قال المدير العالم للضرائب، نور الدين بنسودة، إن الإصلاح الضريبي يروم جعل الضريبة أكثر إنصافا وتوازنا من خلال التقليص التدريجي للامتيازات الضريبية، وهذا يتجلى من خلال تقليص النفقات الضريبية التي تتخذ شكل إعفاءات وأنظمة استثنائية. وأشار بنسودة، الذي كان يتحدث خلال افتتاح الندوة الدولية التي نظمتها على مدى الثلاثة أيام الماضية بالرباط وزارة الاقتصاد والمالية والجمعية الدولية للمؤسسة الدولية للمالية العمومية، حول إصلاح المالية العمومية في المغرب وفرنسا، إلى أن الإصلاح الضريبي سيحد من الغش الضريبي ويرفع العائدات الجبائية بفضل توسيع الوعاء الضريبي، بحيث يهدف الإصلاح إلى تحقيق هدفين، يتمثل الأول في تقليص العبء الضريبي على المقاولة وقدرتها على الاستثمار وتشجيع الملزمين على الشفافية. وشدد على أن الحكومة تتوفر على رؤية تتيح لها التحكم في توقعات عائدات الضريبة التي تشكل أساس موارد الدولة، غير أنه نبه إلى أن هذه التوقعات يمكن أن تنال منها بعض المعطيات ذات الصلة بالظرفية الدولية. و لا حظ بنسودة أنه رغم الإكراهات المالية، انتقل معدل نمو العائدات الضريبية التي تدبرها المديرية التي يشرف عليها في المتوسط من 8.1 في المائة، في الفترة الممتدة من 2002 و2004 إلى 18.4 في المائة في الفترة الفاصلة بين 2005و2007علما أن ذلك المعدل لم يكن يتجاوز 7.2 في المائة بين 1999 و2001، وهذا التطور أتاح في تصور بنسودة إدخال بعض التعديلات على الضريبة على الدخل، خاصة من خلال توسيع الشريحة الوسطى ورفع عتبة الإعفاء. وشدد على أن الفترة الممتدة من 2002 إلى2007 تميزت بارتفاع الموارد الضريبية بوتيرة بلغت في المتوسط أكثر من ضعف وتيرة نمو الناتج الداخلي الخام، أي 13.2 في المائة مقابل 6.5 في المائة، مؤكدا على أن تطور العائدات الجبائية خلال نفس الفترة يشير إلى تحول في نسبة الجباية غير المباشرة من 34.1 في المائة إلى 39.2 في المائة، وما يؤكده انتقال حصة الضريبة على الشركات من 14.7 في المائة في 2002 إلى 20.3 في المائة في 2007، متقدمة لأول مرة على الضريبة على الدخل، في نفس الوقت انتقلت حصة الضريبة على القيمة المضافة من 27.3 في المائة إلى 33.2 في المائة، وهو ما يؤشر في نظره على تحول بنيوي في توزيع العبء الضريبي بين الأفراد والشركات. ويبدو أن التطور الذي يميز أداء العائدات الضريبية في المغرب، سيتعزز خلال السنة الجارية، فقد أكد بنسودة أنها سجلت نموا ب30 في المائة في السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية، مقابل17 في المائة سنة من قبل، هي حصيلة تأتت في ظرفية اقتصادية واجتماعية مطبوعة بسنة فلاحية متوسطة وارتفاع سعر البترول وبعض المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع، وهو ما يؤشر في تصوره على أن النمو الذي تشهده العائدات الجبائية ذو طبيعة بنيوية وليست ظرفية. ويعتبر التطور الذي تعرفه العائدات الجبائية، ثمرة للإصلاح الذي تخضغ له المالية العمومية في المغرب، حيث يروم، كما أوضح ذلك وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، التحكم في النفقات العمومية والرقي بالتدبير العمومي وتحديث الرقابة، ويعتبر تنمية العائدات الجبائية رهانا حاسما في الاستراتيجية التي انخرطت فيها وزارة الاقتصاد والمالية في السنوات الأخيرة، خاصة عبر تقليص النفقات الجبائية التي تستفيد منها بعض القطاعات على شكل إعفاءات وأنظمة استثنائية، في ظل شح بعض الموارد وارتفاع بعض النفقات تحت تأثير الظرفية الاقتصادية والاجتماعية، فقد نمت النفقات العمومية خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية ب9 في المائة تحت تأثير الارتفاع الذي طبع نفقات الدعم، غير أن الرصيد الموازني سجل فائضا ب27 مليار درهم، مقابل11 مليار في الفترة ذاتها من السنة الفارطة.