أكد نور الدين بنسودة، المدير العام للضرائب بوزارة المالية والاقتصاد، أن ارتفاع موارد الميزانية العامة للدولة سنة 2008 بحوالي 195.68 مليار درهم أي بنمو نسبته 9.27 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، يرجع بالأساس إلى ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 17.55 في المائة لتصل إلى 132.81 مليار درهم. وأشار بنسودة إلى أن العائدات الضريبية تتوزع بين الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة بحوالي 57.78 مليار درهم، بزيادة تقارب 20 في المائة، والضرائب غير المباشرة ب52.09 مليار درهم بزيادة 17.87 في المائة، والرسوم الجمركية بحوالي 12.79 مليار درهم، بزيادة ضئيلة لم تتعد 1 في المائة ثم رسوم التسجيل والتنبر ب10.15 مليار درهم بارتفاع قدر ب28.07 في المائة. نور الدين بنسودة، الذي كان ضيفا على مركز الأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية بكلية الحقوق بالدار البيضاء يوم الخميس الماضي، تحدث عن الآفاق المستقبلية للسياسة الضريبية بالمغرب، والتي حققت عدة منجزات أهمها إخراج المدونة العامة للضرائب إلى حيز الوجود، مضيفا أن هذه المدونة تجاوزت مجرد جمع النصوص، حيث هدفت إلى مراجعة شاملة لكل أنواع الجبايات والضرائب المفروضة بالمغرب قصد مواكبة التطورات التي يعرفها المغرب، ليتسنى للجميع وخصوصا المستثمرين الأجانب الاطلاع على النظام الضريبي المغربي وعلى التحفيزات التي يقدمها، خصوصا الإصلاحات التي عرفتها السنة الحالية. وأعاد بنسودة التأكيد على الإجراء الذي جاء به قانون المالية الحالي والمتمثل في خفض معدل الشركات بخمس نقط ليصل إلى 30% بالنسبة للقطاع الصناعي وب2.6% ليصل إلى 37% بالنسبة للمؤسسات المالية ابتداء من فاتح يناير الماضي، لكنه في المقابل ألمح إلى أن حوالي 60 في المائة من الشركات الخاصة لا تدفع مستحقاتها من الضريبة على الشركات، وهي إشارة قوية إلى هذه الشركات حتى تساهم في المجهود الضريبي، مشيرا إلى أن مديرية الضرائب يمكن لها أن تخفض هذه النسبة خلال السنوات المقبلة حتى يتسنى للجميع الخضوع لهذا الواجب الوطني. وأضاف أن الحكومة هدفت من هذا التحفيز الضريبي النهوض بجاذبية الاقتصاد المغربي، عبر تحسين التنافسية الجبائية والجمركية لجلب أكبر عدد من الاستثمارات الأجنبية ومنافسة دول الجوار في هذا الصدد، مؤكدا أن إدارة الضرائب قامت بمجهودات كبيرة للوصول إلى هذه النتيجة من الإصلاحات الضريبية التي ابتدأت في عقد الثمانينات والتسعينات ، ونبه إلى أن الاهتمام بالسياسة الضريبية لا يجب أن يكون على حساب الإدارة الضريبية وأهمها الاهتمام بالموارد البشرية القادرة على لعب دور فعال في التنمية المحلية، نظرا للارتباط الوثيق في ما بين النظام الضريبي لأي بلد وتنميته الاقتصادية والاجتماعية.. وأشار إلى أن القطاع الذي يشرف عليه يتميز بإكراهات اشتغال في حقل لا تطال باقي الميادين الأخرى، إلا أنه عبر عن اعتقاده بأن التغيير يتطلب وقتا وصبرا طويلين، وضرب بنسودة مثلا لنوع الإكراهات التي تواجهها بالموقف الذي تجابه به لجنة تفتيش عندما تحل بإحدى المؤسسات، فعندما تكتشف خروقات تتعلق بالتهرب الضريبي والتدليس الضريبي وعدم التعاون يرد مسؤولو المؤسسات بالسؤال التالي: لماذا مؤسستنا بالذات، ولماذا لا تتوجه المفتشية إلى جهة أخرى...؟ وتطرق إلى الاقتصاد غير المهيكل، حيث اعترف بنسودة في هذا الصدد بأنه من الصعب التحكم فيه، وأعطى مثالا على ذلك لبائع سلع لا يتوفر على مقر دائم حيث كل معاملاته تتم بالهاتف، «... غير أن المدير العام للضرائب يؤكد أن إدارته تشتغل على هذا الملف الشائك للعمل على تقنينه وإيجاد حلول عملية لكي يكون كل المغاربة سواسية أمام دفع الضرائب»، مشيرا في ذات الوقت إلى انخفاض نسبة التهرب الضريبي، وبداية تقليص الاستثناءات الجبائية، حيث عزا تواجد هذه الاستثناءات إلى تدخل الجانب السياسي والاجتماعي في العملية لإكساب هذه الإعفاءات الضريبية في بعض القطاعات شرعيتها، وذلك عندما يصوت البرلمانيون على استثناء بعض المواد الأولية الضرورية أو بعض الصادرات من الضرائب. وشدد على أن السياسة الضريبية بالمغرب تتطور في اتجاه العمل على مزيد من تخفيض الجباية في إطار التزام أخلاقي يرتكز على ميثاق ثقة بين الدولة والمستثمرين لتكريس ممارسات مبنية على الشفافية والوضوح ومحاربة التهرب الضريبي والتدليس الجبائي والقضاء على الاقتصاد غير المهيكل، مشيرا إلى أن المداخيل الضريبية تعتبر قيمة مضافة للحكومة من أجل إعادة توزيع عادلة لهذه المداخيل وللوصول في نهاية المطاف إلى سلم اجتماعي. ضريبة وابتسامة يتطلع نور الدين بنسودة، المدير العام لإدارة الضرائب ،إلى أن يؤدي الملزمون الضريبة والابتسامة مرسومة على شفاههم. فهو ماض في الإصلاح الذي تقوده إدارته في السنوات الأخيرة، عبر إلغاء مجموعة من الإعفاءات والأنظمة الاستثنائية، في نفس الوقت الذي يسعى فيه إلى محاربة التهرب والتملص الضريبيين، خاصة في ظل وجود شركات عديدة تصرح بخسارات على مدى سنوات ، دون أن تتوقف عن ممارسة نشاطها. واعترف بصعوبة التحكم في القطاع غير المهيكل، غير أنه شدد على أن إدارته تشتغل على هذا الملف الشائك، حتى تتمكن من تقنين هذا القطاع وإيجاد الحلول الملائمة، حتي يكون جميع المغاربة سواسية أمام الضريبة.