يرى نجيب بوليف، الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، أن الموارد تقلصت ب30 مليار درهم، وهذا يعني أن الحكومة تعاني أزمة حقيقية بخصوص الموارد، ولذلك فالسؤال القائم هو كيفية تدبير ذلك، معتبرا أن الحكومة عانت خلال سنة 2009 بالفعل من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية؛ على الرغم من أنها كانت تحاول إخفاء ذلك، خاصة في فترة الفصل الأول من 2009 لكن الأرقام الأولى التي نزلت على الساحة أواخر مارس اضطرت الحكومة إلى الخروج إلى العلن والاعتراف بواقع الأزمة. وأكد بوليف بأن التوجه العام هو أن المغرب يتراجع على المستوى الاجتماعي، مشيرا إلى أن المستهلك هو الذي سيتحمل الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة على بعض المحروقات في مشروع القانون المالي لسنة 2010 محذرا من انتقال ميزانية المقاصة من 33 إلى 13 مليار درهم؛ على اعتبار أن الدولة لن تجد المبالغ الكافية لدعم المواد البترولية. وقال بوليف إن الحكومة لم تكن لها الجرأة من أجل الوفاء بما قالته السنة الماضية، واكتفت هذه السنة بعدم إدراج أي تعديل بخصوص التمويلات الإسلامية. يتوقع مشروع القانوني المالي لسنة ,2010 نسبة نمو في حدود 3,5 في المائة، ومعدل تضخم في 2 في المائة وعجز الميزانية في 4 في المائة، ما هي قراءتكم لهذه المؤشرات؟ الملاحظ أن المشروع القانوني المالي لسنة 2010 كان من المفروض عليه أن يشتغل في إطار سيرورة نحو النمو؛ باعتبار أن المشروع الحكومي عندما أعلن عن نسبة النمو خلال خمس سنوات 2007/2012 بأنها ستكون في حدود 5,8 في المائة، كان يتطلب من الحكومة بالفعل أن تسير بهذه السيرورة، لكن اتضح أن الحكومة عانت خلال سنة 2009 بالفعل من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، بالرغم من أنها كانت تحاول إخفاء ذلك؛ خاصة في فترة الفصل الأول من ,2009 لكن الأرقام الأولى التي نزلت على الساحة أواخر مارس اضطرت الحكومة إلى الخروج إلى العلن والاعتراف بواقع الأزمة، فإذن النسب الرئيسية الموجهة لمشروع القانون المالي التي هي نسبة 3,5 في المائة هي نسبة بالفعل تراعي واقع الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد المغربي، وهي دون المستوى المطلوب، لأنها لن تحقق أبدا المتوسط الذي هو مرفوع شعارا للحكومة، وهذا ما جعلنا نقول بالفعل إذا تابعنا حقيقة الميزانية 2009 على صعيد الإنجاز وميزانية 2008 سنلاحظ أنه في 2007 و2008 لم يكن هناك عجز في الموازنة بقدر ما كان هناك فائض الموازناتي، فقد أعلن في مشروع القانون المالي أنه سيكون العجز في 3 في المائة، لكن نظرا للمداخيل الجبائية الكبيرة ومداخيل السياحية والجالية المغربية بالخارج، أصبح ميزان المغرب في الأداءات والميزانية العمومية يعطي فائضا في الميزانية. وفي سنة 2010 كان العجز المقترح مفروض في جزء منه، على الرغم من أن وزير المالية قال إنه اختيار استراتيجي؛ على اعتبار الرفع من العجز من أجل الرفع من الاستثمار، لكن هذا الخيار قد يكون في السنتين الأخيرتين، ولكن لم يكن ذلك، والآن يقال لنا إن الحكومة تريد أن ترفع من العجز من أجل الرفع من الاستثمار، ولكن ذلك فرض عليها، لأنها لم يكن لها خيار. وبخصوص التضخم؛ فالأسعار في عمومها عرفت استقرارا في السنوات العشر الأخيرة، ولم يتجاوز التضخم 2,5 في المائة في العشرية الأخيرة، إلا السنة الماضية، إذ ارتفعت الأسعار إلى حدود 3,5 و3,9 في المائة، وتبقى 2,5 في المائة نسبة معقولة، خاصة عندما يكون انكماش عالمي ويكون انخفاض في الطلب، لأن الطلب لن يكن في المستوى، ومن ثم فإن 2,5 في المائة نسبة معقولة للمغرب في ظل الظرفية الحالية. تتوقع الحكومة تراجع مداخيل الميزانبة خلال سنة ,2010 هل هذا مؤشر على الاعتراف بتداعيات الأزمة؟ حجم الموارد سيتقلص ما بين 10 و11 في المائة في مشروع الميزانية، وهذا كان منتظرا، لأن التغيير الاستثنائي للمشاريع السابقة، بالإضافة إلى أن الموارد التي كانت منتظرة في مشروع القانون المالي لسنة 2009 كانت زائد 24 في المائة، أي أنه كان هناك ارتفاع في ربع الميزانية، وهذا لم يكن معقولا على الرغم من أن القول بأن الموارد الضريبية ستكون كثيرة، لكن هذه السنة رجعت إلى تقدير أن المداخيل ستكون في حدود 264 مليار درهم، وسيكون تراجع في حدود 10 أو11 في المائة، هذا لا يمكن أن يكون تراجعا في الموارد الناتجة عن الأزمة، وهذا التراجع منتظر لأنهم يقولون إن الأزمة أثرت على النمو في حدود 1,5 في المائة، و1,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام تمثل 10 مليار درهم، وموارد الميزانية ستتقلص ب30 مليار درهم من الموارد المصرح بها خلال القانون المالي للسنة الحالية، وهذا يعني أن 10 ملايير ليست هي 30 مليار درهم، وهذا يعني أن هناك تداعيات كبيرة للأزمة، وليس هي الأرقام المقدمة من لدن الحكومة، وهي أرقام أكثر من ذلك، إذ إن الموارد تقلصت ب30 مليار درهم، وهذا يعني أن الحكومة تعاني أزمة حقيقية بخصوص الموارد، ولهذا فإن تدبير ذلك هو الذي ننتظره. قلتم بأن تراجع المداخيل سيكون في حدود 30 مليار درهم، هل هذا سيؤثر على الاقتصاد الوطني؟ أكيد أن ذلك سيؤثر على الاقتصاد الوطني، وستكون له تداعيات، لأن 30 مليار درهم تمثل تقريبا 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام لأن الإشكال الذي يجب أن يعرف المغاربة أن تراجع الموارد لا يكون له أثر على التدبير الحكومي على القطاعات، فحتى التحملات ستتراجع في حدود 10 في المائة، لأن النفقات في حدود 308 ملايير درهم سنة ,2009 والآن في حدود 277 مليارا، ولكن هذا التراجع لن يكون له أثر من حيث التدبير الحكومي على الميزانيات القطاعات، على اعتبار أن كل ميزانيات القطاعات سترتفع؛ باستثناء 2 أو 3 قطاعات، إذن بالرغم من تراجع الموارد فإن التحملات سيكون لها أثر على التكاليف المشتركة، أي تراجع 30 مليار درهم، مرتبطة بالتكاليف المشتركة. ما هي هذه التكاليف المشتركة؟ التكاليف المشتركة مع جميع القطاعات، مثل دور الدولة كمشغل في صندوق التقاعد، أي أن هناك انخفاضا ب10 ملايير درهم، ولكن بالأساس صندوق المقاصة ومكتب القطاني، وصندوق المقاصة كان مخصصا له حوالي 33 مليار درهم، وفي 2010 خصصت له 13 مليار درهم فقط، أي أن 20 مليار درهم التي انخفضت من التحملات لم تنخفض من الميزانية القطاعية ولكن من التكاليف المشتركة. أما الخطر الحقيقي فيوجد في انتقال ميزانية المقاصة من 33 إلى 13 مليار درهم، فلا قدر الله إذا ارتفع سعر البرميل، والذي انتقل من 75 إلى 80 دولار، إذا ارتفعت الأسعار في هذا الجانب، فلن تجد الدولة المبالغ الكافية لدعم المواد البترولية، والآن هناك ارتفاع في أسعار السكر على الصعيد الدولي، ولذلك فالدولة ستجد صعوبة في تحمل ارتفاع أسعار السكر لأنها لم تقدم ميزانية كافية، أي المنتظر سنة 2010 هو أن صندوق المقاصة لن يكون قادرا على متابعة ومسايرة التطورات التي ستعرفها الأسعار الدولية، فالعجز ليس كبيرا ولكن سيكون هناك مشكل حقيقي. على ذكر صندوق المقاصة، العديد من الاقتصاديين يؤكدون ضرورة إعادة النظر في آليات اشتغال هذا الصندوق. 13 مليار درهم توجد في الميزانية والمليار الذي يأتي لها علاقة بالمواد البترولية، والمشكل المطروح هو إصلاح هذا الصندوق، على اعتبار أن المستفيدين الحقيقيين منه ليسوا هم الفئة التي من المفروض الاستفادة منها، فجميع المغاربة يستفيدون منه، وبالتالي يجب إعادة النظر في صياغة وتديره، والمشكل المطروح أن الحكومة ستدخل 2010 بمجموعة من الإشكالات، ولكن لم تعتمد إصلاح هذا الصندوق، وتقول إن هناك دراسات في هذا الموضوع، ومادامت ملامح الإصلاح غير واضحة، فلا يمكن لأي اقتصادي إلا أن يرجح أن هذا الصندوق سيعاني من مشاكل خلال .2010 ننتقل إلى الشق الضريبي، اعتمدت الحكومة زيادة في بعض المواد النفطية، مما أثار العديد من النقاشات حول الموضوع، هل يمكن اعتبار أن هذه الزيادة ستؤثر على أسعار المحروقات المرتبطة أساسا بالعديد من القطاعات؟ وما مدى تأثيرها على المستهلك؟ الدولة راجعت القانون المالي في مجموعة من الضرائب، واعتمدت تغييرا في الضريبة على بعض المحروقات، لكن هذه الضريبة وقعت على القيمة المضافة، ولكن هذا التغيير لم يكن بشكل كبير، إلا أنه فاجأ السوق باعتبار أنه لم يكن منتظرا، وباعتبار أن قطاع المحروقات كان من المفروض أن يطاله إصلاح حقيقي وليس الاكتفاء بالرفع من الضريبة، إذن السؤال المطروح، قبل الخروج بموقف هو معرفة تفسيرات الحكومة في هذا الموضوع، وعلى اعتبار أن هناك صندوقا للطاقة فيه دعم سعودي وإماراتي، ويتوفر على الملايير. إذن عندما يتم إصلاح ما يسمى بالسياسة الطاقية الناجعة، ولا نعرف هل الحكومة ستخصص جزء من هذا الصندوق لدعم المنتوجات. في المقابل هناك زيادة ضريبية، إذا ليس هناك إشارات واضحة على صعيد الهيكلة الضريبية، وبالتالي فالمستهلك هو الذي سيتحمل هذه الزيادة، لأن الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة هي زيادة على مستوى السعر المخصص للمستهلك النهائي. المؤشرات لم تتضح بشكل نهائي ولكن المستهلك هو الذي سيتحمل هذه الزيادات. اعتمدت الحكومة في الشطر الثاني من الإصلاح الضريبة على الدخل، هل يمكن اعتبر هذا التغيير كاف للرفع من الأجور؛ خصوصا في هذه الظرفية؟ لكي نكون واضحين من الناحية النظرية، الحكومة كانت لها الجرأة من أجل اعتماد هذا الإصلاح، وهذا سيكلفها، لكن التخوف هو هل الحكومة ستعتبر بالفعل أن هذا التغيير كاف، ولذلك لم تدخل في حوار اجتماعي هادف، من أجل الاستجابة لمطالب الشغيلة والنقابات والفرقاء الاجتماعيين. وكنا ننتظر ألا تكون تعديلات على مستوى الضريبة على الدخل، وتكون هناك تعديلات على الضريبة على القيمة المضافة، لأن سنة 2010 سيتم فيها فتح هذا الورش، وكنا ننتظر ذلك. مما سيطرح سؤالا عن سبب تأخير التعديل على الضريبة المضافة؛ على اعتبار أن جميع الفاعلين كانوا ينتظرون ذلك، ولماذا اللجوء إلى السنة الثانية من أجل اعتماد تغييرات في الضريبة على الدخل، لأنه سابقة أن تكون هناك تعديلات على الضريبة على الدخل، وهذا يعني أن الحكومة لم يكن لها رؤية واضحة للتعاطي مع هذا الملف، والإشارة الثانية ربما أن هناك إخفاء لعدم القدرة على إجراء تعديل على صعيد الضريبة على القيمة المضافة. والإشكال سيبقى قائما بخصوص التعديلات الضريبية على صعيد قدرة الحكومة لإيجاد استراتيجية واضحة، خصوصا أن أرباب المقاولات مازالوا يطالبون بضريبة على الشركات في حدود 25 في المائة، ومازالوا يطالبون بتغييرات جذرية، ومن ثم هناك العديد من الإجراءات يجب أن تفعل خلال السنوات المقبلة. لم يشر المشروع إلى الخفض من الضرائب على التمويلات البديلة أو التراجع عن 10 في المائة بخصوص الضريبة على القيمة المضافة على الليزنغ، ما هي الأسباب التي تحول دون اعتماد ذلك؛ خصوصا أن الحكومة وعدت بدراسة هذا الموضوع خلال هذا المشروع السنة الماضية؟ فهل يعني أن بقاء كلفة هذه التمويلات مرتفعة هو بمثابة استهداف؟ الحكومة لم تكن لها الجرأة من أجل الوفاء بما قالته السنة الماضية، واكتفت هذه السنة بعدم إدراج أي تعديل بخصوص التمويلات الإسلامية؛ باعتبار أن الحجة أن هناك دراسات جارية حالية، وهناك إطلاع على مجموعة من التجارب، ونحن ندين تراجع الحكومة على ما وعدت به السنة الماضية، لأنها وعدت بأنها ستأخذ بعين الاعتبار مطالب التخفيض من الضرائب المفروض على هذه التمويلات، وهذا يعني أنه ليس له القدرة على الذهاب بعيدا بخصوص هذه التمويلات، وكفريق معارض سنسائل الحكومة بإلحاح على هذا المواد، خصوصا أن فرنسا ذهبت بعيدا خلال هذه السنة، واعتمدت قوانين من أجل تشجيع هذه التمويلات. بعض التقارير الدولية أشارت إلى تراجع المغرب في بعض المؤشرات، خصوصا في ما يرتبط بالتنمية البشرية، ومناخ الاستثمار، هل يمكن إرجاع ذلك إلى طريقة التدبير الحكومي أم أن هناك أسبابا أخرى؟ من وجهة نظر الشخصية، إن كان هناك تقدم في مجموعة من المجالات بالمغرب، فلا يمكن إنكار ذلك، ولكن المغرب لم يفهم على مؤشرات العالمية تأخذ بعين الاعتبار التقدم في الدول الأخرى، فلم يعد مسموحا أن يتقدم المغرب بمفرده، ولكن يجب على المغرب أن يكون مستوى تقدمه يضاهي الآخرين، أو على الأقل في مستوى تقدم الدول المنافسة. إذا الدول الأخرى تتقدم أكثر من مستوى المغرب، فهذا يعني أن المغرب على الرغم من تقدمه فإن تقدمه غير كاف لمجاراة الدول المنافسة، وهذا الذي يجعله يتقدم على مستوى مؤشراته الخاصة ويتأخر في المؤشر العام للدول الأخرى، وهذا الذي يحصل للمغرب في التنمية البشرية، وفي مؤشرات التنافسية ومؤشر الرشوة، بمعنى أن المغرب لا يجاري تقدم الدول الأخرى، وهنا مواطن الخلل التي لم يقدر المغرب على تجاوزها؛ على الرغم مما يقدمه من مجهودات من أجل تنمية مؤشراته العالمية. كيف تعامل هذا المشروع مع القطاعات الاجتماعية، خصوصا التشغيل والتعليم والصحة، هل التدابير الجديدة للرفع من ميزانية هذه القطاعات كافية؟ كفاعل سياسي لابد من أن نشير أن هذه القطاعات كبيرة، والدولة عاجزة عن إصلاحها؛ سواء في التعليم الذي له الأولية بعد الوحدة الترابية. وبعد التراجع الذي عرفه المغرب في التعليم اضطر إلى الإعلان عن مخطط استعجالي، ولكن محتوى هذا البرنامج لن يفيد؛ على اعتبار أن الموارد البشرية هي نفسها والموارد المالية تكاد تكون دون تغيير. وفي قطاع القضاء نفس الشيء، فهو قطاع إداري ولكن هناك علاقة بهموم ومشاكل المواطنين، ولو أن هناك إرادة سامية من أجل إصلاح هذا القطاع، فقد عشعشت فيه مجموعة من التداعيات السلبية والممارسات السلبية، فلا يمكن إصلاح القضاء بنفس الموارد البشرية وبنفس العقليات التي توجد داخل المحاكم، ومن ثم على المدى القريب أو المتوسط فإن الإجراءات الحكومية لا يمكن أن تصلح قطاع التعليم أو القضاء، مما يجعلنا نقول إن المغرب مقبل على إشكالات حقيقية، ويجب على المغرب أن يقر بجدية هذه المشاكل، ويجب عليه أن يجد حلولا جذرية لها؛ خصوصا في هذه القطاعات المحورية، وإلا سيستمر تأخرنا سنة عن سنة، وسيزيد ارتفاع الاحتقان الاجتماعي سنة بعد أخرى؛ على الرغم من الزيادات الحكومية؛ مثل التخفيض من الضريبة على الدخل؛ على اعتبار أن ذلك لا يصل إلى عموم المغاربة، والمستفيدون منه هم قلة، إذ التوجه العام هو أن المغرب يتراجع على المستوى الاجتماعي. فبخصوص الفقر تقول الحكومة إنه تراجع خلال السنوات الأخيرة من 23 في المائة إلى 10 أو 11 في المائة، وهذا التراجع رقمي وليس له علاقة مع الواقع، على اعتبار أنهم يحسبون أن الفقير هو الذي يحصل على أقل من دولار في اليوم، ولكن لا يعرفون أن الدولار سنة 2000 كان 10 دراهم واليوم لم يصل إلى 8 دراهم، وقد كان دولار يشتري 8 خبزات، ولكنه الآن لا يمكن أن يشتري إلا 6 خبزات، إذا أخذنا بعين الاعتبار فاعل الصرف وفاعل القدرة الشرائية للدولار فإن نسبة الفقر بالمغرب ستكون في حدود 23 أو أكثر، ومن ثم فإن الإحصاءات المقدمة خاطئة، وفالحكومة تتصور أن الفقر في تراجع، ولكن الحقيقة هي أن الفقر واقعيا لم يتراجع، بل إن الفقر من الناحية الأرقام هو الذي تراجع. ارتفعت المناصب المالية من 16 ألفا إلى 23 ألفا و,700 وهو ما سيؤدي إلى التقليص من نسبة البطالة، ومن جهة أخرى ارتفعت نفقات الموظفين إلى 80 مليار درهم، ألا يمكن اعتبار أن الحكومة لم تستجب لتوصية بنك المغرب بعدم الزيادة في كتلة الأجور؟ حاجيات البلاد كانت تتطلب ذلك، لا يمكن اعتماد برنامج استعجالي في قطاع التعليم دون توفير موارد بشرية جديدة، ومن المفروض أن المناصب الجديدة ستخدم هدف الحكومة في البرنامج، ومن أولويات القانون المالي أن يوفر الموارد لهذا البرنامج على الأقل محاولة لانطلاق هذا الإصلاح، وبالتالي فإن المناصب خلال هذا المشروع أكثر من ميزانيات السبع الأخيرة منذ ,2002 بالإضافة إلى أن نفقات الموظفين ازدادت لكن بنسبة أقل، إذ انتقلت خلال من 67 مليار سنة 2008 إلى 75 مليارا أي أن ازدادت بحوالي 8 ملايير السنة الحالية، ولكن في 2010 استقرت في حدود 80 مليار، بمعنى أنها ازدادت ب5,4 مليار وهي غير مرتبطة بالحوار الاجتماعي، لكن بالترقيات الموجود لدى أطر الدولة. والحكومة بالفعل ستجد نفسها سنة 2010 أمام معضلة تتمثل في الوصول إلى سقف 12 في المائة، وهو محرم من قبل المنظمات الدولية والبنك الدولي، والمغادرة الطوعية بالفعل لم تستفد منها، لأننا بعد 5 سنوات من المغادرة سنرجع إلى مستويات نفقات الموظفين مقارنة مع الناتج الداخلي الخام. لم تعتمد الحكومة ضريبة جديدة على الشركات وبقيت دون تغيير، فكيف يمكن الرفع من تنافسية المقاولات المغربية خصوصا الصغيرة والمتوسطة؟ لا يمكن أن نطالب الحكومة بأن تشتغل على جميع الجبهات بخصوص المجال الضريبي، فيمكن أن نتفق بالفعل على أن يكون هناك تغيير في الضريبة على الشركات؛ خصوصا 28 أو 25 على حساب التوجه، ولكن أن يطلب منها أن تفعل هذه الضريبة بالموازاة مع الضريبة على الدخل في ظل واقع تراجع المستوى الجبائي فإنه يطلب منها أكثر مما هو معقول، ومن غير المعقول ألا تعتمد إصلاحات على الضريبة على القيمة المضافة لأن ذلك بإمكانه أن يعود بالنفع على الجميع؛ بما فيها المؤسسات والشركات المستهلكة النهائية للمواد، مما سيعطيها تنافسية أكثر. بعض الاقتصاديين يقولون إن رفع الضرائب على المشروبات الكحولية سيكون له تأثير على السياحة، وقد سبق لفريق العدالة والتنمية أن طالب خلال السنة الماضية بالرفع من هذه الضرائب؟ هؤلاء لا يفقهون شيئا في الواقع الاقتصادي المغربي، ولا في واقع السياحة، لأنه بكل بساطة؛ السائح الذي يأتي من أوربا ويخسر ما بين 300 و500 أورو، ومعدل إقامته ليليتين، كم سيستهلك هذا السائح من قنينة، فهل ستؤثر عليه 2 أو3 أور في يومين، أو أن هذه النسبة هي التي ستمنع هذا السائح من المجيء إلى المغرب، فهذا هراء، وهذا لوبي سواء المنتج أو المستهلكين، وهو لوبي محلي، وللأسف المغاربة هم الذين يستهلكون أكثر من السياح، ومن ثم يتحدثون باسم السياحة وباسم الأجانب، ولذلك ينبغي أن نظهر الأمور على حقيقتها، والذي له شك في هذه المعطيات، لينظر إلى الإحصائيات، وما هي نسبة المبيعات إلى المغاربة وإلى السياح، ف95 في المائة من هذه المنتوجات تباع إلى المغاربة. القطاع الفلاحي استفاد من رفع ميزانية الاستثمار من 4 إلى 5 ملايير، وإذا نظرنا إلى هذه السنة فالقطاع الفلاحي أنقد الحكومة وحافظ على التوازنات الاقتصادية، فكيف يمكن تجاوز هذه الوضعية؛ خصوصا أن القطاعات غير الفلاحية مازالت ضعيفة، ولم تستفد من آليات لتطويرها؟ التوجه الموجود الآن بالمغرب هو محاولة لاعتماد مجموعة من الإجراءات القطاعية، فمنذ سنوات منذ 2000 لم نسمع مخططات كبرى وكانت مجرد مخططات عادية، لكن هناك بالمقابل مخطط أزرق، كانت السياحة لها أولية، وجاء مخطط الإقلاع، وخلال السنة الماضية جاء دور الفلاحة وجاء المخطط الأخضر الذي يتحدث عن ضرورة الرفع من القيمة المضافة من القطاع الفلاحي؛ على اعتبار أن المغرب لم يستطع على الرغم المجهودات خلال 30 سنة في الصناعة والخدمات أن يجعل من الجانب الصناعي والخدماتي رافعة تنموية حقيقية، ورأى أن القطاع الفلاحي هو مركز النمو والتنمية، وتعلمون أن السنة الحالية بلغت 102 مليون قنطار والنمو 5,5 في المائة على الرغم من تراجع القطاع الصناعي، هذه السنة هي سنة المخطط الأخضر بامتياز، ولذلك أعطيت له موارد ضرورية، وهذا منسجم مع ما جرت به العادة، إذ يكون فيه الملك منخرطا ودافعا حقيقيا لكي تتقدم هذه القطاعات إلى الأمام. حاوره خالد مجدوب