? كما تم التأكيد على أنه في إطار هذه الجهود ، يجب التقريب بين مقاربتين رئيسيتين ، من جهة المقاربة العلمية ، ومن جهة أخرى المقاربة السياسية ? إن الاستراتيجية الشاملة لمحاربة التغيرات المناخية يجب أن تتضمن مساندة تقنية واقتصادية للدول الأقل قدرة على خفض انبعاث الغازات ، في حين أن الدول التي تنتج أكبر حصة من هذه الانبعاثات عليها التوصل إلي اتفاق للتخفيف منها ?كما اتفقت اللجنة أيضا على أن الجهود المتعلقة بالتقليص من التلوث يجب أن تتم بالموازاة مع الجهود الدولية لمكافحة الفقر ? لقد شددت اللجنة أيضا على أن عقدا جديدا (نيو ديل) مع الطبيعة ضروري من أجل إعادة التوازن لعلاقة الإنسان مع بيئته ، كتصور جديد للحكامة يعكس أهمية هذا الترابط ? 2 - بعد ثلاثة أشهر من مؤتمر بالي ، اجتمعت اللجنة في سانتياغو ، (الشيلي)، في 24 مارس 2008، بحضور فخامة الرئيسة ميشيل باشليت ، رئيسة جمهورية الشيلي ، وترأسه ريكاردو لاغوس ، رئيس اللجنة ? لقد أعلنت اللجنة في سانتياغو ، أن التفاهم العام في بالي يشجع فكرة أن أي تأجيل لخفض الارتفاع الشامل للحرارة سيؤدي إلي انعكاسات مناخية حادة في عالم أصبحت أنظمته الإيكولوجية هشة ? لقد حيت اللجنة الاتفاقات التي تم التوصل إليها ، بما فيها ، خارطة الطريق وخطة عمل بالي ، اللتين تقدمان بنية من أجل المفاوضات الجارية من أجل التوصل إلى نظام جديد حول التغير المناخي خلال مؤتمر الأممالمتحدة حول التغيرات المناخية في كوبنهاغن ? لقد أكدت اللجنة على القناعة الثابتة للأممية الإشتراكية بأن أي برنامج حول التغيرات المناخية ، يجب أن يرتبط باستئصال الفقر ، وبأن سياسات التنمية الوطنية والدولية يجب أن تصبح في أسرع وقت سياسات إيكولوجية نظيفة وتتضمن كليا المشاكل المتعلقة بالمناخ والاحتباس الحراري وعلى هامش اجتماع اللجنة بالشيلي ، توجهت مجموعة من المشاركين إلى الأنتارتيك وباتاغونيا ، في أقصى جنوب الشيلي ، خلال الأيام التي سبقت المناقشات التي تمت في الشيلي ، من الجمعة 21 إلى الأحد 23 مارس ، من أجل الوقوف ميدانيا على آثار التغيرات المناخية في هذه المنطقة من العالم ? وفي مدينة (بونتا أريناس) (بباتاغونيا) ، على جزيرة ماغدالينا بخليج ماجيلان، حيث تعيش أكبر مجموعة محمية من طائر البطريق في القرن الجنوبي ، وقفت المجموعة على الجهود المبذولة في المنطقة من أجل حماية البيئة ? وفي الأنتارتيك ، بالقاعدة الشيلية إدواردو فري المتواجدة بإحدى المناطق الساخنة فيما يتعلق بارتفاع حرارة الكرة الأرضية بالقارة البيضاء التي ارتفعت حرارتها أكثر من أي منطقة أخرى بالجزء الجنوبي للكرة الأرضية ، وقفت المجموعة بالدرجة الأولى على الآثار الوخيمة والمعقدة للتغير المناخي ? وقد تم إطلاع المجموعة على هذا الوضع من طرف مسؤولي القاعدة ، وهي واحدة من أكبر القواعد في المنطقة ، حيث يتواجد بها حوالي مائة من الأشخاص بصفة مستمرة ، وتم القيام ببحث هام حول الجليد تطرق بشكل مفصل إلى حالة المناخ بالقارة الذي يتغير بسرعة وبشكل كبير ، متأثرا بالأنشطة البشرية في مناطق أخرى من الكرة الأرضية ، والذي يتجلى في انهيار جبال الجليد وانخفاض كمية الجليد في البحر في مناطق من الأنتارتيك حيث الهواء الساخن والتعرض لأمواج المحيط يؤدي إلى تشقق الجليد ? ومن الأنتارتيك ، دعا ريكاردو لاغوس ، باسم المشاركين، المجموعة الدولية لنهج طريق آخر من أجل الحفاظ على الكرة الأرضية لفائدة الأجيال الحالية والمستقبلية ? وقد أكدت المجموعة على أهمية وجود إرادة سياسية قوية وأهمية مشاركة المواطنين ، المجموعات ، المؤسسات والحكومات ، بالإضافة إلى الدور الحيوي للعلماء في مراقبة الأنظمة الطبيعية للكرة الأرضية والحاجة إلى الاستثمارات العمومية والخاصة والتي لها نتائج هامة على صعيد البحث العلمي 3 - إن الموضوع الرئيسي للمؤتمر 23 للأممية الإشتراكية الذي انعقد في أثينا من 30 يونيو إلى 2 يوليوز 2008 ، تحت شعارعام: (التضامن الدولي : شجاعة خلق الفارق) كان هو لنتحرك الآن بخصوص التغير المناخي من أجل بناء مجتمع متين على الصعيد الدولي. ومتابعة لعمل اللجنة ، أعاد المؤتمر التأكيد على التزام الحركة الاشتراكية الديموقراطية الدولية من أجل الدفع إلى الأمام باستمرارية عامة في عالم متكامل أكثر من أي وقت مضى ? لقد اعتبر المؤتمر أن الأزمات المالية، الغذائية والأزمات المتعلقة بالوقود ، التي انتشرت بسرعة من هذه القارة إلى تلك ، ليست سوى الأدلة الأخيرة ، بأن الأجوبة الجماعية أصبحت حاسمة من أجل رفع التحديات ، التي ليست لها حدود في عالم اليوم ? وكجواب على الاقتراحات التي قدمتها اللجنة ، شدد المؤتمر على أن التغيرات المناخية خلقت عالما له حاجيات متغيرة وفي الغالب أكثر استعجاليه بالنسبة لموارد الدول ، مع نقط حساسة قد تؤدى إلى نزاعات تخص الحصول على موارد الطاقة والموارد الطبيعية ، وتصاعد الاضطرابات المرتبطة بالهجرات البيئية ، انتشار الأمراض المعدية ومشاكل صحية أخرى ، وضغوطات أكبر بالنسبة للأكثر فقرا وهشاشة ، مناطق ودولا ? لقد أقر المؤتمر بأن تأمين نظام عالمي قادر على تقديم أجوبة فعالة ، يتطلب ريادة ، واحتراما متبادلا بين الدول المتقدمة والنامية ، والذي يشترط درجة أكبر من التضامن مما هو عليه الأمر حاليا ? وقد شدد على أن التضامن النشيط يجب أن يتضمن مساندة تقنية واقتصادية للدول الأقل قدرة على خفض انبعاثاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع التأثيرات المتصاعدة للتغير المناخي ? ومساندة لاقتراحات اللجنة ، فقد شدد المؤتمر على أنه من بين الجوانب المهمة للعمل الذي يجب القيام به للوصول إلى جواب أكثر شمولية ووحدة على التغيرات المناخية ، هو تحسيس الرأي العام ، بدءا بالتربية والتعليم? وقد تم التنويه بالتحسيس المتزايد للمواطنين في مناطق مختلفة من العالم ، لكن المؤتمر ارتأى أنه يجب بدل مجهودات أكبر ، لتقوية عمليات التحسيس هذه ، خصوصا في صفوف الشباب ، والتشديد بالخصوص على تبادل أفضل التطبيقات والبرامج المتعلقة بالمساعدة العمومية الواسعة ، في نفس الوقت ، على الصعيد السياسي وعلى مستوى الجماعات ? لقد أعلن المؤتمر أن عددا كبيرا من الإجراءات السياسية والمبادرات الجديدة الضرورية ، سيكون من الصعب تطبيقها ، لأن ليس هناك طريق آخر ، لكن أي تأخر في عملنا سيرهن قدرتنا على تقديم أجوبة فعالة على التغيرات المناخية ? وفي هذا الإطار ، فالمؤسسات العمومية ، التي تشكل جزءا من النظام متعدد الأطراف في مجموعه ، يجب عليها ، أكثر من أي وقت مضى، أن تتوفر على القدرة ، المرونة ، والسلطة لتقديم أجوبة على الانتظارات والمطالب المتصاعدة لمواطنينا من أجل عالم أفضل ? 4 - في سان بيتر سبورغ أيام 14 - 15 يوليوز 2008، عقدت اللجنة ندوة حول التغير المناخي? جمعت أعضاء اللجنة وممثلي الأحزاب وعلماء وخبراء روس من أجل تبادل وجهات النظر حول قضايا التغير المناخي، تحت رئاسة رئيس اللجنة ريكاردو لاغوس وغوران بيرسن و في ضيافة سيرجي ميرونوف رئيس مجلس فيدرالية روسيا، ورئيس حزب روسيا العادلة، تطرقت الندوة لثلاث مواضيع أساسية: التحكم في التغير المناخي عبر نمو اقتصادي مرتكز على العدالة والتشغيل واحترام البيئة، تشجيع موارد طاقية بديلة، وتعزيز التنظيمات الوطنية والدولية التي تحمي الماء والغابات? وقدمت عروض مفصلة ودقيقة حول كل موضوع من هذه المواضيع من طرف أعضاء هيئات أكاديمية وعلمية روسية? واتفق المشاركون في هذه الندوة على أن العيش على هذا الكوكب، والسلم والاستقرار العالمي هي الرهان المطروح، وانه ليس أمام البشرية سوى سنوات معدودة لقلب تنامي انبعاثات الكربون من أجل تفادي أفدح العواقب للارتفاع الشامل للحرارة? وقد تم التركيز على ضرورة بدل جهود كبرى من أجل تحويل الاقتصادات المبنية على استهلاك الطاقات الأحفورية إلى اقتصاديات بحمولة كربونية ضعيفة ، بطاقات أكثر فعالية ترتكز على موارد طاقية بديلة? وفي هذا الصدد، دعت اللجنة إلى بدل مزيد من الجهود الوطنية والدولية من أجل زيادة إنتاج، واستعمال الطاقة الشمسية والريحية والجيوحرارية وموارد طاقة متجددة أخرى، وكذا وضع برامج لخلق وإرساء التحولات التكنولوجية الضرورية، وكل ذلك من أجل خلق حافز اقتصادي قوي وتحسين آفاق إحداث مناصب الشغل? وتعتقد اللجنة أن هذا لن يتم إلا بشرط أن تطور الحكومات بتنسيق مع قطاعات الأعمال والشغل، وترسي سياسات لتشجيع البحث العمومي والخاص وتقوم بالاستثمارات الضرورية من أ جل تنفيذ الانتقال نحو الطاقات البديلة والمتجددة? وأكدت اللجنة على ضرورة وضع نظام شامل و مندمج من أجل قياس وتوقع التغيرات المناخية، وخدمة دولية للإنقاذ، ومركز دولي مكلف بإعداد بوادر بنية صناعية قوية وإيكولوجية? وضرورة بدل جهود اكبر بتنسيق أفضل من أجل الحفاظ على المحيطات سليمة ونظيفة? وتأمين الموارد من الماء النقي وحماية الأراضي الغابوية لأنها ضرورية للحياة البشرية? 5 - واجتمعت اللجنة في ستوكهولم أيام 5 و 6 شتنبر 2008 في ضيافة الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي، ونائب رئيس اللجنة غوران بيرسن من أجل بحث قضية نقل التكنولوجيا وتعزيز قدرات الدول المتقدمة كجزء من الرد الشامل? وشددت اللجنة على أن بلوغ مستوى التعاون الضروري كان رهانا سياسيا، يفترض من البلدان السائرة في طريق النمو، سيما الدول والمناطق الأكثر هشاشة، أن يكون لها صوت أكثر وضوحا في المفاوضات بشأن اتفاق جديد حول المناخ... 6- اجتمعت اللجنة في ‹كاب› بجنوب إفريقيا بتاريخ 2 مارس 2009، وحظيت بالاستقبال من طرف رئيس الجمهورية كغاليما موتلانتي وزعيم (ANC)، جاكوب زوما، حيث تم تنظيم مناقشات تمحورت حول تجربة إفريقيا للتحكم في الاحتباس الحراري في العالم والتغيرات المناخية وتطلعات القارة لعقد مفاوضات شاملة في أفق التوصل إلى اتفاق بكوبنهاغن. ولقد أجمع القادة والوزراء التابعون لمختلف الحكومات تحت إشراف أعضاء الأممية الاشتراكية بإفريقيا المشاركين بالاجتماع، أجمعوا على رسالة واحدة: رغم أن إفريقيا هي التي تتحمل أقل المسؤولية في الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، إلا أنها تعاني من أسوأ الآثار المترتبة عن ذلك، والطريق نحو مفاوضات شاملة تتطلب تضامنا معمقا من الشمال نحو الجنوب من أجل مساعدة القارة الإفريقية على التأقلم مع التحديات الجديدة. ولقد شدد المشاركون في الاجتماع على العلاقة التي تربط بين العدالة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مسجلين أن الأشخاص الأكثر هشاشة في إفريقيا هم الذين يعانون أكثر من تداعيات الاحتباس الحراري، وبالأخص من الجفاف، وأن التغير المناخي كان إذن سببا في انتشار الفقر بالقارة. كما تم التشديد على الآثار السلبية للصراعات العنيفة والتي تنعكس على البيئة، والبنيات التحتية والسلم الاجتماعي بإفريقيا، وتم التركيز أيضا على الحاجة إلى تعاون إقليمي ودولي على نطاق أوسع من أجل المساعدة على حل الصراعات بشكل سلمي، كجزء من مقاربة شمولية لمواجهة التغيرات المناخية. وتم التركيز على الحاجيات الأساسية للأمم الإفريقية في إطار التأقلم مع التغيرات المناخية، وكذا على إرادة الأمم المنتمية للعالم النامي، سيما بالنظر إلى الركود الاقتصادي العالمي، من أجل مساعدة القارة بشكل فاعل في جهودها الرامية لتطوير قدراتها التكنولوجية. وتم أيضا اعتبار مسألتي تحديث التكنولوجيا ودعم التكوين ك»عاملين يندرجان في إطار الجهود الإفريقية الهادفة لتحقيق التطور في ظل الانتقال إلى الطاقات المتجددة، وبالأخص الطاقة الشمسية والهوائية والطاقة الحرارية». وفي أفق كوبنهاغن، جددت اللجنة موقفها بأن الاستعجال بمعالجة مسألة التغيرات المناخية لا ينبغي أن يتم استصغاره بسبب الضغوط الاقتصادية العالمية، وأنه لم يكن ثمة خيار بين حماية البيئة وضخ دماء جديدة في الاقتصاد العالمي، في حين أن الأمران متكاملان ومترابطان ولا يمكن إلا العمل على معالجتهما معا. ولبلوغ نموذج جديد للتفاعل الإنساني في إطار مجتمع عالمي مستدام، أكدت اللجنة مجددا على ضرورة تحقيق مستوى أعلى من التضامن، سيما من الشمال نحو الجنوب في حالة إفريقيا، وحتى في ما بين الدول النامية. إن الرهان ليس منحصرا في التكنولوجيا لوحدها، لكن أيضا في التعليم وفي ضرورة خلق ثقافة لحماية البيئة والحفاظ عليها، سواء كان ذلك على المستوى المحلي أو على الصعيد العالمي. 7- خلال اجتماع بيكين بالصين يومي 14 و15 ماي 2009، تحت شعار «من أجل الحديث على أعلى مستوى حول التنمية المستدامة»، تبادل أعضاء لجنة الأممية الاشتراكية من أجل مجتمع عالمي مستدام وجهات النظر مع الرئيس «و جينتاو»، ومع قادة حكومة جمهورية الصين الشعبية والحزب الاشتراكي الصيني. وخلال هاته الاجتماعات، شدد قادة الأممية الاشتراكية والمسؤولون الصينيون على الحاجة الراهنة للمعالجة الفعالة والشاملة للرهانات الأساسية والمترابطة المتعلقة بالتغيرات المناخية وتفعيل التنمية المستدامة. وتم الاتفاق على أنه ينبغي على جميع البلدان المساهمة في تقليص انبعاث الغازات التي تؤثر على الاحتباس الحراري اعتمادا على مبدأ «مسؤوليات مشتركة لكن مختلفة» كما هو منصوص عليه في بروتوكول كيوتو. كما تم الاتفاق على أن التغيير المناخي كان فرصة للنهوض بالتنمية الاقتصادية المستدامة، بما في ذلك العمل على الاستثمار في الاستعمال المتزايد للطاقات المتجددة لما في ذلك من أرباح للبلدان النامية والسائرة في طريق النمو. 8- لدى انعقاد مجلس الأممية الاشتراكية في بودفا بمونتنيغرو، يومي 29 و 30 يونيو 2009، والتي حملت شعار: (الاشتغال من أجل إطار عام جديد للاقتصاد العالمي ، سلم وأمن و ديمقراطية و بيئة) طرحت إشكالية التغير المناخي كقضية محورية في النقاش الذي ساد أشغال المجلس? وفي ترقبه لقمة كوبهاغن التي كانت ستنعقد بعد ذلك في دجنبر الموالي، شدد المجلس على ضرورة أن تكون الاتفاقيات التي سيتبناها ذلك المؤتمر طموحة وواقعية، وقائمة على أسس اجتماعية أكثر مما كانت عليه قمة كيوطو ، وكان موقف مجلس الأممية الاشتراكية أن تمثل الدول المتقدمة القدوة في هذا الشأن، وأن تبذل هذه الدول جهودا ملموسة لتعبيد الطريق الذي يجب أن يحتذى، وبأن يشكل مبدأ المسؤولية المشتركة تجاه المستقبل، بناء على مقاربة ملائمة للامكانيات المتباينة للدول، بوصلة تسير على هديها البروتوكولات الدولية مستقبلا? و كان هذا موقف جميع أعضاء المجلس? وقد سطر مجلس الأممية الاشتراكية، بناء على مساهمة اللجنة، على ضرورة دعم دول الشمال لدول الجنوب بغية تمويل الإجراءات اللازمة للتأقلم مع التغير المناخي، مع ضمان نقل التكنولوجيا والمساعدة على تطبيق السياسات التنموية لهذه الدول? كما سطر المجلس في الآن نفسه على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، وبشكل متوازن ،الجوانب الاقتصادية،الاجتماعية، والثقافية، والثقافية مع المساهمة في وضع تصور للتنمية المستدامة? وهكذا تم إطلاق النداء العاجل للتحرك الفوري ، لمصلحة الجميع، في اتجاه عالم أكثر عدلا، أكثر إنصافا وأكثر احتراما للبيئة، دون خلق أي شكل جديد من أشكال اللامساواة في ظل الانشغال بالقضايا البيئية الأساسية? 9- ملاحظات للختم طوال مسلسل اشتغالها، استفادت اللجنة من دراسات الآفاق المستقبلية لأعضائها وللمساهمين من الدول الكبرى والصغرى على السواء ، المتقدمة منها والسائرة في طريق النمو ، والتي ساهمت في إقامة جسور ساعدت على الفهم الجيد لمسألة التعاون شمال-جنوب، والتي لا غنى عنها لبلوغ الحل الشامل والمندمج لارتفاع درجة الحرارة والتغيرات المناخية? كما أعلنت اللجنة عن ذلك خلال أول اجتماعاتها بلندن ، فإن الأمر يتعلق بمسؤولية مشتركة يجب أن تكون مؤسسة على ( تضامن فعال بين الدول الغنية والدول الفقيرة) و في إطار( روح الحوار شمال-جنوب)?