تُنذر الأزمة المغربية الفرنسية الصامتة بكثير من التطورات، فباريس تنتظر إشارات قوية من الرباط لرأب الصدع بين الحليفين التقليدين؛ لكن هذا لن يتحقق بدون حصول المغرب على ضمانات واقعية، لا سيما في ما يتعلق بملف الصحراء وموقف الاتحاد الأوروبي منه. وفي هذا الصدد، قال الكاتب المغربي الفرنسي الطاهر بن جلون بأن "المغرب والمغاربة محبطون ولا يفهمون السياسة الفرنسية في المغرب الكبير، إنهم يتابعون الحملة الانتخابية باهتمام ويلتقطون القنوات الفرنسية المختلفة". وأورد الطاهر بن جلون، في مقال نشر بموقع مجلة "لوبوان" الفرنسية، أن "المغاربة لا يفهمون بأن تونس متروكة لمصيرها، أو أن الشعب الجزائري لا يحظى بالدعم الكافي في نضاله السلمي ضد الطغمة العسكرية التي تكمم أفواههم". وشدد الكاتب المغربي الفرنسي في مقاله على أن "قضية التأشيرات الفرنسية التي خفضتها سلطات باريس إلى النصف، سخيفة"، مبرزا أن "عددا من سائقي الشاحنات الذين يخدمون أوروبا تقطعت بهم السبل ووجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل". وكتب بن جلون: "منذ الاثنين 29 نونبر، تم إغلاق جميع الحدود المغربية لمدة أسبوعين على الأقل. هذا ليس ردًا على الطريقة غير الدبلوماسية التي كرر بها فرانك ريست، وزير الدولة للتجارة، أثناء زيارته للمغرب، أن قرار إصدار عدد أقل من التأشيرات الفرنسية للمغاربة سوف يستمر. لا، المغرب يريد أن يحمي نفسه من المتحور الجديد". وأورد مؤلف كتاب "العنصرية كما أشرحها لابنتي" أن "القنصليات المغربية لا ترفض إعادة المهاجرين غير الشرعيين. "إنهم سيقبلون ذلك عندما يكونون مغاربة. ومع ذلك، فإن هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، بدون وثائق، ليسوا كلهم مغاربة". وقال بن جلون بأن "الداخلية الفرنسية لا تفرق بين التونسيين والجزائريين والمغاربة. لا تستطيع القنصلية المغربية إعادة الجزائريين أو التونسيين. وهذا هو أصل الخلاف"، مشددا على أن "فرنسا قررت معاقبة الجميع"، وفقا لما قاله مسؤول كبير في سفارة المغرب في فرنسا. وأوضح أن "تأثير الثقافة الفرنسية يمر بوقت سيء، حيث ينضم المزيد والمزيد من الطلاب إلى المجلس الثقافي البريطاني لتعلم اللغة الإنجليزية. تفضل العائلات التي لديها الوسائل المالية إرسال أطفالهم للدراسة في الولاياتالمتحدة أو إنجلترا أو كندا. تتم كتابة اللوحات الإعلانية بالكامل باللغة الإنجليزية. هناك انتكاسة وأيضا مزاج سيء. هل هو خيبة أمل؟ واسترسل الكاتب المغربي الفرنسي: "لا أعرف ما إذا كان رئيسا الدولتين تحدثا مع بعضهما البعض. النقطة المهمة هي أن سياسة فرنسا تجاه المغرب قد تغيرت. لنفترض أن هذا البلد، الذي طالما استفاد من العلاقات المتميزة، يُعامل اليوم بفتور معين، لا سيما منذ الاتفاقات الإبراهيمية، التي لم تلعب فيها فرنسا أي دور فيها. وهي غير قادرة على فعل أي شيء لإغضاب القادة الجزائريين الذين يواصلون مضايقة واتهام المغرب بأنه نصب "الكيان الصهيوني" على حدوده. وقال الطاهر بن جلون بأن "المجلس العسكري الجزائري يدعو إلى الحرب، ويرفض أي يد ممدودة من المغرب. وهي تعتقد أنها بمهاجمة المغرب ستحل المشاكل الخطيرة التي طرحها المحتجون منذ أكثر من عامين. يعد تاريخ التأشيرات جانبا واحدا فقط من نزعة الإليزيه. بدأ المغرب في البحث عن أماكن أخرى وتنويع علاقاته التجارية. على ما يبدو، بدأت المملكة في عدم التركيز على فرنسا والعالم الناطق بالفرنسية. التقطت الإذاعات الخاصة هذا الاتجاه من خلال تنظيم نقاشات لمحاولة فهم سبب انفصال المغاربة تدريجيا عن المجال الفرنسي. هذه علامة مهمة".