خرج مئات المواطنين في إحدى مدن الشمال للتعبير عن استيائهم على إقدام السلطات المحلية على إلغاء ضريبة اعتاد المواطنون على أدائها فور توصلهم بالإشعار القانوني المنظم لمقررات أداء هذه الضريبة والمبلغ الواجب أداءه و تاريخ الاستحقاق، واعتبر المحتجون قرار إلغاء الضريبة إجحافا في حقهم، و هضما لحقوقهم المكتسبة التي طالما ناضلوا من أجل تحقيقها، طبعا هذا الأمر لا يمكن أن يحدث في بلادنا، لانه من غير المعقول و من عاشر المستحيلات أن تقدم السلطات المغربية على إلغاء ضريبة معينة، و حتى البرلمان لا يعطيه الدستور حق إلغاء ضريبة ما، هذه الحادثة التي تحدثنا عنها وقعت في أحدى الدول الغربية، منذ مدة ليست قصيرة، حيث خرج مئات المواطنين للتعبير عن غضبهم على هذا الفعل الغير قانوني، لأنهم كمواطنين ينتمون إلى دول الشمال فهم يفهمون جيدا كيف يتم تدبير الأموال التي يدفعونها للدولة كضرائب و التي تنعكس في نهاية المطاف على حياتهم العامة و الخاصة على شكل خدمات معينة، فهم يفهمون بذلك ثنائية الحق و الواجب التي تؤطر العلاقة التي تربط المواطن بالدولة، لذلك فهؤلاء المواطنون الصالحون فهموا أن إلغاء هذه الضريبة سيكون على حساب الخدمة التي كانت تقوم بها الدولة مقابل تحصيل هذه الضريبة، لذلك خرجوا إلى الشوارع احتجاجا ليس على قرار إلغاء الضريبة و لكن تحسبا و استباقا لتملص الدولة من أداء بعض من مسؤولياتها اتجاههم. والسؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة لنا هو لماذا ندفع الضرائب للدولة بتعدد مسمياتها و تنوع مجالاتها ؟ لماذا كل هذا الكم من الضرائب و هذه الٌإقتطاعات من الرواتب؟ ماذا يجني المواطن المغربي من وراء القيام بواجباته المتعلقة بدفع الضرائب؟ "" إن الموازنة بينواجبات المواطن وحقوقه اتجاه الدولة ترتكز أساسا على ثنائية الحقوق و الواجبات، وبالتالي فكل واجب يفرض على المواطن يلازمه و يقابله حق يجب ان يتمتع به إقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، فالحقوق المترتبة للمواطن هي نتيجة منطقية للواجبات التي يؤديها في ضل البلاد التي ينتمي إليها او يستوطن ترابها أو يحمل جنسيتها، طبعا إذا كانت هذه البلاد ديمقراطية و تتحمل مسؤولياتها القانونية و الأخلاقية تجاه الأفراد الذين ينتمون إليها فإنها ستوفر لهم كافة الحقوق والحريات بشكل متوازن وبدون تميز، إضافة إلى خدمات متميزة تظمن لهم كرامتهم و انسانيتهم. فالمشرع عندما يقوم بفرض الضرائب على المواطنين يكون الأمر مرتبط بالأساس بمجموعة من الخدمات و المسؤوليات التي تقوم بها الدولة للمواطن، و بذلك تكون الضرائب التي يدفعها المواطن تعود عليه بالمصلحة، فالاقتطاعات المرتبطة بالتغطية الصحية مثلا في البلدان التي تحترم نفسها، تقابلها خدمات متميزة يتمتع به المواطن في ما يتعلق التطبيب و الإستشفاء، و هكذا ضريبة النظافة ....ألخ السؤال المطروح هو لماذا يختلف الوضع في بلادنا، لماذا يدفع المواطن المغربي الضرائب دون أن يتمتع بحقوقه المترتبة عن دفعه لتلك الضرائب، لماذا ندفع ضرائب بدل النظافة و لا يستفيد من النظافة سوى الأحياء الراقية التي يقطن بها علية القوم، من ذوي المراكز السامية، أما في الأحياء الشعبية فلا تكاد تمر من شارع أو زقاق دون أن تزكم انفك روائح الأزبال المتراكمة، أضف إلى ذلك اقتطاعات ما يسمى بالتغطية الصحية الإجبارية، او مايصطلح عليه بالتعرية الإجبارية، فالأجير عندما يملئ الإستمارة المتعلقة بالتعويض عن مصاريف التطبيب و الإستشفاء يفاجئ بأنه ليس من حقه ذلك طالما انه لم يصب بمرض عضال ليس منه شفاء إلا الانتقال إلى رحمة الله، وهكذا تقتطع من أجرته مبالغ طائلة من المال على شكل ضرائب مباشرة و غير مباشرة دون أن يكون له حق الإستفادة منها. فالمواطن المغربي كتب عليه أن يدفع أمواله التي كسبها بمشقة مقابل حصوله على الأمن يجد نفسه في أخر المطاف ضحية لرجال الأمن الذين يستفيدون من امواله، والذين لاهم لهم سوى ملاحقة اصحاب المركبات السيارة و ابتزازهم بالحق و الباطل، و كتب عليه أن يدفع أمواله لكي أجور و مكافآت توزع لذوي الوظائف السامية، والمسؤولين الكبار و الصغار والسياسين من وزراء و برلمانيين دون يقدموا أدنى خدمات تنعكس على هذا المواطن المقهور. وتنتزعه من بؤس العيش الذي يزداد يوم بعد يوم. بل اصبح المواطن المغربي مجبرا على أن يدفع فاتورة السياسات الفاشلة التي لم يستشره أحد يوما فيها.