مؤسف جدا أن تغطي تنورة قصيرة على كل مشاكل المجتمع، بل من المؤسف حقا أن يتحول هذا الموضوع إلى قضية مثيرة للجدل في هذا "الزمن السياسي"، الذي يفرض الانتباه إلى مستقبل البلاد والعباد. مجرد "لباس قصير" كان كافيا لينشغل المحللون، والصحافيون، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، ورواد المقاهي.. بتحليل سلوك صادر عن أشخاص لفظتهم الحياة إلى هامش الفكر وهامش الدنيا.. هؤلاء لم يندمجوا، ولن يندمجوا على المدى القصير، ويواصلون محاولة إثبات وجودهم من خلال تصرفات بدائية، وهم "يلتهمون" بعضهم البعض، ويعبثون بكل ما يجدونه في طريقهم. لقد تم إعمال القانون، في جانبه "الزجري"، ولكن إعمال العقل يفترض تحركا عاجلا لصيانة ما تبقى من القيم أمام هذا الخطر الداهم، الذي يمثله "شبان تافهون" لن يكون لهم مستقبل بهذه الطريقة. إنه نداء للمدرسة، وللمعلم وللمعلمة، وللوالدين، والمربين والمربيات، ورجال القانون، والمحاكم ومراكز الشرطة.. من أجل تضافر الجهود حتى لا تتكرر مثل هذه التصرفات المسيئة إلى صورة البلاد. أين هم أولئك الأطفال والشباب الذين كانوا ينافسون الكبار على تأطير الأنشطة الثقافية والسياسية، وأين هم أولئك الشبان الذين كانوا يتقاسمون مصاريفهم الصغيرة لتنظيم أمسية فنية، أو رحلة ثقافية، أو ورشة لتنظيف الحي، ورسم الجداريات.. أين هم عشاق المسرح والسينما والمسابقات الثقافية.. قد تبدو هذه الأنشطة متجاوزة بالنسبة لمن اعتادوا تحقيق "المتعة" من خلال نقرة زر، لكن الفرق كبير بين من يتسلق الشجرة ويقطف الثمار بيده، وبين من ينتابه إحساس وهمي بالتحكم من خلف "الصور الافتراضية". إن مواصلة البحث عن نموذج تنموي تفرض تنمية عاجلة للإنسان، وإلا فإن "التوالد والتكاثر العشوائي" لن يساهم إلا في خلق مزيد من المخربين، الذين يعبثون بالممتلكات العامة والخاصة، ويخربون الحدائق العامة، ووسائل النقل العمومي.. ويتحرشون بالنساء.. صورة الأمس، سواء تعلق الأمر بصاحب التصرف المشين، أو بمن صوروه، أو بمن شاهدوه، تضرب في الصميم الحياة الخاصة لكل أفراد المجتمع. ومعلوم أن الكرامة العامة لا تتحقق باحترام الحياة الخاصة، وإلا فإن هناك من سيستمرون في التدخل بشكل سافر في اللباس والدراسة والعمل والمعتقدات، علما أن الله واحد والوطن واحد. ليس المشكل في تعرية جسد، طالما أن الإنسان يولد عاريا، لكن تعرية عيوب المجتمع أمام العالم كفيلة بنسف كل الجهود، وزرع الخوف من المستقبل.. من يمكن أن يطمئن على أبنائه في ظل هذا الواقع؟ هل يمكن أن نغطي دولة كاملة بقطعة قماش حتى لا تتحرك الغرائز الجامحة؟ ولنفترض أن هذا الغطاء موجود، ما العمل مع وجود عقول جوفاء من الداخل، تحشر نفسها في الحياة الحميمية للناس؟. والأخطر أن يوجد بيننا من يشجع هذه الظاهرة.