"حزب الله" يؤكد مقتل 17 جنديا إسرائيليا الخميس في معارك الجنوب    رسميا: فيفا يعلن عن موعد انطلاق مونديال كرة القدم سيدات تحت 17 في المغرب    وزارة الأوقاف: فاتح شهر ربيع الآخر 1446ه بعد غد السبت    الحكومة تُحدد نظام البذلة الرسمية لموظفي الجمارك    قلعة أربعاء تاوريرت بالحسيمة.. معلمة شاهدة على تاريخ الريف    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في حيازة وترويج 7 كيلوغرامات و800 غرام من الكوكايين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الحسيمة.. عائلة من افراد الجالية تتعرض لحادثة سير خطيرة على طريق شقران    "الماكلة واللعنة".. جزائريون مقيمون في المغرب يرفضون الانخراط في الإحصاء    المنظمة العالمية للملاكمة تقرر إيقاف الملاكمة الجزائرية إيمان خليف مدى الحياة    إسبانيا على وشك خسارة استضافة مونديال 2030 بعد تحذيرات الفيفا    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": الحكومة لم تحترم الدستور بهروبها من عريضة "إسقاط التطبيع" ومسيرة الأحد تؤكد الموقف الشعبي    نقابات الصحة تكشف تفاصيل اجتماع تنفيذ الاتفاق مع الوزارة    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة    الملك يهنئ رئيس الحكومة اليابانية الجديدة    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية    موظف شرطة ينتحر بسلاحه في الرباط        "درونات" مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة البناء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    مشروع هام لإعادة تهيئة مركز جماعة "قابوياوا"    الركراكي: الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    بايتاس يلوم الجفاف على عدم تحقيق نسبة نمو كبيرة للاقتصاد المغربي    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أخبار الساحة        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    تقييم "أوبن إيه آي" مطورة "تشات جي بي تي" ب157 مليار دولار بعد تبرعات طائلة    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة:الرد على هجمات إيران سيكون قريبا    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    كيوسك الخميس | ودائع المغاربة لدى الأبناك تتجاوز ألفا و202 مليار درهم        الرئيس الإيراني: "إذا ردت إسرائيل سيكون ردنا أقسى وأشد"    وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    إطلاق مركز للعلاج الجيني في شيفيلد برئاسة أستاذ مغربي ببريطانيا    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة تستنجد بالبنك الدولي لإعدام ما تبقى من دعم لمواد الاستهلاك الأساسية

تجاوز الدعم المخصص من طرف الدولة 30 مليار درهم، والرقم مرشح للتصاعد، وأضحى علينا الآن الانتظار عما ستسفر عنه دراسة، تحت إشراف البنك الدولي، حول سبل إصلاح صندوق المقاصة بعد أن حير حكومتنا منذ سنوات، علما أن كثيرين هم الذين يرون في هذا الأمر مجرد البحث عن مخرج للإجهاز على ما تبقى من دعم للمواد الاستهلاكية الأساسية. ""
وما دامت حكومتنا لا تجد من جهتها أي حرج في دفاعها المستميت عن التحرير الشامل للأسعار، رغم موجات التنديد والاحتجاجات الشعبية، ها هو صندوق المقاصة، الذي كان يعتبر مكسبا شعبيا، قد أصبح في مهب عاصفة الانفتاح لخدمة الرأسمال الدولي وعملائه بالمغرب.
الهجوم على الدعم
بدأ الهجوم على منظومة دعم المواد الغذائية الأساسية موازاة مع الخضوع لسياسة التقويم الهيكلي منذ 1985 وخوصصة الشركات ذات الطابع الفلاحي، وتكرس هذا المسار بطريقة أشد وأقوى مع تحرير التجارة الخارجية ابتداءا من سنة 1996.
وكان في مقدمة المطالبين بإلغاء دعم المواد الغذائية الأساسية البنك الدولي (تقرير أكتوبر 1983) بدعوى أن المستفيد من الدعم هي الفئات الغنية، مما حذا بالدولة إلى الاستجابة لتوصيته ولإملاءات صندوق النقد الدولي، وكانت البداية بالتخلي عن دعم الحليب والزبدة. وبعد ذلك تواصل الهجوم على الدعم ولازال متواصلا إلى حد الآن.
علما أن المخطط التوجيهي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 1988 -1992، أدرج ضمن أهدافه الإلغاء الكلي لدعم مواد الاستهلاك الأساسية، وكان قد وضع سقف 1990 لتحقيق هذا الهدف.
كم يكلف صندوق المقاصة؟
تضخمت ميزانية صندوق المقاصة من 3 مليار درهم في سنة 2002 إلى أكثر من 18 مليار سنة 2007، وفي بداية سنة 2008 كان الحديث عن 20 مليار لكن المتطلب يتجاوز 30 مليار، وهذا الرقم مرشح للتصاعد حسب ما أدلى به نزار بركة، وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، كما وعد بأنه في السنة الجارية سيتم إعادة النظر في دور هذا الصندوق لإصلاح نظامه قصد تقليص عبئه على ميزانية الدولة.
مجموعة "أونا" أكبر مستفيد من الدعم وليس الفقراء
في واقع الأمر إن أكبر مستفيد من الدعم هي مجموعة "أونا" التي هيمنت منذ مدة طويلة على إنتاج الزيوت الغذائية (80 بالمائة من السوق الوطنية)، وهي المحتكرة كذلك لسكر "القالب" الذي يمثل 50 بالمائة من الاستهلاك الاجمالي، وحصة كبيرة من السكر المجزأ (أقراط).
لقد ساهم الدعم في تنمية القدرات المالية لمجموعة "أونا" وتطوير إنتاجية مصانعها ووحداتها الإنتاجية.
وكانت هذه الاستفادة أكبر بكثير من استفادة الفئات الفقيرة، علما أن صندوق المقاصة ممول بواسطة الضرائب التي تثقل كاهل هذه الفئات.
وبعد كل هذه الاستفادة صرح وزير الشؤون الاقتصادية والعامة سابقا، رشيد الطالبي العلمي، قائلا إن صندوق المقاصة يعيق التطور الاقتصادي بالمغرب ويساهم في تخفيض أرباح الشركات الكبرى، وفي نظره يعتبر عبئا ثقيلا على خزينة الدولة، ويستفيد الأغنياء من ثلثي خدماته على الأقل.
عودة إلى الوراء
قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية بإنشاء صندوق المقاصة منذ عام 1941 للتقليل من انعكاسات الحرب العالمية الثانية على مصالحها الاقتصادية والتصدي لصعوبات التزود بالمواد الغذائية الأساسية والمنتوجات الأولية الصناعية.
كما أنه في غضون سنة 1953 بادر أرباب معامل الزيوت إلى إنشاء صندوق الموازنة لتوزيع المداخيل والمصاريف على المصانع. ولم تشرع الدولة في إرساء نظام دعم المواد الغذائية الأساسية إلا ابتداءا من أواسط ستينات القرن الماضي، إلا أن القانون الرسمي لصندوق المقاصة لم يصدر إلا في 10 أكتوبر 1997 بعد أن ارتكز نظام الدعم على قطبين: صندوق المقاصة بالنسبة لمنتوجات كالزيت والسكر والحليب والمحروقات، ثم المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني لدعم الحبوب (القمح الطري والقمح الصلب)، وتم الاعتماد، لحساب الدعم، على حجم الإنتاج وسعر التكلفة، وظل الوضع على هذا الحال إلى حدود سنة 1996 وارتكز في تمويل موارده على ميزانية الدولة بالأساس والمعادلات الجمركية (وهي حقوق مضافة إلى الرسوم الجمركية لحماية المنتوج الوطني آنذاك).
في بداية السبعينات كان صندوق المقاصة يدعم 7 مواد أساسية وهي الحليب، الزبدة، الزيت، السكر، غاز البوتان، الدقيق (فارينا) ودقيق القمح الصلب، وتقلص إلى ثلاثة فقط، السكر وغاز البوتان ودقيق (فارينا)، وها هو الآن سائر نحو إلغاء دعم المواد الغذائية الأساسية جملة وتفصيلا.
صندوق المقاصة إلى أين؟
لتسليط بعض الأضواء على إشكالية صندوق المقاصة، الذي تعتبره الدولة قد أضحى يشكل عبئا ثقيلا عليها لم تعد تقوى على تحمله، في حين يرى العديد من المغاربة أنه أصبح يشكل مكملا للدخل، طرحنا 4 أسئلة على الأساتذة الباحثين، عبد السلام أديب وهشام عطوش ومحمد نجيب بوليف وكانت الحصيلة كالتالي:
مصير صندوق المقاصة بيد البنك الدولي بعد فشل الحكومة في تدبيره
- لماذا المطالبة بإجراء دراسة بخصوص صندوق المقاصة تحت إشراف البنك الدولي؟
عبد السلام أديب (النهج الديمقراطي)/ باحث في الشؤون المالية
من المعروف أن توصيات البنك الدولي ليست وليدة اليوم وإنما تعود لأواخر السبعينات، وكلها سارت نحو مطالبة الدولة المغربية بنفض يدها عن المجال الاقتصادي وعن كل إعانة اجتماعية والكف عن أي تدخل اقتصادي أو اجتماعي، وذلك اعتبارا لاختيار المراهنة على القطاع الخاص إذ يجب أن لا تتكلف إلا بالأمن والدبلوماسية والدفاع. وبطبيعة الحال هذا هو التوجه الحالي على الصعيد العالمي نظرا لأن الرأسمال المالي هو أكبر وأقوى حاليا بكثير من الرأسمال الإنتاجي، إذ هناك فائض مالي كبير غير موظف، وإذا مكث كذلك سيبخس، وإن حصل هذا ستقع أزمة قد تؤدي إلى انهيار النظام الرأسمالي كما وقع في عام 1929.
إذن، يعتبر توظيف وتشغيل ذلك الفائض المالي الكبير قضية حياة أو موت بالنسبة للرأسمال، وبذلك يمكن فهم المطالبة باعتماد سياسة فتح جميع حدود دول العالم الثالث مثل المغرب من أجل تغلغل الرأسمال داخلها والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية، وفي هذا الإطار تدخل سياسة التقويم الهيكلي التي فرضت فرضا على دول العالم الثالث الواقعة في أزمة خانقة للمديونية كما حدث للمغرب.
ففي كل مرة تقع فيها بلادنا في أزمة، يقول البنك الدولي بأنه عليها أن تحرر أكثر وتخوصص أكثر وأن ترفع الدولة يدها عن المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك لتمكين الرأسمال من إيجاد المزيد من فضاءات توظيف أمواله، سواء في التعليم الذي يحتاج إليه الجميع أو الصحة.. أي تسليع خدمات هذه القطاعات، وصندوق المقاصة يستفيد من جزء هام من الميزانية العمومية التي تسير نحو التقلص، علما أنه يموّل من طرف الطبقة الكادحة، وعلى "ظهرها" كما يقال.
هشام عطوش (جماعة العدل و الإحسان)/ استاذ جامعي
من المعلوم أنه كلما أشكل الأمر في المغرب خاصة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية إلا ويتم الالتجاء إلى البنك الدولي أو إلى صندوق النقد الدولي قصد تدخلهما عبر املاءات يتم تمريرها بواسطة التقارير وتفعيلها بالقروض. الأمثلة على ذلك كثيرة منها برنامج التقويم الهيكلي (1983) وضرورات الإصلاح المشار إليها في تقرير الأزمة القلبية (1994), الخ.
فالمسألة إذن ليست مرتبطة بصعوبة فهم الوضع في صندوق المقاصة، الشيء الذي أبرزته الدراسات والتقارير والبحوث الميدانية للمندوبية السامية للتخطيط غير ما مرة، ولكنها متعلقة بضرورة توفير غطاء لكل إجراء مستقبلي سيتخذ في هذا الإطار تفاديا لرد فعل الشارع الذي أظهر جاهزيته من خلال الاحتجاج ضد غلاء الأسعار( صفرو نموذجا).
محمد نجيب بوليف ( حزب العدالة و التنمية) / استاذ جامعي
في الحقيقة نحن نتصور أن المغرب لم يكم محتاجا لمثل هذه الدراسات التي تثقل من جديد ميزانية الدولة، فالأمر واضح والواقع بين، والتصور الذي يجب أن تنخرط فيه الحكومة هو مدى قدرتها على الاستجابة لمطالب المواطنين، وكان يكفي الاتصال بخبراء مغاربة من الداخل والخارج لكي يتم إعطاء تفاصيل حول الموضوع...فبعد ماكيزي للصناعة، وديلوات للمكتب الشريف للفوسفاط وللقرض الفلاحي...وغيره من المكاتب، ها نحن نتقدم إلى البنك الدولي ليفيدنا في موضوع داخلي بين المغاربة.
- هل الحالة التي وصل إليها صندوق المقاصة تستدعي تدخل جهة خارجة من عيار البنك الدولي؟
عبد السلام أديب
وإذا سلمنا أنه من الضروري تعديل صندوق المقاصة، فإن المولود الجديد الذي قد يظهر سيكون، لا محالة، خطيرا وانعكاساته وخيمة، وسيتم البحث عن ميكانيزمات جديدة، إذ أن هناك تجربتين في العالم، المكسيك وأندونيسيا، اللتين حاولتا تغيير صندوق دعم الأثمان قصد توجيه الإعانات لمن يستحقها فعلا، ومثل هذه التجربة قد تتطلب 10 سنوات على الأقل لمعاينة نتائجها، وخلال هذه المدة قد تقع كوارث اجتماعية كبيرة.
علما أنه يلاحظ عندنا حتى الطبقات المتوسطة تستفيد من صندوق المقاصة، لأنه في واقع الأمر يعتبر مكملا للدخل بالمغرب، ويبدو أن الحل يكمن، أولا وقبل كل شيء، في تغيير سياسات الدولة في المجال الاقتصادي والمالي قبل التفكير في قضية هذا الصندوق أو ذاك.
هشام عطوش
المشكل ليس في ما وصل إليه صندوق المقاصة من حيث حجم النفقات لأن ذلك أمر طبيعي مرتبط بالارتفاع المضطرد للأسعار. الإشكال الحقيقي هو في طبيعة مصاريف الصندوق (فقط 15 بالمائة من النفقات تصل لمستحقيها إضافة إلى أن المواد التي استفادت من حذف رسوم الجمرك سنة 2007 لم تنخفض أسعارها).
وأهم من ذلك الحالة التي وصل إليها الاقتصاد المغربي والتي تنبئ بتلازم التضخم والركود الاقتصادي، الشيء الذي يحتاج معه المسؤولون اللجوء للبنك الدولي الذي يضع الاستراتيجيات من قبيل CAS 2005-2009. اعتاد المغرب لحل أزماته منذ الاستقلال أن يتوجه إلى هذه المؤسسة التي تعتبر شريكا أساسيا في دق ناقوس الخطر وفي اقتراح التوصيات.
محمد نجيب بوليف
من حيث الأزمة المالية لا داعي لإيصالها للبنك الدولي، وللإشارة فإن المغرب خزينته جيدة، فمن جهة حقق مداخيل ضريبية إضافية فاقت 20 مليار درهم سنة 2007، مما يعني أنه قادر من خلال هذه الزيادة التي لم تكن مبرمجة في ميزانية 2008 أن يحقق ما يريد بالنسبة لصندوق المقاصة، إذا أضفنا إلى ذلك 500 مليون درهم كإعفاء لما يقدمه المجمع الشريف للفوسفاط، وكذلك 800 مليون درهم التي لم يعد المجمع يعطيها كأتاوة عن استغلال الفوسفاط، وكذلك تخفيض الضريبة على الشركات بالنسبة للأبناك التي كلفت الخزينة حوالي 500 مليون درهم، نجد أن القانون المالي فيما يخص عدد الإعفاءات التي لم تكن في محلها قد انخفض بحوالي 2 مليار درهم مما كان بالإمكان تخصيصه لدعم صندوق المقاصة وبالتالي دعم المواطنين...لكن الحكومة لجأت إلى اختيارا آخر، دعم المترفين على حساب المستضعفين...
- تستوجب الدراسة ثلاث سنوات، ما هي الإجراءات المتخذة في انتظار نتائج هذه الدراسة؟
عبد السلام أديب
ما هو واقع الحال؟ في الحقيقة إنه حصاد سياسات التقويم الهيكلي منذ السبعينات، والآن بدأنا نلاحظ اندحار الطبقة الوسطى نحو البروليتاريا والقلة الثرية تزداد غناءا.
علما أن بلادنا لم تهتم بأمنها الغذائي، ولم تعتمد استراتيجية فلاحية لبلوغ هذا الهدف، إذ أضحت تعيش الآن تبعية غذائية في وقت تصاعدت فيه المضاربات الدولية على مواد الاستهلاك الأساسية ومضاربات افتراضية في البورصات العالمية بخصوص 4 أو 5 أو 10 سنوات.
فالمغرب الآن، يوجد تحت رحمة الرأسمال المالي المضاربي وليس الإنتاجي، ولكن كان على الدولة أن تتخذ احتياطاتها منذ سنوات خلت، الشيء الذي فوت على بلادنا تحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي، وها هي الآن تعيش أزمة عامة، اقتصادية واجتماعية وثقافية على جميع المستويات.
هشام عطوش
الدراسات الكبرى لا تحل المشاكل الاقتصادية المستعصية، وقد أثبتت التجارب أن العمل على الأرض بآلاف المشاريع الصغيرة المُوَجهة أهم فائدة. ثم إن الدراسة المحتملة لا تستوجب كل الوقت المخصص لها، وتكفي الإشارة إلى أن التقرير الخمسيني أو تقرير المجلس الأعلى للتعليم تم إعدادهما في وقت أقل من ذلك بكثير رغم شساعة المجالات المدروسة. وبدل انتظار نتائج الدراسة لإعادة هيكلة وتوجيه صندوق المقاصة -الذي يبقى وجوده ضروريا في بلد ثلث سكانه على مشارف الفقر- لابد من التفكير في حلول اقتصادية موازية، نذكر منها ما هو على سبيل الاستعجال خفض الضريبة على القيمة المضافة وليس فقط الضريبة على الدخل؛ الرفع من الأجور بالأسعار الثابتة؛ تشجيع الاستهلاك المحلي والموسمي وعقد اتفاقيات الشراكة مع البلدان المنتجة للبترول والغاز.
محمد نجيب بوليف
لقد وعد السيد الوزير الأول أن يتم اتخاذ إجراءات عملية هذه السنة كما أكد السيد مزوار على ضرورة اتخاذ تدابير عملية هذه السنة...وبالتالي فإننا نتصور أن الحكومة يجب أن تكون لديها الشجاعة السياسية لاتخاد إجراءات تعديلية على صيغة تدبير الصندوق، من خلال توجيه الدعم لمستحقيه ومحاولة استرجاع الدعم التي حصلت عليه الفئات المترفة والميسورة، سواء من خلال ضريبة إضافية على هؤلاء الميسورين، أو من خلال استحداث وسائل استرجاع جديدة ملائمة.
- ألا تعتبرون بحكم وضعية الاقتصاد حاليا، أن صندوق المقاصة من شانها إرهاق المالية العمومية في ظل تقلبات سعر الدولار و المحروقات؟
عبد السلام أديب
هذا مما لا شك فيه، إلا أن نهج تدبير صندوق المقاصة لا يخرج عن طبيعة سياسة التحالف الطبقي الحاكم.
إن السياسات الاقتصادية والمالية لم يخترها الشعب وإنما فرضت عليه من طرف المؤسسات المالية الدولية، عبر القائمين على أمورنا وبتواطؤ منهم، هذا في ظل غياب المشروعية السياسية. إنه توجه يخدم التحالف الطبقي الحاكم ويخدم الرأسمال الدولي، وبالتالي فإن الاتجاه الآن يسير نحو التخلي عن كل ما هو دعم اجتماعي، ومطلب البنك الدولي أن تسير بلادنا نحو إلغاء صندوق المقاصة.
وتقلص دور هذا الأخير سيؤدي إلى المزيد من رفع الأسعار بشكل أخطر مما هو واقع حاليا.
هشام عطوش
يتم الحديث عن إرهاق صندوق المقاصة للمالية العمومية وتغفل مصاريف ضخمة أخرى أقل أهمية منه، لا لشيء إلا لأن الأمر يتعلق بالمواطن العادي. نعم، مخصصات الصندوق اليوم تضاعفت خمس مرات منذ سنة 2000 تضاف إليها نفقات دعم المكتب الوطني المهني للحبوب والخضر وكذا الدعم الناجم عن حذف رسوم الجمرك على بعض المواد ( أي أكثر من 30 مليار درهم سنة 2008)؛ لكن من باب أولى الحديث عن نفقات البهرجة والترف وعن نفقات التسيير التي يتم إهدارها في سراديب التظاهرات والمؤتمرات, الخ.
على الأقل مع العيوب التي يعاني منها الصندوق المذكور فنفقات المقاصة تحمي بشكل أو بآخر المستهلك النهائي (غاز البوتان، البترول، ...). ولو افترضنا الاستغناء النهائي عنه لكانت الطامة أكبر مما هي عليه لأن المستهلك هو الوحيد الذي سيؤدي الفاتورة في نهاية المطاف. ولايفوتني القول بأن المسألة الاقتصادية بالمغرب تستلزم إجراءات جدية وشاملة ومُهيكلة من شأنها التمكن من الوقوف على مواطن الخلل ومعالجتها.
محمد نجيب بوليف
الموضوع لا يرتبط بسعر الدولار وبتقلباته، التي قد تكون مفيدة إذا ما انخفض الدولار-كما هو الشأن الآن- بل المهم هو أن استراتيجية تدبير الصندوق يجب أن تراعي المتغيرات الدولية والوطنية المتعلقة بارتفاع الأسعار، كما عليها أن تراعي التضامن الواجب اعتباره بين مختلف فئات المجتمع المغربي، وجعل صندوق المقاصة صندوقا لإعادة توزيع الثروة، نحو توزيع عادل وأكثر شفافية.
إدريس ولد القابلة-رئيس تحرير أسبوعية المشعل-


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.