هل أضحى التخفيض من الضريبة على الشركات ضرورة ملحة في ظل غياب تنافسيتها في الاقتصاد سواء الداخلي أو العالمي، هذا الأخير الذي يعرف تطورات جمة تفرضها الظرفية الاقتصادية. غير أن بقاء المغرب في مراتب متأخرة فيما يتعلق بالتنافسية العالمية يطرح أكثر من سؤال حول مدى نجاعة التقليص من الضريبة على الشركات، والتي ستكبد خزينة الدولة أزيد من 24 مليار درهم، وكيفية التعامل مع هذه الضريبة التي مازالت تحتفظ على نفس المستوى منذ ما يناهز العقد من الزمن بمعدل 35 في المائة. المنظومة الضريبة يعرف المغرب الكثير من التعقيدات في المجال الضريبي، ويفتقد إلى سياسة واضحة في هذا المجال، والتي بإمكانها أن تساعده في قطع أشواط كبيرة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وأبرزت الدراسة التي أنجزها مركز بيشماركين العالمي أن التحاليل المنجزة تبين أن المغرب يفتقد إلى تنافسية في المجال الضريبي، و بإمكان التخفيض من نسبة الضريبة على الشركات جذب الاستثمارات الخارجية والخاصة، علاوة على تبسيط المساطير الإدارية والتي ستسمح بإعادة هيكلة الاقتصاد غير مهيكل. فالتخفيض من هذه الضريبة ستسمح من تطور التنافسية بالمغرب مقارنة مع البلدان المنافسة التي خفضت الثقل الضريبي على المقاولات. إلا أن هذا التخفيض سيكلف خزينة الدولة ما يربو على 24 مليار درهم حسب ما يؤكده العديد من المحللين، الذين يؤكدون ضرورة اعتماده لدى المقاولات الصغرى والمتوسطة. وتسلط التقارير، التي تنجز على المستوى العالمي، الضوء على الاختلالات العميقة التي يعرفها المغرب في المجال الضريبي. ترتيب متأخر اعتبر التقرير أن التنافسية الوطنية أولوية وطنية، ومن أجل الحفاظ على مستوى النمو الحالي، يجب ربطه بالرفع من وتيرة الاستثمارات الخاصة، سيما في قطاع الموجه للتصدير. وحسب مؤشرات التنافسية على الصعيد العالمي، يعتبر المغرب غير تنافسي في مجال الأعمال بالمقارنة مع البلدان المنافسة المباشرة، ومع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وحسب تقرير للبنك الدولي، فإن المغرب يعرف ضعف في التنافسية، بحيث يوجد في المرتبة 115 في الترتيب العالمي، في حين تونس توجد في المرتبة ,80 وتحتل دول افريقية وعربية مراتب أفضل من المغرب كاليمن المرتبة 98 وزامبيا ,102 و وغانا 94 ، ولبنان ,86 وعمان ,55 واثيوبيا .97 ويعتبر المجال الضريبي من بين المتغيرات التي تحد من تنافسية المغرب أمام البلدان المنافسة، علاوة على ضعف المرونة في مجال التشغيل. تنافسية ضعيفة يعتبر المغرب أقل تنافسية من خلال تمظهرين، مستوى نسبة الضريبة على الشركات، والمعايير الإدارية المعقدة المرتبطة بالضرائب، بحيث أن نسبة الضريبة على الشركات بالمغرب، من بين النسب الأكثر ارتفاعا في العالم بحيث يبلغ 35 في المائة، بحيث أن مقارنته مع البلدان المنافسة التي تعرف نسبة 27 في المائة. ويبقى المغرب بعيد عن النسبة الفعلية ب13 نقطة، بتحقيقه ل30 في المائة، بمقابل 17 في المائة للبلدان الأخرى. ورغم أن البلدان المنافسة للمغرب عملت على التخفيض من الضريبة على الشركات وصلت إلى 60 في المائة من النسبة الأصلية، مازال المغرب يحافظ على هذه النسبة منذ العشر سنوات السابقة. من جهة أخرى أثبت التقرير أن الدول التي تتوفر على نسبة أقل من 25 في المائة فيما يتعلق بالضريبة على الشركات تنجح في استقطاب عدد أكبر من الاستثمارات الخارجية، مقارنة مع الدول التي تعتمد نسبة أكثر من 25 في المائة. فالتخفيض إذن من الضريبة على الشركات سيمكن من تفعيل العامل الثاني لضعف التنافسية الضريبية بالمغرب، وسيمكن من تشجيع تنظيم جزء من الاقتصاد غير المهيكل، ومن الخفض من تكلفة الدخول إلى الاقتصاد المهيكل من طرف العديد من المقاولات غير المهيكلة، كما أن هذا الإجراء يجب أن يوازيه الخفض من التعقيدات الإدارية للإعلان عن الضرائب، وأيضا الشق المتعلق الرشوة، بحيث أن الدول التي لها ثقل ضريبي وإداري مرتفع تتوفر على اقتصاد غير مهيكل جد كبير، كما أن الدول التي فيها ظاهرة الرشوة مرتفعة، لها اقتصاد غير مهيكل جد مهم، من ثم فالخفض من الضريبة على الشركات خطر محدود على المداخيل الجبائية، والتي لها فرص كبيرة للنمو، بحيث بينت الدراسة حول 52 دولة أن محدودية الخطورة المتأتية من التخفيض من نسبة الضريبة على الشركات على المداخيل الضريبية. وقد عرفت أغلبية البلدان التي خفضت من الضريبة على الشركات خلال الخمس عشر سنة تطورا للمداخيل الضريبية المرتبطة بهذه الضريبة. تدابير إن الخلاصات الذي جاء بها التقرير تسلط الضوء على أن النظام الضريبي بالمغرب لا يواكب التطورات المتسارعة التي يعرفها هذا المجال، من ثم أضحى إعادة النظر في العديد من الضرائب المعتمدة بما فيها المغرب ضرورة ملحة، على اعتبار انعكاس هذه الإجراءات على الاقتصاد الوطني برمته، مع مراعاة مختلف النقاط المرتبطة بالمقاولة من قبيل إعادة النظر في منظومة الأجور، والرفع من الحد الأدنى للأجور، والتغطية الصحية، والتعويض عن حوادث العمل...