تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    العواصف تُلغي رحلات بحرية بين طنجة وطريفة    الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي    مكناس.. البواري يزور ورش تهيئة موقع الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    هجمات سيبرانية على مواقع مغربية ونفي رسمي لاختراق بيانات حساسة يثير تساؤلات حول الحماية والاستراتيجيات    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة.. "المباريات السابقة منحتنا الثقة وسنبذل كل ما في وسعنا لبلوغ المربع الذهبي" (نبيل باها)    جماهير اتحاد طنجة ممنوعة من حضور كلاسيكو الشمال    فيفا تقرر تثبيت كاميرات على أجساد الحكام خلال مونديال الأندية    في لقاء بين ناصر بوريطة وماركو روبيو بواشنطن ..التأكيد مجددا على سيادة المغرب على صحرائه وأن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد    أمن أكادير يطيح بعناصر شبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    في مناظرة «المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟» بمؤسسة HEM    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    طنجة.. توقيف مدير سابق بقناة "ميدي 1 تيفي" على خلفية شكاوى بالنصب والاحتيال    منخفض جوي يقترب من المغرب: توقعات بتقلبات جوية وأمطار نهاية الأسبوع    تقرير: المغرب مُهدد بفوات قطار الذكاء الاصطناعي بسبب غياب النصوص التشريعية    في قلب العاصفة: قراءة في ديناميكيات إقليمية متصاعدة وتداعياتها    تحديد حكام ديربي الوداد والرجاء    الصحراء المغربية: دعم دولي وارتباك جزائري    اكتشاف حصري لبقايا مستعر أعظم جديد ي عرف باسم "سكايلا" بأكايمدن    عين على اللقب.. "أشبال الأطلس" يسعون لتجاوز عقبة جنوب إفريقيا في ربع نهائي "الكان"    أخبار الساحة    تعيين بدر القادوري مديرا رياضيا جديدا لفريق المغرب الرياضي الفاسي    السعودية توقف آلاف المخالفين وتشدد إجراءات الدخول تمهيدا للحج    المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تطلق برنامج "نقلة" لتكوين المكونين في مجال الحق في بيئة سليمة    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    أرقام مقلقة.. انقطاع أزيد من 2500 تلميذ عن الدراسة في "إعداديات الريادة" الجديدة    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    بووانو يسائل وزير التشغيل والكفاءات عن حيثيات وأضرار الهجوم السيبراني على وزارته    مجلس النواب يستعد لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025    اتهامات ب "الإهمال" في مستشفى الحسيمة بعد وفاة سيدة أثناء عملية جراحية    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الشارقة تحتضن أول اجتماع لمجلس الأعمال المغربي-الإماراتي    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    الترويج لوجهة المغرب: المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرار إلغاء ظهير الامتياز الضريبي الخاص بطنجة وانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية

أحست ساكنة طنجة مؤخرا بعبئ ثقيل ينضاف إلى ما تعانيه المنطقة من ظاهرة الغلاء الذي يحطم الرقم القياسي على الصعيد الوطني، ويتعلق الأمر بوقف العمل بالظهير الشريف الخاص بالامتياز الضريبي القاضي بإعفاء ساكنة طنجة من أداء 50% من مستحقات الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات منذ سنة 1963 كتعويض لهم عما لحقهم جراء نزوح الرأسمال الدولي عن طنجة بعد مغادرة الإدارة الدولية. حيث توصل دافعو الضرائب ابتداء من شهر شتنبر2009 بفواتير جد مرتفعة قياسا على ما كانوا يؤدونه سابقا لإدارة الضرائب، وكان أول رد فعل هو ما قام به تجار شارع المكسيك من خلال إصدارهم لبيان احتجاج يستعرضون فيه جملة من المطالب بسبب ما لحقهم من أضرار أصبحت تهددهم بالإفلاس جراء الارتفاع المهول في الضرائب المستحقة، علما أن الوضع في السابق كان يتسم بالاعتدال، وكان سكان طنجة على مستوى الظاهر يتمتعون بهذا الامتياز الضريبي.
وقد أعقب ذلك الاحتجاج عقد لقاء مفتوح مع التجار المتضررين بمقر الغرفة التجارية بطنجة تحت إشراف رئيسها يوم 25 شتنبر 2009 تقرر خلاله القيام ببعض المساعي لدى الجهات المختصة من أجل تفهم الصعوبات الناتجة عن تطبيق ذلك القرار، وانعكاساته السلبية على كل فئات التجار والحرفيين الصغار في مدينة طنجة، وقد تقرر لهذه الغاية فتح مداومة بالغرفة التجارية من أجل تسلم الشكايات بهدف تقديمها إلى إدارة الضرائب قبل نهاية الشهر بهدف مراجعتها، وقد استجابت إدارة الضرائب لهذا المطلب بشكل جزئي، حيث تمت مراجعة عدة حالات من الشكايات المعروضة التي حظي أصحابها بتخفيض نسبي.
إلا أن ذلك التدخل لم يحل دون استمرار الاحتجاج في أوساط التجار والفاعلين الاقتصاديين، الذين ظلوا يتحركون في كل الاتجاهات ويداومون على عقد اللقاءات من أجل التشاور حول الصيغ العملية الممكنة من أجل مواجهة المشكل بما في ذلك التهديد باللجوء إلى القضاء من أجل الطعن في كيفية تصريف وتنفيذ القرار المرتبط بالقانون المالي (2009)القاضي بإلغاء الظهير الشريف الصادر سنة 1963.
وتجدر الإشارة إلى أن بوادر التخلي عن الظهير الشريف قد ظهرت في عهد وزير المالية السابق، لكنه تم العدول عن اتخاذ القرار آنذاك بعد تقديم تعرضات في الموضوع، وكانت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين قد أثارت الموضوع في حينه وتناولته وسائل الإعلام التي نبهت إلى الانعكاسات السلبية للقرار .
واستمر الوضع على حاله إلى أن طرح المشكل من جديد خلال إعداد القانون المالي لسنة 2008 حيث أجرى برلمانيو طنجة اتصالا مع وزير المالية، والوزير الأول، والمدير العام للضرائب، تم خلاله التوصل إلى اتفاق مبدئي على أساس تطبيق القرار المزمع اتخاذه بشكل تدريجي خلال خمس سنوات.إلا أن ذلك القانون المالي حين صدوره لم يتضمن هذه الصيغة التي تنطوي في حد ذاتها على خطأ يطال الأشخاص الذاتيين، بل نص على التطبيق الكامل للقرار، وهو نفس الأمر الذي تم ترسيمه في مدونة الضرائب الصادرة سنة 2009 التي نصت على إلغاء العمل بالظهير الشريف دون مراعاة للاعتبارات السابقة .وقد شرع في تطبيق هذا الإجراء القانوني ابتداء من السنة المحاسباتية 2008 حيث تبين أن التطبيق قد تجاوز معدل 50 % من الاستخلاص المعتاد، ووصل في كثير من الحالات إلى مستوى 150% من الزيادة في التحصيل الضريبي.وقد تبين وجود اضطراب في اعتماد السعر الموحد الذي ينطوي في حد ذاته على خطأ، ومع ذلك تم تطبيقه بشكل عشوائي على صعيد تراب الولاية، كما اتضح أن أصحاب التقدير الجزافي كانوا أكثر تعرضا للضرر مقارنة مع أصحاب النظام المحاسباتي الذين ظلوا بعيدين نسبيا عن هذا التأثير السلبي.
ومقارنة لحالة طنجة مع الوضعية الخاصة بالتحصيل الضريبي على الصعيد الوطني فيما يخص المنهجية والمعايير المعتمدة في الاستخلاص الخاص بالضريبة على الدخل، يتضح أن الخطة المطبقة على طنجة اقتضت اعتماد سعر خاص بالمنطقة مضروب في 20% في حين أنه يتم على الصعيد الوطني اعتماد جدول أسعار تصاعدي. ولذلك فوجئ السكان بالنتائج المترتبة عن تطبيق هذا المعيار، حيث حرم أصحاب الدخول المتوسطة والضعيفة من حق الإعفاء من الشطر الأول الذي يبتدئ من 0 إلى 28 ألف درهم، وذلك ابتداءا من سنة 2009 اعتمادا على احتساب دخول 2008 وهو ما لا يتطابق مع الوضعية العامة في باقي المناطق والمدن المغربية التي يعفى فيها أصحاب هذا الشطر من أداء الضريبة على الدخل. والملاحظ أن أصحاب الدخل إلى غاية 84 ألف درهم هم بدورهم متضررون من تطبيق هذا الإجراء.
وبمقتضى هذا الاختيار المنهجي الخاطئ أصبحت الضريبة في طنجة معممة انطلاقا من 0 درهم إلى ما لا نهاية، كما أصبحت الضريبة على الدخل مضاعفة بنسبة تفوق 100% بعد إلغاء مبدأ تخفيض 50%.
وكانت الدورية الخاصة بالتطبيق الصادرة عن الإدارة في شهر فبراير 2009 تنص على إجراء المفاضلة وتخيير دافعي الضرائب بين الأفضل لهم، فإما الأخذ باعتماد التقدير على أساس اعتبار 70 ألف درهم كحد أدنى بالنسبة لأصحاب التقديرات الجزافية، أو تطبيق زيادة 20% على أصحاب النظام المحاسباتي. وكانت النتيجة وقوع عدة أخطاء تقنية بسبب عدم مراعاة الاختيار الأفضل المناسب لكل حالة على حدة، مما أدى إلى مضاعفة نسب الضرائب ثلاث مرات، علما أن 90% من المشاركين في الضريبة على الدخل هم من أصحاب الدخول الجزافية، الأمر الذي نتج عنه تغييب العدالة الضريبة وتكريس ظاهرة التمييز بين دافعي الضرائب. بل حتى على صعيد ولاية طنجة يلمس البعض وجود خلل في التطبيق لأنه لا يصح أن يتم الكيل بمكيالين، ففي مقاطعة الشرف التي كانت أقل تضررا، اعتمد اجتهاد خاص يقضي بتطبيق زيادة 20 % على معدل الضرائب المحتسبة سنة 2007 ، في حين اتبعت مسطرة مخالفة على صعيد المناطق الأخرى بالمدينة، مما تسبب في تفاقم الضرر،علما أن المنطق والعدالة الضريبية يقتضيان وجود تقارب في تطبيق المذكرة على التقسيمات الجبائية الخاصة بالأشخاص الطبيعيين.
وحين الوقوف على هذه التحولات الطارئة، سيتبين أن التعديلات التي طرأت على الظهير المذكور قد مرت بمرحلتين. أولا : الخضوع للتصحيح الجزئي سنة 2007 فيما يخص التراجع عن خطأ الإعفاء الضريبي على الدخول العقارية غير المهنية (التي ظلت تستفيد من نسبة 50%من التخفيض الخاص بالإعفاء الضريبي منذ سنة 1963) علما أن الإعفاء كان يتعلق بالدخول المهنية فقط خلال السنوات الماضية..
ثانيا: صدور قرار الإلغاء سنة 2008 أي التخلي عن الامتياز الضريبي الخاص بالإعفاء بنسبة 50% وتعويضه بتطبيق معدل قار بنسبة 20% ابتداءا من1/ 1/2008 إلى 31/12/2010 بالنسبة للأشخاص العاديين، ورفع النسبة كل سنة بنقطتين إلى غاية 2015 ، أما بالنسبة للشركات فستظل تستفيد من نسبة 17.5% من الإعفاء عوض 30% (المعمول به على الصعيد الوطني حاليا) إلى غاية 2010 ثم رفعه بنقطتين ونصف كل سنة إلى غاية 2015 وهي السنة التي سيلغى فيها الامتياز نهائيا، ليحل محله تنفيذ القانون العام.
وحسب التقييم الأولي للتجربة السابقة قبل إلغاء العمل بظهير الامتياز الضريبي لطنجة، وكذلك التجربة الحالية يتبين أنه في السابق لم يكن المواطن يستفيد من الامتياز المذكور حقيقة، بسبب الطريقة المعتمدة في تحيين المعطيات وتحديد الأساس الخاضع للضريبة، وذلك مقارنة مع المساهمين في الأقاليم الأخرى على الصعيد الوطني الذين كانوا يؤدون مستحقات أقل نسبة في وضعيات مماثلة، وهو ما يؤكد أن الامتياز كان مجرد وهم لا أقل ولا أكثر بالنسبة للنظام الجزافي.
وفي سياق ردود الفعل يرى البعض في تطابق مع الموقف الرسمي أن الإبقاء على ظهير الامتياز السابق يشكل حالة استثناء وأنه غير منطقي ولا عادل إذا تم استحضار مستوى الرواج التجاري والاقتصادي الذي تتمتع به طنجة قياسا على الأقاليم والمناطق الأخرى..
ومن وجهة نظر أخرى، فإن آخر شيئ يمكن التفكير فيه هي الضريبة على الدخل، لأن القطاع الخاص بكل مكوناته الضريبية لا يساهم إلا بنسبة 20% من مجموع حاصل هذا النوع من الضريبة، في حين يظل الموظفون العموميون هم المساهم الأول على الصعيد الوطني بحكم أن الاقتطاعات المفروضة على الأجور انطلاقا من المنبع تشكل نسبة 80% مما يطرح أكثر من سؤال عن سبب تدني مساهمة القطاع الخصوصي العريض.
وأمام هذه الإشكالية فإن المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، ومن أجل تجاوز تداعيات الأزمة القائمة، يرى ضرورة مراجعة الأساس الضريبي الذي على أساسه تحتسب الضريبة بما يعكس الواقع الفعلي للنشاط التجاري والاقتصادي للمدينة، والانكباب الفوري للإدارة على معالجة الشكايات المقدمة وإعطائها الأولوية والأهمية التي تستحقها من خلال اعتماد الشفافية في التعامل، وكذلك الانفتاح على المواطنين والمجتمع المدني عبر انتهاج سياسة القرب و الأبواب المفتوحة في أفق خلق توعية شاملة بالحقوق والواجبات الضريبية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.