"البريكولاج" ليس عملية سهلة التنفيذ، يمكن لأي رئيس جماعة أن يمارسها، بل يجب أن يحظى هذا الأخير بتزكية جميع مستشاريه، من الموالين والمعارضين، لكي يمرر تكاليف هذا "الترقاع" في الحساب الإداري، في خانة ما يصطلح عليه بمصاريف متنوعة. عملية بريكولاج في شارع وسط الدارالبيضاء (أيس بريس) في الدارالبيضاء العملاقة، كما في أي مدينة صغيرة، مثل زحيليكة، أو الدشيرة، يلجأ المسؤولون الجماعيون إلى سياسة "البريكولاج"، تحت غطاء ما يسمونه، تجاوزا "الترميم المستعجل"، لإصلاح بعض الشوارع الرئيسية، التي تتضرر بسبب التساقطات المطرية. بعد أيام على الفيضانات الأخيرة في عدد كبير من المناطق الحضرية، التي تضررت بسببها الطرق، وتعمقت "الجروح" المرسومة على الشوارع، كأنها أخاديد يُمكن أن يغرق فيها جمل بطوله وعرضه، بدأت آلة "الترقاع" في العمل ليل نهار، لطمر الحفر، وإخفاء معالم العيب والغش في البناء، التي كشفت عنها الأمطار. تقوم عملية "البريكولاج" على ملء الحفر بالزفت، في عملية ينجزها، عادة، عُمال من الإنعاش الوطني، لا يتوفرون، في الغالب، على تقنيات ووسائل تبليط، تتماشى ومعايير الجودة المعروفة عالميا. وتلجأ الجماعات، أو المقاطعات الحضرية، حسب التسمية الجديدة، إلى مجموعة من الأساليب في "الترقاع"، أبرزها التبليط بالزفت البارد، وهو نوع متوفر بكثرة في البلد، وسهل الاستعمال، وتكلفته قليلة، ويستعمل غالبا في طمر الحفر الصغيرة والمتوسطة الحجم. ويتكون الزفت البارد من الحصى الرقيق ومادة الزفت، ولا يُكلف وضعه سوى بضع دقائق، لكنه سريع التلف، ويمكن أن يزول مع أولى التساقطات المطرية الموالية. ويُستعمل في الشوارع المكتظة، التي يصعب على التقنيين أخذ الوقت الكافي لترميم الحفر الموجودة بها. أما النوع الثاني من "الترقاع"، فتكلفته متوسطة، ويتطلب وضعه حيزا زمنيا، يصل إلى أربع ساعات، لكن، لا يمكن استعماله إذا كانت الحفر مبللة، لأن الزفت المستعمل فيه جيد و"سْخون"، حسب لغة التقنيين. ويمتد هذا النوع من الترقاع مدة طويلة، وغالبا ما يستعمل في الطريق السيار، وفي الشوارع الرئيسية، وبالقرب من المستشفيات، لأنه لا يثير الضجيج عند احتكاك العجلات به، في حين، تبقى الطريقة الثالثة في "البريكولاج" أكثر تكلفة، وتتطلب وقتا طويلا، وغالبا ما يقع اللجوء إليها كآخر الحلول، خاصة عندما يتعذر الترميم، ويصبح "الترقاع" غير مجد، إذ تجري إزالة الجزء المتضرر من الطريق، وإعادة تبليطها من جديد.